المحرر موضوع: عقول قاصرة..تناقش قانون زواج القاصرات!!  (زيارة 919 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماركريت خاميس

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
عقول قاصرة..تناقش قانون زواج القاصرات!!
ماركريت خاميس -السويد
في ثمانينات القرن الماضي .. كانت صديقتي تحدثني بحماسة وبسعادة وهي تخبرني كيف استطاعت هي ورفيقاتها الناشطات في مجال حقوق الانسان وحقوق المرأة على الاخص ،كيف استطاعوا ان ينتزعوا تعديلا قانونيا جديدا يقر للمرأة حقوقا اضافية في رحلتها لمساواة الرجل .
كنت استمع الى الدكتورة القانونية واصغي بعناية ولكن  دون ارادتي كان عقلي يتجه الى مكان اخربل الى سؤال اسأله لنفسي !هل المرأة ضعيفة الى هذا الحد ،وهل واقعها هش لدرجة انها تحتاج لكل هذه القوانين لتسترد حقوقها ؟! تلك الحقوق التي اقرها الله سبحانه وتعالى بالولادة حين خلقها انسانا!! وكنت اجادل نفسي من ان المرأة لا تحتاج الا لفقرة واحدة صريحة في الدستور العراقي الذي نص في اولى فقراته (يتمتع المواطن العراقي بحقوقه كاملة دون نقص) ولم يحدد هذا الدستور الذي وضع في منتصف القرن الماضي لا امرأة  ولا رجل بل المواطن هو الانسان !!
  انتهت المحادثة وانا امازح صديقتي ، اهمس في اذنها ؛هل تعرفين بعد فترة سيأتي الرجال ليطالبوا بحقوقهم منا..من المرأة !!
نعم هذه المناقشة جرت بيني وبين صديقتي القانونية في ثمانينات القرن الماضي ، حيث العصر الذهبي للمرأة وحقوقها!!فماذا نقول عن واقع المرأة في العراق اليوم؟!وماذا  ذكرني بهذه المحادثة ؟!
قبل ايام ناقش البرلمان العراقي تعديلا على قانون الاحوال الشخصية المدني والذي يمس واقع المرأة وحياتها بصورة مباشرة!وهذا التعديل يراد به تعديل سن الزواج في القانون النافذ والذي ينص ان سن الزواج هو سن
البلوغ والرشد وهو ثمانية عشر عاما . نعم البرلمان العراقي يريد تعديلا ليسمح بزواج القاصرات،وجعل سن الزواج وفق سن البلوغ التي يقرها احد المذاهب( تسع سنوات هلالية) ..يريدون تزويج القاصرات رغم انهم مازالوا يسمونهم قاصرات!!
اذا التعديل لا يتكلم عن سنة او سنتين اقل عن العمر المقر في القانون الحالي بل يتكلم عن تزويج طفلة ربما لا تفرق يمينها عن شمالها!!
ورغم ان مناقشة هذا التعديل في البرلمان قد واجه ردود فعل عنيفة وقوبل بكثير من الاستهجان من قبل المرأة بصورة خاصة لكننا نتساءل من ( استل ) هذا القانون من ملف الاحوال المدنية في هذا الوقت بالذات وماذا يراد من طرحه؟
المرأة نصف المجتمع كما تعودنا ان نغرد بهذه المقولة كلما ضاقت الكلمات ونحن نحاول ان ندافع عن هذه المسكينة التي تتحمل دوما مسؤولية خطيئة لا تعرف ماهي!!نعم المرأة هي نصف المجتمع بل هي التي تنجب النصف الاخرمن المجتمع!!هي التي تربي،وتبني المجتمع ليكون هناك وطن!!
ايها الحكام ،ايها الساسة والمسؤولين والنواب يامن رفعكم على راس العراق هذا الزمن الردئ!!اقول لذلك البرلماني الذي (استل ) هذا القانون من دون عشرات القوانين المطروحة للمناقشة والمحتاجة للتغيير!!اقول لكل من ناقش الموضوع بهدف تغييره وبهدف اخراجه من جهته القانونية ليلحقة بجهة للفتوى وما اكثرها الفتاوى التي تخرج علينا كل يوم لتشرخ اواصر التعايش والمودة بين طوائف ومذاهب المجتمع العراقي .. اقول لهم الم يكفيكم تدميرا للوطن ،الا يكفيكم تحطيما لهذا الشعب؟!وانتم تطلقون وحوش الطائفية المقيتة والمذهبية والعنصرية لتنهش بحياة العراقيين الاصلاء ،وتنهشون بأبرياء لا ذنب لهم سوى انهم عراقيين !!الا يكفيكم تدميرا لحضارة بتنا نخجل من التحدث عنها ، وتشويها لتاريخ المجتمع العراقي الذي كان يعتبر من ارقى المجتمعات علما وتطورا..لماذا تريدون نهش اجساد نساءكم واطفالكم باقذر الاساليب،الم يوقع العراق منذ عقود على قانون حقوق الانسان وعلى قانون حماية المرأة وحماية الاطفال؟!الم يوقع العراقيين الشرفاء ربما قبل الكثير من الدول على احقاق حقوق المرأة في المحافل الدولية؟!مالكم اليوم توجهون عقولكم التي شوهها الحقد والجريمة لمزيد من التفتييت  ؟! لماذا تريدون اعادة عصور الجواري وتشيدون اسواقا للنخاسة لبيع النساء، بل بيع بنات بعمر الورود وتحرمونهم من طفولتهم ، لماذا تفعلون كل هذا .
