المحرر موضوع: المثابر الذي يجدل ضفائر في الادب والصحافة والفن حوار مع الاعلامي عادل دنو  (زيارة 2724 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المثابر الذي يجدل ضفائر في الادب والصحافة والفن
حوار مع الاعلامي عادل دنو

عنكاوا دوت كوم/ابلحد اسطيفو- سيدني /خاص
عرفته في مدينة الموصل شهدته يعتلي خشبة مسارح لتأدية ادوار في مسرحيات يقدمها مع زملائه بين حين وآخر في مناسبات عديدة. ثم رغب الدراسة في معهد الفنون الجميلة في بغداد ولكن ممانعة اهله وظروف الفقر تأجل تنفيذ هذه الرغبة حتى انسل بعد الثانوية الى بغداد ليدرس المسرح في اكاديمية الفنون الجميلة. وبدأ يختلط بخجل بالادباء في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين وفي الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية. ثم جمعية آشور بانيبال الثقافية التي فيها امضينا احلى الايام اذ ومع مجموعة طيبة من الشباب الغيارى بروح الفريق الواحد في كرم لغتنا العزيزة.  وبرز الاستاذ عادل دنو في المسرح كما في الشعر والقصة القصيرة وكان جلّ اهتمامه ان يقدم مسرحا متطورا يساهم في اعلاء شأن المسرح السرياني والذي كان يفتقر الى جملة مقدمات.  وهناك في جمعية آشور بانيبال اختمرت لدى بعض الزملاء فكرة تأسيس فرقة مسرحية تعنى بالمسرح السرياني. فكان من المؤسسين لفرقة مسرح شيرا ورسميا اجيزت باسم ثلاثة فناننا لانه كان يحمل بكالوريوس مسرح وفريد حنا الذي كان يحمل ايضا بكالوريوس تلفزيون وهيثم ابونا الذي كان مايزال يدرس في كلية الفنون الجميلة قسم السينما. وقدمت الفرقة اعمالا مسرحية ساهمت في تطوير المسرح السرياني.

ان الاستاذ عادل متعدد المواهب فهو شاعر وقريحته تفيض بصور شعرية جميلة، يمتلك شاعرية جذابة وأصالة استخدام المفردة الشعرية. وله حضوره المميز اذ برز بشكل لافت في المهرجانات الثقافية والاماسي الشعرية.. وهو قاص خاض غمار هذه التجربة الادبية بنجاح وقصصه تلقى الاعجاب من قرائها.
انه كذلك مخرج وممثل نال استحسان الجمهور في العديد من الاعمال المسرحية. كما انه مترجم ماهر فهو يتقن الفرنسية وان آخر ترجماته هو الجزئين الاولين من الكتاب القيم الضخم " آثور المسيحية" للمؤرخ المستشرق جان فييّ والذي يبلغ تقريبا تسعمائة صفحة.
وهو كاتب مثابر، يخطو خطوات ثابتة، يجدل في بقاع الادب والصحافة والفن، كتب في الصحف والمجلات والصفحات والمواقع الثقافية ولا يزال قلمه ينتج ويبدع.
واذ اني اقدم لكم اعزائي القراء هذا المبدع، سنلقي الضوء على نتاجاته ومنشوراته الكثيرة والمتنوعة الثقافية والادبية والفنية واما عن نشاطاته فهي كثيرة وتشهد عليها الموصل وبغداد وسيدني دوره فيها فاعلا ومؤثر سواء في المشهد الثقافي والفني أو التأليف والترجمة والنشر رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها.
فما قصة ضيفنا! اننا نحاول أن نتعرف عليه وعلى مسيرته مع القلم وخاصة وهو اليوم في سيدني استراليا يحمل آهات الغربة فشكرناه مقدما على قبوله ان نتوقف معا في مجلتنا " ... " عند محطات كثيرة في رحلته.

