ازمة تضامن...اغلبية ابناء شعبنا في الخارج لم يعدو مستعدين للتضامن والتعاضد مع ابناء شعبنا في الداخل ولم يعدو مهتمين باية حقوق في العراق.من بين ما نقرائه وشاهدناه بين الشعوب التي تعرضت الى الاضطهاد هو ان قوتها في سبيل اعادة تحقيق حقوقها يكمن في ثلاثة مقومات ضرورية:
التضامن والتعاضد والمشاركة.
التضامن والتعاضد نراه بين هذه الشعوب في تظاهراتها ومسيراتها المستمرة من اجل نشر القضية في العالم ومن اجل جعلها كعامل ضغط الى ان يتم تحقيق حقوقهم. والمشاركة كنت انا وضحتها في عدة مداخلات لي وتعني مثلا بان تقوم الكنائس بعمل مناسبات مشتركة مثل مشاركات تراتيل مشتركة بين كنائسنا وعمل قداس مشترك بين كنائسنا الخ لغرض تقوية الاواصر بين ابناء شعبنا ولتقول الكنائس بان ذلك هو من اجل تعزيز الوحدة التي نمتلكها اصلا وهذه اعتبرتها افضل بمليون مرة من رفع شعار الوحدة والذي بقي عند البطريركية مبهم ولم يفهمه احد والذي امتلك رسالة تقول بان يعتبر ابناء شعبنا انفسهم مقسمين , فشعار الوحدة هذا كان مضحك جدا ولم يؤمن باية مشاركة. الا ان هكذا مشاركة تحدثت عنها تم رفضها من قبل رجال الدين.
وقضية التوعية بضرورة التضامن والتعاضد والمشاركة هي عملية بالنسبة لي تعني كيف نقوم بها اي ما هي الطريقة؟ ماذا فعلت الشعوب الاخرى؟ ماذا يحتاج كل فرد منا؟ كيف يمكن تحقيق المبادرة؟ الخ وليس بان نقول لابناء شعبنا بان هناك اضطهاد ضد المسيحين في العراق لان ذلك معروف لكل مسيحي.
اكبر مشكلة في هذا الموضوع هي كما يلي:
- الاحزاب والكنائس تقول بان هناك اضطهاد بالتحدث عن حدث معين وهذا تقوله لابناء شعبنا ويسالون اين دور المثقفين والمفكرين.
- المثقفين والمفكرين يكتبون عن نفس الحدث ويقولون اين احزابنا وكنائسنا وابناء شعبنا.
- ابناء شعبنا يقولون اين مثقفينا وكنائسنا.
اي انها عملية قيام كل طرف برمي الكرة الى ساحة الاخر وهكذا تبقى الكرة فقط في دوران داخل حلقة مغلقة. وهذه فلسفيا مشكلة معروفة من ناحية العلاقة بين الفرد والاخر.
فعندما يقول كل فرد بان الاخرين هم الذين سيفعلون فان كل فرد هكذا ينسى بانه ينتمي الى الاخرين ايضا.
كيف كانت عملية التضامن والتعاضد بين ابناء شعبنا؟ الرسم التالي يوضح تخيلي لها. حيث ان اكبر قوة التعاضد والتضامن اعطيتها 100% في المحور العمودي.
افضل عملية تضامن وتعاضد حدثت بين ابناء شعبنا كانت في فترة تفجير كنيسة النجاة , حيث كان هناك تظاهرات لابناء شعبنا عمت كل دول العالم التي يتواجدون فيها, حيث انا اعطيتها نسبة ما يعادل 80%. بعدها انخفضت باستمرار ومن ثم ارتفعت قليلا لفترة قصيرة اثناء فترة تهجير ابناء شعبنا من قبل داعش الا ان ذلك لم يستمر وهي الان في استمرار بالانخفاض.
