المحرر موضوع: حتى أنت يا(حنّة) ؟!  (زيارة 1195 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماركريت خاميس

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
حتى أنت يا(حنّة) ؟!
« في: 20:40 13/01/2018 »
حتى أنت يا(حنّة) ؟!
ماركريت خاميس _السويد
.......................................................................
هذه المقالة  اكتبها لوطن طالما احسسته كائنا حيا يسري حبه في شرياني .
وقد استوحيت كلماتي من دعوة كريمة قدمتها صديقتي الوفية الدكتورة
آمال سويدان وهي تشجعني لزيارتها ، لزيارة بغداد،لزيارة وطني !
فهل يستطع قلبي ان يكسرقيود غربة اعيشها منذ سنوات طويلة ؟!
..................................................................


-هيا اهدأ ..مالك تتقافز كطفل اكتشف خطوات المشي الاولى للتو..مالك ياقلب تنتفض بكل هذا الفرح..وماله النبض قد استفاق من سباته..اهدأ ايها القلب الا تخاف من ان يضيّع نبضك خطواته المتسارعة بين الشرايين؟! وانت ياعقل مالك لا تفرض قوانين الحكمة والنضج مثل كل مرّة ،مالضحكات الفرح توعز بها لهذا المتصابي الذي يحاول ان يخرج من بين ضلوعي !!اين معاييرك  ياعقل؟!وتلك المقاييس الصارمة بل والقاسية التي فرضتها على حياتي طوال عقود ..هل نسيت كيف كنت تضغط على القلب بحجة انه يجب ان ينضج ويكبر!!تضغط على هذا المسكين لمجرد ان ذكرى او شوق حط على عتبته وأرضه..هل نسيت ياعقل كيف كنت توبخ القلب الصغير بقسوة حتى نسى كيف يخفق! والنبض عاش سبات اهل الكهف!!! مالك اليوم تبارك للقلب نشوته الطفولية ..لماذا لا تلجمه ككل مرّة وتذكره بالعبر والتجارب وبسنوات العمر التي تتراكم على قامة الروح والجسد ايضا!!لماذا لا تذّكره بكل تلك المعارك الخاسرة التي خاضها ليثقل بها على العمر !!
- اهدأ يا قلب .. ماذا بك ،ماذا حدث.. بهدوء تكلم لأفهم !!
لقد سمعت صوت الحبيب !
- اي حبيب هذا ؟ مالك تهذي ؟ و انت يا عقل .. اراك موافقا و تنكر ان معارك خضناها مع هذا الحبيب لم تكن ابداً خاسرة !!لماذا يا عقل ما زلت  تصّرعلى ان تلك الهزيمة كانت الاجمل والاصدق..بل هي المعركة الوحيدة التي مازلت لا تريد نسيانها!!وتتذكركيف كنت تخط نياشين النصر رايات تعلقها على هامات سنوات العمر وماعرفت انها شواهد تغرسها على قبر ربيع العمر الذي انتهى وهو لم يكمل شبابه بعد!!
- وتواصل اصرارك .. وانت مازلت تردد انها معركتك المجيدة التي لا تريد للزهايمر ان يقترب من ذكراها معلنا ان مواسم الحزن التي عشتها لم تكن الا اعذب المواسم! فما قيمة الحراب اذا لم تسن لتذبح بسلاسة شرايين الحب في قلب زهد قبل كل الزاهدين!!
- اهدأ ياعقل ، فقد فات الاوا ن على مغامرات تخوضها افكارك و خواطر تهاجم وحشة ليلك و تنام على سرير وحدتك وتعبث بما تبقى من وقارك و هيبة غلفت بها نفسك ثوبا لا يستر رغبات ما عادت لها رغبة!!
- اهدأ ياعقل وتذكر جيدا وذّكر القلب ..انها ستون عاما بالتمام والكمال!!كيف تصحو من غيبوبتك وتستدل على صوت الحبيب ..على صدقه وكلماته وتلك العبارات!!!