تركتم قوانين محاربة الطائفية والعنصرية،ومحاربة الفساد ،لتستلوا من بين القوانين ربما القانون الوحيد الذي يتوحد خلفه كل العراقيين، ماالذي يدفعكم الى كل هذا سوى نفوسكم المريضة، ماالذي يدفعكم الى كل هذا سوى اموال السحت الحرام التي لم ولن تشبعكم ابدا طالما الفقر العقلي والفكري والديني ينخر عظامكم !!
متى كان المجتمع العراقي، ملحدا او كافرا ؟! بل انه من افضل الشعوب التي اهتدت  قبل الاف السنين لطريق الله وكل انبيائه..لماذا تعودون بعصر الجاهلية لتطبقوه على بناتنا ..في الجاهلية كانوا يئدون البنت بدفنها حية تحت التراب ،واليوم تئدون البنت بالزواج وتدفنوها فوق التراب وانتم تسلبون منها طفولتها وانسانيتها وفرصة حياتها في ان تكبر لتصبح فيما بعد زوجة محصنة ، مصانة الكرامة.
لماذا انتفضت غيرتكم !!ورحتوا تولولون وداعش تبيع نساءكم وبناتكم الصغيرات ،واليوم انتم تريدون بيع ليس نساءكم بل بنات بعمر الطفولة لمن يدفع سعر اعلى!!وتشرعون قانون جديد لجريمة ما بعدها من جريم!!
تركتم مهامكم النضالية والاجتماعية والعسكرية  !! تركتم مناقشة قانون محاربة الارهاب ومحاربة الطائفية والفساد،هذه الامراض التي تدمر العراق ..وتركتم قانون محاربة العنصرية ومحاربة الاحتلالات التي اتيتم بها لتخيم على راس العراق المستقل .
ايها الساسة، مسؤولي هذا الزمن البغيض! لا تصفعوا وجوهنا نحن النساء وانتم ترددون ان واقع المرأة العراقية قد شهد دوما زواجات مبكرة..حيث تزوجت امهاتنا وجداتنا وهن قاصرات، هل يمكن لكم ان تلغوا مسيرة المرأة النضالية الطويلة وهي تحاول القبض على حقوقها كأنسان! هل يمكن ان نقيس التمدن الاجتماعي وتطور المرأة بالرجوع الى الوراء ؟! ونقيس الحاضر بكل ماكان متخلفا، نعم كان العراق بلدا مستعمرا ومحتلا.. وكان الفقر يضرب معظم المجتمع،فلا مدارس تستوعب الرجال فكيف تستوعب النساء!!لا ماء ولا كهرباء وخاصة في محافظات وقرى العراق.. فلا فرص للعراقيين الا القليل ،فكان الرجل فلاحا يزرع ارضا حتى لم يكن يملكها !!والمرأة تزوج حتى تنجب وتكون العائلة!!
اتذكر كيف كانت والدتي تضع كفها على عيونها وهي تقول لي :(ابنتي هل تعرفين اني عمياء)  !!كنت  على عجل ارفع يديها من عن وجهها واردد( اسم الله عليك ايتها الحبيبة) وتواصل الحديث بحكمة.. ان جيلنا نحن يفتقد الى نورالعلم والتعلم ،لا نعرف ان نكتب حتى حروف اسماءنا!!زوجونا الاهل ونحن صغار حتى لم نكن نعرف معنى الزواج !! لذلك عليكم انتم الان ان تستمتعوا بهذه النعمة ،وتستمتعوا بنور حياة صحية جديدة ،وبداية هذا النور هو التعليم !! هذا الكلام كانت ترددوه معظم الامهات العراقيات على مسامع البنات ..هذا الكلام كانت تقوله النساء حتى قبل اكثرمن جيلين!! ولم اسمع والدي الكريم في يوم يقول ان الزواج يحمي المرأة ،بل كان يقول ان الدراسة والشهادة هي من يحمي بناته !
 واليوم مالها عقول ساستنا القاصرة تريد ان تحد من دور المرأة في بناء مجتمع قوي ،رصين بتزويج القاصرات ليحدوا من فرصها في الحياة وفي الدراسة والوعي ويحرموها من فرصة ان تنضج لتستطيع فيما بعد تحمل مسؤولية الزواج!!لماذا يريد بعض الساسة تعديل هذا القانون الذي يهدف لتنظيم الحياة الاجتماعية في العراق؟!
ورغم معرفتنا ان شريحة متخلفة من العراقيين مازالوا لا يلتزمون بهذه السن القانونية  في تزويج البنات ، ولكن ان نخرج القانون من فقراته الدستورية فاننا نشجع لاستمرار الانتهاك للقوانين علنا ،ويشرع لممارسات حاولت المرأة العراقية محاربتها بكثير من التضحيات !!