لديك مشاركات كثيرة تاليفا واخراجا وتمثيلا لعدة مسرحيات . كيف تقيم اعمالك وكذلك مناخ العمل. هل هناك تجاوب لدى المشاهد؟
نلت شهادة في المسرح في العراق، ولكن ظروف الحرب حالت بيني وبين ممارسة اختصاصي كوظيفة او بابا للرزق لذا عملت في مجالات اخرى. ولكوني كنت مهووسا بلغتنا السريانية فقد انحصرت اغلب اعمالي الفنية بهذه اللغة لان لي اعتقاد راسخ اذا كانت لدي موهبة فعلي ان افيد بها مجتمعي لأنه من العبث ان تنتظر غيرك أو تتأمل منه العمل فيما تبغي الخوض فيه. ولا شك انكم تعرفون ان نشاطاتنا بشكل عام ازدهرت في الكنائس والأندية وكان المسرح احد اهم ما يقبل اليه الجمهور. اعتبر مساهماتي المسرحية قليلة بسبب الظروف التي عشنا فيها وكانت تفتقر الى جهة انتاج قوية وعادة ما كنا نستخدم تجهيزات ومعدات فنية بسيطة نصنعها بأنفسنا في الغالب ونصمم ونبني الديكور بايدينا ولجأنا كثيرا الى الرمزية في الديكور ومستلزمات العرض لكيما نختصر النفقات التي كانت لا تعوض ابدا. ومن جهة ثانية المناخات التي كنا نعمل فيها كانت حساسة وهناك مراقبة باستمرار لذا يطغو التخوف على العمل باكمله.
ولكن كل ما كانت العوائق تكثر كلما كان يندفع كادر العمل الذين عملت معهم بجهد أكبر لأننا كنا نحس ان الجمهور سيحب العمل وسيتمتع به.
اذكر عملنا في مسرحيات مثل الموظف البخيل واوبريت الراعي الجديد ومسرحية القيامة ومسرحية الميلاد بشكل خاص في كنيسة مريم العذراء في الموصل. ومسرحية حكمة الاطفال التي قدمناها في نادي بين النهرين – لجماعة الاعضاء الموظفين في الموصل.  كنا نمثل ايضا ونحن مستمتعين بالعمل. وفي معهد مار يوحنا الحبيب في منطقة الساعة الفت ومثلت في عدة مسرحيات منها الرسالات، حياة قديس، والعديد من المشاهد الهزلية والمفاجئات. غالبا ما كنا نؤلف أو نعد المسرحيات ونخرجها ايضا.
وعملت كممثل مع الاستاذ القدير المخرج عميد المسرح الموصلي شفاء العمري في فرقة جامعة الموصل في مسرحية المؤلف والبطل.
 اما في بغداد فقدمت كممثل ومخرج مسرحية الدب لتشكيوف، ومسرحية صباح مشرق للاخوان كونتيرو اخراجا وتمثيلا ايضا كأعمال طلابية في اكاديمية الفنون الجميلة – بغداد. كذلك مثلت فصلا من مسرحية أدويب ملكا، وفصلا من مسرحية يوليوس قيصر كمتطلبات دراسية.
كانت هذه الاعمال طبعا بالعربية. وما ان تخرجنا حتى تلقفتنا الخدمة العسكرية ومضت تنخر في عمرنا لتطفيء جذوة حماستنا. وبعد أن وضعت الحرب الطويلة اوزارها بدأنا نلملم تشظينا واقترح زميلنا يوسيفوس عمانوئيل سركيس نصا مسرحيا ترجمه من العربية واتفقنا على اعداده وسرينته بعنوان طألتا دشليمون اي لعبة شليمون وقدمتها فرقة مسرح شيرا على مسرح بغداد لمدة تسعة وعشرين يوما على التوالي وكانت بحق ربما اول مسرحية سريانية تعمر هكذا وكنت في هذه المسرحية معدا مشاركا ومساعدا للمخرج وممثلا ومديرا للمسرح ومحاسبا وعاملا للديكور عملنا في كل مكان كان بحاجة الى عامل للاستمرار في التدريبات واكمال مستلزمات الانتاج. وشاركت ممثلا في اوبريت شيرا عام 1993 من اخراج فريد عقراوي ومثلت في مسرحية العقد 1994 واخراج ماجد الاميري وكلاهما من تاليف سعيد شامايا وقدمت الاخيرة في مهرجان المسرح العربي في بغداد. كما الفت واخرجت ومثلت في مسرحية برزونا التي قدمت في جمعية آشور بانيبال في بغداد.

