المحرر موضوع: المسألة القومية وحركات التحرر القومي  (زيارة 1085 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
لكي لا ننسى...
المسألة القومية وحركات التحرر القومي
خوشابا سولاقا
لكي نعرف ما هي المسالة القومية ، نشأتها وإتجاهاتها العامة وطابعها التحرري وما هي السبل الناجعة للتصدي لها وحلها بالتالي حلاً جذرياً دائمياً شاملاً ، لا بد لنا أن نعرف وبوضوح تام ما قد سبق ظهور الحركات التحررية القومية ، وما هي ميزاتها السياسية واتجاهاتها الرئيسية وطابعها ، وقد انطلق الفكر الثوري التقدمي في تحليل جوهر وطابع وميزات واتجاهات الحركات القومية التحررية من واقع الظروف الذاتية والموضوعية التاريخية الملموسة لها ، والتي تكونت ونشأت فيها هذه الحركات بطابعها ومحتواها الطبقي . يتجلى طابع هذه الحركات بطرق متنوعة في مراحل شتى من تطور المجتمع التاريخي ، وبذلك نشأت الحركات القومية التحررية في العصر الذي بدأت فيه المرحلة الأقطاعية بالضمور والزوال ، وبزوغ عصر الرأسمالية البرجوازية بالنشوء أي مرحلة تكوين الأمم الموحدة في دولة واحدة ، وتدفع عملية تصفية إرث التجزأة الاقطائية للنظام الاجتماعي الاقطاعي المبني على مجموعة إقطاعيات الشبه مستقلة الى تطور الانتاج الرأسمالي البرجوازي ثم الى نشوء الدول القومية الوطنية الموحدة المستقلة على أنقاض وحطام الدويلات أو الأمارات الاقطاعية المنهارة . في هذه المرحلة من تطور التاريخ البشري بالذات وتحت وطأة هذه الظروف الذاتية والموضوعية الناضجة تلعب الحركات القومية للشعوب المتطلعة الى الحرية والتحرر والانعتاق القومي دوراً تقدمياً رائداً في تطور المجتمع وتوحيد أفراده في أمة واحدة ، سواءً كانت هذه الأمة احادية القومية أو متعددة القوميات والاثنيات .. في هذه المرحلة التاريخية من حياة الأمم تدعو العوامل الأقتصادية الأساسية بالحاح الى مثل هذا النشوء للدول القومية الوطنية المستقلة . لهذا السبب وغيره من الأسباب فإن نشوء الدولة القومية الوطنية هي ظاهرة عادية وطبيعية أقتضتها ضرورة مرحلة نشوء وتصاعد البرجوازية الوطنية الرأسمالية ، أي بمعنى أن ظهور الدولة القومية الوطنية رافق ظهور وسيادة النظام الرأسمالي البرجوازي وإنهيار النظام الاقطاعي ، أي أن الدولة القومية الوطنية ولدت من رحم النظام الرأسمالي البرجوازي . في أوربا ظهرت الدول القومية الوطنية البرجوازية المستقلة مثل إنكلترة وفرنسا والمانيا وإيطاليا وغيرها من الدول . وقد شهد التاريخ أيضاً نشوء وولادة أمم في إطار الدول المتعددة القوميات والأثنيات في الجانب الشرقي من أوربا مثل روسيا القيصرية والدولة العثمانية . وباشرت فيما بعد مجموعة من الشعوب المحكومة بتأسيس أمم خاصة بها في قلب الدولة المتعددة القوميات ، وتوجهت الأمم التي هي في طور التكوين الى السعي لأنشاء دول قومية مستقلة خاصة بها ، ولكنها إصطدمت في محاولاتها وتطلعاتها المشروعة هذه بمقاومة الطبقات الحاكمة في الأمة " السيدة " التي تسيطر على أرض البلاد بمجملها . وتشكل المسألة القومية في الأمم المتعددة القوميات والاثنيات في مرحلة الرأسمالية البرجوازية " مسألة داخلية " ، ولكن بعد تطور الرأسمالية البرجوازية وإنتقالها الى مرحلة الأمبريالية تحولت الدول القومية البرجوازية الى أمم متعددة القوميات بعد أن سيطرت على أراضي أجنبية لأمم أخرى وجعلتها جزء من دولها ، وبذلك تحولت الرأسمالية من محررة للأمم المظلومة في نضالها ضد النظام الأقطاعي الى أشرس مضطهَد للأمم المستضعفة في مرحلة الأمبريالية . بسبب هذا التطور النوعي والكمي في شكل وطبيعة النظام الرأسمالي الأمبريالي وقعت بلدان عديدة ضحية للاستعمار ، وحتى قارات بكاملها وقعت تحت نير الاستعمار الأجنبي ومثالاً على ذلك كما قيل عن بريطانيا بأنها الأمبراطورية التي لا