- ايها العقل الحكيم مالك تتلاعب بالقلب وتذكره بكلمات طبعتها على خلايا الدماغ ، دفنتها بين الاخاديد العميقة واليوم تخرجها بكل سهولة وكأنها قيلت اليوم بل وتهمسها في اذين القلب الذي استكانت جراحه..تشجعه كاشفا عن سر اسم الحبيب!!
- اسكت ياقلب لا تسألني عن اسم اي حبيب ،فلا حبيب ،لا قديم ولا اخرجديد!!
اذا،من كان ذلك الانسان الذي منحته الحق ان يغير اسمك ..بالله
عليك.. ماذا كان يسميك؟!
- لم يسمّني احد الا أمي.
هيا اعترفي !ماذا كان يسميك؟!
- كان يسميني بمختلف الاسماء ؟!ربما وفق مزاجه في كل يوم !!
فمرة يسمني محبة واخرى سلام ،كنت مريم وفاطمة، وفي احيان كان يسميني مجدا، وحين تتجمع الغيوم في يوم رمادي كان يسميني اشجان وحين يتيه مابين الحقيقة والوهم  كان يسميني سراب؟!وكلما مشينا في شارع الرشيد كان يسميني بغداد ؟ واحيان كنت الرصافة واخرى كنت الكرخ..لقد كان عاشقا مجنونا!! كلما زرنا الموصل سماني الحدباء ، وفي البصرة كان اسمي الفيحاء!! وفي بابل كنت عشتار، ومرة انا سمير اميس واخرى كنت سومر!! حتى اني نسيت اسمي !!
لماذا كان يسمّيك حنّة؟!بل كان يأتيك معاتبا وهو يردد ملئ السمع (حتى انت ياحنّة )؟!!!
- لم تكن تلك الا عبارة  في كتاب قرأه حينها ..حيث البطلة في (الاشجار واغتيال المرزوق ) كان اسمها حنّة !! كلما غضب جاء يعاتبني ويقول ( حتى انت ياحنّة ) ؟!
وماذا فعلت هذه ( البطلة) لتستحق العتاب؟
- لم تفعل شئ ،ماتت !!
ماتت؟!
- نعم ماتت ،ربما هي خطيئتها الوحيدة !!
يعاتبها لانها ماتت؟
- نعم .. كان يعاتبها لانها ماتت وتركته  وحيدا غريبا !!
هي من ماتت وهو بقى.. فلماذا يعاتبها؟!
- الا تعرف ياقلب حتى الان ان الغربة هي احد انواع الموت ،الموت الواقعي ينتهي مع لحظة الموت ..اما موت الغربة فانه لا ينتهي ،بل يتواصل ،فكل يوم يحمل الميت تابوته على ظهره ويحضر مجلس عزاءه ..وفي اليوم الثاني يموت من جديد وينصب له مجلس اخر للعزاء..هكذا ،لا شئ ينتهي لينهي العذاب..بل الميت يبقى حاملا تابوته لانه لا يعرف على اي ارض سيدفن!!
ماهذه الفلسفة السوداوية !!
- لا عليك ياقلب  ،انسى الموضوع!!
- اسمع ايها العقل وانت ياقلب ..لا اريد ان احاكمكما لكنني اذكركما فقط انها عقود طويلة لم تعد تصلح لا للحب ولا لاستجداء المشاعرالمدفونة في اعماق روح شاخت !!
- لا يحق لكما اليوم الافتراء عليّ لا يجدي معي ابدا .. أنا لم اصده يوما كما تظنون.. او ربما صددته عن حياتي لكنني لم اصده عن قلبي وروحي لانه كان بالاصل يسكنها!! وكل ما كنا نفعله معا نحن الثلاثة ،هو ان نبعده عن حياة تشكلت بطريقة خاطئة وظالمة ماكانت تليق وتستوعب وجوده ،لذلك قررت ان يكون معنا وبعيدا عنا !!!
اليوم لا نريد ان نقول لك  ولا نعد !! هيا لا تعودي لحب طالما سقاك الشهد لكنه تحول في النهاية علقما !! ولكننا نقول لك هيا اكتبي له رسالة  ،على الاقل اجيبي على رسالته ..
- ماذا اقول له؟!