كنتم من الناشطين في المسرح السرياني ترى ما هي المعوقات او الملاحظات التي تدونها لتنشيط المسرح السرياني؟
بصراحة اننا شعب يحب الحياة ويحب الفرح والمرح ولدينا قابليات رائعة في جميع الفنون، ومنها الفنون المسرحية. لكن المعوقات التي تقف حائلا بين هؤلاء الموهوبين وتنفيذ مطامحهم كثيرة، منها اننا نفتقر الى الدعم المادي من جهة ما سواء رسمية او غير رسمية. المسرح في كل البلدان النامية تدعمه الحكومات والمسرح في العادة استهلاكي، اما في البلدان الغربية فان الناس تحب الفنون وتطلبه عوائل تقضي اماسيها في المسارح وهو ما لا يوجد عندنا. ولعل مرد ذلك الافتقار الى مكان خاص يتم التدريب فيه ويقدم العمل فيه ويكون تحت تصرفك في تحديد ايام العرض. فيما يكون العرض في الغالب عدة ايام لا تتعدى الخمسة والسبب ان المكان مشغول او ان الامكانيات لا تسمح باطالة ايام العرض او انصراف الجمهور الى الحفلات اكثر من المسرح. المسرح فيه جهد ويأخذ وقتا وقد تمتد التحضيرات الى اشهر. وكما ذكرت في عدة مناسبات اننا نفتقر الى المؤسساتية في كل مناحي الحياة ومنها الفنون والمسرح فلو كانت هناك مؤسسة ترعى هذا الجانب لما بخل علينا الفنان الكبير سامي ياقو بمسرحياته الرائعة وغيره الكثير.
  هل هناك نصوص مسرحية جيدة. اعني هل هناك كتاب مسرح في ساحتنا الثقافية؟
انقسمت النصوص المسرحية ما بين دينية واجتماعية. وهناك نصوص جيدة فيها كل مقومات العمل الجيد وهناك ما كتب لمجرد الفكاهة وينتهي في العادة بانتهاء العرض. وزخرت الساحة المسرحية بعدد من الكتاب بالسريانية  يوسف نمرود، كوريال شمعون، جلال يلدكو، يوسيفوس عمانوئيل، سعيد شامايا، موفق ساوا، جمال لاسو، طلال وديع، نوئيل قيا بلو وكذلك القس اسطيفان كجو، وديع كجو، ابراهيم يوحانا، جبرائيل بابلا، ولبرون سيمون وساهمت بدوري في الكتابة للمسرح ومن الجدير بالذكر ان الفنان سامي ياقو يأتي في المقدمة.
وهناك ايضا الشاعر شاكر سيفو ساهم في التأليف للمسرح والفنان جوزيف الفارس وابراهيم يلدا واعتذر ان كنت قد نسيت اسماء اخرى. 
عملتم مديرا لتلفزيون آشور. ماذا قدمتم للقناة؟ وما هي المهام التي انجزتموها؟
بدأت العمل عندما كان التلفزيون في طور التشكيل كقناة ارضية في بغداد والامكانيات محدودة وعدد العاملين كان لا يتجاوز العشرة. انجزنا البث وكان اعتمادنا على ارشيف محطات اربيل ودهوك وما يتم رصده من فضائيات في تلك الفترة ثم خططنا ان يكون التلفزيون وطنيا يستقطب المتفرج أولا بعيدا عن كل الاعتبارات التي انشقت الحياة في العراق عليها، ثم انزلنا التلفزيون الى الشارع لنقل مشاعر وافكار المشاهد نفسه. ثم عكفنا على ايجاد السبل الكفيلة بانتاج ساعات اضافية من كادر المحطة نفسه وانتاج برامج اسبوعية منتظمة ثم منفتحة على تنوع المجتمع العراقي.. فقد صام التلفزيون رمضان واحتفل  باعياد ميلاد يسوع المسيح له المجد.. وشارك كل فئات الشعب افراحه واتراحه. وبحسب استفتاء قامت به مؤسسة عراقية كان تلفزيون آشور بامكاناته الفقيرة ذا شعبية مساوية للعراقية عام 2004. نقلنا همومنا الى رئيس واعلاميي لبنان في مؤتمرات اعلامية وتلفزيون نور سات وطرحنا وجهة نظرنا امام اعلاميي الاردن واساتذة جامعاتها في دورة للبي بي سي. أما شخصيا فقد اعددت عددا من البرامج وكتبت افلاما وثائقية عن حضارتنا وعن بعض قرانا.   

