المحرر موضوع: فدرالية تحت الاحتلال ولا فناء في ظل الاستبداد  (زيارة 824 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فدرالية تحت الاحتلال ولا فناء في ظل الاستبداد     
                                                                       
                                                               
صلاح بدر الدين
       
       العشرات بل المئات من شعوب التحرر الوطني في مختلف قارات وأصقاع كوكبنا ومنذ سنوات القرنين التاسع عشر والعشرين وبعد أن كانت في عداد المستعمرات وأشكال الاحتلال العسكري والهيمنة الاقتصادية من جانب ( المتروبولات ) نالت الاستقلال الشكلي ثم الكامل وتمتعت بحرية تقرير مصيرها بعد اجتياز مراحل شهدت أعمال عنف وانتفاضات ومواجهات دامية وانتهت بانسحاب الأجنبي مع جيوشه واداراته ومناسبة هذه التوطئة هو اقتراح المحتل الروسي ضمن وثيقة رسمية منشورة طرحت في الاجتماعات الأولية – بأستانة – يقضي بعقد مؤتمر شعوب سوريا في – سوتشي - ومشاركة كل الجماعات العرقية والدينية مع ممثلي الحكومة وفصائل المعارضة يقر فيه دستور سوريا الجديد مرورا بالانتخابات .
    حتى لو جاء هذا المقترح من جانب طرف محتل لبلادنا عادى ثورتنا ومارس القتل والتدمير تجاه شعبنا ووقف الى جانب نظام الاستبداد بكل الوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية مثل أي مستعمر في التاريخ وكان سببا في عدم سقوطه النهائي فان مقترحه المكتوب لايخلو من الواقعية ومن حظوظ النجاح في وقف اراقة الدماء وتحقيق المصالحة وحصول كل صاحب حق على مايسعى اليه اذا ماتم تنفيذه على أرض الواقع بحيث يكون القرار النهائي والفاصل لممثلي الشعب السوري بكل أطيافه وأقوامه وأعراقه وألوانه الدينية والمذهبية ولاشك أن جانبا من نصوص المقترح يحمل الجزء الناصع من تراث التجربة الاشتراكية في مسألة القوميات وحقوقها وخصوصا حول الاعتراف بوجودها وتشخيص هوياتها وقبول مبدأ حق تقرير مصيرها في أطر دستورية وحقوقية وادارية تبدأ بالاستقلال مرورا بالفدرالية والحكم الذاتي واللامركزية وانتهاء باالدوائر القومية .
  ماهو مقترح ومطروح من جانب المحتل الروسي لايعود الفضل فيه الى الطغمة الحاكمة في موسكو بل هو ثمن دماء شهداء وتضحيات شعبنا فهو بكل آلته العسكرية لن يتمكن من البقاء محتلا الى الأبدحيث سيكون السورييون له بالمرصاد ان لم يكن اليوم فغدا أو بعد حين  ومن مصلحته الانسحاب بأسرع وقت ثم أنه من الصعوبة بمكان أن ينال هذا المحتل ثقة وغفران السوريين ولن يأتمن الى وعوده ومشاريعه ومقترحاته الا عندما أن تتحول الصيغ والوعود الى أفعال .
  ليس هناك من عاقل يمكنه تجاهل حقيقة أن لعنة الدكتاتورية والاستبداد والشوفينية العنصرية والطائفية في بلادنا وماأنتجت من كوارث وجرائم ضد الانسانية وانقسامات ومواجهات وصولا الى مايشبه الحرب الأهلية ليست بنت اليوم بل نمت نواتها الأولى عندما تم تسطير الأحرف الأولى لبيان المؤتمر السوري الأول في عشرينات القرن الماضي وصياغات مشاريع الدساتير التي وضعها الوطنييون السورييون ماقبل الاستقلال والتي اعتمدت في عهود الحكومات الأولى في ظل الاستقلال الى يومنا هذا والتي حملت خطيئة تاريخية لاتغتفر وهي تجاهل واقع المجتمع السوري المتعدد الأقوام بحيث خلت الدساتير من الاقرار بوجود شعوب وقوميات أخرى غير العرب ومن تحصيل حاصل تجاهل حقوقها ناهيك عن الأثنيات والأديان والمذاهب التي تزين التنوع السوري في مختلف المناطق .
