المحرر موضوع: شكل وطبيعة مراحل الحالات السياسية في العراق قديما وحديثاً الجزء الأول  (زيارة 845 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبد القادر الكيلاني

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 42
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شكل وطبيعة مراحل الحالات السياسية في العراق قديما وحديثاً
الجزء الأول
 
لَبِستَ لها كُدرَ العَجاجِ كأنّما     تَرى غيرَ صافٍ أن تَرى الجوّ صَافِيا *
قبل الخوض في هذا الموضوع واستذكاره علينا معرفة الشخصية العراقية والعوامل التي ساعدت على صياغتها وتكوينها . جغرافية العراق في شكلها وطبيعتها تختلف مثل اختلاف طبيعة المجتمع الذي يعيش فيها . ارض منبسطة تحيط بها مناطق جبلية وصحراوية تتخللها انهار مياه متعددة اهمها نهريّ دجلة والفرات , منابع انهارها من خارج الرقعة الجغرافية. جو العراق  حار شديد الحرارة صيفاً بارد شتائاً . سكانها خليط من عرب واكراد وتركمان , نسبهم مختلفة السائد في هذه النسبة العنصر العربي , اديانها تختلف ايضاً يتكونون من مسلمين ومسيحيين ويهود , تغيرت احجام كتلهم البشرية عبر المراحل الزمنية نتيجة ظروف سياسية مرت على العراق والمناطق المحيطة به . ويعتبر العراق وطن لحضارات كثيرة متعددة ومختلفة تعد من اقدم حضارات العالم . نتيجة خصوبة الارض ووفرة المياه كعوامل اساسية للحياة , كانت هذه الميزة مثار طمع وحافز لهجمات وغزوات عديدة وكثيرة من مناطق الجوار والعالم عبر التاريخ . هذا الوصف أثر تأثيراً كبيراً في تكوين الشخصية العراقية الفردية وامتداداتها كمجاميع بشرية مكوّنة لمجتمع عراقي له خصائصه وميزاته التي يتصف بها مختلفة عن غيرها من مجتمعات الجوار في كثير من الامور وتشترك معها في بعضها . لهذا تتصف الشخصية العراقية بالشجاعة والكرم والطيبة والذكاء . وفي نفس الوقت تعيش ازدواجية قلقة غير مستقرة بنسب متفاوتة يسودها التمرد على من يحكمها ويدير شؤونها تتباين في المناطق العراقية المختلفة . في زمن الدولة العثمانية حدثت ثورات كثيرة في العراق الخاضع لنفوذها مثل " ثورة أهالي بغداد " زمن الوالي العثماني " متحت باشا " الذين تمردوا عليها خارجين على سيطرتها والكثير مثلها. لا نريد الخوض في هذه الفترة الزمنية لضيق المجال , بعد الحرب العالمية الاولى وضمن اتفاقية سايكس بيكو تم تقسيم المناطق الواقعة تحت سيطرة ونفوذ الدولة العثمانية التي كانت تمثل " الخلافة " دولة الاسلام . اصبح شكل العراق كما هو عليه اليوم " كان يتألّف من ثلاث ولايات زمن العثمانيين " . انشئت الدولة العراقية سنة 1920 م واقرت بشكلها ومظمونها "دستور وبرلمان " عام 1921 م واختير الملك فيصل الاول ملكا على العراق " فيصل بن حسين بن علي الهاشي " وعبد الرحمن النقيب الگيلاني “ كرئيس وزراء لمرتين متتاليتين . سكانها من العرب مختلفين بأشكالهم " حضر وبدو وريف " لهجاتهم المحلّية مختلفة قبائلهم متعددة مهنهم متنوعة , وكذلك الاكراد . في صفاتهم الدينية كذلك متنوعين . المسلمين مجموعة مذاهب والمسيحيين مجموعة كنائس . بشكل عام يجمع كل هذا الخليط " الهوية الوطنية " سمة الحكومات المتوالية من بداية التأسيس لحد الاحتلال علمانية لا دينية " الجهات المعادية للعراق والطامعة فيه كانت تستغل ذلك وتلعب عليه " التنوّع " . الجانب السياسي عند التأسيس في بعض حواشيه يحاكي النظام البريطاني " حكم ملكي علماني برلماني متعدد الاحزاب " تابع لبريطانيا ويدور في فلكها . نهجه الاقتصادي رأسمالي . يعتمد بشكل كامل على المنتوج الزراعي المحلّي في الاستهلاك والتصدير, حدثت في هذه الحقبة ثورات متعددة ضد بريطانيا كدولة مستعمرة وكنظام حكم عراقي ابتدائاً من " ثورة العشرين " أندلعت في مايس عام 1920 م ضد الحكومة البريطانية المستعمرة للعراق