الجانب الادبي
ماذا قدم عادل دنو للشعر السرياني. وما القصيدة التي تعتز بها؟
شكرا لكم لاتاحة فرصة للحديث عن جوانب اشتغالية في الحياة وعن اشتغالات حياتية مهمة منها الشعر. فالشعر تخريج لما تعلمته في الحياة ونقله الى الآخرين بصورة ملتقطة بشكل جميل وجذاب. وما قدمت للشعر السرياني هو رافد صغير يصب في بحر الشعر السرياني فكلما اختض القلب بخفقة دم حانية أو اعتصر اللب بخفقة مؤسية تخرج قصيدة. واترك للمختصين في المستقبل ان يدلوا بآرائهم ويشخصوا اخفاقي او تميزي أو قل لينقدوا نتاجاتي لاطلع انا ايضا معك واتعرف الى ما قدمته إن كان مستحقا ان يدرج في خانة الادب السرياني.
أما من ناحية اعتزازي بقصيدة ما في الحقيقة لم افكر ولم أشعر في يوم ما انني افضّل قصيدة من قصائدي على اخرى، والواقع ان اعتزازي يبدأ بكل قصيدة حال ولادتها ثم اسعد بها لأنها باسمي. وآخر قصيدة كتبتها كانت اعلان حبي لمعشوقتي شعرا نشرتها في موقع خابور كوم في تموز الماضي كان عنوانها " بًعِن لكٌي كما داَمرَةي!" بائنخ كما دامرت!" يمكن ان تعتبرها الوليدة الجديدة والتي ما زالت بجانب القلب الان وستأخذ مكانها بين اخواتها القصائد الاخرى حال ولادة قصيدة جديدة وهكذا.   
نثرك يشبه الشعر. هل تعتقد بأن النثر الجميل المغموس في سحر الشعر قد يكون اشد تأثيرا في النفس في بعض الاحيان؟
  في بعض الاحيان ، ! نعم. ان القارئ الذي يختارك لكي يقرأ لك.لا بد ان شيئا من الانجذاب والاعجاب دفعه الى ذلك.. فعليك بالمقابل ان ترد له الجميل ولا تخيب امله بأن يقرأ لك سهلا ممتنعا وجميلا ممتعا سواء أكان شعرا أو نثرا. وبما أن النثر له خصائصه وامكانات التعبير به اسهل واكثر استخداما فإنه لا يتطلب الكثير من التأني من الكاتب وخاصة في عصر السرعة في التعبير لمواكبة الصحافة والمواقع الالكترونية العصرية. فيما يخصني لغتي جيدة اكتب بطريقة واحدة قد يرقى نثري الى شعري وقد يرقى شعري الى نثري مع الاعتبار لحرية الاسهاب في النثر وتراتبية الانتقالات في الافكار ورقي الاسلوب اولا واخيرا يتحدد من خلال انطباعات القراء.. لكن المهم عندي حال اكتمال المخاض الفكري ان تلبس بالاسلوب الرصين السهل.         
اين موقعكم في المشهد الثقافي الحالي. لماذا انتم بمعزل عن بعض الصفحات الثقافية او بعض الانشطة؟
المشهد الثقافي في سيدني ليس واضحا بما فيه الكفاية منذ وصولي ولحد الان .. اعتقد ان الساحة مكتظة بالاقلام حد التخمة، فكثير من المثقفين انهوا رحلة الغربة في استراليا ولكن المشهد لا يقتصر على الصفحات المطبوعة بل يتعداها الى الصفحات الالكترونية والمواقع المختلفة الطاغية والعابرة للقارات. قد اكون غائبا عن صفحات الصحف في استراليا لاعتبارات لن اخوض فيها الا انني لست غائبا عن الفعاليات الثقافية الاخرى وان كانت ندرتها تعود الى طبيعة مجتمعنا نفسه ورمادية ثقافتنا. الفعاليات قليلة في المشهد نسبة الى حجم جاليتنا حسب علمي وليست الالوان هي الغائبة عن الفعاليات.
ان محطة مثل سيدني فيها عشرات لا بل مئات الكوادر والكفاءات في مختلف الفنون والانشطة الثقافية ولكنها تفتقر الى المغناطيس الذي يجمعها لتشكيل المشهد الثقافي. وفي مخيلتي، وللاسف الشديد لم ازل اسعى الى تحقيق البعض منها، افكار ومخططات تفيد في تشكيل هذا المشهد ويدي ممدودة لمصافحة من يحب الفعل لا القول. وبامكاناتي المتواضعة وبخبرات الاقدم مني وجوده يمكننا رسم المشهد المسرحي والادبي والفني وغيره.
