جوائز نوبل 2017
مقدمة:
حفل تسليم الجائزة الأشهر عالميّا (جوائز نوبل) يجري مساء العاشر من ديسمبر سنويّاً منذ 116 عام في عاصمة السويد الجميـلة (ستوكهولم)!
هذا التأريخ يُمثّل ذكرى وفاة صاحب الجائزة العالِم والمهندس الصناعي الكيميائي الفيزيائي (ألفرد نوبل) عام 1896 .الذي نالَ 355 براءة إختراع من دول مختلفة إحداها في (الديناميت).وأُطلق إسمه (نوبليوم) على العنصر ذو العدد الذرّي 102.
لفرط سعادتي بهذا الحفل السنوي أجعل الكتابة عن (الحَدث) والجوائز وصاحبها والعِلم وتجلياتهِ والعُلماء وبحوثهم وتطويرهم للحياة والحضارة والرفاهيّة على كوكبنا ,أجعلها خاتمة كتاباتي كلّ عام .
لأنعم بعدها بإجازة لا تنتهي إلّا مع العام الجديد وأحداث وأحلام جديدة للبشرية!
كما أركز كلّ عام على نقطة هامة لتصحيح فَهم الدافع الحقيقي للعظيم (نوبل) ,
جرّاء إختراعه للديناميت (بعيداً عن كلام البدو العوام الهوام اللئام أعداء النجاح)!
الفرد نوبل (الذي كان يتقن ست لغات عالميّة) هو من عائلة عُلماء حقيقيّة فقدَ أخاه الأصغر (إميلي نوبل) بحادث إنفجار خليط النتروغليسرين في المختبر!
هذا الرجل سعى طيلة حياته للسيطرة على المواد المتفجرة التي تحتاجها الشركات والحكومات لإستخدامها بأمان في فتح الترع والأنفاق والجداول والقنوات المائيّة!
(تذكروا أعظم إنجاز هندسي بشري على كوكبنا قناة بنما ,وكلّ مترو في العالَم)!
لذا فإنّ نوبل (وهذا هو عمله الحقيقي الذي يَستحق عليه الإحترام والثناء) كان في كلّ مرّة يتلاعب ويطوّر نِسَبْ المواد الماصّة الخاملة التي يضيفها للمواد المتفجرة لتقليل (أو منع) تطايرها في جميع الإتجاهات .ولتوفير الأمان في حالة نقل المادة!
ما فعلهُ (الفرد نوبل) في الواقع ,أنّـه قامَ بترويض الديناميت!
فإنتقل في هذا السبيل خطوة خطوة نحو سلامة إستخدام تلك المواد المُتفجرّة التي وجدت قبل نوبل بقرون عديدة ( تذكروا البارود في العصور الوسطى)!
لقد إنتقل من (الديناميت) 1867 ,الى (الجلجلنيت) 1875 ,الى (البالستايت) 1887 وهذه مادة رائدة من الكوردايت!
فلاحظوا طيلة الفترة وصبره وجهده وإنفاقه أمواله الخاصة لتحسين هذا المُنتَج!
بعد كلّ هذا يأتي مَنْ لا يَفهم مِن (نظرية التطوّر) سوى أنّها تعني أنّ أصل الإنسان كان قرداً ,(بينما عُمر داروين وجميع علماء البايولوجيا لم يقولوا هذا البتّه) ,ليروّج بنفس الطريقة ,الى أنّ إختراع نوبل دَمّرَ الحضارة البشريّة!
إنّ ما يُثبت الخطأ الكبير في هذا المجال هو أنّ نوبل كان يريد تسميّة منتوجه عام 1867 بـ (مسحوق السلامة نوبل)!
إنّما تواضع العلماء الحقيقيين المعروف هو الذي دفعه لإلغاء تلك الفكرة!
وإستعاض عنها بتسمتهِ (الديناميت) ,التي صاغها من مفردة إغريقيّة قديمة هي (ديناميس) وتعني القوة!
