المحرر موضوع: حوار ام فرض للذات؟  (زيارة 612 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوهر يوحنان عوديش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 460
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حوار ام فرض للذات؟
« في: 11:27 20/11/2017 »
يعتبر الحوار من اهم وارقى الاساليب لحل المشاكل والقضايا المصيرية خصوصا عندما يتعلق الامر بمستقبل شعب او مصير وطن، لذلك يلتجأ اليه الحكماء من رؤساء دول او قادة احزب او مراجع دينية ... وغيرهم في حل الخلافات بعيدا عن العنف ولغة السلاح التي اصبحت طاغية على كل اللغات في البلدان المتأخرة التي تحتكم الى مبدأ الاغلبية والاقوى في ادارة شؤون الدولة وتسيير امور الشعب، وذلك تفاديا لاراقة الدماء وتدمير الوطن. وبعد استفتاء اقليم كوردستان العراق على الاستقلال في 25 ايلول وما رافق ذلك من تطورات وتداعيات خطيرة على الساحة السياسية العراقية كان فرضا على ساسة العراق وقادة احزابه ومسؤليه الحكوميين وكذلك المراجع الدينية التحلي بالصبر والهدوء لابعاد شبح الحرب وانقاذ العراق من حرب اهلية محتملة، لكن القلة احتكموا الى العقل وقدموا الكثير من التنازلات لتهدئة الوضع المتأزم واعطاء فرصة لترسيخ السلام والابتعاد قدر المستطاع عن لغة التهديد والسلاح التي لا تزال تهيمن على خطابات بضعة شخصيات تسترخص الدم العراقي.
منذ قيام الاستفتاء لحد يومنا هذا صرحت القيادة الكوردستانية وحكومة اقليم كوردستان اكثر من مرة وفي كل مناسبة، وحتى من دون مناسبة ايضا، انهم على استعداد لحل المشاكل العالقة مع بغداد بالحوار وعن طريق مفاوضات جدية، ورغم ذلك فان الوضع تأزم اكثر لبضعة ايام في بعض مناطق التماس بين البيشمركة والحشد الشعبي وادت الى نشوب نزاع مسلح اوقع قتلى بين الطرفين، لكن سرعان ما عاد الهدوء والسكينة الى تلك المناطق بفضل الجهود الدولية والدعوات الداخلية والخارجية للعودة الى الحوار لايجاد مخرج لهذه الازمة وحل الخلافات بصورة سلمية.
مواقف قيادة وحكومة اقليم كوردستان كانت واضحة وهي الدعوة الصادقة لبدء حوار ومفاوضات جدية لانهاء كل الخلافات مع الحكومة العراقية، وبالمقابل كانت الحكومة العراقية مصرة على شروطها قبل البدء باي حوار او مفاوضات مع الجانب الكوردي ما يدل على تعامل الحكومة العراقية بتكبر وعنجهية  مع الجانب الكوردي الذي ابدى الكثير من المرونة والعقلانية في التعامل مع الجانب الاخر لمنع اراقة وهدر المزيد من الدماء، واخر هذه المواقف الشجاعة ( البعض اعتبروها تنازلات مؤلمة!!! ) كان رد حكومة اقليم كوردستان على قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم وجود نص في الدستور يجيز انفصال اي مكون بالعراق، حيث اكدت حكومة اقليم كوردستان في بيان لها انها تحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الاولى من الدستور، وتؤكد التزام الاقليم دوما بالبحث عن حل الخلافات بين السلطات الاتحادية والاقليم بطرق دستورية وقانونية، وهذا يتطابق مع ما يعلن عنه رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي الذي يدعو الى تطبيق الدستور على كل اجزاء العراق.
ما دام الجميع يدعو الى حل الخلافات حسب الدستور والقانون اذن اين الخلل؟
لقد نسي البعض من المؤثرين على الساحة السياسية ان الحوار يعني مناقشة الخلافات والاختلافات بهدوء واحترام دون تعصب او فرض شروط، لتمكين الاطراف المتحاورة من التعبير عن رأيها بحرية لمعرفة الحقيقة والوصول اليها دون ضغوط او اكراه،لهذا فان اي حوار مشروط يندرج في خانة اتفاق بين المنتصر والمهزوم، وهذا النوع من الحوار هو الحوار الدستوري! المشروط نفسه الذي تدعو اليه بغداد وتجبر اقليم كوردستان على قبوله، وبهذا فان الحوار بين الاقليم وحكومة بغداد يفتقد الى معناه الصحيح لان حكومة بغداد مصرة على التعامل مع الاقليم وفق القوة ومبدأ الغالب والمغلوب.
يثبت لنا التاريخ واحداثه ان اي اتفاق يتم بالاكراه او تحت الضغوط يكون مصيره الفشل عاجلا ام اجلا، لان الاسباب المؤقتة القائمة لعقد مثل هكذا اتفاقيات ستزول يوما ما، لذلك على الحكومة العراقية ابداء بعض المرونة والانصياع لصوت العقل بدلا من التباهي بنصر مزعوم وفرض الشروط في التعامل مع القضية الكوردستانية، فبدلا من الترقيع والحلول المؤقتة لقضية عالقة منذ عقود من الزمن على المسؤلين وكل المعنيين والمهتمين بمستقبل الشعب العراقي العمل على ايجاد حلول دائمة مقبولة من قبل الجميع دون ضغوط او تعصب او تغليب طرف على اخر، لان اي حل مؤقت لن يكون سوى بذرة حقد اخرى تزرع في نفوس العراقيين وقنبلة موقوتة تنفجر حين تكتمل ساعتها.
لو اردتم للعراق ان يستقر وللمشاكل ان تنتهي احرقوا كل الاوراق القديمة وابدأوا من جديد بحوار جدي ومتكامل حسب ما ينصه الدستور ويمليه القانون بعيدا عن كل الانتماءات والتأثيرات سواء كانت داخلية او خارجية عندئذ فقط سنشعر ان الوطن بخير.

     
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com