الان ما هي اسباب الانخفاض في عملية التضامن والتعاضد؟
براي وكنت قد كتبته وحدث عنه نقاش بيني وبين الاخ متي اسو هو
ان ابناء شعبنا كانوا يمتلكون ارتباط واواصر مع كنائس الاجداد وليس مع ارض الاجداد. وهذه المشكلة يبدوا لي بانهم قاموا بحلها في الخارج, فهنك الان تاسيس كنائس جديدة في الخارج ووجدنا ايضا كيف تحدث اسقف عن الوطن الجديد والاواصر والارتباط الجديد مع كنائس جديدة في وطن جديد. وكل تاسيس لهكذا كنائس جديدة ومؤوسسات جديدة وبشكل عام تجمعات جديدة لا تتخللها اية محاولات للتذكير بضرورة تقوية الاواصر مع الداخل ولا نرى اية فعاليات من اجلها. وانا شخصيا عندما اناقش واقعيا مع افراد من ابناء شعبنا فانني لا استمع فقط الى مناقشات وانما انا اقوم ايضا بجمع بيانات. فمن ما اسمعه منذ فترة ليست بقصيرة هو: تمني ابناء شعبنا بان يتمكن كل الاخرين في الداخل بالخروج والهجرة وترك العراق. ولا نسمع اطلاقا "نتمنى ان يكون هناك هجرة عكسية الى ارض الاجداد وبان يكون هناك تضامن وتعاضد من اجل ذلك"
ولان النقاش بيني وبين الاخ متي اسو اخذ اكثر من مداخلة فانني فتحت هذا الموضوع وهنا سانقل مقتطفات من ردوده. حيث يقول عن عملية التوعية وما قلته انا في شريط اخر بان ابناء شعبنا لا يحتاجون الى ان نقول لهم بان المسيحين مضطهدين ما يلي:
الاخ لوسيان المحترم
يقولون ان " بدون توعية لا يوجد اضطهاد "
نعم ، كانت التفاحة، ولا تزال ، تسقط على الارض اذا انفصلت عن غصنها .. كل الناس بمثقفيها وجهلائها تعرف ذلك وتسكت ... لكن نيوتن لم يسكت وتسائل " " لماذا تسقط التفاحة ؟ " ... وكان الجواب هو قانون نيوتن العظيم في الجاذبية ...
لا شك هناك من اتهمه بالجنون وضحك على تساءله .
نعم ، جميع المسيحيين يعرفون انهم مضطهدون لكنهم لا يهتمون لانهم مشتتون
متي اسو
ما ساكتبه هو ليس شرح اشياء فيزيائية ليعتقد من يقرائها بانني ابتعدت عن الموضوع. ولكن مثال الاخ متي اسو لا اجده موفق هنا. اذ لم يكن نيوتن لوحده من فكر لماذا تسقط الاشياء على الارض, وهذا لم يفكر به الاوربيين لوحدهم وانما فكروا به عدة اشخاص من مختلف بقاع العالم الاخرى كالصين وغيرها. ونيوتن في قانون الجاذبية يقول ما يلي: اذا حجبنا الجاذبية فان الجسم سيبقى اما ثابت الى الابد او سيتحرك في حركة مستقيمة الى الابد. ولكن الجاذبية لا يستطيع احد ان يحجبها. السؤال الان هو اين شاهد نيوتن اذن بان جسم ما سيبقى ثابت الى الابد اذا حجبنا الجاذبية التي من المستحيل حجبها؟ بالطبع اي شخص سيفكر بذلك سيقول بانه شاهدها اما في حلمه او انه كان سكران. ولكن ما قاله نيوتن يتطلب فقط الايمان بهكذا افتراضات. فالبشر لا يستطيعون مشاهدة ورؤية الجاذبية ولا يستطيعون حجبها ليروا هل ما قاله نيوتن صحيح ام لا. ما يستطيع البشر فعله هو الايمان بها او عدم الايمان بها. السؤال الان هو لماذا استطاع نيوتن بان يضع هكذا افتراضات
وبان يمتلك المبادرة ويضحي بكل وقته وبان يقضي كل حياته من اجلها؟ لماذا كان ذلك غير ممكن مثلا في الصين؟ السبب هو ان المجتمع الاوربي المسيحي كان مهيئ لذلك, فالمجتمع المسيحي الاوربي لانه كان يؤمن بالرب الذي لا نراه فانه ثقافيا كان مهيئ بان يؤمن ايضا باشياء اخرى لا نراها. بينما في الصين كانت هكذا افتراضات تتعرض للسخرية. ومن هنا نرى بان الايمان احتاج الى مصدر للطاقة وهذا المصدر للطاقة هي المسيحية. (وهذا ما كنت اقصده ايضا بان الوعي القومي يحتاج الى ايمان ومصدر للطاقة عندما تحدثت عن الوعي القومي الاشوري المخزون بشكل تراكمي في تاريخ طويل, وهذا كان قد رفضه القوميين الكلدان ولكن سرعان ما قالوا بانهم بحاجة الى دعم البطريركية والسينودس كمصدر للطاقة لغرض التحفيز لنشر وعي قومي, ولكن هذا ليس موضوعنا الان. وانا ذكرته الان لان كان هناك من سالني ماذا تقصد بالطاقة وعلاقتها بالايمان والاستعداد لتقديم التضحيات)
نيوتن اذن لم يقم بعملية توعية ليقول للشعب الاوربي ارجوكم اقبلوا بما انا افترضته لان ذلك سيكون مفيد لكم. كلا هو لم يقم بهكذا توعية. نيوتن نجح فقط لسبب واحد وهو ان الشعب الاوربي كان يمتلك الايمان مسبقا ومستعد للقبول بافتراضات لا يراها احد , الافراد هناك كانوا يمتلكون اصلا ايمان, ولهذا نجح نيوتن ولهذا تطور العلم في اوربا المسيحية ولم يتطور في اماكن اخرى.