واستمرت حتى نهايته. وتسببت الثورة بتغيير جذري لنظرة المسؤولين البريطانيين ولإعادة النظر في استراتيجيتهم بالعراق . كلفت الثورة الحكومة البريطانية ما مقداره 40,000,000 باوند، والذي كان ضعف مبلغ الميزانية السنوية المخصصة للعراق، وعاملا كبيرا في إعادة النظر باستراتيجيتهم بالعراق وكلفت الثورة أكثر من مجمل تكلفة الثورة العربية الكبرى (الممولة من المملكة المتحدة ؛ بريطانيا ؛) ضد الدولة العثمانية في 1917م-1918م وخسائر بشرية وبالمعدات كبيرة مروراً بثورة " رشيد عالي الگيلاني " سنة 1941 م من شهر شباط / فبراير واستمرت لغاية مايس / ايار . نتج عنها إسقاط " عبد الإله " خال الملك فيصل الثاني الوصي على العرش . رافقتها الكثير من الانقلابات العسكرية على بعض رؤساء الوزارات وكانت النهاية في " قصر النهاية " ثورة 14 تموز عام 1958 م بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف . فكانت نتيجتها قتل الملك فيصل الثاني وعائلته وخاله عبدالإله ونوري السعيد رئيس الوزراء . أجتهدوا فثاروا فخلّفوا الخراب والدمار .أُدخِلَ العراق في دوامة مشاكل غير عادية . يعني من الناحية النظرية جديرة بالاحترام والاعجاب لكن في الحانب العملي واجهت الكثير من التحديات والمعارضة الداخلية والخارجية . كونه كان يجنح للنهج الاشتراكي ومحسوباً عليه فدخل في حرب حزينة مرغماً مع الرأسمالية كونها كانت في صراع مع الشيوعية والاشتراكية . وحرب مع التيار القومي الناصري وحرب داخلية مع التيارات القومية والدينية . من ايجابيات ثورة تموز " عبد الكريم قاسم " الغاء الاقطاع وتأميم ممتلكاته " اراضيه الزراعية " وتوزيعها على العاملين فيها والغاء قانون العشائر واقرار قانون رقم 80 الخاص بموضوع امتيازات شركات النفط الاجنبية وتأسيس شركة النفط العراقية وأنهاء العلاقة مع بريطانيا كدولة استعمارية حاكمة . من مثالب هذه الأجراءات تراجع وتردي الزراعة بشكل كبير . . * الشعر للشاعر ابو الطيب المتنبي .شكر للناشر وللقارئ الكريم . نلتقيكم بأذن الله في الجزء القادم من هذا المقال. عبدالقادر ابو عيسى : كاتب ومحلل سياسي عراقي حر مستقل .
 
 
الحزء الثاني
بعد ذلك حدثت ثورة حزب البعث العربي الاشتراكي في 8 شباط عام 1963 ألى 18 تشرين الثاني منه , ادخلت العراق في دوامة من الصراع بين اجنحتها الذاتية والجهات الخارجية الفاعلة في المنطقة . بعدها حدثت ثورات مختلفة فاشلة على عبد السلام محمد عارف الذي مات في حادث سقوط طائرته . خلّفه شقيقه عبد الرحمن محمد عارف . آخرها كانت ثورة عام 1968 ترأسها " احمد حسن البكر ". كان ذلك بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان امينه العام " ميشيل عفلق " المنظّر والمؤسس له كحزب قومي أشتراكي علماني تأسس عام 1947 في سوريا وانتشر بالمنطقة العربية ومنها العراق . شعاره " امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة " وفلسفته تكمن في الانقلاب على الواقع الفاسد ومواجهة الدول الاستعمارية الطامعة والنظال في سبيل القضية الفلسطينية واعتبارها الجوهر الاساس الرئيسي في حالات الصراع العربي الاسرائيلي الاستعماري . وكان له دور مشهود في ذلك لا يمكن نكرانه وخاصة في حرب عام 1973 , وتعتبر هذه المرحلة من المراح المتميزة في تاريخ العراق من ناحية البناء والتطوير في كافة المجالات وتعزيز قوته العسكرية . على هذا تعرّض العراق وادخل في معترك من موجات عدوانية مختلفة ومن جهات متعددة استعمارية واطراف عربية محسوبة على الرجعية العربية ذات الارتباطات المشبوهة بهذه الدول . سنة 1979 استقال احمد حسن البكر رئيس الجمهورية وحل محله نائبه " صدام حسين " كرئيس لجمهورية العراق . { تفرّد صدام بالسلطة وأستحوذ على مراكز القرار } . وكانت هناك محاولات انقلابية باءت بالفشل اغلبها من