كم اكره مقولة يطلقها الجاهلون وربما بعض العارفون ايضا !!( نستر) المرأة بالزواج وكان المراة عورة يجب ان يستر عليها؟! او قباحة تحتاج لتدفن بسرعة في اي زواج ليتخلصوا من عبئ هذه العورة!!
ومن هي المرأة ..هي الام الحنونة ، والاخت الوفية ، وهي الحبيبة ،وهي الزوجة الواعية الكريمة،هي شمعة البيت التي تضئ اركانه المظلمة، هي العالمة والباحثة والدكتورة والمحامية والصيدلانية،وربة البيت الواعية التي وحدها ترفع اعمدته على رأس العائلة، وهي الكاتبة والصحفية والمدرسة ا   لتي نراها في كل مكان.. هل يستطيع اي مجتمع ان يتخلى عن هذه المرأة ،وكيف سيكون المستقبل اذا حرمنا المراة حتى من حق اختيار نوع حياتها وزواجها؟!
اسأل الجميع الذين ناقشوا هذا القانون  ،ماذا ينقص العراق ليعيدوا المرأة الى عصور الامية والجهل ..اليس لديكم مدارس وكليات وجامعات ،اليس عصر التكنولوجيا التي اجتاحت العالم  واجتاحت حياتكم قادرة لان تبني مجتمعا متطورا قائم على احترام حقوق الانسان وبناء مستقبل افضل لاجيالنا القادمة نساء ورجال؟!
ونسير في الموضوع ونقبل بالمناقشة وعلى مضض ..اذا زوجت قاصرا (طفلة) او مراهقة ..كيف ستتحمل مسؤولية طفل قادم بعد اشهر؟ كيف ستهتم بصحته العقلية والنفسية وهي نفسها غير رشيدة العقل ، لا شئ تمتلك ، لا تعرف سوى لعب الطفولة او مشاعر مراهقة مشوشة غير مستقرة ،ولا تعرف اصلا ماذا تفعل بهذه المشاعر!ماذا ستفعل بعد الزواج؟!وبعد يوم سيعود زوجها الى عمله،يتركها وحيدة في المنزل أو تحت رحمة حماة تتولى امر (الكنة )القاصر!
ماذاستفعل، حين يرن هاتف هذه المراهقة برنة (مسج) وعلى الجانب الاخرمراهق يتغزل بكلمات قراءها من احد مواقع التواصل الاجتماعي المبتذلة !ماذا ستفعل هذه الصغيرة ومراهق اخر يبعث لها بصورته عبر (الفيس بوك ) معلنا انه يريد ان يتعرف على صاحبة هذا الرقم الجميل!!
هل ستنتظر هذه الطفلة زوجها لحين ان يعود وتخبره بما حدث،ام انها تشعر بالملل والفراغ ويمكن ان تخفف من عبئ هذا الملل ببعض الدردشة مع هؤلاء الاصدقاء والصديقات الذين حلوا عليها من السماء!!وهي ( لا شغل ولا مشغلة ) فقد قضى الزواج على فرصتها لاكمال دراستها ،فلا كتاب تقرأ ، لا جريدة لتطالع ،لا خبر على قناة اخبارية تريد،بل قنواتها التلفازية المفضلة هي تلك التي تبث المسلسلات التركية التي طغت على حياة العراقيين رجالا ونساء!
ماذا ستفعل الصغيرة ،هل تهاتف امها تطلب العون،ماذا تفعل ؟! وامها قد استعانت بكل انواع السحر والسحرة والمشعوذين لتزوج ابنتها هذه الزواج (المحترم) فزوج البنت ينام على اكوام من المال !! فيما لم ينفع الام كل مشعوذيها في منع زوجها من الزواج عليها ،بثانية او ثالثة او رابعة!!
واليوم وانا اشاهد هذه العقول القاصرة تناقش هذا القانون .. اصبح لدي يقين ان ساسة العراق لا يهدفون من هذا السلوك الا تفتيت المجتمع العراقي، ويجتثون اي امل لنا ،في ان ينهض المجتمع العراقي  من جديد ويجد له مكانه في صفوف الدول المتمدنة.
يتسابق هؤلاء الساسة الى تسجيل ارقاما قياسية في التدهور والانحطاط الاخلاقي والتدهور التربوي والديني لم يشهده العراق منذ الفترة المظلمة  ومنذ غزو المغول وزحف هولاكو.
نعم ايها الساسة ..كل ماتفعلونه اليوم هو كيف تشرعوا الجريمة بقانون في الاحوال المدنية.
وانتم .. ايتها النائبات في البرلمان العراقي..لا تعيدوا للمرأة عصر التخلف ولا تلطخوا وجه ماجدات العراق بالجهل والعار، بعد ان عدتم الينا بالعباءة السوداء..واقسم اني كلما شاهدتكم تسحلون بها في اروقة البرلمان،  يوجعني قلبي لاني اعرف ان العراق  مازال في حداد !!ولا اعرف متى ينتهي  حداد وطني الحبيب !!

ا