وكل شرحي اعلاه هو ليس شرح فيزيائي وانما ان اوضح بان الاخ متي اسو لا يرى الشروط وشرط وجود الايمان عندما يضع امثلة: اي ان شرط وجود الايمان كان موجود في المثال حول نيوتن وهو غير موجود في موضوعنا عن ابناء شعبنا. وما اقصده تحديدا: اغلبية ابناء شعبنا في الخارج لا يملكون ايمان بضرورة ان يكون هناك اواصر وارتباط مع ارض الاجداد لكي يكون بامكانهم استخدام هذا الايمان كقوة تحفز المبادرة الذاتية من اجل التضامن والتعاضد والمطالبة بالحقوق.
ولهذا السبب اقول بان رد الاخ متي اسو لا اعتبره موفق, لاننا لا نمتلك شعب يمتلك ايمان بالاواصر مع ارض الاجداد التي يجب ان تستمر بالمطالبة بها وندافع عنها ونقوم بعملية تضامن وتعاضد مع من هم في الداخل.
النقاط الاخرى للاخ متي اسو اتفق معها وهي:
نعم ، جميع المسيحيين يعرفون انهم مضطهدون لكنهم لا يهتمون لانهم مشتتون ، لانهم يسمعون من بين المسيحيين انفسهم من يعارضك إن قلت هناك اضطهاد ، بل ويتهمك بـ " المبالغة والتعصب " .
كما يقرأون مقالات وتعليقات لبعض المسيحيين المزايدين بشعارات الوطنية التي ما هي إلا اجترار لشعارات الاسلاميين من ان الذي يحصل في المنطقة ما هو إلا " مؤامرات الغرب وامريكا والصهيونية " ، اما مكة وقم ، بشيوخهم وملاليهم ، فهم ابرياء .
الانكى من ذلك هو وجود بعض اشخاص ومواقع مسيحية لاتزال ، باصرار عجيب ، تواصل مهمتها بالتهجم على الغرب فقط لـ " تحسين صورة الطاغية " الذي استولى على اراضيهم ومنحها للغرباء ، واصبحت ازلامه حواضن للدواعش لتفتك بالمسيحيين وتهجّرهم .
وهناك من لا يقل خطورة وذلك بإشغال المسيحيين في امور ثانوية ، لا بل يمزق وحدتهم وتلاحمهم بإثارة نعرات قومية او حتى مذهبية وثرثرات لا تنتهي !!!
اصبحوا يتدخلون في مشاكل الكنائس ويساهمون في تضخيمها .
نعم هذا كلام صحيح. فهناك بالفعل بين ابناء شعبنا المسيحي من يفكر بقضية المؤامرات متاثرين بالثقافة التي شربوها والتي تجري في عروقهم وهي الثقافة العروبجية. وهناك ايضا من يريد تحسين صورة الطاغية...
ولكن بشكل عام فان القول بان المسيحين مشتتون بين هذا وذاك والاشارة الى موضوع النقاشات حول التسميات لا اراه كاي مبرر للرد على ما كتبته انا. اذ المسيحين كانوا في فترة تفجير كنيسة النجاة ايضا مشتتون بين هذا وذاك وكان هناك نقاش اكبر حول مواضيع التسميات الخ, الا ان كل ذلك لم يمنع من ظهور عملية تضامن وتعاضد التي كانت عظيمة في تلك الفترة.
ولهذا فانني مع راي باننا نمتلك الان ازمة تضامن وتعاضد ومشاركة. وهذه اسبابها هي عدم وجود اواصر مع ارض الاجداد.
اغلبية ابناء شعبنا في الخارج لم يعدوا مهتمين فيما اذا كانوا سيمتلكون الحق في العيش في ارض الاجداد ام لا. هو موضوع اصبح عندهم عديم القيمة.