اطراف  داخل النظام نتيجة الصراع الذاتي بين المراكز المتنفذة فيه ابرزها تمرد محمد عايش وزير الصناعة و ناظم كزار مدير الامن العام ومحمد محجوب الدوري عضو القيادة وزير التربية وراجي التكريتي " وحسين كامل حسن المجيد “وزير الصناعة والتصنيع العسكري وباني قوات الحرس الجمهوري الضاربة " من الاسباب الرئيسية التي أججت عدوانية الدول الاستعمارية المسعورة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية مشاركة العراق الفاعلة في حرب عام 1973 مع العدو الصهيوني المتمثل بدويلة اسرائيل والانتصار في حرب عام 1980 مع نظام " الحركة الشعوبية الخمينية “الإيرانية “" المصنوعة من قِبَل دول الاستعمار . و التطور العلمي والتقني والتوسع فيه والنجاح في انجازات البنية التحتية على عموم مساحة العراق وتوسيعها . حزب البعث العراقي خلط في منهجه الفكري والعملي بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي " القطاع المختلط " صدام حسين الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب البعث ورئيس للنظام قبل الاحتلال , كان يركز على المصلحة الاجتماعية الواسعة ويقلل الاهتمام بالمصلحة الفردية , مقلدا الفكر الشيوعي الاشتراكي في بعض جوانبه " حساب حزب البعث في المنظور الشيوعي حزب برجوازي صغير " . من الاخطاء الكبيرة التي ادت تداعياتها الى احتلال العراق وتدميره كنسيج اجتماعي وكمؤسسات مدنية وعسكرية وامنية هو خطئ " احتلال الكويت " الشرك الذي نُصِبَ للنظام بتخطيط ورسم من الدول الاستعمارية بزعامة الولايات المتحدة الاميركية اكبر الدول الاستعمارية الارهابية في العالم . اقدام النظام على الاحتلال جاء اثر استفزازه المستمر بالمجال النفطي والاقتصادي من الجانب الكويتي وبتحضير وتخطيط اميركي وبمعونة خليجية مصرية, يظهر ذلك " قلة حكمة قيادة النظام " في هذا الشأن . قامت الولايات المتحدة الاميركية ومجموعة من دول العالم بينها نسبة غير قليلة من الدول العربية التي كان للعراق فضلا عليها في يومٍ ما مثل مصر " حسني الخفيف " وسوريا . بدون موافقة الامم المتحدة ولا مجلس الامن فتم الاحتلال سنة 2003 فكانت الكارثة . واسباب ذلك تعود لما ذكرناه ونهج اميركيا العدواني الاجرامي اللا انساني في الاستحواذ على ثروات العراق النفطية وتأخير واعاقة نموه وتطوره و تنفيذاً للمنهج الصهيوني الاجرامي . وكما هو معلوم ان العراق من ابرز واكبر دول العالم في كمية احتياطه النفطي . وامكانية تصديره ورخص وانخفاض كلف انتاجه من هذه الثروة المتميزة عالميا . والحقيقة ان الوضع الذي ساد ويسود العراق بعد احتلاله وضع مأساوي لا شبيه له في العالم وفي حياة العراق والعراقيين فحواه الخراب والدماروالقتل والتخريب في كل شيء , ونشر كل السيئات الممكن بثها وتعميمها على العراق ظمن فلسفة ونهج اميركا واتباعها ومواليها , وممن تسييرهم الصهيونية العالمية " كمركز دولي عدواني أرهابي مجرم " لا امان لا استقرار تخريب كامل للبنية التحتية وتحت ذرائع شتى والمخطط والمنهج المعمول به مستمر على هذا المنوال تنفذه وتتعامل به الاحزاب والجهات والشخصيات التي تحكم العراق , الموالية والمدفوعة المسييرة من ايران الخبيثة وبرعاية واشراف الولايات المتحدة الاميركية .صنعوا داعش مثل ما صنعوا شبيهاتها في العالم لتنفيذ مخططهم هذا في الابادة الجماعية والتخريب الشامل للعراق وغيره في المنطقة . الدول العربية التي ساندت الولايات المتحدة واسرائيل وايران في التخطيط والتنفيذ للإطاحة بالنظام واحتلال العراق أخطأت خطئ شنيع بحق العراق وشعبه ونفسها وشعوبها . وأميركا بفعلها الاجرامي فقدت مصداقيتها وشرفها السياسي والعسكري وبرقعها ألإنساني المتهرئ  . . .
* الشعر : للشاعر ابو الطيّب المتنبي .
عبدالقادر ابو عيسى . كاتب ومحلل سياسي عراقي حر مستقل ..