المحرر موضوع: هل أن الحرب تصنع السلام الدائم أم أن السلام يمنع الحرب ؟  (زيارة 1867 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل أن الحرب تصنع السلام الدائم أم أن السلام يمنع الحرب ؟
خوشابا سولاقا
منذ عام 1961 م الحرب قد أندلعت في العراق بين الحركة الكوردية بقيادة المرحوم ملا مصطفى البرزاني ومؤيديه من أنصار الحزب الديمقراطي الكوردستاني من كل القوميات القاطنة في شمال العراق من جهة والحكومة العراقية من جهة أخرى واستخدم فيها كل أنواع الأسلحة التي كانت بحوزة الطرفين وماتوا على أثرها الكثيرين من الشباب العراقيين باسم تحقيق الحقوق القومية للكورد كما كانت تدعي الحركة الكوردية في الوقت الذي كان المندسين من القتلة واللصوص وشذاذ الأفاق من الكورد يقتلون سكان القرى الآمنة في شمال العراق من الرجال المسنين والنساء المسالمين بدمٍ بارد بذرائع شتى ممن لا يلبون رغباتهم الهمجية كلصوص محترفين وكانت قريتينا على سبيل المثال وليس الحصر نحن عشيرة البيلاتي الآشورية المسيحية سردشت وهلوه التابعتان لناحية برواري بالا قضاء العمادية محافظة دهوك الحالية أنموذجاً حيث تعرضتا لمثل هذه الجرائم البشعة التي يندى لها الجبين والتي أُرتكبت من قبل المدعين بأنهم مقاتلين البيشمركة للحركة الكوردية وقد قتل ( 23 ) رجلاً من قريتينا بينهم قسيس قرية هلوة ، وعلى خلفية هذه المجزرة كنا نحن شخصياً وعشرة آخرين بأعمار دون الأربعة عشر ربيعاً من العمر من أبناء قرية سردشت واحداً من الذين هربوا ونجوا بأعجوبة وبقدرة قادر من القتل في ليل هالك وقارص البرودة وقريتينا تعبث بهما اللصوص وشراذم القتلة من الكورد ووصلنا بعد هروبنا الى مدينة العمادية بعد يومين ونحن شبه حفاة الأقدام من أي حذاء وبملابس رثة ولم نحمل معنا درهماً واحداً ونحن نتضرع جوعاً وقد أوونا بعض الكرماء من المعارف الكورد من مدينة العمادية ، ونحن هنا لسنا بصدد سرد الأحداث المؤلمة بقدر ما نحن بصدده مما ارتكبت من البشائع من قبل شذاذ الآفاق باسم الحركة الكوردية هذا من جانب ومن الجانب الآخر كيف كانت القرى الفقيرة الآمنة في الشمال تتعرض للقصف من الجو والبر من قبل قوات الحكومة باسم الدفاع عن العراق ووحدة الوطن ، ولكن في النهاية كان المواطن الفقير في الحالتين يعيش بين نارين وهو الضحية والوقود الذي تلتهمه نيران هذه الحرب العبثية التي يفتقر عقول صانعيها ومشعليها الى منطق العقل والحوار والتفاوض  بروح وطنية صادقة يكون الهدف منها ضمان مصلحة وحياة المواطن العراقي وحقن دمائه بغض النظر عن ما يكون انتمائه القومي والديني والمذهبي ...
هناك من يقول أن الحروب هي من تصنع السلام بينما في الحقيقة أن السلام هو من يمنع الحروب بعد أن تذوق الشعوب مُرّ ويلاتها ودمارها وكوارثها ومآسيها الأجتماعية ، حيث أن كل حرب حتماً تنتهي بانتشار الجريمة وشيوعها بكل أشكالها والفساد الأخلاقي والاجتماعي وغيرها من الأمراض الاجتماعية في المجتمع بحكم ظروف العيش وبسبب ما تُخلفه الحروب من اختلالات في التوازن الديموغرفي والاجتماعي والمستوى المعاشي للمجتمع في مواجهة التحديات الحياتية بمختلف أشكالها ، وهذا ما حصل في مجتمع شمال العراق للفترة ( 1961 – 1991 ) م .
كل ما جرى من أحداث حربية في شمال العراق بعد عام 1961 م والتي آخرها كان استخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة والأنفال في نهاية الثمانينات من القرن الماضي من قبل النظام البعثي الصدامي ، والذي على أثره انهارت الحركة الكوردية ولاذوا أتباعها وقادتها بالفرار والهروب مذعورين الى دول الجوار لأنقاذ حياتهم والسكن في المخيمات في ظروف مزرية وماتوا عشرات الآلاف من الفقراء وتهجير مئآت الآلاف منهم من سكان القرى الى جنوب ووسط العراق وصحاريه ممن لا خيار لهم في إشعال أو إيقاف تلك الحروب التي ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل غير كونهم مجرد سكنة ساحات تلك الحروب العبثية المجنونة .
وهنا نسأل ما الذي كسبوه فقراء العراق ( الشعب العراقي ) من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه من كل مكوناته القومية والدينية من هذه الحروب غير الأحتلال الأميريكي لبلدهم والتحكم بمقدراتهم ومصادرة حريتهم وقرارهم باسم الحرية والديمقراطية ؟؟ وما الذي كسبوه قاداتهم السياسيين غير المناصب المذلة والمهينة والمرتهنة إرادتهم الوطنية لأرادة الأجنبي المحتل ؟ ، بينما لو كانوا القادة السياسيين قد اعتمدوا منطق العقل والحوار الوطني لحل ما كان بينهم من خلافات واختلافات حول الحقوق القومية والمصالح الوطنية بدلاً من اختيار لغة السلاح والحرب لكانت النتائج أفضل للجميع من دون كل هذه التضحيات التي خلَّفت كل هذا الخراب والدمار بحق الوطن والشعب وهدر أمواله على حساب فقر وبؤس الملايين من أبناء الشعب وترك الملايين من اليتامى من دون تعليم وجيوش من الأرامل والثكالى .... عادة وكما يخبرنا التاريخ هكذا هي نتائج الحروب حيث ليس فيها منتصر ورابح لأن المنتصر فيها عسكرياً يكون خاسراً في جوانب أخرى .
الحرب لا تصنع السلام الدائم بل أن كل حرب حتماً تنتهي بسلام مؤقت والمهزوم في فترة السلام هذه يعيش لينتهز الفرصة المناسبة ليتربص بخصمه ليعلن علية الحرب لينتقم لهزيمته ، والمنتصر يعيش في حالة من القلق والخوف والترقب من شر انتقام المهزوم ، أي بمعنى أن السلام المؤقت الذي تحققه الحرب هو مجرد استراحة مقاتل والحربين العالميتين بنتائجهما الكارثية خير دليل على ما نقول حيث تم تبادل مواقع المنتصر والمهزوم بمقتل الملايين من فقراء الشعوب المختلفة ، وأخيراً وجدوا القادة السياسيين والمفكرين العقلاء للأمم التي خاضت الحربين العالميتين أن السلام الدائم الذي يبعدها من شرور الحروب وكوارثها يأتي من خلال الحوار العقلاني وتوازن المصالح وتوزيع الأدوار واستثمار المقدرات المالية والعلمية والثقافية والحضارية للجميع من أجل مصلحة الجميع هو الخيار الأمثل الذي يجعلهم يعيشون في أمن ورفاه وسلام بعد أن اكتشفوا أخيراً أن ما يمتلكونه من وسائل القوة العسكرية المدمرة سوف لا يخرج منتصر من أية حرب لو اندلعت لأي سبب كان .   
لو كانوا القادة السياسيين العراقيين من كل المكونات قد استفادوا من تجارب الأخرين في الحرب والسلام منذ سنة 1958 م لما مرَّ العراق وشعبه بكل ما مرَّ به من الحروب العبثية وويلاتها ومصائبها ولما وصل العراق الى ما هو علية اليوم .... متى سيعقُل السياسيين العراقيين ويقدمون مصالح شعبهم على مصالحهم الشخصية لبناء وطن بدلاً من بناء مجدٌ شخصي لهم ؟ .