كتبتم وشاركتم بالقاء قصائد شعرية ولانني من المتتبعين للانشطة الثقافية لاحظت انك تخليت عن الشعر العمودي الكلاسيكي واستخدمتم الرموز والحداثة في قصائدكم؟
الحقيقة نادرا ما كتبت عموديا اي الشعر العمودي.. صحيح للشعر العمودي الكلاسيكي مذاقه ولكنه يختلف عن العمودي العربي مثلا فما كتبه مار افرام ومار نرساي وغيره الكثير يختلف كليا عما كتبه امرؤ القيس وعنترة والمتنبي. نحن وأقصد ثقافتنا بحاجة الى تكثيف الانتاج بكل اشكاله فمتجرنا فارغ وارضنا قفرة فنحن بحاجة الى اصدارات ونتاجات وتسهيل ايصالها لذا اني اؤمن ان ايصال الكلمة بالوسائل المتاحة اولا وثانيا باسلوب سهل وسلس ينقل معنى ما الى المتلقي هو الجوهر، لذا فاني لن اختار القوالب الموضوعة في زمانها لأسباب ربما تقليدا ادبيا او لأن الشعر كان يغنى او اية اسباب اخرى. واليوم اجتاحت العالم  تغيرات حتى في الشعر واحدثت ثورة في تقنيات الكتابة وظهرت مدارس تفكك حتى الكلمة وتبحث ما وراء المعنى والتركيب  اللغوي وغيرها. وهناك الشيء الآخر الذي فيّ مثلما وُجد في روح هذا العصر التوجه الى التحرر والشعر هو شعر مثلما الشمعة هي شمعة صنعوها قديما بلا قوالب او قيود ويمكن كذلك اليوم، وتفتق ذهن البعض ليصنع بها قوالب ويضيف اليها الوان ولكن زادت من العمل في الشكل اكثر مما اضافت للشمعة شيئا جوهريا آخر.
هكذا افهم الحداثة والترميز الشعري انهما متوفران في الشعر الكلاسيكي والحديث ويتباين من شاعر الى اخر بل ومن قصيدة الى اخرى.
هل تحدثنا عن القصيدة السريانية الحديثة لكونكم من الشعراء المحدثين مع كوكبة اخرى من زملائك عملتم على تحديث القصيدة الشعرية . كيف تقييمون تجربتكم؟
في الواقع انا لا اريد التجاوز على اختصاصات الباحثين والنقاد ولكن بشكل عام القصيدة السريانية الحديثة اسوة بمثيلاتها في اللغات الاخرى متحررة من الشكل ومن القافية وحرة في الوزن وتشتغل على جميع موضوعات الحياة. ولا استطيع ان اميز نفسي على انني اضفت شيئا في تحديث القصيدة مثلا. انا كغيري  ساهمت في كتابة ما أحسست انه نبضات وخلجات وانفعالات وتمخضات فكرية تولدت هنا وهناك في عهد عهر الحياة وفي عصر تكتم على انفاس الاحرار وسرق حضارة امي وابي وكنت احد الذين يبطنون فكرهم برمزية ورؤى شخصية ولكنها معبرة عن الهم الجمعي لذا تمكنا مع كتاب اخرين لهم مكانة وشجاعة ان نقف وراء المايكروفونات ونلقي قصائدنا في مهرجانات ثقافية للجمهور الذي رأى في اغلب قصائد الشعراء نفسه وهمومهكما نشرت شعري في صحف ومجلات هنا وهناك. فجماعة نهضة الادب السرياني ان صح التعبير في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي اضافوا الكثيرالى الادب وخاصة الشعر السرياني واضفت كما زملائي الى تحديث القصيدة  شكلا ومضمونا. هذه خلاصة تجربتي في هذا الجانب لي اسلوبي وتعابيري وتفكيري ولاني ولدت في نينوى الموصل فأنها تنعكس في قصائدي كلما هبت عليها رياح صفراء فهي تأريخ وحضارة وقلب بلدي وبلد قلبي. آخر ما اقوله لك أنا كاتب عصرته الايام وتجربته لم تنته وانا موقن انني سأظل اكتب حتى تنضح آخر كلمة من لساني.