 ومن جهة أخرى فان الأسباب الرئيسية للصراع في بلادنا وفي معظم بلدان الشرق الأوسط وتحديدا في بلدان ثورات الربيع وسوريا من ضمنها تتعلق بقضايا حرية وكرامة الانسان وحقوق الفرد والجماعة القومية والدينية والمذهبية الذين عانوا جميعا الحرمان والتجاهل والقمع وارهاب الدولة بأشكالها الحزبية الآيديولوجية والقومية الشوفينية والطائفية أو لم تكشف ثورات الربيع حقيقة تعددية العديد من البلدان التي كانت تبدو بسيطة في حين كانت مركبة من أقوام أصبحت في طي النسيان وهدفا لتمثلية القومية السائدة وقد يعود الفضل الى تلك الثورات في اعادة الاعتبار لتلك المكونات وجودا وحقوقا من الكرد والتركمان وغيرهما في سوريا والأمازيغ في بلدان شمال افريقيا .
 ومن خلال الحكومات والأنظمة المتعاقبة على سوريا وخصوصا في عهد حكم البعث وفي ظل فقدان أي رادع دستوري وقانوني ناهيك عن الأخلاقي فقد تعرضت القوميات والأثنيات غير العربية خاصة الكرد الى التنكيل وطالت محاولات تغيير التركيب القومي والاجتماعي مناطقهم عبر مخططات التعريب والتهجير القسري والحرمان من حق المواطنة والتملك والتعليم وكانت تلك السلطات الحاكمة تستخدم النزعة العنصرية والمغالاة القومية اللفظية في صب جام غضبها على الكرد وغيرهم في بعض الأحيان للمزايدة من أجل التشبث في الحكم والتستر على طبائعها الطائفية .
  نعم كلنا بمختلف هوياتنا ننتمي الى الشعب السوري وهو الجامع الوطني العام الذي يحمل في طياته أقواما وأطيافا وألوانا تدل كلها الى الغنى والتنوع وفي أي دستور قادم لسوريا الجديدة من خلال ارادة سورية أو عبر المحتل الروسي يجب أن يقر بهذه الحقيقة ويحدد الحقوق بحسب ارادة الأقوام والمكونات وفي اطار البلد الواحد ويضمنها ثم يقدم تعريفا للمواطنية الحقة المتساوية التي تضم الجميع شركاء متكافلين متكاملين متضامنين متكافئين وعلى الجميع أن يعلموا أن سوريا بحدودها الراهنة ومكوناتها الحالية تشكلت ليس بارادتنا بل بقرارات دولية وحسب اتفاقيات ومعاهدات آخرها سايكس – بيكو ولذلك ليس من حق أي مكون أن يفرض ارادته دون الآخرين ونحن جميعا أحوج مانكون الى نوع من التوافقية حول عقد اجتماعي عادل لارساء قاعدة العيش المشترك بوئام .
  كل الدلائل تشير أن – سوتشي – ستكون نهاية المطاف خصوصا بعد ملاحظة تلكؤ عملية – جنيف – 8 وتأكيد ذلك من جانب – بوتين – " الذي أعلن عن ولاية رابعة "  في تصريح أخير : حيث دعا ( كل الأطراف، الحكومة السورية وبلدان المنطقة والأمم المتحدة، إلى بدء مرحلة جديدة، في العملية السياسية وأن بداية هذه العملية كما اتفقنا مع الرئيسين الإيراني والتركي ستكون بعقد مؤتمر شعوب سورية وزاد أن المهم البدء بالتحضير لإقرار دستور جديد، وبعد ذلك، وبالتوازي مع تقدم العملية السياسية، يمكن الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وأن هذا المسار طويل، ونقطة بدايته يجب أن تكون في تثبيت وقف النار ومناطق خفض التوتر ووقف سفك الدماء في سورية) .