خوشــابا ســولاقا
بغداد 8 / ك1 / 2017 م       



غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ القدير رابي خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة بعد الغياب
من السهل ان تندلع الحروب، ولكن من الصعب ان تتوقف، خاصة انها تنشا في سياقاتها السلام ذاتها. وبالتالي رابي العزيز المشكلة تكمن في العقول الزعماء المتعفنة الانتهازية التي ترغب بان تنهب كل شيء لتمتلك كل شيء، على حساب شعوبهم. وبالتالي استاذ العزيز هذه الحالة في عقلية ساستنا الغير الوطنيين لا يمكن خلعها والتخلص منها، الا اذا اعدوا قراءة واقعهم وتاريخهم بمنظار اخر جديد، غير الذي استخدموه ويستخدمونه،وعليهم ترتيب اوراقهم واعمالهم وافعالهم بشكل يتوافق من الاوضاع التي تعيد لهم وللشعب الثقة. لذلك اعتقد بان دوامات الاقتتال في الوطن سوف لن تنتهي لطالما هناك مصالح عشائرية ومذهبية وطائفية وحزبية، لان الكل يتقاتل من اجل مصالحه وكسب الغنائم على حساب الشعب، والا بماذا نفسر ما جرى ويجري في الوطن لحد اليوم؟. ان الانتماء للوطن يدعوا الجميع لان يقدم مصلحته على كل المصالح الاخرى الضيقة. مسك الختام نردد مقولة لشاعر الحب والرومانسية نزار قباني(النفط هذا السائل المنوي، لا هو قومي، ولا هو شعبي، هذا الارنب المهزوم في كل الحروب، النفط مشروب الاباطرة الكبار، وليس مشروب الشعوب). وتقبل مروري مع فائق محبتي
هنري سركيس