حدثنا عن بعض المواقع الثقافية التي عملت فيها وكذلك الشعراء الذين عملت وتأثرت بهم؟
عملت في كنائس متعددة واسهمت في الجانب الثقافي بشكل خاص اضافة الى الجانب الخدمي، ففي كنيسة مريم العذراء في الموصل اصدرنا نشرة ثقافية امتدت الى السنوات الاخيرة وعملنا على ترتيب اول مهرجان شعري ديني واقمنا معرضا للكتاب ومعرضا للخط السرياني ومسابقة للقصة القصيرة الدينية. اضافة الى عرض الافلام والمسرحيات في مناسبات كثيرة كما أشرفت على فريق كرة القدم في الكنيسة. وقبل كل شئ تنشئة الاجيال وتثقيفهم دينيا من خلال التثقيف المسيحي وتعليم اللغة السريانية.
وفي بغداد تنوعت مشاركاتي في تعليم اللغتين السريانية والفرنسية في كنيسة مار توما الرسول وفي الدورة الثقافية في دير مار انطونيوس في منطقة الدورة واشرفت على اقامة فعاليات ثقافية ومسرحيات حيث اخرجت مسرحية "الضائعة" قدمت في كنيسة مار توما الرسول. وكذلك عملت على تأسيس مجلة ربنوثا ونشرة صوت المحبة في كاريتاس العراق بالمشاركة مع الاخ نياز ساكا الذي سيم كاهنا قبل ايام في كندا. وكذلك تنظيم دورة طقسية للشمامسة في بغداد ومهرجان الرهبانية الانطونية الهرمزدية الثقافي. وكتبت فيلما وثائقيا عن الرهبانية بعنوان "نبض المشرق" الذي اخرجه فريد العقراوي.
وفي جمعية آشور بانيبال ساهمت على تنفيذ مقترحات الجلسة الثقافية ثم الاماسي الثقافية والمهرجانات والمسرحيات على مدى سنوات كثيرة وخاصة منذ استلامي مهام رئيس الهيئة الادارية 1994 كما شاركت بنفسي في القاء القصائد واصدار النشرات المرافقة لمعظم الفعاليات الثقافية والفنية. 
وكنت فخورا ان اعمل مع شعرائنا يونان الهوزي، بنيامين حداد ، نزار الديراني، نمرود صليوة، اديب كوكا، شاكر سيفو، بشير الطوري، سمير ميخا، عوديشو ملكو، يوخنا دانيال، الياس متي، روبن بيث شمويل، عوديشو سادة وآخرين.   

في مجال القصة القصيرة اضافة الى المجموعتين اللتين اصدرتهما نقرأ لك في المجلات وبعض المواقع قصصا جميلة  كيف تقيمون القصة السريانية؟
اعتقد ان اكثر ما كتب بالسريانية هي القصة وكان لها تميز فمجلدات سير القديسين والشهداء والطوباويين التي وردتنا بالسريانية هي قصص سير كبار الرهبان وبعض البطاركة والاساقفة هي قصص. ولنا ادب قصصي يمكن تصنيفه دنيويا وكتبه سريان مسيحيين متميز واشتهرت على سبيل المثال قصة احيقار الحكيم التي هي قطعة من التراث الادبي، وقصة ابجر الملك، ولبرديصان قصة كتبها عن ابن ملك يحكي قصته بطريقة انشادية، وقصة اهل الكهف أو النائمون السبعة، وقصة مغارة الكنوزوغيرها الكثير. أما في العصر الحديث أظن ان الميدان انفتح وعادت القصة السريانية الى الاشراق من جديد. وظهر كتاب رائعون أمثال دانيال توما، بنيامين يوسف كندالو، كورش بنيامين، اشعيا شماشا داود، كيوركيس أغاسي، ميشائيل لعازر يوئيل ابراهيم بابا، يوأرش قشيشا اوراهم، وتلاهم يونان الهوزي، روبن بيث شمويل، وليم دانيل، كيوركيس نباتي وعوديشو ملكو.
هناك وعي بأهمية هذا الفن وانطلاقة لكتابة قصة قصيرة وروايات على درجة عالية من النضج الفني وهذا يبشر بمستقبل رائع لهذا الادب.