قولي له انه مازال صديقا للعقل والروح والقلب ، بل مازال يحتل من مساحاتها الاجمل والارحب..وقولي.....
- ارجوكم.. لا استطيع لا اريد ان اتصابى على سنواتي الستين..
ليس تصابيا ..بل رسالة صدق وعهد وفاء
- ﻻ..لا استطيع .
قولي له (حتى انت يا حنّة )؟!
- لا ..لا احد يقولها لي سواه..ارجوكما لقد نسيته ..كان ذلك زمان ليس اليوم بزماني ..كان مكانا لم يعد مكاني!!
 اسمه ، ماكان اسمه؟
- لقد نسيت اسمه!
نسيت؟!
وينتفض العقل:
هل تريدين خداعي..والاسم مازال محفورا في اعمق خلايا دماغي ومتربعا وكأنه لم يغب عنك يوما واحدا  ..لا تتظاهري بالنسيان...
- لا اريد ان اتذكر!!
لماذا لم تنسي صوته وانت تحدثته عبر الهاتف ..وترددين اسمه بين عبارة واخرى كشفرة سحرية لا تريدين ان تغادر لسانك!!
- هيا ..طبعا اتذكر اسمه...
ماكان اسمه ..هيا قولي..
- كان افضل الاسماء!!
كان فاضلا؟
- نعم كان فاضلا وصادقا وحميدا وكريما..كان اسمه دجلة كان الفرات ، كان بابل وكان.....
وطيبا طبعا؟
- ياالهي .. بل ابا الطيبة كلها؟!الم تعرفوا حتى الان ان كل اسماء الاحبة تجتمع عند كنيته لتنتهي عند اسم واحد موحد ..نعم كان اسمه وطن!!
نعم كان اسمه العراق!!
- هيا لماذا تتهامسان بينكما؟!انا اسمعكما جيدا ..واعرف هذه الابتسامة اللئيمة..انكم لا تصدقوني..
لا ابدا ..نحن نصدقك!!هيا اكتبي له..اكتبي للوطن!!!
- ماذا اقول له..انها سنوات طويلة..لا اتذكر شئ....
انت جبانة ..وكنت جبانه معه دائما..بل كنت خائنة ...غدرت بحبه طوال سنوات....
- لا تلفق ياعقل لي التهم، بل كنت أصدق النساء..هيا ياقلب لماذا لا تدافع عني ؟!
ماذا يقول لك ؟!انا من كنت اعرف مايدور في راسك، ومن على شرفتي كنت تخططين  لهجره ،للغدر بقلبه الصغير ..كنت تريدين مغادرة ارض حبه ورياض محبته!!
- اي غدر، اي هجر؟!ماذا تقول ....
- ماذا كنت سأفعل ..لقد تغيير،واصبح قاسي القلب ،كان يتشاجر معي كل يوم ،يخوض معارك لا تنتهي، مع كل من يحبه!!

لقد احبك في كل لحظة..وانت ماذا كنت تفعلين ...هل تتذكرين كم مرّة قال انه يحبك دون ان ينطق بكلمة واحدة..وانت كل ماكنت تفعلين هو كيف تصدين ذلك الحب...وترحلي وتتركيه وحده !!
- هيا ياقلب انت الحكم والقاضي ...
مهلا ياعقل..لا استطيع ان اشهد زورا على كلامك.. لقد احبته هي ايضا..لكنها كانت تتصرف عكس ذلك،حيث كان لها ظروفها
اية ظروف..الحب يتجاوز كل الظروف...لذا اقول انها كانت جبانة!!
- مابك ياعقل ..لا اريد ان احب احد ،ولا اريد اليوم ان اعترف بأي شئ..ولم يكن هناك من يحبني ..لقد كنا نتخاصم كل يوم ،كنا صغارا في السن !!ﻻاريد ان تذكرني بأي شئ ..لا اريد هذا الحوار!
هيا انهزمي مثل كل مرة..
- اامرك ان تتوقف ....
ساتوقف ..لكن ليس قبل ان اذكرك بمواسم الصد تلك..كان ينتظرك كل صباح ،فتشحذين سيوفك، وتبتعدين  عنه حتى قبل ان يقترب !!
- كنت مجبرة!
كنت مجبرة !!
وماذا قلت لنفسك حينها ،ماذا قلت لعنفوان الشباب ذلك الذي كان يملئ عيونه وهو ينظر اليك وانت تغادرين رياضه في لحظة ؟!
- ليست هذه الحقيقة ..ايهاالعبقري!!
 اذا ماهي الحقيقة..
- لماذا لا تنصفني حتى بعد كل هذه السنوات؟! هو من دفعني لاختيار مكان اخر وتصرفاته دفعتني للابتعاد عنه  دفعني لاغير عنواني !!
بل غيرت حتى انتماءك اليه !!
- حتى انت ياقلب ؟! آه منك..تهتم بمشاعره ولا تنصف مشاعري!
- ماذا بكما،وعلى ماذا تعاتباني؟!على حياة عشتها ولم امتلك قرارها..ماذا كنت سافعل وكل ابواب المحبة اغلقت في وجهي وباحكام!!
نحن لا نعاتبك ..هيا انسي ماكان وماحصل ..هيا امسحي دموعك ..واكتبي خواطرك وابعثي بها وفاءا لصداقة قديمة!
- ماذا ساكتب ..هل تريدني ان افرض عليه مشاعر انتهت قبل عقود !
ماذا بك..ألم تقراءي رسالته لك ..الم تسمعي صوته حنونا وهو يدعوك لموعد !!
- ياالهي .. ليس موعدا ، بل مجرد لقاء؟!انه مجرد لقاء وفاء لصداقة قديمة !!
من تردين ان تخدعي بكلماتك هذه؟وانا أقرأ افكارك كلها ، وانت ياقلب هيا احكي لقد تعبت انا.
هل تعرفين ان العقل يتكلم بصدق ..وانا من اشعر بنبضك ..هاهو الشباب يعود لمشاعرك وانت تعيدين قراءة سطور كتبها لك..تلك السطور التي تعيد البريق لعيونك ..نعم صدقي هو من كتب لك بتلك الاصابع نفسها ليقول لك (انك تلك الوفية  الكريمة  ،والعزيزة دوما)!كم مرة قرأت كلماته وانت تستعجلين السطور لتصلي الى هذه الفقرة!!
- لا ادري لماذا قال لي هذه العبارة؟!لم اكن انتظرمنه اي شئ..لا ايحاء ولا ذكرى حتى صغيرة!
لكنه قالها بلغة فصحى واضحة لا تقبل التأويل فاحت منها رائحة المحبة.
- ماذا اقول له ..هل اكتب له ذكريات ماعاد احد يريد ان يتذكرها..ام اكتب لزمان ليس زماني ، وربما اكتب لمكان لم يعد مكاني!!
اكتبي اي شئ ..كوني نفسك ،فالصدق لا  يحتاج في مساراته لدليل او مرشد ليصل الى عقل الحبيب وقلبه!!
- وهل تتوقع منه أن يجيب رسالتي ؟!
لننتظر..وهل هناك من مهمة اخرى لك في حياتك الان سوى الانتظار..الم تصرحي لنفسك في اكثر من مرة ان حياتك اليوم اصبحت عبارة عن انتظار(غودو) !!بل  انتظار ما لا يأتي!
- لا.. انا انتظر رحلتي الاخيرة التي يجب ان تاتي!!
انتظري رحلتك او انتظري الموت!!ولكننا نحذرك وانت تسيرين بمحاذاة عمر مرّ لا تتوهمي قط انك تسيرين الى الى بوابة ربيع العمر..لا تتوهمي ابدا لان تلك البوابة الاثيرة لروحك قد اغلقت منذ زمان ..لا تتوهمي ابدا انك في طريق العودة الى الجنة ،حتى ان كانت الطريق تفوح بعطر القرنفل والجوري والرازقي المذهل!!لا تتوهمي ابدا ان هذا العطريشبه ذلك الذي تختزنه ذاكرتك لعطر الحبيب الاول والاخير!!حيث يشبه رائحة صباح عراقي جديد !!