المحرر موضوع: بمناسبة الذكرى الـ (28) لتأسيس الحركة الديمقراطية الآشورية - 2  (زيارة 1435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بمناسبة الذكرى الـ (28) لتأسيس الحركة الديمقراطية الآشورية - 2
 ----------------------------------------------------------------

زوعا بين مسيرتي نيسان 1979 و نيسان 6757


أبرم شبيرا – لندن

تحتفل الحركة الديمقراطية الآشورية في هذا الأيام من نيسان مع أبناء شعبنا وأنصارهم الجماهرية الواسعة أحتفالات لها طعم خاص ومغزى سياسي وإجتماعي يعكس في جوانب عدة تواصل هذه الحركة في مسيرتها مع تواصل مسيرة الأمة نحو ألآف السنين وأرتباطهما بأبناء شعبنا عبر عقود وقرون طويلة.

قبل الولوج في هذا الموضوع، هناك نقطة مهمة يستوجب توضيحها للقراء الكرام. أن الوعي القومي الأصيل الذي يتحلى به المرء يجعله أن ينظر للأمور بمنظار قومي شامل ومن جميع الجوانب دون الاهتمام أوالإلتزام بالمسائل الشخصية أو الحزبية أو الشللية. فالنظر إليها لا يتم إلا من خلال المنظار القومي فحسب وبالنتائج القومية التي من الممكن أن تترتب من جراء التطبيقات الفعلية لهذه المسائل. من هذا المنطلق نقول، على سبيل المثال لا الحصر، عندما يكتب كاتب معين أو يحاضر مثقف قومي عن حزب ما وعن إنجازاته لا يعني بالضرورة بأنه ينتمي إلى هذا الحزب ويسخر كل إمكانياته له. لكن من المؤسف له بأنه بسبب ضعف الوعي لدى البعض والتحزبية الضيقة المقيتة لدى الحزبين منهم تنهال التهم على هؤلاء الكتاب والمثقفين تصل حتى الاهانات الشخصية من قبل المتحزبين وضعاف الوعي متهمين أياهم بالعمالة لذاك الحزب أو لسان حال تلك المنظمة. شخصياً نلت قسماً من هذه التهم والألقاب، نحمد الله ونشكره على كثرتها، عندما كتبت عن الحركة الديمقراطية الآشورية او عن المنظمة الديمقراطية الآثورية أو عن الاتحاد الآشوري العالمي أو عن غيرهم. إنني كمتحزب لأمتي لا أنظر أو أكتب عن أي حزب أو منظمة إلا من خلال النظرة الواعية لمسيرة وإنجازات هذه الأحزاب والمنظمات. وعلى الرغم من إنني لم أشبع من هذه التهم والتي هي ألقاب شرف أسعى المزيد منها، فإنني هذه المرة سأحاول أن أشرك معي بعض الشخصيات المعروفة في تقييهم لمسيرة الحركة الديمقراطية الآشورية والتي نحن بصددها.   

المسيرة الأولى المنطلقة في نيسان 1979 هي سجل حافل بالنضال والمعاناة وإكتساب الخبرة وتحقيق بعض الانجازات عبر ظروف صعبة للغاية. من دون أدنى شك قد يكون تأثير هذه المسيرة على بعض من أبناء شعبنا ضئيلا ولأسباب مختلفة قد تكون مرتبطة بقلة أو ضعف الوعي القومي السياسي أو الكف عن الاكتراث والاهتمام بمثل هذه المسائل بعد أن اصبحت وسيلة للمزايدة والشهرة لبعض الاحزاب والمنظمات القومية أو قد تكون بسبب كون هذه المسيرة كقصص ومآثر مرتبطة بأشخاص قياديين في زوعا يعصب تصديقها من قبل المناوئين أو المعارضين لهم أو من قبل عامة الناس وللأسباب المار ذكرها. واليوم ونحن نتحدث عن مسيرة نيسان النضالية فمن الأرجح أن نستند على شاهدات لا (زوعايا) ومن شخصيات قيادية مناضلة لا تربطهم بزوعا لا أيدولوجياً ولا تنظيمياً.