في ظل جهل الغالبية من أبناء شعبنا القراءة والكتابة بلغتنا الام. ما هو دور مثقفينا او مهمتهم امام الجيل الصاعد وخاصة ابناء المهجر والذين يخشى ان تتلاشى اللغة من شفاههم؟
التساؤل والتخوف مشروع.. ولكن لو نظرنا الى التاريخ لوجدنا اننا كنا مضطهدين منذ الفي عام تقريبا بل اننا كنا مهجرين في وطننا ومحاصرين في بلدنا.. لم نمتلك وسيلة تنقل المعرفة الى الاجيال اللاحقة سواء المدرسة التي تأتي بالمرتبة الاولى والتي  تلائم كل الاجيال منذ ما قبل الميلاد وحتى انقضاء الدهر.. واقتصرت على نشاط الكنيسة التي استطاعت ان تحافظ على فعلها المؤسساتي الذي يتفرقع اليوم بسبب تفكك الهرمية وانتشار المشيخية. وافتقرنا الى اعلام حتى السنوات الاخيرة، صحف مجلات اذاعات تلفزيونات، نحن شعب حي ما ان تضيق بنا الدنيا حتى نؤسس مدرسة في كنيسة او دير وكل اب في البيت مدرسة وكل ام في البيت مدرسة لذا فان اجيالنا تلقوا التعليم بشكل غير رسمي. ولكن اللغة بقيت واطفالي واطفالك يتحدثون بها .. اننا ما زلنا بخير حتى اللحظة.. انظر الى العراق اليوم التعليم باللغة السريانية وصل الى المرحلة الجامعية.. المؤسسات الثقافية والفنية تشكلت وعدد الذين يقرأون ويكتبون بهذه اللغة في تزايد. وما نحتاجه هو دعم هذه المؤسسات وتفريخها في الخارج وفي الداخل وانشاء مكتبة للطفل مطبوعة ومرئية ومسموعة. وهناك محاولات جادة تستحق كل التقدير والاحترام ولكنها تبقى فردية تحتاج الى دعمنا.. التقيت في مالبورن سيدة عظيمة تعمل في مكتبة تعلم الاطفال مفاهيم حياتية عن طريق اغاني شيقة وجميلة ووتحكي للأطفال بلغة رائعة قصصا معتمدة من جهات تربوية استرالية.. شكت لي انشغال الاهالي وعدم جلبهم لأطفالهم الى اللقاءات مرة واحدة في الاسبوع..
هناك قصور في الشعور القومي أو الانتماء الى هويتنا على نحو أصح اننا نحمل هوية لا تدل علينا.. لسنا جاهلين باللغة لكننا اميين نتحدث بلغة لا نعرف ان نكتب بها او نقرأها.. ولا نشجع الاخرين على تعلمها.. مثلما يفعل المئات ما ان يسمع بفتح دورة او صف لتعليم اللغة حتى يهرع للتسجيل.. هذا سيمتلك شعورا وهوية يستطيع ان يعتز بها. الذي افتقدناه هو انكفاء اللغة وعدم تطورها مثل تطور باقي اللغات.. افتقدنا تراثنا.. افتقدنا فننا، ثقافتنا، ومميزات اخرى  غيرها.
انك من ضمن الفريق الذي حاول تفعيل اللغة وجعلها مواكبة للتقدم الحضاري الحالي من خلال تصقيلها وتبسيطها كتابة شعرا ونثرا. هل انكم مقتنعون بان لغتنا تستطيع مواكبة الحاضر والتكنولوجيا وتلبي حاجات ناطقيها؟
 ولم  لا. انا موقن ان اللغة التي ولّدت لغات أخرى واستمرت في مقارعة اهمالها وسجنها في جانب من جوانب الحياة وبقيت وها انا اكتب افكاري بها لهي قادرة على مواكبة العصر ولكن اللغة ليست جمادا وليست حية بذاتها بل انها حية بناطقيها منعشة بأهلها.. وكلما كان اهلها وناطقوها أحياء منتعشين فان اللغة ايضا تحيا وتتطور وتنتعش.   
شكرا جزيلا لكم على هذه المعلومات الوافرة واعرف ان هناك جوانب اخرى لم نتطرق اليها عسى تمنحنا الايام الفرصة للخوض في مناقشة كتاباتك للرواية والمسرحية وعملك في حقل الاعلام.