ثمّ ماذا كانت ستفعل الحكومات والشعوب اليوم لو لم تكن تمتلك سلاحاً فعّالاً ضدّ السفاحين الذبّاحين من القاعدة وداعش وبوكوحرام وأخواتهم الوهابيّة الدمويّة؟
***
جوائز نوبل 2017
أولاً / الطبّ !
صورة للعلماء الفائزين بنوبل للطب!
فاز هذا العام بجائزة نوبل للطبّ الثلاثي الأمريكي (من يسار الصورة):
جيفري هول (مواليد نيويورك / 72 عام)
مايكل روزباش ( مواليد أوكلاهوما / 73 عام)
مايكل يونج ( مواليد ميامي / 68 عام)
وذلك [لإكتشافهم آليات جُزيئيّة تُنظّم إيقاع الساعة البيولوجيّة للجسم]!
معلوم أنّ الساعة البيولوجية تقوم بحساب الفترات الفاصلة على مدار 24 ساعة في معظم أنماط الحياة!
وقد أظهر علم الوراثة أن الساعات الجزيئية المسؤولة عن ذلك تعمل على الدوام في الإنسان والحيوان!
وساعدت هذه الاكتشافات في توضيح كيف تُكيـّف الأحياء إيقاع ساعتها البيولوجية مع دوران الأرض!
الآن : ما هي الساعة البيولوجيّة الحيويّة ؟ Biological Clock
كثير من الكائنات الحيّة لديها مثل هذهِ الساعة المسؤولة عن تنظيم الإيقاع اليومي (أي حالة الجسد خلال 24 ساعة) .في حالة الإنسان مثلاً يشمل ذلك الإيقاع :
وقت النوم ,وقت الشعور بالجوع ,التغيرات في مستوى الهرمونات ,
درجة حرارة الجسم ,إرتفاع أو إنخفاض ضغط الدم ,الشعور بالقلق أو الأمان أو الإسترخاء ,وأشياء أخرى حيويّة ونفسيّة !
الإنسان عموماً تختلف حالته في الصباح عنها في المساء !
التنفس ,النبض ,النشاط الأنزيمي ,إفراز الهرمونات والفيرمونات (قوادات الطبيعة) وغير ذلك من العمليّات البايولوجيّة والفيسيولوجيّة كلّها تختلف والمُسيطر عليها هو الساعة البايولوجيّة . (مقال للكاتب رابط 8 )!
في العام الماضي حصل العالِم الياباني (يوشينوري أوهسومي) على هذه الجائزة
تقديرا لجهوده في مجال التعرف على كيفية قيام الجسم البشري بتكسير وإعادة إنتاج مكونات الخلايا .تلك النظرية التي تُعرف بالإلتهام الذاتي للخلايا ,ولها علاقة بالقضاء على أنواع من السرطان!
***
ثانياً / الفيزياء !
صورة للعلماء الفائزين بنوبل للفيزياء!
ثلاثي أمريكي آخر فازَ بجائزة نوبل للفيزياء عام 2017 هم من اليسار:
رينير ويس (85 عام) / حصل على نصف الجائزة البالغة 1,1 مليون دولار!
باري باريش (81 عام) / حصل على ربع قيمة الجائزة!
كيب ثورن (77 عام) / حصل على ربع قيمة الجائزة!
وذلك تكريماً لبحوثهم حول موجات الجاذبيّة!
تلك الموجات التي تنبّأ بها آينشتاين بنظريته النسبيّة العامة قبل قرن من الزمان .
عندما قدّمَ وصفاً مُوحداً للجاذبيّة على أنّها خاصيّة هندسيّة للزمان والمكان ,أو (الزمكان) وهو مصطلح فيزيائي حديث نسبياً يستخدم للتعبير عن الفضاء رباعي الأبعاد الذي تناولته النظرية النسبية لأينشتاين!
