المحرر موضوع: كسر ثقافة العيب شرط صحوة العقل  (زيارة 926 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
                           كسر ثقافة العيب
                           شرط صحوة العقل
                         عمانوئيل يونان الريكاني /عراق/استراليا
العيب والحرام والممنوع والمحظور كوكتيل من الكلمات  سجنت عقولنا في زجاجة ضيقة العنق يصعب الخروج منها وحبست افكارنا في قارورة صغيرة الفوهة يستحيل التحرر منها. وهي دمامل على جسد ثقافتنا وبقع في جسم مجتمعنا أفرزتها العادات والتقاليد اكثر مما هي دين وأخلاق ورثناها من الأباء والأجداد لا من نور العقل والعلم . لذلك العيب ومرادفاته ثقافة لا أنسانية ولا حضارية ولا عقلانية جائتنا من الأزمنة الغابرة حاملة جرثومة الأفكار الخاطئة والعادات السيئة التي تعجز عن بناء مجتمع سوي وتخفق في إقامة أمة سليمة معافاة .
أن تأصيل هذه الثقافة البالية والدفاع عن الوضع الأجتماعي القائم يقف عقبة أمام الأنفتاح على الغير والأستفادة من علومه وتجاربه وحضارته التي قطع فيها شوطاً كبيراً هذا هو احد أسباب الأنغلاق الفكري والأنسداد الثقافي .
ففي مجتمعاتنا الشرقية نولد حاملين معنا بصمة العيب التي ترافقنا من الصغر حتى الكبر ومن المهد الى اللحد.
عيب ان تأكل باليد اليسرى وعيب ان تلبسي كيت وكيت وعيب ان تركبي الدراجة وعيب ان تقودي السيارة فالعيب يحيط بِنَا من كل صوب وحدب ويحاصرنا  من كل مكان حتى الحب  لم يسلم من أنيابه هذه العاطفة النبيلة والمشاعر السامية التي يتغزل بها الشعراء ويتغنى بها المطربين وأفرغت الحبر من أقلام الكتاب والأدباء والفلاسفة في الشرق والغرب وفي كل شعب وأمة لهم عشاق خلدهم التاريخ يتحول عند عباد ح العيب رذيلة يجب تجنبها وفِي اضعف الايمان شيء لا قيمة له هكذا يتم تفريغ الزواج من عنصر الأنجذاب والحياة والديمومة. وعن الجنس حدث ولا حرج عيب من الدرجة الاولى هيهات الكلام فيه ليس مباشرة بل مجرد إيحاء حتى ينزل غضب الأهل عليك كالصاعقة ولو كانت فتاة الله يستر  فالأباء والأمهات يفضلون ان يكونوا ابنائهم جهلة بهذه الأمور كي يكسبوا رضاهم ضاربين بعرض الحائط مقولة لا حياء في العلم . فالأدب المزيف يسعدهم حتى لو كان مستقبل اولادهم على كف عفريت فالثقافة الجنسية السليمة ليست عيب مل مطلب حياتي للولد والبنت لأقامة علاقة زوجية صحيحة وناجحة .وفي ظل هذه الثقافة أيضاً عيب ان تبادر الزوجة وتطلب  من زوجها ان يعاشرها جنسياً  خوفاً من تسمع كلام جارح يطعن في أقدس ما فيها وكم مرأة نامت ورغباتها جائعة . تستحضرني هنا مقابلة من على قناة فضائية مع سيدة تطلب الطلاق لا اتذكر اسم البرنامج والسبب هو خمس سنين زوجها لم يعاشرها لسبب مجهول والكارثة أنها عيب ان تقول له وهكذا اجمل علاقة إنسانية تقدم ذبيحة على مذبح إله العيب.
والعيب الأخر الذي لا يقل خطورة عن أعلاه عدم طاعة الأبناء للأباء لا لأنهم عاق أو رغبة بالعصيان بل لاسباب تتعلق بمصالحهم الشخصية وتتعارض مع اهدافهم في الحياة حتى يتم رشقهم بناكري جميل واهله هم الذين أنجبوه  وربو ه وأنفقوا عليه حتى اصبح على ما هو عليه هذه الاسطوانة المشروخة نسمعها دوماً. نحن لا ننكر فضل الأهل فالحوار البناء هو أساس العلاقة الحقيقية وليس الطاعة العمياء نحن أبناء ولدنا أحراراً وليس عبيد وتابعين وخاضعينزشغلنا الشاغل دفع ديون الأهل من بنك الكرامة والكبرياء والعزة.
خلاصة الكلام أن هذا الأسلوب التربوي حيث العيب فيه سد منيع للعقل للأنطلاق نحو عالم أوسع وأرحب وأكثر أنسانية الذي يستمد مبادئه من العقل الجمعي السائد يساهم بشكل كبير في خلق الأزدواجية لدى الناس فكلما ارتفعت درجة حرارة العيب زادتنا فضولاً لأختراق كنهه والوقوف على أسراره كما يقول المثل كل ممنوع مرغوب هذا هو واقعنا لا ينكره إلا متكبر متبجح. وفِي ظل هذا النمط من الحياة تتحول عيوننا الى كاميرات مراقبة كما هي فعلاً للمشاهدة والترصد والنظر الى سلوك الأخرين بفارغ الصبر لعلهم يهدوننا زلة نقطع سمعتهم بها بسيف الملامة .هذا الذي يجعلنا نخاف من الناس اكثر من الله وأن نكون في كل وقت ولو ظاهرياً عند حسن ظنهم كي نتجنب الأكتواء بنارهم فنحن مجتمعات الكل يتكلم على الكل.