 
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية


غير متصل الياس متي منصور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 564
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لقد تعرفت على الاخ والصديق عادل دنو  (متعدد المواهب)، منذ سبعينيات القرن الماضي اضن حينما كان طالباً في أكاديمية الفنون الجميلة
يتميز  الاخ عادل بانه عملي جداً ... يحول الأفكار الى اعمال  بسرعة  حال  توافر ابسط الإمكانيات  ترأس الهيئة الإدارية لجمعية اشور بانيبال الثقافية لدورتين  بعد الاخ بهنان البازي ، شاهدته ممثلاً متمكناً في اكثر من مسرحية وخاصة على خشبة مسرح بغداد في لعبة شليمون  ...شاعراً ومخرج، وكاتب قصة
بل كان الاخ عادل دنو الفائز الاول في مسابقة القصة القصيرة مناصفةً مع القاص ابراهيم يوحانا... ربما كانت هذه التجربة رائدة  في أدبنا السرياني  وكان المبلغ المخصص للجائزة متواضع  جداً في زمن الحصار والقحط  واضن بأن الجائزة كانت تحمل اسم الملفان الكبير مار نرساي  كاتب  قصة كياسا وملاخا (اللص والملاك)،  واضن كانت  لجنة التحكيم  تتكون من العلامة بنيامين حداد ، الملفان يونان هوزايا ، الأديب  اديب
كوكا،، ونزار الديراني  وانا ...ولا اتذكر اذا كان هنالك اخرون في لجنة  تقييم القصص المشاركة في المسابقة

اتذكر في زيارتنا لتلفزيون اشور  وكيف استثمر الاخ عادل تلك الزيارة  بإجراء اول لقاء مباشر وعلى الهواء !
حيث أمسك بِنَا وأخذ بإقناعنا انا والأستاذ الدكتور باهر بطي لإجراء اللقاء انا بالسريانية والدكتور بالعربية حول  اوضاع العراق وأبناء شعبنا ... ثم اخذ يركض لترتيب مكان  البث وتهيئة منضدة صغيرة وجلب  كأس كلاس  كبير واتى ببعض الورود  ورتبها ووضعها على المنضدة ...
ذكريات مطبوعة في الذاكر ... أتمنى للاخ  العزيز عادل دنو الصحة والسعادة مقرونة بدوام الخير والتقدم
والمزيد من الإبداع ...
مع حبنا

غير متصل انور اتو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 38
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تحيّة إلى الشاعر المبدع  والأديب المتألّق والإعلامي المثابر والفنّان الملتزم الصديق الودود عادل دنّو!
أعتزّ أيّما اعتزاز بصداقتك وإبداعك ومثابرتك والتزامك.  الأستاذ عادل يعمل بلا كلل ولا يتوقع الكثير.
أهنئك على إيمانك الراسخ بشعبك وأمتك وثقافتك ولغتك وأدبك وفنّك.
دمت صديقاًز

أنور أتو    سدني

غير متصل عادل دنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 99
    • مشاهدة الملف الشخصي
سلامي المخضب بالفرح الى كل من ساهم في ظهور هذا اللقاء على الملأ وشكرا للاستاذ ابلحد اسطيفو الذي جهد واجتهد في الجانب الثقافي في الكنيسة وفي الحقيقة حينما عملنا معا في مجلة ابرشية مار توما الرسول الكلدانية في سيدني في اعدادها الاولى علمت ان له لغة عميقة واسلوب شيق في كتابة مقالاته للمجلة وفي وسائط اخرى.. وكان متحمسا وغيورا في العمل واقدم له جزيل الشكر على لقائه هذا.
كما استميحه عذرا واقدم شكري الجزيل على المارين على هذا اللقاء وسلامي الى الاستاذ الياس متي منصور الخزين المعرفي المتجول وذي   الحديث اللبق والمشارك النبيل في فعاليات ثقافية وتعليمية قادتنا الصداقة للعمل معا فيها وهو ناشط لا يكل ولا يمل من سماع انتقاد هذا وذاك   وهو الوسيط الجاذب للاقطاب المتنافرة في خضم العمل الخاص الذي يصب في مصلحة قضايانا الرئيسية بعيدا عن المصالح الشخصية. وهو القاموس المنجد لمصطلحات اشكالات التوافق والفكر النير الثاقب لمشكلات عصر شعبنا.
وكما مر الاستاذ انور اتو مشكورا على قراءة اللقاء لم يسعه الا يعبر عن اعجابه ومحبته بعبارات اكبر مني ولا استحقها وهو ذلك الانسان الحريص على الصداقة والاستاذ المعلم الذى ربى اجيالا وتعلم على يديه مئات ومئات من ابناء امتنا لغتهم وهو الاخر مجتهد في نسج  ووضع سلسلة من كتب تعلم اللغة ضمنها عصارة خبرته وآخر التجارب في جعل اللغة حية نشطة. شكرا لتلطفكم بكتابة مشاعركم  الجميلة  برشاقة قلمكم المعروف.