العلماء الثلاثة أعضاء في مراصد (ليغو- فيرغو) وهي مجموعة مراصد علميّة أمريكيّة أوربيّة يرجع لها الفضل في تحقيق هذا الإنجاز العلمي!
تصف موجات الجاذبيّة تمدّد وإنضغاط الزمكان الذي يحدث عندما تتسارع الإجسام الضخمة (الكواكب في هذه الحالة) .المعلوم أنّه في وقت آينشتاين كان تسجيل تلك الموجات مُستحيلاً حسب المتوفر من الأجهزة العلميّة!
لكن العلماء الثلاثة الفائزين بجائزة نوبل هذا العام ,قادوا تطوير نظام تقني قائم على الليزر يمكنه أن يصل إلى الحساسيّة المطلوبة لتسجيل أثر تلك الموجات!
أرأيـتم دقّة العِلم وطول صبر العلماء وسعيهم الحثيث لإثبات نظرية ما؟
بعد كلّ هذا يأتي (شيخ) معفن ليقول عنهم أنّهم قردة وخنازير وحمير سخرّهم الله لخدمتنا ,مصيرهم في النهاية جهنّم .بينما سينعم أمثالهِ بجنّة الغلمان!
جدير بالذكر أنّ هذه الجائزة كان من المفترض منحها لنفس الإكتشاف (تسجيل أثر موجات الجاذبيّة) في العام الماضي .لو حدثَ ذلك لتقاسمها العالِم السويدي (رون دريفر) مع زميليه الامريكيين (ويس وثورن)!
لكن تأجيلها الى العام الحالي ووفاة العالم السويدي (دريفر) في مارس الماضي وكون العادة جرت في مؤسسة نوبل بأن لاتمنح الجائزة لمتوفي ,فقد حلّ العالم الأمريكي الثالث (باريش) محلّه (إبن المحظوظة / على رأي الأحبّة المصريين)!
بالمناسبة : كثير من السويديين الذين أستطلع آرائهم حول موضوع جوائز نوبل يُبدون لا مبالاة أو إمتعاضاً حول تشدّد لجان نوبل بعدم منحها لسوديين يستحقونها
معناها لشدّة إنسانيتهم يُميّزون ضدّ أنفسهم دون أن يشعرون ,عكس العرب تماماً !
***
ثالثاً / الكيمياء !
صورة للعلماء الفائزين
العلماء الثلاثة الفائزون بنوبل للكيمياء عام 2017 هم من اليسار :
الأمريكي / جواكيم فرانك (77 عام)!
البريطاني (إسكتلندي) / ريتشارد هندرسون (72عام)!
السويسري / جاك دوبوشيه (75 عام)!
ذلك لمساهمتهم في تطوير طريقة ثوريّة لتصوير ومراقبة الجُزئيات تُعرف بإسم الإستجهار الإلكتروني بالحرارة المُنخفضة!
الأمين العام للأكاديمية الملكيـّة السويديّة للعلوم (يوران هانسون) قال :
[تكافئ الجائزة هذه السنة طريقة جديدة لتصوير جزئيات الحياة .بفضلها بات بإمكان الباحثين التوصّل إلى صور بالأبعاد الثلاثيّة للجزئيات الحيوية في أيّ لحظة من حياتها .لقد نقلت هذه التكنولوجيا الكيمياء الحيويّة إلى عصرٍ جديد]!
***
رابعاً / الأدب !
صورة كازو إيشيگورو
(كازو إيشيگورو) الكاتب والروائي البريطاني من أصل ياباني ,فازَ بجائزة نوبل للأدب 2017 ,ذلك لتعريته علاقة الإنسان بالعالم ,حسب الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة ,والتي أثنت عليهِ قائلةً :
[لقد عرّى في رواياته التي تتسم بقوّة عاطفيّة عظيمة ,ذلك الخَواء الكامن تحت شعورنا الواهم بالعلاقة بالعالم]!