يغيب عنها الشمس بسبب توسع رقعتها الجغرافية عبر القارات وما وراء البحار ، وعندئذ أصبحت المسألة القومية " مسألة حقوق ومصير " ليس فقط للأقليات القومية فحسب بل لأكثرية البشرية التي إستعبدتها الأمبراطوريات الاستعمارية الكبرى بالقوة الغاشمة بكل أشكالها العسكرية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية والحيلة والهيمنة الكاملة على كل مقدراتها ومصادرة إرادتها وحريتها وقرارها المستقل . في هذه المرحلة من تطور الرأسمالية تعني " الأمبريالية " التي هي أعلى مراحل الرأسمالية أن الرأسمال قد تخطى حدود الدولة القومية الوطنية وأصبح الأضطهاد والقهر القومي يتفاقم ويتعاظم وفق قاعدة تاريخية جديدة ألا وهي " الرأسمال المالي " وأصبح ذلك السمة المميزة والمرافقة لهذه المرحلة التاريخية ، مرحلة الأمبريالية من تطور النظام البرجوازي الرأسمالي ، وقد اصبح نظام تقسيم الأمم بين أمم " مضطهِدة " وأخرى " مضطهَدة " هو جوهر الأمبريالية بحد ذاتها ، وقد تميز العصر الأمبريالي باستعباد استعماري مالي مارسته أقلية ضئيلة من الدول الأمبريالية المتطورة بحق الأكثرية الساحقة من شعوب الأرض مخالفة في ذلك كل معايير حقوق الإنسان .
بسبب الأضطهاد والقهر القومي أتخذ النضال القومي لحركات التحرر القومية للشعوب المضطهدة والمقهورة في البلدان المستعمَرة والتابعة طابعاً ثورياً وأهمية عالمية في عصر الأمبريالية ولم تعد " المسألة القومية " بعد " مشكلة داخلية " بحتة كما كانت توصف في مرحلة  الرأسمالية البرجوازية بالنسبة للدول المتعددة القوميات . هكذا يتحول نضال حركات التحرر القومي والوطني الى نضال ضد الأمبريالية يخوضه الشعب بكامله بكل قومياته وتنوعاته الاثنية والدينية والمذهبية .
إن الأضطهاد والقهر القومي المزمن الذي تمارسه القوى الأمبريالية العالمية بحق القوميات المستضعفة والمتخلفة لا يثير في قلب جماهيرها الشعبية الكادحة إلا المزيد من الحقد الثوري ضدها وعدم الثقة بالأمم المضطهِدة ويشتد الحقد الثوري وعدم الثقة والريبة بين الجماهير المقهورة ضد مضطهديها الأمبرياليين عندما تخون شرائح الأشتراكية الديمقراطية الوطنية مصالح الطبقات الكادحة من شعوبها وتظهر نفسها بمظهر الخادم الأمين لبرجوازيتها الأمبريالية الوطنية بتأييدها حق هذه الدول – الدول الأمبريالية الأجنبية – في اضطهاد شعوب المستعمَرات والبلدان التابعة .
من خلال دراسة المسألة القومية بكل أبعادها السياسية والاجتماعية وتحليل طابع الحركات القومية الوطنية نجد أن لطابع هذه الحركات قانون الاتجاهين المتضادين ، في مرحلة الراسمالية يبيح معرفة هذا القانون الموضوعي معرفة المسألة القومية في مختلف مراحل تطورها ، حيث يعبر عن الأتجاه الأول في هذا القانون من خلال وعي الحركات القومية وإندفاعها ومن ثم النضال ضد الأضطهاد والقهر القومي في سبيل خلق الدولة القومية المستقلة ، ويتميز الاتجاه الثاني من القانون بتطور العلاقات الاقتصادية وغيرها بين الأمم وبرفع الحواجز فيما بينها . ويشكل هذان الاتجاهان قانون الراسمالية العالمي فيسود الأول في بداية تطور الرأسمالية والثاني في مرحلة الأمبريالية ، والأثنان تقدميان بمعناهما التاريخي في العصر الذي تتكون فيه وسائل الأنتاج الرأسمالية حيث يبدأ النضال ضد الأقطاعية ، فتكوين الأمم والدول القومية ووعي حركات التحرر القومي والوطني تعبر كلها موضوعياً عن حاجة عملية للتطور الاجتماعي ، ولا يزول الاتجاه الأول في ظروف الرأسمالية الاحتكارية بل يظهر بقوة جديدة في توق شعوب البلدان المسعمَرة والتابعة الى التخلص من نير الأمبريالية لكي تكوَّن دولها القومية المستقلة الخاصة بها ، ويتركز الاتجاه الثاني بتوحيد مختلف الأمم والشعوب ضمن علاقات التقسيم العالمي للعمل وبعلاقات التبادل المتكافئ في كل الميادين .