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الأستاذ هنري سركيس المحترم
تقبل محبتنا مع خالص تحياتنا
شكراً على مروركم الكريم بمقالنا وتقييمكم له وكانت مداخلتكم إثراءً له .....
أكيد أن مصدر الحروب تاريخياً وفي أية بقعة من الأرض منذ أو وجد الانسان هو الصراع على المصالح ، المصالح بكل أشكالها المادية والمعنوية ، ولكن مشكلة الحروب تكمن في عجز الانسان عن التصدي لها لعجزه عن فهمه لقيمته الأعتبارية كخالق لكل شيء بأعتباره أنه أغلى رأسمال في الوجود .
ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .
                               محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد 

غير متصل زاهـر دودا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 267
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 الاستاذ خوشابا الكاتب القدير 
 تحية اخوية وتقدير
احييك على هذا الموضوع الحي لكل الازمنة والملفت ان حضرتك جئت بامثلة واقعية حية تاريخية شخصية بالاضافة الى الوضع العام للعراق من
صراعات وحروب بين كل فترة واخرى منذ تأسيسه وكان احد اسباب عدم الاستقرار فيه كثرة الانقلابات والقتل والدماء من اجل السلطة والنفوذ والاستحواذ على كل شيء بدون وجه حق او عدل ، والمؤسف أن معظم الحركات الدموية كانت ترتدي شعارات وطنية او مظالم قومية زائفة لكي يسهل لها اصطياد الارواح من الموالين المغرور بهم ..
والنتيجة كانت في كل الاحداث الماضية والحالية ، ان الشعب يعيش في واد مظلم يزداد بئسا أما القادة المحركين المسببين لتلك الاحداث في واد اخر يختاروه على مقاسهم ومزاجهم حسب راحتهم لإعادة صفوفهم للمرحلة القادمة (ان كان بارادتهم ام بأوامر اسيادهم) ، وهكذا ، يبقى الشعب المغلوب على امره يدفع بسبب غباءه او لعدم استيعابه اللعبة هو الضحية الاولى والاخيرة .

السلام يصنعه العقلاء المدركين معنى وقيمة الانسان ، اما الحروب تأتي نتيجة فشل الادراك العقلي أو فقدان السيطرة في كبح جماح المتخلفين الممتليئين بالشر الواهمين انهم سيمتلكون النصر في حربهم ..
استاذ خوشابا العزيز
تعليق بسيط احب ان اشاركه مع مقالك الرائع بخصوص الحركة الكردية منذ قيام الحركة القومية الكردية والخسائر التي لحقت بالموالين من الاتباع أو غيرهم الذين وقعوا ضحية الاقتتال ، أقول ، ماذا جنى الجميع (الشعب العراقي) وماذا جنت العائلة التي قادت تلك الحركات غير الخراب والتشريد والتخلف والامراض والعبودية والعمالة لهذا الطرف او ذاك .
والمصيبة الكبرى وجود مرتزقة من غير قوميات واديان عن الحركة القومية الكردية حيث عملوا لصالح الحركة الكردية، لا يعلمون انهم يخونون تاريخهم وكرامة أهلهم ومستقبل وجودهم ..
اليوم نقرأ ونسمع تبجح واهانة بحق المكونات الاصيلة المتواجدة في شمال العراق واقصد الاشوريين المسيحيين ، وكأنهم ضيوف او جالية عند اللاجئين الأكراد الذين استوطنوا شمال العراق منذ بضعة قرون ، واخر مغامارتهم كانت في اتخاذ قرار الاستفتاء من شخص واحد دكتاتور يحكم الشمال منذ عقود كان فاقد الشرعية القانونية لوجوده في الحكم والسلطة، غامر باجراء الاستفتاء لينقذ كرسيه فقط ، ولولا حكمة وتصرف العقلاء لكانت قد نشبت حربا قومية كبيرة طاحنة بعد ان اقتربت الحرب مع الارهاب نهايتها ..
سؤال بريء اخر : ما مصير الارهابيين من الدواعش الذين التجأوا الى القوات الكردية اثناء عملية تحرير نينوى الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي منذ ثلاث سنوات الهاربين من ضربات الموت للقوات العراقية والدولية المتحالفة معه ؟!!
 ألا ينبغي تسليمهم الى المركز الحكومة العراقية لينالوا الجزاء العادل ويطمَئن الشعب العراقي من شرورهم ، ام ان اختفائهم او اخفائهم يوجد وراءهم مصيبة ولعبة قذرة في أدوار اخرى ؟!!

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الأستاذ زاهر دودا المحترم
تقبلوا محبتنا مع خالص تحياتنا
شكراً على مروركم الكريم بهذه المداخلة الرائعة والتي كانت بحق إغناءً وإثراءً لمقالنا .... أخي العزيز ليس لدينا ما نضيفه الى ما تم ذكره غير أن نقول إن الانسان هو صانع كل شيء وهو مصدر الخير والشر في الحياة فمتى ما تغلبت نزعة الخير في نفسية وعقلية
 الانسان على نزعة الشر بحكم تطور الوعي الثقافي والاجتماعي والتعايش السلمي المشترك على أساس وحدة الانسانية بالخلق لدى البشر عندها تَرجح كفة السلام على كفة العنف والحروب وشرورها في ميزان الحياة ..... دمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

                       محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد