المحرر موضوع: ما خفايا موجة منتقدي مشاركة المسلمين للمسيحيين احتفالاتهم  (زيارة 1295 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31477
    • مشاهدة الملف الشخصي
ما خفايا موجة منتقدي مشاركة المسلمين للمسيحيين احتفالاتهم
ارتفاع ظاهرة النقد والسخرية الموجهة للمسلمين الذين يشاركون المسيحيين أعياد الميلاد ليس بريئا بالتأكيد، وليس معزولا عن الخطاب التكفيري الذي تعتمده الجماعات الإرهابية من أجل إحلال ثقافة الكراهية والحقد محل ثقافة التسامح والوئام. وقد يجد أشخاص عاديون أنفسهم من المسوّقين لهذا الخطاب من حيث لا يتقصدون وبدافع الخصوصية المجتمعية.
العرب حكيم مرزوقي [نُشر في 2017/12/28،]

رسالة في التعايش
جيوب التطرف والكراهية تقف خلف ذلك الوابل الجارف من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تنتقد مشاركة المسلمين للمسيحيين احتفالاتهم بأعياد الميلاد، وتعتبرها مظهرا من مظاهر التقليد الأعمى للغرب المسيحي.

وتزداد هذه الحملات شراسة في البلدان العربية التي يشكل فيها المسلمون أغلبية ساحقة، ولم تتعرف إلى المسيحية والمسيحيين إلا عن طريق الأوروبيين مثل بلدان المغرب الكبير التي عادة ما تقترن فيها العروبة بالإسلام ولا ينظر فيها للمسيحي إلا كمستعمر الأمس عند الأجيال الأولى من الاستقلال.

غذت هذا التحامل على المشاركين للمسيحيين أعياد الميلاد، جملة من فتاوى التخلف وخطابات الكراهية وذهنيات الانغلاق التي تنضح بها منابر إعلامية كثيرة تجاوزت الشبكة العنكبوتية نحو جرائد ورقية وقنوات تلفزيونية صريحة، تدعي الاعتدال والحشمة والمحافظة والتوجه للأسرة.

تتستر هذه الأصوات الأصولية بالخصوصية المجتمعية والتصدي لمظاهر الاستلاب الثقافي، والتفسخ الاجتماعي فتبث سمومها عبر خطاب يدعي التوعية والعقلانية ويصطنع روح الدعابة في رفض تلك التشاركية الحميدة التي من شأنها أن تعزز السلوك التسامحي وتنبذ الضغينة والتطرف وتنتصر لبهجة الذهاب نحو الآخر كسلوك حضاري بامتياز.

أمثلة ونماذج كثيرة لكتابات وتعليقات يتناقلها المتزمتون حول نقد مشاركة المسلمين للمسيحيين أعيادهم، وفيها تظهر تلك العدائية المغلفة بالسماجة وافتعال الدعابة، وذلك سعيا منهم إلى ترويجها على نطاق أوسع كقول أحدهم في عمود صحافي حمل عنوان “الشيخ نويل” وتبادله بعض الشبان المغرر بهم أو المتحمسين له عن حسن نية “تحتفل أو لا تحتفل فالأمر لا يعني سواك، ولكن إن كنت لا بد محتفلا فلا تفتح الباب لشهواتك ونزواتك، وتحرم أولادك من حقهم في الإنفاق وتسيح في الأرض فسادا فتقتني الخمور وتتناولها أمام زوجتك وأولادك وربما شاركوك في ذلك”. ويتمادى كاتب هذه العبارات في مغالطاته متوخيا أسلوب الوعظ والإرشاد وتقديم النصيحة حتى يخال البسطاء من الناس أن مشاركة المسيحيين احتفالاتهم في أعياد الميلاد ضرب من الجريمة التي لا تغتفر، إذ يختتم كلامه متوجها لجيل الشباب “إن في ذلك تقليدا أعمى لا ينم سوى عن انهزام نفسي، وخنوع قيمي، واستعباد حضاري”.

المسوقون لخطاب الكراهية يبحثون عن الذرائع لممارسة دمويتهم، ويجدونها ضمن منطق تلفيقي بدعوى حماية الإسلام
الغريب المريب في الأمر أن مثل هذا الكلام تتناقله منابر إعلامية تقدم نفسها كأصوات للاعتدال والوسطية والوقوف مع الدولة والمجتمع في التصدي للتطرف وموجات العنف والكراهية.

الحقيقة أن انتقاد المسلمين على مشاركتهم للمسيحيين أعيادهم، تقف وراءه فتاوى تكفيرية صريحة لكنها تتسلل تحت ذرائع أخرى وبطرق تدعي النصيحة والحرص على التقاليد مما يزيد من تعميق الهوة بين مكونات المجتمع ويسهم في التباعد بدل التقارب، ويصور احتفاليات الآخر طقوسا غرائبية ذات نوايا تستعدي المسلم وتستهدف هويته وكيانه فيبادر المستلبون وأصحاب الأدمغة المغسولة إلى معاداتها ومحاربتها ظنا منهم أنها تشكل خطرا على عقيدتهم.

وفي هذا الصدد يبرر أحد أئمة التكفير على صفحته العنكبوتية، تكفيره للمسلم الذي يشارك المسيحي أعياده بقوله “قد يُعجب المسلمون في غمرة هذه الاحتفالات بالشعائر المسيحية، ومن ثم يتَّبعونهم فيها، لا سيما مع هزيمتهم النفسية، ونظرتهم إلى الكافرين بإعجاب شديد يسلب إرادتهم، ويفسد قلوبهم ويضعف الدين فيها”، ويذهب هذا التكفيري بعيدا في تحاليله وقراءاته للأمر، فيضيف أن “الكثير من المثقفين المغتربين يصفون الكفرة بالرقي والتقدم والحضارة حتى في عاداتهم وأعمالهم المعتادة، ويكون ذلك عن طريق إظهار تلك الأعياد في البلاد الإسلامية من طوائف وأقليات أخرى غير مسلمة فيتأثر بها جهلة المسلمين في تلك البلاد”.