من لا يعرف المناضل توما توماس (أبو جوزيف) "ألف رحمة على روحه" لا يعرف شيئاً عن الحياة السياسية في العراق. هذا المنضال الشيوعي لا بل الانساني من بلدة ألقوش المناضلة وقف دوماً وطيلة حياته إلى جانب الفئات المظلومة ووضع أمته الكلدوآشورية في قمة الفئات المظلومة في العراق فدافع عنها دفاع الأبطال وهو بجانب المنضال هرمز جكو "ألف رحمة على روحه". فبطولاته مسطرة في تاريخ النضال العراقي ولا يستوجب تكرارها. في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي عندما ألتحقت زوعا بمسيرة الكفاح المسلح في شمال الوطن كان المنضال أبو جوزيف أول المتسقبلين لطلاع زوعا فعايش حياته اليومية النضالية معهم فعلم وتعلم منهم الكثير الكثير. وبعد سنوات طوال من النضال المشترك ضمن الجبهة الكردستانية أصبحت الحركة الديمقراطية الآشورية، كحركة معبرة عن طموحات أبناء الأمة التي أصبحت عنده موضوع فخر وإعتزاز. ففي منتصف التسعينيات من القرن الماضي إلتقيت العشرات المرات بأبي جوزيف في دمشق فكان مقر زوعا هناك البيت الثاني أو المسائي له نجلس معه ونناقش الكثير من قضايا أمتنا ووطنا. لم تكن أذني أن تصدق الشهادة القيمة والتكبير العظيم التي كان يتلوه عن زوعا فهو لم يكن يعتبرها مجرد حركة قومية بسيطة بل كانت عنده حركة وطنية مناضلة تساوي في نضالها ومعاناة مسيرتها بقية الحركات الوطنية العراقية التي عانت الكثير من التشرد وظلم النظام البعثي العراقي. فكان يؤمن إيماناً عميقاً بأن على يد زوعا ستحقق آماني أمتنا. رحل أبو جوزيف عن عالمنا المادي ولم يمهله العمر طويلا لكي يشاهد تحقيق آمال أمتنا لكن مكانته الفكرية والروحية تبقى دائماٌ في القلوب في كل القلوب الطيبة الشريفة والمناضلة. فأبو جوزيف خالد خلود شهدائنا الأبرار.

الشهادة الثانية في مسيرة زوعا النضالية هي من مناضل آخر لا "زوعايا" وهو المناضل فرنسو الحريري. معظم الناس تعرف هذا المناضل كقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وكرس جل حياته في خدمة هذا الحزب وأخذ الكثير من القوميين الآشوريين إنطباعاً خاطئاً عنه. أن المتابع لفكر هذا المنضال يلاحظ بأنه شهد تطوراً خطيرا فيه. ربما كان يبدو في بدايه حياته النضالية وهو قيادي في هذا الحزب بأنه غير مهتم بالنضال القومي الآشوري ولكن في الفترات الأخيرة من حياته كان له شأناً وتوجهاً قومياً بدأ بالاهتمام بالمسائل القومية السياسية وبالحركة الديمقراطية الآشورية خاصة والتي تعنينا في هذا الموضوع. فكانت علاقته قد توطدت مع هذه الحركة وهو في موقع حزبي وسياسي قوي وحساس كمحافظ لمدينة أربيل وعضو في قيادة حزب البارتي ومسؤول عن الأمن في الأقليم. شخصياً ألتقيت به مرتين أو أكثر في أربيل ولندن وترك لدي إنطباعاً مختلفاً كلياً عن الانطباع الذي كونته أنا وغيري من الناس عنه. ففي كل اللقاءات كان معظم حديثه عن زوعا ونضالها عبر ظروف صعبة وتأكيده بأنها الحركة القومية الفاعلة الوحيدة في مجتمعنا. وقبل رحيله بأشهر كان لقائي معه في لندن أكثر تفصيلا ومثيراً. إذ أكد امام جمع من الزائرين له في بيته أثناء حديثه عن زوعا بأن معظم قيادي هذه الحركة كانوا من الشباب اليافعين وطلاب الجامعات عندما إلتحقوا بالكفاح المسلح في المنطقة الشمالية ولكن بسبب مثابرتكم وإصرارهم على الاستمرار في النضال وتحمل الظروف الصعبة مع بقية الثوار في المنطقة وإختلاطهم مع عناصر رفيعة في الأحزاب الأخرى الكردية والشيوعية والقومية العربية وحتى الإسلامية أكتسبوا خبرة سياسية وفكرية وتنظيمية قلما نجدها في احزابنا الآشورية لا بل وحتى في الأحزاب العراقية خاصة عندما نقارنها من حيث الاسناد الخارجي والدعم المالي والخبرة السياسية والتعامل مع السلطات. وحتى عن تنظيم زوعا في لندن قال بأنه سمع من الناس بأن الحزب الوحيد الناشط في لندن هو الحركة الديمقراجية الآشورية ولا توجد أحزاب أو فروع أو تنظيم لهم في لندن يقومون بنشاطات قومية وسياسية، وهو الموضوع الذي أثار استغرابه بعض الشئ لأنه إذا كانت الظروف الصعبة في الوطن قد تحول لبعض الاحزاب الاشورية من دون التواجد على أرض الوطن والقيام بنشاطات فكيف والحال في المهجر والظروف مهيئة ولا فيها مخاطر من  القيام بنشاطات سياسية.

