المحرر موضوع: رسالة اعياد الميلاد 2017  (زيارة 895 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الشماس كوركيس حنا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 22
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رسالة اعياد الميلاد 2017
« في: 19:00 31/12/2017 »
رسالة  المحبة والفرح والسلام
 
بمناسبة عيدي ميلاد السيد المسيح له المجد وعيد رأس السنة الميلادية المباركة

إني أبشركم بفرح عظيم يعم الشعب كله فقد ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب - لوقا 2: 10-11
يحتفل العالم المسيحي بعيد ميلاد يسوع المسيح له المجد في كل مكان حسب التقويمين الغويغوري واليولياني باعتباره أعظم حدث تاريخي فريد قد وقع , إنه الإعلان العجيب للميلاد الذي بعث البهجة والفرح والسلام والمحبة في القلوب والنفوس ,  ولعل الفرح الأعظم في  الميلاد هو انه جاء لكل الشعوب , ولكل إنسان متضرع القلب ومستعد لقبوله , وعليه يرتكز ديننا المسيحي ومنه يكتسب إيماننا منذ 2017 سنة , لقد كانت سنوات نور وإيمان وسلام داخلي , بقدر ما كانت سنوات آلام ونكبات واضطهادات , وخاصة على أبناء شعبنا الآشوري ,  الذي كان من أوائل حاملي الصليب على طريق الجلجلة  , لكن إيماننا لم يتزحزح عن طريق الخلاص الذي وعدنا به يسوع المسيح  : طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم  وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين ، افرحوا وابتهجوا فأن أجركم عظيم في السماوات -  متى 5:  11-12   
في مثل هذا اليوم تتلألأ نجمة السماء تدعونا لنفتح قلوبنا للنور تدعونا للمحبة التي هي ينبوع القوة والوحدة والتقدم والازدهار , والتي تبحث عن قلب صادق وصافي ليكون مغارة ليسوع المسيح ، وفي مثل هذا اليوم تقرع أجراس العيد في كل الكنائس , مرنمة  ترنيمات فرح بولادة المخلص , ليملأ صداها قبة السماء , إنها بشرى الملائكة  للعالم المتألم - المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة .
مع حدث ميلاد يسوع المسيح الذي أرسى معالم جديدة لعصر جديد , وأصبح فاصلا إلهيا بين زمنين قبل وبعد الميلاد , كان ثورة على كل المفاهيم القديمة , والقيم السائدة منذ نشوء الكون ولقائمة على السلطة ومفهوم القوة والجبروت , حيث جاء ليلقننا درسا في التواضع والمحيه والسلام ، فكان ميلاده درسا بالغا هاما في التواضع والمحبة والسلام , فأن أردنا الاحتفال بالميلاد لنحتفل بالأتضاع فيه وفينا . ونعرف ما هي الغاية والقصد من الأتضاع وكيف يجب أن يكون الأتضاع ؟ فالاحتفال الحقيقي بعيد الميلاد ليس فقط بالفرح بتبادل التهاني والهدايا ,  ولا هو  بالمظاهر والزيارات . .  أنما الفرح الحقيقي هو أن ننال ونمارس معاني الميلاد في حياتنا اليومية العملية . فعلى كل واحد منا أن يضع أمامه هدف أو تعهد أو وعد جديد ,  ومن الأمور الهامة في الميلاد هي معرفة معنى المصالحة ، وأول درس قدمه المخلص هو المصالحة مع الذات ومع الآخرين , وصنع السلام على الأرض أولاً , الذي يجب ان يكون العنوان الأبرز لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان , تماهياً مع رسالة المسيح للعالم حين قال طوبى لصانعي السلام  . .  وإن السلام على وجه الأرض الآن , هو المطلب الملح الذي يجب ان يسعى كل عضو في هذا الكون لتحقيقه , حفاظاً على استمرار الجنس البشري وازدهار العالم , فما أجمل وأبهى أن يسود سلام حقيقي مكان الحرب والدمار الذي يجتاح أماكن كثيرة من عالمنا .
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ، أين هو السلام الدائم والعادل والشامل الذي أراده الله لكل الناس ؟ أين هو السلام عندما نرى الخصومات والصراعات والحروب والمعانات تتكرر لا بل وتزداد سوءاً وقسوة وهمجية , من قتل وذبح وخطف وتهجير قسري وقمع للحريات,  وإهانة كرامة الإنسان الذي هو أغلى وأثمن ما في الوجود , وخاصة في العراق وسوريا ومصر وغيرها من البلدان , وكم يحتاج عالمنا اليوم إلى روح السلام الحقيقي والذهني ؟
ألا يحق لنا كمسيحيين بصورة عامة , وكآشوريين بصورة خاصة  سلام وإنصاف حقيقي , أين هي حقوق الإنسان وكرامته ؟ وأين هي تلك الملايين من شعبنا  التي كانت تسكن ارض الآباء والأجداد؟ ولماذا اليوم يسكنها ويحكمها غرباء ليست لديهم  أية صلة أو علاقة بهذه الأرض؟ إلى متى يبقى شرفنا وديننا وحضارتنا مهددة بالخطر  , وعلى مرأى العالم المتحضر راعي حقوق الإنسان والتمدن والحريات  ؟ والى متى يبقى ذلك العالم والمجتمع الدولي , وأصحاب القرار وصانعي القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية , صامتين إزاء الجرائم التي ترتكب بحقنا باسم الدين  ؟ وماذا ينتظر هؤلاء  أكثر مما تعرضنا له من ويلات ونكبات في التاريخ القديم والمنظور , وهم يملكون بعض أرشيفاته وثبوتياته الدامية ؟
ورغم كوننا ننتمي إلى عصر الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم , كمنظومة دولية  , ترعى  المنظمات الإنسانية الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق الشعوب الأصيلة , فإن ذلك لم يكن له انعكاس ايجابي قيد أنملة , على أبناء شعبنا الآشوري وقضيته  العادلة في أن يعيش بسلام وأمان في وطنه التاريخي آشور , ويحصل على حقوقه القومية والسياسية  كاملة  على أرضه .
كفى  مظالم ومآسي . . عيوننا تدمع دما ًوتتفطر قلوبنا من جراء ما حدث لنا , والله اعلم  بما سوف يحصل  مستقبلا من جراء العمليات الإرهابية المختلفة من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش  الخرافية وأخواتها وبناتها , من التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تدمر  البشر والحجر , وتحاول جاهدة إعادتنا إلى العصور المظلمة التي جاءت منها , وشريعة الغاب وتعاملنا كأهل ذمة , وتخيرنا بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو الموت . ألم يحن الوقت كي يتحرك المجتمع الدولي ويبذل جهودا وبجدية وبفاعلية , و بمبادرات ايجابية جادة تنهي معاناتنا وآلامنا ,  كوننا شعب متمدن مسالم وعريق , وأصحاب الحضارة والشريعة والتمدن ورفدنا البشرية جمعاء بمختلف العلوم والمعارف  .
نناشد الضمير العالمي في بذل أقصى الجهود والإمكانيات ,لإحلال سلام دائم وشامل قائم على أسس العدالة والمساواة ، يا أمير السلام بدل قلوب كل من يمارس العنف والظلم والقسوة والقوة . . فالبشرية بحاجة اليوم إلى توطيد العلاقات والمحبة  بين الإنسان وأخيه الإنسان  .
يا ملائكة البشر هللوا مبشرين بيقظة الضمير الحي , إن الذين نامت ضمائرهم ساءت مصائرهم .لأنهم اتعبوا أنفسهم ,  واتعبوا العالم بشرهم وعدوانهم للبشرية ,
وأعداء الخير دائما  متربصون يدفعهم الشيطان للشر ولكنهم في المحصلة النهائية لا بد مخذولون ويزولون .
هكذا يوم أراد هيرودس الملك أن يقتل من بين من قتل من الأطفال  طفلا , ولكن هيهات أن ينجح الكائدون المخادعون . وهكذا يوم أراد أعدائنا  بفصلنا عن إيماننا المسيحي ,  ومحو هويتنا القومية , وإزالة وجودنا في ارض آبائنا وأجدادنا ، نقول لهم لا ولم ولن تقدروا أن تفصلوننا عن إيماننا وهويتنا وإنكم مخطئون في حساباتكم لأننا ملح الأرض ونور العالم  , ولا يمكن حجب نور الشمس بغربال  .
 ما أحوجنا اليوم في هذا الميلاد إلى يقظة الضمير والحكمة والعقلانية , لكي نميز الأمور , ونترك الزيف والمظاهر والمصالح الخاصة والأنا والأنانية,  ونهتم بجوهر الحياة والمصلحة العامة لشعبنا وخدمته والتضحية من اجله .
وفي ذكرى العيد نتقد إلى  جميع مؤسساتنا الدينية والقومية بسؤال هام ، ماذا صنعنا ؟ وماذا قدمنا ؟ وهل أكملنا رسالتنا التي تليق بنا ؟ وهل حققنا  طموحات وتطلعات أبناء شعبنا ؟ هل حققنا المحبة  الصادقة والوحدة ؟ فليس منا من هو قوي بمفرده مثلما نكون جميعا معا - وما أحسن وما أبهج أن يسكن الأخوة معا  بوئام_- مزمور 1:133.
والوحدة والانسجام لا تأتيان بالقوة بل يجب أن تكون نتيجة الاستجابة الحرة لقلوب راغبة , ولكن للأسف  لا يوجد انسجام كما ينبغي بين  مؤسساتنا الدينية والقومية , علما بأن الانسجام هام وضروري جدا كونه يجعلنا مثالا  ايجابيا أمام العالم , ويعمل على جذب الآخرين إلينا  , ويساعدنا أن نعمل كفريق واحد - ليكون الجميع  واحدا   أيها الآب كما انك  أنت في وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا لكي يؤمن العالم انك أنت  أرسلتني - يوحنا 17 :21 ، وهذه أعظم رغبة يطلبها المخلص لتلاميذه هي أن يكونوا واحدا ,  وصلى يسوع له المجد من اجل الوحدة بين المؤمنين ,_وكانت جماعة المؤمنين قلبا واحدا ونفس واحدة , ولم يكن احد يقول أن شئ مما عنده هو له وحده ، بل كان كل شيء عندهم مشتركا _-  أعمال الرسل 4 :32 .
إن الاختلاف في الرأي ضرورة حتمية بين البشر يمكن أن تكون مفيدة إذا أحسنت معالجتها , على إنني أيها الأخوة أتوسل إليكم باسم يسوع المسيح ,أن يكون لجميعكم صوت واحد وان لا يكون بينكم انقسام , وإنما كونوا جميعا موحدي الفكر والرأي _- 1 كورنثوس 1:1 ، رغم الاختلافات فأن جميع المؤمنين يشتركون في شيء  واحد , هو الأيمان بالمسيح وعلى هذا الحق الأساسي تقوم وحدة الكنيسة , وقد تكون هناك اهتمامات ومواهب مختلفة لكن ليس لدينا جميعا سوى هدف واحد ، إننا أعضاء في جسد واحد وروح واحدة ومستقبل واحد , ومصير واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة ومن عائلة واحدة . .
وهذا ما يؤكده ما حدث في عيد الميلاد حيث اجتمع في مغارة  بيت لحم :  الرعاة والمجوس والملائكة والسيدة العذراء , ويسوع في المذود   ،  الميلاد يجمع المتفرقين إلى واحد . إذن  لتجتمع  وتتوحد مؤسساتنا الدينية والقومية  لأن الميلاد واحد والقيامة واحدة ، ولقد تحقق مجد الله بولادة يسوع _- اليوم ولد لكم المخلص _ لوقا 1:1 هو عمانوئيل  الله معنا _ متى 1:23  . جاء المسيح حقا نور للعالم من لحظة ميلاده إلى فجر قيامته تمت نبوءة اشعيا _- الشعب السالك في الظلمة أبصروا نورا عظيما ، وعلى السالكين في بقاع الظلام أشرق عليهم نور _ اشعيا 9:1 .
عيد ميلاد سعيد وسنة جديدة 2018 مباركة . مليئة بالأفراح , وان يعم السلام  والأمان والاستقرار في جميع بلدان العالم , ونتطلع إلى اليوم الذي ستنتهي فيه كل الخصومات والحروب والصراعات  , وان تعود الابتسامة إلى وجوه  أطفالنا أسوة بباقي أطفال العالم . . وان بعود وطننا التاريخي لنا أسوة بباقي شعوب الأرض  .
وكل عام وأنتم بألف خير . . والعالم بسلام

                                                                                                             الشماس كوركيس حنا مشكو
                                                                                                       25 كانون الأول 2017 م / 6767 آ