الطابع العلمي للمسألة القومية   
نعني ما نعنيه بموضوع المسألة القومية بمفهومها العلمي تصفية الاضطهاد والقهر القومي ، أي مسالة تحرر الشعوب من النير والظلم الأمبريالي أو اي شكل من اشكال إستغلال الأنسان لأخيه الأنسان وإقامة مجتمع الكفاية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات دون ربط ذلك بالجنس والعرق واللون وأن يسود المجتمع التعاون الأخوي والانساني بين القوميات والشعوب ، وقد عالجوا مفكري الماركسية نظرياً (( لا أقول عملياً كما كان الحال في دول حلف وارشو )) هذا الموضوع أي المسألة القومية بدقة علمية ووضعوا فيها النقاط على الحروف أكثر من غيرهم من المفكرين من الأتجاهات والمدارس الفكرية الأخرى في عصر ظهور الدول القومية الوطنية وعصر إنبعاث القوميات وإنعتاقها من تحت أنقاض وركام المظالم في عصرالاقطاعية  ، وقد عالجوا مفكري الماركسية مسألة النضال القومي للشعوب من وجهة نظر تاريخية ، فأبرزوا العلاقة التي لا تنفصم ما بين المسائل القومية والاجتماعية وبرهنوا على أن الأضطهاد والقمع والأعتداءات القومية أنتجتها التناقضات الاجتماعية الموجودة في صلب النظام الراسمالي وسيادة الطبقة البرجوازية ، أو أي شكل آخر لنظام سياسي قائم ويؤمن بنظرية التفوق العِرقي والاستعلاء القومي ذات التوجه العنصري الشوفيني كما هو الحال في بلدان الشرق العربي  والأسلامي ، حيث عانت الأقليات القومية والدينية فيها أشد أنواع الأضطهاد والقهر والتمييز القومي والديني وما زالت تعاني الى يومنا هذا والعراق اليوم خير مثال على ما نقول .
وقد أشاروا مؤسسوا الماركسية الى حقيقة ألا وهي ان المسألة الرئيسية في حل المسألة القومية للقوميات ليست تلك التي تتعلق بالأمة التي يشكلون جزء منها بل هي تلك التي تتعلق بمجتمعهم القومي ، أي بمسألة التحول الاجتماعي الثوري للمجتمع وتأسيس نظام سياسي لا يظلم فيه إنسان إنسان آخر بسبب العِرق واللون والجنس ، ويخلو بالتالي من كل أشكال الأضطهاد والقهر والأجحاف والتمييز القومي كما ورد ذلك في البيان الشيوعي وغيره من وثائق الماركسية التي تقول " اقضوا على إستثمار الإنسان للإنسان تقضون على إستثمار أمة لأمة أخرى "  " ويوم يزول تناحر الطبقات الاجتماعية داخل الأمة تزول معه العداواة بين الأمم " وقد عبروا مفكري الماركسية أيضاً عن العلاقة الجدلية بين ما هو قومي وما هو وطني وبين ما هو أممي من خلال هذه المقولة التاريخية الرصينة والتي لا غبار عليها وتدل على مدى عمق الفهم الإنساني لجوهر المسألة القومية متى ما  وأينما وكيفما كانت " إن شعباً يضطهَد شعوباً أخرى لا يمكن له أن يكون شعباً حراً ، وإن الأمة المظلومة لا يمكن لها ان تكون أمة ظالمة " . ولتحقيق كل هذا ووضعه موضع التطبيق العملي على ارض الواقع يتطلب من الشعوب التي تنشد الحرية نضالاً دؤوباً مستمراً وبشتى الوسائل المتاحة واستثمار كل الطاقات وعلى كافة المستويات ضد كل أشكال استثمار واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وشعب لشعب وضد كل أشكال الانكماش والانزواء التقوقع  القومي ، وكذلك ضد امتيازات أمة على حساب أمة أخرى لكي يحصل التحرر القومي الناجز ويتساوى أبناء البشرية في هذا الكوكب وبعكسه تكون الحروب بكل أطرها الوطنية والأقليمية والقارية والعالمية بسبب تصارع المصالح الاقتصادية هي المصير المحتم للأمم وشعوب الأرض وقد تكون نتائجها وخيمة تقود البشرية الى الفناء إذا ما استخدمت أسلحة الدمار الشامل وعندها سوف تتحقق مقولة العالم