المحرر موضوع: زيارة إلى سجن الحرية  (زيارة 992 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 453
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
زيارة إلى سجن الحرية
« في: 08:09 07/12/2017 »
زيارة الى سجن الحرية
بقلم / سلوان ساكو
قمتُ في الأيام القليلة الماضية بزيارة أحد السجون الأسترالية الكبيرة في ولاية مالبورن، والذي كان عبارة عن سجن كبير جداً، يشغل مساحة كبيرة من الأرض والذي يقع في وسط ال City ، تحول مع مضيّ الوقت الى متحف يأمه الناس والزوار من جميع أنحاء الولايات ، لا بل حتى من دول اجنبية، يقفون مندهشين من  بناء هذا الصرح العملاق الذي يعود أنشائه إلى عام 1840.
السجن مقُسم بطبيعة الحال الى عدة طوابق، وكل طابق عدد كبير من الغرف الكبيرة والصغيرة،  وغرفة الحجز الأنفرادي، وطابق تحت الأرض ،طبعاً مغلق بوجه الزائرين، ولكن يوجد كوة متوسطة الحجم تطل على ذلك الطابق ينظر من خلالها الزائر. في أروقة السجن المترامية أخذني الفكر بعيدا، وصرتُ أفكر  كيف تحول مفهوم العقوبة والجزاء إلى مفهوم أكثر انساني في الغرب ، وظل كما هو عليه في الشرق لا بل اسوء، من تنكيل وضرب وإعدام واعتقال بدون تهمة من الأساس، والعراق اكبر دليل على ذلك ، (وفي مقال سابق قلت أن تنظيم الدولة الاسلامية داعش  لم يكن له أن يَرَى النور لولا الهروب الجماعي والكبير  لعُتاد زعماء الجماعات الاسلامية من سجن معسكر تاجي القريب من بغداد في زمن نوري المالكي).  وكيف تغيرت حزمة القوانين والضوابط من مواد تنص على الإعدام شنقاً إلى مواد أكثر انسجاماً مع روح الانسان وحتى تطلعاته إلى أن يكون صالحاً في نهاية الأمر. فبعدَ ما كانت عقوبة الإعدام في استراليا تنفذ بالمجرم وأمام الملاء ، تم ألغائها وتعديل الكثير من النصوص الجزائية والجنائية بحيث اتاحت للفرد كفرد حتى لو كانَ مذنب أن يقف موقف الدفاع من قضيته أمام المحكمة وهيئة المحلفين والادعاء العام. بمعنى أدق وجد المشرع الغربي  أن روح القانون لا يجب أن تغيب عن روح الانسانية، والتي تمثلت بهذا المُذنب الماثل أمامه في قفص الاتهام، وعلى هذه الأفكار تحولت السجون في الغرب ألى مراكز تأهيل وتدريب وتعليم يخرج منها المحكوم يتقن صنْعة. وهذا الامر لم يحصل بين ليلة وضحاها بل مرَّ  بتعديلات  ومتغيرات كثيرة اعطته الصورة  التي هو عليه الان، وهذه الصور  أستُمدت من نبع مفكرين كبار  وفلاسفة العقد الاجتماعي، الذين أغنو المجتمع بالحق والخير والعدالة، والتي هي في نهاية المطاف تجليات إنسانية يتوق إليه الفرد الحر، الفرد الحقيقي، وليس ذلك المزيَّف.