كتبَ (إيشيگورو) ثمان روايات تُرجمت إلى 40 لغة ,أشهرها (لا تدعني أرحل أبداً) Never Let Me Go التي تحوّلت إلى فيلم سينمائي نال نجاحا باهراً .
القصة مبنيّة على التأريخ البديل .هذا نوع من الروايات تسرد الأحداث التأريخية بنسق مُخالف لما حدث في الواقع .تحكي حالة ثلاثة أصدقاء ولدوا بشكل مأساوي يتحتّم عليهم العيش حياة قصيرة في مُثلث حُبّ تشكلَ بينهم في وقتٍ وجيز وظرفي
ثمّ يقومون بالتبرع بأعضائهم!
السؤال المحوري الذي تثيره هذه القصة هو :
كيف يمكنك العيش مُدركاً عدم إعتبارك إنساناً ,إنّما مصدر إستهلاك فحسب؟
ولـ (إيشيگورو) رواية أخرى تحوّلت الى فيلم ناجح نال الأوسكار هي (بقايا يوم)
تحكي قصة رئيس الخدم الإنجليزي المُحترف (ستيفنز) من وجهة نظره .
يقوم بدوره في الفيلم الممثل والمخرج القدير (أنتوني هوبكنز) الحاصل على لقب (سير) وجائزة الاوسكار عن فيلمه (صمت الحملان).
تحكي الرواية ذكرياته عن أيام سيّدهِ السابق اللورد الإنكليزي (دارلنگتون) صاحب التأثير الكبير في السياسة الإنجليزية .الذي اُقصيّ فيما بعد عن الحياة السياسية البريطانية ,ثمّ ماتَ مُجللاً بالعار لدعمه النازيين خلال الحرب العالمية الثانية,رغم أنّ سلوكه كان بحُسن نيّة تامّة!
جدير بالذكر أنّ من بين المشاهير الذين نالوا جائزة نوبل للأدب :
الشاعر الهندي طاغور 1913 .الأديب الفرنسي رومان رولان 1915 .
الناقد الإيرلندي الساخر برنارد شو 1925.الكاتب الفرنسي أندريه جيد 1947.
الروائي الأمريكي ويليام فوكنر 1949.الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل 1950.
السير ونستون تشرشل (أشهر سياسي إنكليزي على مرّ العصور) 1953. الأمريكي آرنست همنگواي 1954.الروسي بوريس باسترناك 1958 صاحب رواية دكتور جيفاگو لكنّهُ رفض الجائزة (بضغط من النظام آنذاك) .ومثله فعل الفرنسي جان پول سارتر عام 1964.الشاعر التشيلي بابلو نيرودا 1971 .
الكولومبي الأشهر گابريل گارسيا ماركيز 1982.الروائي المصري نجيب محفوظ 1988 .التركي أورهان باموك 2006 .الشاعر السويدي ترانس ترومر 2011 .
الكاتبة الكندية أليس مونرو 2013 .الروائي الفرنسي باتريك موديانو 2014 !
شخصيّاً مازلتُ أعتقد بإمكانية مَنحها (مستقبلاً) لطبيب الأسنان الروائي المصري عـلاء الأسواني ,عن رواياتهِ نادي السيارات وشيكاغو وغيرها!
***
خامساً / الإقتصــاد !
صورة ريتشارد ثـيلر
ريتشارد ثيلر (72 عام) عالم الإقتصاد الأمريكي واُستاذ السلوكيّات في جامعة شيكاغـو فاز بجائزة نوبل للاقتصاد 2017 .لعملهِ الرائد (حسب لجنة نوبل) فى ردم الهوّة بين الإقتصاد وعلم النفس!
وقالت اللجنة :لقد أظهر ثيلر كيف تؤثر بعض الصفات البشرية كحدود العقلانية والتفضيلات الإجتماعية وضوابط النفس بشكلٍ منهجي على القرارات الفردية وتوجّهات السوق!