الفيزيائي العبقري الكبير ألبرت أينشتاين حينما سؤل ماذا ستكون بتقديركم الأسلحة التي سوف تستخدم خلال الحرب العالمية الثالثة فأجاب لا اعرف ماذا ستكون تلك الأسلحة بل سأجيبكم عن الأسلحة التي سوف تستعمل في الحرب العالمية الرابعة ستكون " العصي والحجارة " . فالحالة التي تشمل بلدنا العراق المتعدد القوميات والأديان والمذاهب لحل المسألة القومية فيه ضمن إطار الدولة الوطنية الموحدة هي توجيه النضال القومي والوطني وتكثيف الجهود لكل المكونات من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة القانون والمؤسسات الدستورية تكون فيها السيادة للقانون وحده ويتم تناوب السلطة سلمياً من خلال صناديق الأقتراع ويتساوى فيها الجميع أمام القانون في الحقوق والواجبات وأن يكون فيها ولاء المواطن للهوية الوطنية وليس للهوية الخصوصية الفرعية


خوشــابا سـتولاقا
15 / ت 1 / 2013


غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي

الاستاذ القدير المهندس رابي خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة
حركات التحرر القومية، كانت تعتبر هي التحرر الشعوب المضطهدة من كل تقاليد وارث واوهام وشعارات هذه الحركات التقليدية، وبلورة تصور او فهم جديد لحركات تحرر قومي، قادرة على استيعاب هموم ومشاكل وقضايا الشعوب المعاصرة، بعيدا عن المفاهيم السابقة والحالمة التي كانت تخدر بها الحركات الايديولوجية الشعوب، كي تجعل منها حطبا ووقودا في محرقة الوصول للسلطة. وبالتالي استاذ العزيز هذه الحركات حولت الشعوب الى قطعان في مزارع مسيجة، وجعلت من الاوطان كهوفا متلاصقة، سياسيا واجتماعيا وثقافيا، مع تكريس لنفسها كسلطة ابدية. وبالتالي تحولت بعض الحركات التحرر من بحر متلاطم الامواج الى بحيرات ساكنة تحمي في مياهها الاسنة طحالب امراض مذهبية وطائفية التي مزقت الكثير من الاوطان، وافقدت العقول على القدرة في التحرر والنمو ومن ثم الابداع، وايضا اغراق الاوطان في صراعات ما زالت لحد اليوم متفاقمة ولا يستطيع احد من ايقافها.لذلك تحديات الوعي وتجديده وتطويره والربط بينه وبين مسالة التحرر القومي التي يجب ان تكون متاصلة في الواقع، فان لم تكن محاولة اعادة البناء متاصلة وجذورها مغروسة في واقع الشعوب المضطهدة اليوم، فستكون محاولتها لا تتجاوز السعي لبناء سوا واقع لا يمتلك مقومات النهوض والاستمرار للتحرر الشعوب المظلومة مستقبلا. وتقبل مروري ورايي مع محبتي
اخوك هنري سركيس

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب المبدع الأستاذ هنري سركيس المحترم
تقبلوا محبتنا الأخوية مع خالص تحياتنا المعطرة
شرفنا مروركم الكريم بمقالنا بهذه المداخلة الثرة بأفكارها ونشكر لكم كل ملاحظاتكم بشأن الموضوع الذي طرحناه ....
صديقنا العزيز .... لا يمكن لأمة ما أن تنهض في ظل غياب الوعي التاريخي لوجودها القومي وارتباطه الجدلي بالوجود الوطني في الواقع التاريخي القائم ، الفكر هو من يشحذ ويهذب ويحفز الفهم الناضج للوعي القومي لأية امة تسعى الى النهوض من كبوتها ومن دون الفكر لا يمكن أن تكون هناك نهضة قومية حقيقية منتجة ، ولذلك نجد أن من الضروري جداً التركيز على  هذا الجانب من فهمنا للوعي القومي في نهضتنا القومية الآشورية في إطار علاقته الجدلية بالوعي الوطني القومية لا توجد ولا تتجسد إلا في وطن تاريخي ..... ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .
                      محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد