كتب الاخ الكاتب ابرم شبيرا مقال يشيد بما تقوم به ابرشيه استراليا للكنيسه الاشوريه وخاصة في مشروعها الكبير وهو كلية مار نرساي ودورها في تعليم اللغه السريانيه ومدى تاثير تعليم هذه اللغه في نشر الوعي (القومي) لدى ابنا شعبنا. ومن مضمون المقال يستشف قناعة الاخ شبيرا ان هكذا مشاريع يجب الاكثار منها لأنها بالمحصله تخدم قضية شعبنا المصيريه.
لماذا مقالي هذا:
يعاتب الاخ ابرم شبيرا من يسميهم (القومانيين) الاشوريين – وهنا كما ارى انه يقصد المهتمين بالشأن السياسي من ابناء شعبنا ولكن تسميته لهم بالاشوريين كما يرى هو حق له اما بالنسبه لي فأنا لا تهمني التسميه التي لا تغير هوية من على (ظهر الفرس) ان كان محارب او فارس اوخيال.... كوني احد ابناء هذا الشعب وتهمني مصلحة ومصير شعبنا اعتبر نفسي ملزما ان ابين وجهة نظري من منطلقات موضوعيه قد تختلف مع وجهة نظر السيد شبيرا واخرين وقد تتطابق مع وجهة نظر غيرهم.
لماذا ابرم شبيرا:
ولماذا اتجاوب مع اراء البعض من ابناء شعبنا من امثال السيد شبيرا فذلك يعود لضرورة البحث عن والتفاعل مع افكار الذين يحملون درجات عاليه من الوعي يحق لنا التمني ان يكونوا (حصان طرواده لأنقاذ ما يمكن انقاذه) ونعقد عليهم العزائم ان يرتقوا بمستوى الوعي الثقافي العام والسياسي الخاص لأبناء شعبنا الى مستويات اعلى مستقبلا
سابقا وصف المرحوم الدكتور حبيب تومي الاخ ابرم شبيرا ب(المنظر) للحركه الديمقراطيه الاشوريه وذلك اعتقادا منه بأن السيد شبيرا عادة ما يعطي الاسبقيه او الاقدميه للحركه على غيرها من التشكيلات الحزبيه المنسوبه على شعبنا ولكن رغم عدم وضوح معالم كلمة المنظر السياسي هنا مع كونها اسمى او اعلى مرحلة من عملية التحليل السياسي فانها تضع السيد شبيرا في مرتبة المفكرين السياسيين الذين سبق وان كتبت مقالا توضيحيا عن (مكانة وادوار العاملين في حقل السياسه من مفكرين يرسمون الرؤى العامه والمستقبليه وفعلة حزبيين مسؤوليتهم التفاصيل التي توصل الامور الى الرؤى العامه والغايات المستقليه والببعيدة المدى), وكما يشرحها ايضا الاستاذ خوشابا سولاقا بما يمثل العمل (الاستراتيجي والتكتيكي - الرابط ادناه) اي ان السيد شبيرا في كل الاحوال يقع ضمن المفكرين النخبه الذين تقع عليهم مسؤولية وضع الاهداف والمتطلباتت الاستراتيجيه القريبه والبعيدة المدى والذين نحن كشعب مقصرين في البحث عنهم وجمعهم ووضعهم في مصافي القوم, والذين بالضروره ايضا يجب ان يكونوا مستقلين رغم ان الاستقلال المطلق لا يمكن تحقيقه لأنه لا بد ان يكون لنا جميعا وبدون استثناء شيئا من الانحياز ولو جزئيا رغم محاولاتنا اخفاءه وعدم اظهاره. ولأهمية موضوع النخبه والمفكرين اضع في الاسفل روابط مقالي السابق بهذا الخصوص وايضا مقال الاخ الموقر خوشابا سولاقا.
مناقشه لفكرة المقال موضوع البحث:
يرتكز السيد شبيرا في موضوع مقاله على مشروع كلية مار نرساي التي تقوم بها الكنيسه الاشوريه الموقره. في البدء يجب ان اعترف اننا اذ نرى اية مؤسسه تربويه او تعليميه بالذات او خيريه او غيرها تحمل اي من الاسماء التي تعتز بها شريحة من ابناء شعبنا هي بلا نقاش محط افتخار ومدعاة فرح واننا نحن المشرقيين نتميز بكوننا عندما نتفاخر بالاسماء تتحرك الدماء في شرايين وجوهنا. ومن جانب اخر, هنالك نقاط عدة اثارها المقال تختلف درجة اهميتها فمنها تأكيده على ان يكون الخطاب السياسي يحمل الطابع العملي ولا يكون رومانسيا وحالما ودور المشاريع التربويه (القوميه) على حد تعبيره بغض النظر –حسب فهمي- عن كلفتها فهي ضروريه رغم تحديات المرحله.
لا اود الخوض في دراسة ووصف الناحيه الخطابيه لمقال الاخ شبيرا من الناحيه الرومانسيه والاحلام وتقييم الافكار الوارده فيه ومحاججتها ان كانت فعلا واقعيه ولا تسقط في محض الخيال لأنني اود مناقشة الافكار الوارده فيه من الناحيه العمليه بدلا من النقد والوصف والدخول في مماحكات لدينا امور اهم للاهتمام بها, ولذلك علينا توضيح موضوع قيام الكنيسه على مر الزمان بالمحافظه على اللغه السريانيه ومحاولة تعليمها للكنهه والشمامسه اولا وثم العامه مؤخرا:
بلا شك, ان ما ورثته الكنيسه من تراتيل والحان وارث ثقافي وحضاره وتنشئه مسيحانيه ومؤلفات باللغه السريانيه من الاباء والقديسين القدامى من امثال مار افرام السرياني وغيره (يوم كان التفاني بالايمان - ليخلقوا حبة خردل من الايمان في ذواتهم - هذا التفاني الذي اضمحل بريقه واصاب الاجيال اللاحقه يأس من التمكن منه) كان اسهل على اباء الكنيسه المحافظه عليه ونقله للاجيال اللاحقه من استحداث البديل الشاق والمكلف والمتعب عنه, وذلك بتعليم رجال الاكليروس الزاميا والعامه طوعيا اللغه الحامله لكل هذه المكنونات. ومن المؤكد ان يكتشف رجال الكنيسه من خلال التجربه انه عند تعليم اللغه تقوم مفردات اللغه الداخله الى عقل الانسان بدور المهيض الذي يقدح شرارة الصفات المنقوله عن طريق (الدم) من الوالدين لابنائهم والتي تمكن علماء الوراثه لاحقا من وصفها علميا بالحمض النووي المسمى ال(ار ان اي) النسخه المشتقاة من الحمض النووي للوالدين المسمى ال(دي ان اي) حيث ان هذه الموروثات تبقى مخزونه في العقل الباطني للفرد بأنتظار عوامل او مفاتيح لتحفيزها ورفعها نحو الاعلى, وهذا ما يقوم به تلقين لغة الاباء للابناء. وحتى تلقين حكايات من نشاطات الاباء والاجداد والتي كانت تعرف لدى العامه ب(بتحريك الغيره) لدى الابناء والتي شرحنا تفسيرها العلمي استنادا على تفسيرات علوم الوراثه والنفس والتربيه. اضف الى ذلك, وبحكم النظام الديني لكنائسنا المشرقيه وخاصة ذوات الطابع الارثودكسي المحافظ, فمن الطبيعي ان تحاول الكنائس ابقاء العامه على النهج الراديكالي المحافظ وان ايجاد الوسائل التي تبقي الاجيال محافظه على نفس الثقافه المتوارثه, سوف يحافظ على قوة السلطه ومهابة الكنيسه ورجال الاكليروس ومكانتهم في المقدمه سواء خدمة لاغراضهم الشخصيه او المحافظه على تعاليم وافكار رساله المسيح ورسله ومن اهم هذه الوسائل كانت اللغه السريانيه مما ادى الى انتشارها او محاولة الكنيسه لنشرها لدى العامه بعد ان كانت محصوره لدى الاكليروس من كهنة وشمامسه فقط.
هنا, نرى انه ليس هنالك اشكاليه مع الاهتمام باللغه سواء كانت لنقل الثقافه والتراث العريق وميزات التنشئه للاقدمين الى الاجيال الللاحقه او تقويه الوعي القومي بحسب المفهوم السياسي الحالي كما يراه الاخ شبيرا. ولكن اعتمادا على ان مصطلح او مفهوم القوميه هو تعبير سياسي كغيره من المصطلحات السياسيه المرحليه نسبيا بوجود البديل المتوفر كمصطلح الوطنيه والهويه, اي كمثله كمثل مصطلح (الاستعمار) الذي ازهق ملايين الارواح ثم اندثر او انه في مراحل الاحتضار ولذلك استطيع القول ان الحديث عن تعليم اللغه من الاصح ان يأخذ الطابع الثقافي بدلا من الطابع القومي.
وفي الوقت الذي لا يقلل شرحنا اعلاه من اهمية الاهتمام باللغه وبناء وتأسيس المؤسسات التربويه التابعه او الحامله لهوية شعبنا في المهجر. الا اننا علينا تحليل الامور بنظره عمليه وواقعيه ونضع النقاط على الحروف للتمييز بين المهم والاهم وضمن التوقيت الزمني – بالطبع غير هاملين للاستراتيجيات بعيدة المدى.
بنظره سريعه على وضع شعبنا على ضوء المستجدات وتسارع الاحداث في مناطق تواجد شعبنا في الداخل عموما ومنطقة سهل نينوى خصوصا (من الضروري التذكير ان منطقه سهل نينوى بلا جدل هي اخر قلعه يمكن البناء عليها للذين ما زال لديهم الامل بتأسيس كيان او بذرة كيان لشعبنا وجمعه من الشتات)
وبالارتكاز على القاعده التي ذكرها الاخ شبيرا (حماية الذات ناموس الحياة) وطبيعة الصراع من اجل البقاء اذ علينا المحافظه على الوجود في ارض الاجداد وارساء اسس بناء كيان حتى ولو بشكله المصغر وليس بالضروره ان يحمل اسم معين في البدة ولكن يحمل هويتنا الخاصه والفريده وتقويته اقتصاديا وثم العمل على تتطويره وتوسيعه في المراحل اللاحقه. اننا بهكذا اتجاه قد نستطيع ترسيخ شيء ملموس على ارض الواقع او في اسوأ الاحوال نكون قد زرعنا فسيلة ربما تستطيع الاجيال القادمه قطف ثمارها.
ان تركيز الجهود والامكانيات في هذا الاتجاه افضل من هدرها في مشاريع تتحكم بها التكهنات ضمن مفاهيم جدلية النفع في وقتنا الحاضر وقد تكون غير فعاله في المستقبل, او لربما هذه المشاريع التي يراهن على نتائجها القائمين عليها الان قد تستنزف الامكانيات المتوفره حاليا وقد تضع عجزا ماليا واقتصاديه تتسبب بازمات مستقبليه. وجدير هنا بالتذكير اننا اذا بقينا نضع تفسيراتنا على ضوء نظريات جدليه سوف نفقد حتى القليل الذي ما زلنا نملكه الان وتحديدا كما هو مفهوم ومتعارف عليه من قبل الجميع ان مناطق سهل نينوى التي تحمل طابع وهوية ابناء شعبنا اذ الملاحظ اننا بدأنا نفقدها تدريجيا ضمن مخطط التغيير الديمغرافي المقصود واذا لم نتدارك العمل الجاد لاستعادته ضمن خطه اقتصاديه وليس سياسيه (كون وضعنا لا يدعوا الى التفاؤل في ميزان المعادله السياسيه الحاليه) سوف نفقد اخر امل لزرع فسيلة كيان يحمل طابع وهوية شعبنا. فبعد ان خسرنا مناطق تواجد شعبنا في المناطق الجبليه بعد ان تم طمس معالم هويتنا فيها من قبل الترك والكرد وما يقومون به من محاولات لبسط نفوذهم على المناطق السهليه ويبادلهم المنفعه والتوجه عرب الموصل وحتى الشبك وغيرهم.
بالعوده الى مشروع كلية مار نرساي وكلفة المشروع البالغه 32 مليون دولار. من المؤكد ان ابرشيه استراليا يوم بدأت المشروع لم يكن تحت يدها هذا المبلغ الكبير, ولا حتى اية ابرشيه من ابرشياتنا تملك ولو جزء من هكذا مبلغ. ولهذا فأن هكذا مشاريع تعتمد بالاساس على الاقتراض من المصارف المحليه على ان يتم تسديدها ضمن خطط تطول مدتها ل30 عام على الغالب وبفوائد اثبتت التجارب المشابه فيما مضى انها كانت عبأ على الكنيسه فغيرت من توجهات الكنيسه الروحيه الى توجهات ماليه بغية اخراج نفسها من الافلاس. وكتحصيل حاصل فأن مشروع كهذا سوف يستنزف امكانات الكنيسه الحاليه والمستقبليه لأن تبرعات المؤمنين المستقبليه سوف تكون غالبيتها لتسديد (المورتكيج) المصرفي ويجمد معظم النشاطات المستقبليه لأنه وعلينا الاعتراف ان اي نشاط تقوم به الكنيسه لا يخلو من الاعتماد على الامكانيات الماديه المتوفره.
الخلاصه:
مما تقدم يتضح انه اذا كان (المهم) هو بناء هكذا صروح وبهذه التكلفه لغاية زيادة (الوعي القومي) فليكن مقترح الاخ شبيرا من اننا يجب ان نهلل لهكذا مشاريع ونعمل على تشجيع وحث الاخرين على الاكثار منها صحيحا. واما ذا كان الاهم محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه نتيجة الامواج التي تتقاذف ما تبقى من شعبنا في ارض الاجداد فلنضع امكاناتنا الحاليه والمستقبليه لتقويه وجودنا في الداخل اقتصاديا لخلق نقطة جذب يكون مستقبلها على المدى البعيد هجره عكسيه.....
تبقى امنيتي ان لا يفهم من هذا المقال انتقاصا من دور كنائسنا بالقيام بهكذا مشاريع وانما قصدي ان يعيد الاخ شبيرا النظر في رأيه بهذا الموضوع لأننا صادقين ان شعبنا بحاجه الى كتابات وافكار الاخ شبيرا الذي بكل تأكيد سوف يشرح قلبنا ويؤكد انه لم يكتب هذا المقال لتقديم شريحه من شرائح شعبنا على الشرائح الاخرى وايضا انه يعمل على تقويم المؤدلجين من الكتاب نحو السبيل الجمعي والوحدوي.
نذار عناي anayeenathar@
رابط مقال الاخ شبيرا موضوع النقاش:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,862511.0.htmlرابط مقالي بخصوص ادوار العاملين في حقل السياسه:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,848389.msg7537701.html#msg7537701 رابط مقال الاخ خوشابا سولاقا عن الاستراتيجيه والتكتيك في العمل السياسي:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,862179.msg7559385.html#msg7559385