المحرر موضوع: عهرّ البرلمان العراقي  (زيارة 906 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عهرّ البرلمان العراقي
« في: 10:15 25/11/2017 »
عهّر البرلمان العراقي 
حينَما تكون هنالك مشاجرات ومناكفات في اروقة البرلمانات العربية أو حتى الأجنبية منها في العالم فهذا شيئاً طبيعي ، وحينما تشبّ المناقشات الحادة وتتحول الى عِراك بالأيادي، فهذا أمرا  عادي جداً ، حتى أن البرلمان الايطالي في العاصمة روما تكون فيها المقاعد مثُبتة بشكل جيد على الارض تجنباً لإحتمال  أن يتقاذفها النواب فيما بينَهم، وأن شاهدنا وقائع جالسات  البرلمان الأردني على اليوتيوب وَمَا يحصل من مشادات ونقاشات بين النواب، فلا يجد النائب بُداً  غير شهر مسدسه في وجه زميله النائب.
البرلمان العراقي هو واحداً  من أفشل البرلمانات في العالم، لِما يحتوي  في أروقته من نواب جهلة عديمي الرؤية تحكمهم التبعية والجهوية والعشائرية والطائفية والمذهبية المقيته، والتمركز حولَ النص الديني بكل حذافيره لستنباط تشريع أو قانون يخص المجتمع المدني، ومع أن الدين (أيّ دين) لا ينفع في استخراج منظومة منه تحكم المجتمع المدني وتشرع احواله الشخصية فلا نفع تذكر من هذا الدين او ذلك خاصةً في تسير أحواله في المجتمعية ، لأن المجمتع المدني الْيَوْمَ تحكمه نُظم  علمانية جاءت عبرَ طريق طويل من الفكر  والفلسفة وصيرورة التاريخ  ليست بالهينة ابداً ، من جان جاك روسو  وجان لوك وتوماس هوبز  وهيجل وغيرهم من بُنات هذا العلم وهذا العقد  بين البشر  والمجتمع،  فبرزت أوروبا والغرب كما نشاهدها الْيَوْمَ بعدما كانت تغطْ في ظلام حالك وليل دامس.
 حين تشكلت أول حكومة ملكية في العراق في 23 اغسطس 1921، وسمية فيصل ملكاً على العراق، تشكلت بعد ذلك حكومة برلمانية ومجلسين تشريعيين. وكان المجلسان يتألفان من مجلس نيابي منتخب ومجلس أعيان معينين. كان أعضاء المجلس النيابي ينتخبون كل أربع سنوات في انتخابات حرة. اجتمع أول برلمان في عام 1925. وكانت تضم كل اطياف المجتمع العراقي من يهود ومسيحين ومسلمين، وانتُِخب ساسون حسقيل أول وزير مالية للعراق في العصر الحديث، واستلم وزارة المالية العراقية ثلاث مرّات، مما يعكس التنوع الحضاري في ذلك الوقت، مع كل ما كان موجود من سلبيات في تلك المناطق،  اذ اخذنا بنظر الاعتبار الأحداث الكبرى التي عصفت بالبلاد ونهاية الحرب الكونية الاولى. فكان بذلك حقًا مجلس مكون من أعيان وحكماء تتخذ القرارات المصيرية التي تخص الشعب بترويً وحكمة، وعدم اقحام الدين في النص التشريعي فكانت القوانين والقرارات والتشريعات مدنية بجدارة.
 العراق اليوم، وبعد السقوط والفشل الذريع للتجربة الديمقراطية الامريكية الغير صالحة للمجتمعات العربية، والتي جاءت ببرلمان متعثر  وأعضاء ذوِّ توجهات قبلية وعشائرية  مناطقية، ووعي محدود ومتخلف، يريدون في الآونة الاخيرة  تشريع زواج القاصرات دون سنّ التاسعة من العُمر. بالله عليكم،  هل يصلح مثل هذا البرلمان أن يكون ممثلاً للشعب الذي أنتخبه، هل يتماشة هذا البرلمان مع روح العصر الذي نحن في ركبه الأن، هل الأعضاء يدركون أنهم بهذا التشريع  يهدمون أخر حصنا من حصون الحداثة التي تركت البلاد غير نادمة عليه أبدا.