***
سادساً / السلام !
صورة شعار المجموعة
مجموعة آي كان أو (الحملة الدوليّة للقضاء على الأسلحة النوويّة) فازت بجائزة نوبل للسلام لعام 2017
International Campaign to Abolish Nuclear Weapons: ICAN
مقّر هذه المجموعة جنيف ـ سويسرا .
المنظمات غير الحكوميّة المُنضويّة في هذه المجموعة تنتمي لأكثر من 100 دولة مايجعل تأثيرها واسعاً .
هؤلاء يريدون إفراغ الكوكب كليّاً (بجداول زمنيّة دقيقة) من أيّ سلاح نووي!
قيمة الجائزة 1,1 مليون دولار إضافةً الى ميدالية نوبل وشهادة تقدير تُمنَح في (أوسلو) عاصمة النرويج!
وبمناسبة جائزة نوبل للسلام وقيمتها عند العرب ,فمن المعروف أنّ أغلب مَنْ نالها منهم ,إمّا قتلوا أو سُمّموا أو خوّنوا .تذكروا السادات ,عرفات ,البرادعي!
حتى الإسلامجيّة (توكل كرمان) طلعها الإسلاميّون أنفسهم خائنة عميلة جاسوسة شاركت في مؤامرة الربيع العربي .ثمّ نشروا فيديو لوالدها (عبد السلام كرمان) يقول فيه (وكان ذلك ضمن جلسة للبرلمان اليمني السعيد) أنّ إبنته قليلة الأدب!
رغم كلّ تلك الكراهيّة للجائزة ولمن نالها ,نجدهم في (أزمة الروهينگا) الأخيرة
يصرّون إلحاحاً ويكتبون عرائضَ دوليّة لسحب جائزة نوبل من مستشارة ميانمار (أونغ سان سو كي) .
فيا للعجب ,الآن صارت جائزة نوبل شيء يجب إحترامه عند العرب!
***
مشاهد من حفل نوبل المَهيب !
صور من الحفل
الأولى / أوسلو ـ جائزة السلام لمجموعة ICAN الدوليّة ضدّ الأسلحة النوويّة!
الثانيّة / منصة الحفل في الـ Konserthuset
الثالثة / ملك السويد كارل گوستاف 16 ,الملكة سلفيا ,وليّة العهد فيكتوريا !
الرابعة / بعض كبار الحضور!
***
نقل مباشر :الساعة الآن الثانية بعد الظهر!
حشدٌ من ضيوفِ نوبل يفدون الى قاعة الحفلات الموسيقيّة Konserthuset
التي شُيّدت عام 1926 وسط ستوكهولم .هنا يتّم توزيع جوائز نوبل على الفائزين (عدا جائزة السلام حيث يُحتفل بها في أوسلو عاصمة النرويج)!
وهنا أيـضاً تُلقى كلمات الترحيب (من لجنة نوبل) بالفائزين مع شرحٍ وجيز لإنجازهم الذي نالوا بسببه الجائزة ,وتأثيره على مستقبل البشرية!
بعدها يُسلّم الملك غوستاف السادس عشر الميداليات للفائزين!
غناء أوپرالي وعزف الفرقة السمفونيّة المَلكيّة السويدية يتخلّل الأحداث!
بعد إنتهاء هذه المراسيم ينتقل الجميع الى مبنى إدارة بلدية ستوكهولم Stadhuset هناك يُقام حفل عشاء نوبل الذي لا يُعلن عادةً عن محتوياتهِ حتى لحظتها!
كلّ فائز يرافقهُ ويُجالسه أمير أو أميرة من العائلة المالكة!
قاعتان رائعتان هناك هما : القاعةُ الزرقاء Blå Hallen التي تقود الى الصالة الذهبيّةGyllene Salen هذه تضّم أكثر من 18 مليون قطعة فُسيفساء ذهبيّة!