أوردت هذين الشاهدين من خارج زوعا ليشهدا على مسيرتها وهي الشهادة التي تفرض نفسها للتسائل والقول: لماذا هذا البارتي القيادي وذاك الشيوعي القيادي تحول رأيهما، أو كونا رأئياً إيجابيا، تجاه زوعا وهي حركة قومية آشورية وهما ينتميان لحزبين مواقفهما معروفة وليست بالشكل المرضي دائماً تجاه أمتنا. أليس هناك سراً يكمن في تحسس هذان المناضلان وإدراكهما لأصالة مسيرة زوعا؟ بلى ثم وبلى. وأخيرا لم يبقى بخصوص مسيرة زوعا النضالية خلال ثمانية وعشرين سنة الماضية إلا أن نقول: إذا كان هناك من لا يصدق بما نكتبه أنا وغيري من الكتاب الموضوعيين عن هذه المسيرة النضالية لأنهم يتهموننا بالانحيازية لها والصداقة لقيادتها، وهذا شأنهم الخاص، ولكن من لا يصدق شهادة أكثر موضوعية مشهودة من سياسين بارعين ومناضلين ولهم باع طويلة على الساحة السياسية العراقية أمثال توما توماس وفرنسو الحريري فإنه من دون أدنى شكي قد غطى العمى والعتم على فكر ووعي هؤلاء المتشككين ولم يعدوا أن يفرقوا بين الحق والشر وبين النهار والليل.

أما مسيرة نيسان 6757، فنود أن نشكر قناة آشور الفضائية التي أعطت تفاصيل كاملة عن عظمتها وجماهيريتها حيث شاهدها مئات الألوف من أبناء شعبنا في الوطن والعالم ولم تترك لنا شيئاً للقول والتفصيل إلا أن أقول بأنه طيلة حياتي التي تجاوزت نصف القرن شاهدت مسيرات ضخمة معدودات أتذكر منها الاستقبال الضخم والمسيرة الكبرى لأبناء شعبنا عند استقبال البطريرك مار شمعون إيشاي ومن ثم مسيرة منح الحقوق الثقافية "للناطقين بالسريانية من الآثوريين والكلدان والسريان" في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ولكن يجب أن نتذكر بأن من وراء هذين المسيرتين كان النظام العراقي الذي كان يرمي إلى تحقيق أهداف شيطانية تجاه أمتنا في تلك الفترة كما أن المسائل الدينية والعواطف الناجمة من عودة البطريرك من المنفى إلى الوطن دوافع أخرى خلف ضخامة المسيرتين. أما مسيرة نيسان 6575 في نوهدرا (دهوك) التي شارك فيها عشرات ألاف من أبناء شعبنا من أطفال وشباب وشيوخ ونساء وفي أجواء ممطرة وباردة، يقال بأن عددهم تجاوز الأربعين ألف، إضافة إلى المئات التي بقيت في السيارة أو وصلوا متأخريين فإن هذه المسيرة لم يكن من خلفها لا حكومة ولا نظام ولا أعتقد بأن المشاركين كانوا كلهم من أبناء عشيرة رابي يونادم كنا أو نينوس بتيو أو غيرهما من القياديين، ولم يكن يملك زوعا قوة إكراهية يفرضها على الناس للخروج إلى المسيرة ولم يكن أحد منهم في الوزارة لكي يستغل منصبه ويؤثر على الناس ويدفعهم للمشاركة في المسيرة، ولا أعتقد أن زوعا من الغنى وله الكثير من الدولارات الخضراء ويدفع لأربيعن ألف مشارك لكي يخرجوا إلى المسيرة، فمن يعتقد هذا فهو مختل عقلياً من دون أدنى شك، وأنصحهم للإستماع إلى أحاديث وأغاني العدد الكبير من الفنانيين الذي قدموا من المهجر للمشاركة في المسيرة وإحياء المهرجانات والحفلات لعل يكون علاجاً شافياً لعقلهم.

إذن ماالذي دفع بهؤلاء العشرات الألاف من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب بمختلف فئاتهم العمرية إلى تلبية نداء زوعا للمشاركة في المسيرة؟ أعتقد بأن من له بعض من الوعي القومي، حتى ولو كان بحجم الذرة، يدرك أن الدافع الحقيقي والفعال هو عظمة مسيرة نضال زوعا وعلو مكانته بين أبناء شعبنا وثقته العالية به. أفلا يكفي هذا لكي نصدق بأن زوعا لا زال بألف خير وأن موقعه في قلوب جماهير أمتنا. أما من لا يصدق ذلك فأنا على يقين تاماً بأنه حتى لو قام الملك العظيم آشور بانيبال من بين الأموات وحضر بيننا وقاد مثل هذه المسيرة الجماهيرية فإن هؤلاء يبقون على جهلهم المعتم ولا يتحسسون بعظمة مثل هذه المسيرة لأنهم مرضى مصابون بأمراض لا تشفى إلى بالاختلاط مع الأطفال والأمهات والشيوخ المشاركين في المسيرة وتحسس مشاعرهم المعبرة عن مشاعر الأمة وآمالها. وإذا كانوا مثل هؤلاء القابعين في بيوتهم الدافئة في المهجر ومستمتعين بحياة الرفاهية هناك ولا يجرؤا أن يخطو خطوة واحدة نحو بلاد آشور والاختلاط بأبناء جلدتهم هناك فأن مشاهدة المسيرة عبر قناة آشور الفضائية والتطلع في عيون الأطفال والشيوخ لعل قد يشفيهم ذلك من مرضهم المزمن ثم يرجعوا فيشكروا زوعا على توفير هذا الدواء الشافي لهم ... الدواء الذي صعنته المسيرتان نيسان 1979 ونيسان 6757.