هذا الخطاب الموغل في الجهل والظلامية ينطوي على نفس تحريضي مبطن يدعو فيه المسلمين إلى التخلص من الأقليات الأخرى لأنها تضمر العداء لعقيدتهم وتنصب الفخاخ لضعاف النفوس في رأيه بغية جعلهم يعتنقون دينا غير دينهم، لذلك وجبت مقاطعة هذه الاحتفاليات، لا بل معاداتها ومن ثم محاربتها.

المتطرفون والإرهابيون والمسوقون لخطاب الكراهية دائما يبحثون عن الذرائع لممارسة دمويتهم، وكثيرا ما يجدونها ضمن منطق تلفيقي وبدعوى حماية الإسلام والمسلمين. وبالمقابل فإن حتى المتشددين من المسيحيين في البلاد العربية لم يبادروا إلى مثل هذا التفكير بدعوى الحفاظ على وجودهم وحماية هويتهم من الذوبان في الأكثرية المسلمة، فترى المسيحيين على امتداد العالم العربي يهنئون جيرانهم ومواطنيهم المسلمين بأعيادهم ويشاركونهم الاحتفالات دون توجس أو خوف أو تفكير مسبق.

رغبة الانتقام لدى الشباب المحروم من المظاهر الاحتفالية التي يرون فيها نوعا من البذخ تستيقظ في ظل الأزمات الاقتصادية
لا يمكن بطبيعة الحال تعميم هذه الظاهرة المتمثلة في حملات انتقاد المسلمين المشاركين للمسيحيين احتفالاتهم بالميلاد، فهناك بالمقابل مظاهر إيجابية كثيرة عكست روحا من الوئام بين أتباع الديانتين في العالم العربي هذا العام، خصوصا بعد أحداث ووقائع قرّبت المسلمين من المسيحيين أكثر. ومن هذه الأحداث القرار الأميركي المشؤوم بنقل السفارة إلى القدس وما أعقبه من غضب نتج عنه تضامن مسيحي إسلامي واضح رافقه إلغاء المظاهر الاحتفالية والاكتفاء بالتراتيل والصلوات.

الأمر الآخر الذي يعدّ عاملا من عوامل التقارب بين الديانتين هو بداية اندثار إرهابيي داعش بعد المحنة التي تعرض لها المسيحيون في بلدان مثل العراق وسوريا ومصر، وما سببته من تضامن من طرف المسلمين الذين كابدوا بدورهم وذاقوا الأمرّين من الإرهاب والإرهابيين.

لكن انتشار ظاهرة السخرية من المسلمين الذين يشاركون المسيحيين أعيادهم هذا العام، في بعض الأوساط الشبابية المسلمة على مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنه أن ينذر وينبه إلى أن الجماعات التكفيرية لا تترك مناسبة دينية إلا وتستثمرها لصالح مشروعها الإرهابي، خصوصا بعد هزائمها الميدانية.

وقد ينزلق الكثير من الأبرياء وأصحاب النوايا الحسنة إلى هذا المطب بدوافع أخرى غير دينية، لكنهم سرعان ما يجدون أنفسهم مجندين للفكر التكفيري من حيث لا يدرون ولا يتقصدون، إذ أن الكثير منهم تجذبهم الأساليب التي تزعم النقد والسخرية الاجتماعية. كما أن الأخطر من ذلك هو استيقاظ رغبة الانتقام لدى الشباب المهمش والمحروم من المظاهر الاحتفالية التي يرون فيها نوعا من البذخ والإسراف في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة.

التكفيريون يعادون كل حالات الاحتفال والغبطة والفرح نتيجة عقد نفسية صنعتها عوامل عديدة وزرعها غاسلو الأدمغة من منظري الإسلام السياسي، فهم يريدون عالما عبوسا قمطريرا، خاليا من أي تواصل إنساني، لذلك فإن حملتهم ضد المسلمين الذين يشاركون المسيحيين أفراحهم، لا تقتصر على هذه الديانة بل تمتد إلى المظاهر الاحتفالية التي تغيب فيها الانتماءات الضيقة بدليل معاداتهم حتى للأولمبياد الرياضي واعتباره طقسا وثنيا يخالف الشريعة الإسلامية.

كلمة “خارجة عن تقاليدنا” سلّة كبيرة يضع فيها المتعصبون كل من يناصبونه العداء، وذريعة يتمسك بها التكفيريون لجلب المزيد إلى صفوفهم، وفي هذه الكلمة الهلامية الملتبسة، يكمن ويسكن شيطان الإرهاب.

وعبارة “هذا الأمر خارج عن تقاليدنا” يمكن أن يتلقفها بسطاء الناس بطريقة تلقينية صماء دون أن يفكروا في محتواها ومرماها، ناسين أن الإنسان ما كان له أن يتقدم عبر العصور أو يعتنق أيّ ديانة لو قال يوما لنفسه: هذه ليست من تقاليدنا.


غير متصل النوهدري

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 24150
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي

الإسلاميون المتشددون ، وراء البلايا
في المنطقة والوطن العربي والعالم !
انهم يكنّون حقدا وبغضا لما هو مسيحي ،
وينطلقون من خرافية [ أنتم الأعلون ] ! .