أشدّ مايجلب نظر المرء الندلاء الأنيقون والنادلات الفاتنات ,جمال القاعة ,الأثاث ,وذكاء حوار وأسئلة الإعلاميين الذين يتناوبون نقل وقائع الحفل .
حتى فساتين الملكة سيلفيا وإبنتيها (فكتوريا ومادلينا) تُصمّم خصيصاً لهذا اليوم!
المركبُ النهري ,السيارة الخاصة لكل ثنائي من المدعوين ,عازفو الموسيقى , مشاهير المطربين والمطربات ,لمعان الكؤوس ,بهجة الزهور وبريق الحضور!
لاحظتُ أيضاً أنّ أحد الفائزين بجائزة الطب (جيفري هول 72 عام) كان حركاته وجلساته غير دبلوماسيّة . بينما عالم الإقتصاد (ريتشارد ثيلر 72 عام) ,غلبتهُ دموعه بعد تسلّمهِ جائزة نوبل وهول الحدث وهذهِ اللحظة التأريخيّة في حياته!
***
الخلاصــة !
على الصعيد الشخصي كان عام 2017 يحمل بعض الغرابة في أحداثهِ!
فمن حُبٍّ جميل يُلامس أيامي بعد عقدٍ كامل من الوَحدانيّة والإنغماس في العمل والكتابة .الى نشرِ كتابي الأوّل (سٌبل النهوض في الشرق الأوسط) وأرجو أن لا يكون الأخير.الى إعتلال صحّتي المُزعج الذي إستغرق شهرين كاملين (بحيث كنتُ اُردّد خلالها كلمات كوكب الشرق / أكره ضعفي وصَبري عليه) ,الى شفائي ونهوضي كالحصان من جديد .الى فرحتي بتجديد عقد عملي حتى بلوغ التقاعد ,
ثمّ فوز فريقي المُفضّل ريال مدريد بخمسة كؤوس مهمة ,وفوز لاعبي المُفضّل الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو بالكرة الذهبيّة الخامسة ,الى غير ذلك من أخبار الأبناء والأصدقاء وتفاصيل الحياة العادية .
أقول الحياة عموماً حلوة جميلة تستحق العيش رغم ساعات الغضب والهلع و الأحزان والآلام التي تتخللها .يجب أن تستمر قدر الإمكان حتى تعطّل أغلب أجهزتنا الجَسديّة تبعاً لتقدّم العمر, والموازنة بين غريزة حُبّ البقاء (إيروس) مقابل غريزة الموت (ثاناتوس) ,التي تحدّث عنها عالِم النفس (سيگموند فرويـد)!
أمّا على الصعيد العام ,فرغم بعض الكوارث الطبيعيّة والحروب وأعمال الإرهاب في بعض مناطق العالَم ,فأنا مازلتُ أعتقد بأنّ المستقبل أفضل!
بلدي الأمّ (العراق) تخلّص من سرطان الدواعش (كأفراد) بجهود أبناءهِ ومساعدة القوّة الأمريكية القادرة ,والحلم الآن بتخلصهِ كليّاً من الفكر الديني المتطرف!
هذا ممكن بمجرد خضوعنا لمنطق الأشياء وعَزل الأديان عن التدّخل في حياتنا وسلوكنا الدرب العِلمي العلماني ,ساعتها سوف نخطو العتبة الأولى ونلتحق بركب النهوض الحضاري العالمي .كلّ هذا سيتحقق بالعمل والمَحبّة وقبول الآخر.
لا بالتقاعس والكراهيّة والتوجّس خيفة وتأبّط الشرّ من كلّ شيء ,تحت شعار المؤامرة الكونيّة علينا!
والآن لاحظوا مايلي:
1/ في الغرب (الكافر) يُكرّمون المُبدع خلال حياته وليس بعد موتهِ كما يفعل العرب عادةً .جائزة الفيزياء وقصة العالِم السويدي (رون دريفر) مثلاً!
2 / عدد النساء الحائزات جوائز نوبل في العلوم الثلاث (الطبّ الكيمياء الفيزياء) هو 17 فقط ,منذ بدء توزيع تلك الجوائز قبل 116 عام .بالطبع أشهرهم الفرنسيّة من أصل بولندي (مدام كوري) التي حازت جائزتين في الفيزياء والكيمياء!
بهذا الصدد تعترض بعض المنظمات ,ساعيةً لعدالة أكبر بين الجنسين!
كما يعترض البعض على عدم حصول رجل أسود على هذه الجوائز!
لكن من خلال معرفتي للسويديين ونفسياتهم وطريقة تفكيرهم عموماً ,أكاد أجزم أنّ لاشيء من التحيّز في قراراتهم .وإن حصل فضدّ أنفسهم يفعلون كما أوضحت أعلاه (في جائزة الفيزياء)!
بدليل جوائز نوبل للأدب والسلام فيها نسبة أكبر (من العلوم) للنساء!
ومن الإنتقادات الاخرى لجوائز نوبل أنّه لا يتشارك في الجائزة أكثر من ثلاث أشخاص عدا جائزة السلام التي قد تُمنح لمنظمات أو مؤسسات خيريّة!
كذلك ينتقدون عدم ترشيح شخص متوفي للجائزة!
(وجواب مؤسسة نوبل على هذا الإعتراض أنّ الجوائز قرّرها الفرد نوبل ,لغرض تشجيع العلماء والباحثين ,فماذا ستنفع شخص متوفي؟)!
كما ينتقدون بقاء قوائم الترشيح للفروع العلميّة سريّة لمدّة 50 عام!
3 / العُلماء الأمريكان دائمي الحضور سنويّاً في حفل جوائز نوبل .
ليس لأنّهم خارقو الذكاء أو جاؤوا من كوكب آخر أو مؤامرة سويديّة تتحيّز لهم!
لكن ببساطة لأنّ الحكومة الأمريكيّة عدا كونها ديمقراطيّة تسمح حتى لمعارضيها بالإبداع والتعبير .وتدعم الدارسين والباحثين اللاجئين إليها حتى لو كانوا من دول مُعاديّة .فهي أيضاً تُخصص لأغراض البحث العِلمي جزء محترم من الناتج القومي الإجمالي ,زاد على سبيل المثال عن 130 مليار دولار عام 2010 فقط!
(للمقارنة : فإنّ كامل ميزانية مصر عام 2010 هي 48 مليار دولار لا غير)!
عدد الامريكان الفائزين هذا العام بجوائز نوبل 8 من بين 11,أي ما يقرب من ثلاثة أرباع الفائزين هم من الولايات المتحدة!
(ثلاثة في الطبّ ومثلهم في الفيزياء واحد في الكيمياء واحد في الإقتصاد)!
بالطبع عدا مجموعة (آي كان) الدوليّة التي فازت بجائزة السلام!
4 / العربي الوحيد الذي فاز يوماً بجائزة علميّة (نوبل للكيمياء) هو المصري (د.أحمد زويل) عام 1999 ,عندما إخترع ميكروسكوب دقيق يصوّر أشعة الليزر بزمن قدره فيمتو ثانية ! لكن حتى هذا الرجل كان قد سافر الى الولايات المتحدة نهاية ستينات القرن الماضي وحصل على الدكتوراه في علوم الليزر من جامعة بنسلفانيا .ثم عملَ في جامعات ومعاهد أمريكيّة شهيرة ,ثم نال الجنسيّة الأمريكيّة عام 1982 ,وبعد 17 عام إستغلها في بحوثه وإستفاد من دعم وتشجيع الأمريكان نال جائزة نوبل في الكيمياء .فهل كان لينالها لو بقي في وطنه الأم مصر؟
على كلٍ هو نالها كمواطن أمريكي ,لكن الرجل بقيّ يفخر بمصريتهِ حتى رحل!
