المحرر موضوع: القناعة كنز لا يفنى  (زيارة 762 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوزيف إبراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
القناعة كنز لا يفنى
« في: 19:24 22/11/2017 »
{ القناعة كنز لا يفنى }
جوزيف إبراهيم
سئم رجل من الروتين الممل الذي كان يتكرر كل يوم في حياته, فقرر أن يغامر في رحلة للبحث عن مصدر الحظ ليستفسر عن مستقبله, ويطلب من المعنيين لتحسين وضعه. أخذ الرجل بعض الطعام وخيمة صغيرة مع بعض أدوات التخييم, واتجه شمال ضيعته الصغيرة المشرفة على تلة تحيط بها بساتين و مروج خلابة، وعلى مقربة من مشارف قريته بدت أشعة الشمس الملتهبة كسراب من الطيور في الأفق، مما أثّر أكثر على تفكيره و بدأ يتخيل أن جيشاً من الغزاة بات يدنو منه.
وبينما هو في تلك الأوهام صادفه دب ضخم البنية مُصاب بمرض جلدي، خاف الرجل جداً وبدأ يلوم نفسه على هذه المغامرة، وكيف أنّه كان يعيش كالملوك لكن دون سعادة لعدم رضاه عن وضعه, أيقن أن نهايته ستكون بين أنياب الدب المتوحش, و فجأة أصيب بالذهول حين بادره الدب بالسؤال: إلى أين انت ذاهب؟ استغرب الرجل فكيف للدب أن يتكلم؟ اغمض عينيه مرات عديدة وفتحها عله يكون في حلم وقال في نفسه: يا رب إن نجيتني من هذا الدب فسأرد لك المعروف عشرة أضعاف,ثم تبين له أن الدب حقيقي فرد عليه: لقد قررت أن أذهب إلى مصدر توزيع الحظوظ كي اطلب منهم تعديل وضعي , فقال له الدب: سوف أدعك تذهب بسلام رغم إني جائع جداً لكن بشرط، أن تجلب لي معك دواءً لمرضي هذا، قَبِلَ الرجل شرطه وتابع سيره, وصل إلى نهر صافي قبل الغروب، و كانت الأسماك تتلاعب أمام العين بداخله، فقرر أن يبات تلك الليلة بجانب النهر ليتأمل حياة الكائنات الحية فيه, وعلى غفلة قذفت سمكة نفسها أمامه فامسكها ليعيدها للنهر،لكن السمكة بادرته بالكلام قائلة : ماذا تفعل هنا يا رجل ؟ فصُدم لكنه تمالك أعصابه وشرح لها وضعه، ترجته السمكة كي يأكلها أو أن يشرح لمصدر الحظ قصتها إذ أنها تعاني من سوء الحظ لإن جميع الأسماك تخشاها ولا تريد مصادقتها.
تابع الرجل رحلته في الصباح الباكر وهو حائر مما صادفه البارحة، وبعد مسير طويل صادفه فارس على جواد مظهره يوحي أنه من طبقة النبلاء, دار بينهما الحديث وأستفسر الإثنان عن سبب ابتعادهم من مكان إقامتهم فقال له الفارس: أنا ملك لمملكة أتباعها لا يخشوني فارجوا منك أن تجد لي حلاً لوضعي ,و بعد مسير مضني وجد قريةً صغيرة فحل ضيفاً على مختارها وبدأ يشرح له حكايته فرد عليه المختار: إن حظنا أتعس إذ لا طعام لدينا والوضع الاقتصادي تعيس جداً، والبئر الوحيد الذي نملك لا ماء فيه، فترجى منه أن يجلب معه حلاً لهم . بات الرجل هناك تلك الليلة وفي الصباح الباكر ودع القرويين متجهاً نحو هدفه المنشود،و بعد مسير طويل و تعب فقد الرجل قوته وبدى منهكاً، وعلى غفلة وجد أمامه مجموعة من الملائكة تُراقب ملايين من دواليب الحظ، فبادره ملاك بالسؤال : ماذا تفعل هنا فهذه منطقة محظورة ؟ تلعثم الرجل وبدأ يشرح للملاك تعاسة حياته مُترجياً منه أن يُحسن حظه، وأيضاً طلب حلولًا لمشاكل الدب، السمكة، الفارس، القرية وأهلها, أجابه الملاك: ليس بمقدوري أن أغير شيئاً من حياتك، لكنك ستجد ما يسعدك ويقلقك في طريق عودتك فعليك أن تقرر، أما بالنسبة للآخرين فأخبرهم بما يلي: على أهل القرية أن يحفروا البئر نصف متر و حينها سيجدون كنزاً ثميناً وماء عذباً لا ينضب, أما الملك فهو أنثى وعليها أن تتزوج بغريب, و السمكة عليها أن تزيل اللؤلؤة الثمينة العالقة في حلقها، فهذا يجعل بقية الأسماك أن تخاف من نورها, أما عن الدب فلن يشفى من مرضه الجلدي إلاّ إذا أكل مجنوناً.
فرح الرجل وأقفل مسرعاً بعودته وهو يصيح وجدتها وجدتها، وصل الضيعة وأخبر أهلها بالحل وفعلا بعد حفر البئر تدفقت المياه مع كنز ثمين، فرح الجميع وطلبوا منه أن يتزوج بأجمل فتاة لديهم وأن يسكن معهم لكنه رفض . تابع سيره وهو يرقص فرحاً بعد فترة وجيزة تقابل مع الفارس وقال له الحل، فبادره الفارس بالجواب لن أجد شخصاً غريباً أفضل منك فلنتزوج و بذلك تصبح أنت الملك وأنا الملكة، فرفض الرجل الصفقة مبرراً السبب بأنه سوف يلتقي بحظه فتركه، وتابع سيره نادماً عن الصفقتين السابقتين لغاية أن وصل إلى النهر، حيث خرجت السمكة للقائه طالبة منه الحل، فبدأ يشرح لها عن سبب تعاستها، ثم ترجته السمكة لإخراج اللؤلؤة من حلقها لكنه تباطئ ساخراً منها وفجأة، التهمتها سمكة كبيرة و ابتعدت في النهر فندم كثيراً وقرر العودة للفارس أو لأهل الضيعة ليوافق على أحد العرضين، فأسرع مهرولاً دون أن يعلم أنه ذاهب في الإتجاه المعاكس، وبعد بضعة أمتار وجد نفسه وجهاً لوجه أمام الدب المريض وبعد الترحيب قال للدب: عما حصل معه فرد الدب عليه: يا للغرابة لقد رفضت أن تتزوج من أجمل فتيات الضيعة لتصبح كواحد منهم، ثم رفضت أن تصبح ملكاً وتكاسلت في إخراج الجوهرة الثمينة من حلق السمكة، وأنا دوائي الوحيد هو أن آكل مجنوناً كي أشفى من مرضي،و أعتقد بأنني سوف أموت قبل ألتقي بشخص آخر أكثر جنوناً منك، فهجم الدب عليه والتهمه و كانت هذه نهايته !!!
بقلم جوزيف إبراهيم في /22/11/2017/