أقول لماذا كلّ هذا الخصام الشديد بين العرب (وعموم المسلمين) ,والعلوم؟
هل كانت الحياة على كوكبنا لتتطوّر وتنهض سوى بالعلوم؟
وهل تعرفون عدد اليهود الذين نالوا جوائز نوبل العلميّة فقط؟
هي 135 جائزة نوبل علميّة (54 في الطبّ ,49 فيزياء ,32 كيمياء)!
إضافةً لـ 50 جائزة نوبل إنسانيّة (28 في الإقتصاد ,13 الأدب , 9 السلام)!
راجعوا العمّ كوكل لتتأكدوا بأنفسكم ومن مواقع إسلاميّة تنشر هذه الأرقام ليس لغرض النقد الذاتي بل لإتهام الكوكب كلّه بالتآمر على المُسلمين(على إيـه يا خي)؟
على كلٍ لا يأسَ مع الحياة ,المستقبل لكم أّيها الشباب ,فمع هذه الثورة الكبرى في التكنلوجيا والإتصالات التي يعيشها جيلنا الحالي (المحظوظ في الواقع) لشهوده كلّ هذه الطفرات الحضاريّة التي جعلتنا بضغطة زر نرى ونسمع الآخرين حتى لو كانوا على سطح المريخ ,فإنّ ذلك يعني مَنطقياً قرب سقوط تُجّار الدين ,
بالضربة الفنيّة العلميّة القاضية!
ما لم يستجمعوا قواهم وطاقاتهم السلبيّة ,ويحولوها لشكل آخر من الطاقة الإيجابية البنّاءة النافعة التي تساهم في النهوض الحضاري العالمي!
في الواقع مايدفع العُلماء والمُبدعين لمزيد من العمل والعطاء هو الحاجة لتحقيق الذات .هذه تقع في الطابق الخامس أعلى سلّم (هرم) ماسلو للحاجات الإنسانيّة!
بعد الحاجات الأساسيّة الأربع (الفيسيولوجيّة كالطعام والجنس/ ثمّ الأمان كالسكن والصحة / ثمّ الإجتماعيّة كالصداقات والعلاقات الأسريّة / ثمّ التقدير كنَيل الثقة والإحترام من الآخرين)!
أغلب الظنّ عندي أنّ البدو الأعراب مازالوا يراوحون بين الطبقتين الأولى والثانيّة من سلّم ماسلو الإجتماعي ,يعني أكل وجنس وتكاثر فئراني وما شابه!
والفضل يعود لمشايخ الدين الشرفاء!
من جديـد : كلّ قناة مائيّة ,نفق , مترو , Underground مَدين (إتمامهِ) لإختراع نوبل ,الذي يقول عنه ما يلي :
[ ديناميتي هذا سيقودُ لاحقاً للسلام أفضل من ألف معاهدة سلام!
عندما يُدرك المَرء أنّ كلّ جيوش العالَم يُمكن تدميرها بهذا المُنتَج , حتماً سيكون على إستعداد لصُنع السلام الذهبـي !] الفرد نوبل
***
الروابط !
1 / الطبّ
http://sverigesradio.se/sida/artikel.aspx?programid=2494&artikel=67898852 / الفيزياء
http://www.bbc.com/arabic/science-and-tech-41484730#3 / الكيمياء
https://www.nobelprize.org/nobel_prizes/chemistry/laureates/2017/4 / الأدب
http://www.bbc.com/arabic/41513671#5 / الإقتصاد
http://www.bbc.com/arabic/business-415523176 / السلام
http://www.bbc.com/arabic/world-415259107 / نقل مباشر لحفل نوبل ـ 2017 !
https://www.svtplay.se/8 / رعد الحافظ ــ التوقيت الصيفي خطأ شائع !
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=835713.msg7519288#msg7519288رعـد الحافظ
10 ديسمبر 2017
