المحرر موضوع: تَمَخّض الجبلُ فَولدَ فاراً؟  (زيارة 1146 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المثل العربي يُنسب للشاعر والاديب الروماني (هورسا) ومعناه: ان الجبل الكبير بقوته وعظمته وشموخه وعندما أراد جبل الاصلاح ان ينجب جبلاً مثله لكنه أنجب فاراً بين شقوقه. وهذا المثل يُضرب لمن يتوقع منه الكثير لكنه يأتي بالشيء القليل والدنيء الذي لا يتناسب مع حجمه الحقيقي او المتوهم. لقد عاش العراقيون منذ أكثر من خمسة عقود في ماضيٍ اليم حقباه من انحطاط وذل وهزيمة وضعف ولكنهم بكل تأكيد، لم يعيشوا أسوأ من هذه الحقبة، ولم يذوقوا يوماً مرارة الذل التي ذاقنوها منذ 2003. ولم يعد يمارج في (العراق العظيم الكبير) ان يعيش حالة انحطاط بكل ما تحمله الكلمة من ابعاد حتى أصبحت أطروحات النهضة والرقي والتغيير والإصلاح والبناء والهدم وإعادة البناء، من أهم الاطروحات التي شغلت اذهان المثقفين والمفكرين والكتّاب من أبناء المجتمع، فاستهلكت جهودهم وفرّغت اقلامهم واستأثرت بمجالسهم وأحاديثهم سواء أكانوا مخلصين او عملاء او تائهين ضائعين. إلاّ ان الأطروحات الأشد خطورة تلك التي دأبت على البرلمان العراقي (باعتباره ممثل الشعب). مهزلة خارطة التحالفات الانتخابية الجديدة، فهي كالأفعى لا تختلف عن تغير جلدها، فالأفعى يتغير جلدها عندما يكبر حجمها. الاحزاب والكتل الطائفية وساستها قد أصابها الذهول والضرر بسبب العلل المتراكم منذ 2003. المهزلة والعجب لهذه التحالفات الهجينة انها جمعت أقصى اليمين مع اقصى الشمال. وانشطرت الكتل والأحزاب الى شطرين او أكثر. وصفاتها اتسمت بها التحالفات الجديدة هي صفات تفتقر الى المنهجية والهدف لا تحمل الوطنية، وهي لا تزال تتشبث بالحكم وترغب في الاستمرار بمسرحية الضحك على الذقون. فانشطرت الى أحزاب صغيرة فوصل عددها في مفوضية الانتخابات الى 206 حزب ليتم شملها فيما بعد تحت مظلتها، والغرض من ذلك تمويه الشعب بانها أحزاب مستقلة ذو رؤى جديدة. ولا تزال تصريحات رؤساء الكتل يشددون على نبذ الخندق الطائفي وهذه الغريدة تتكرر كل دورة انتخابية. الى جانب فقدان الثقة والحقد والثأر والعنف بين الكتل، تتزايد وتتفاقم وتكبر. من التحالفات ما يثير الدهشة ومن غير المتوقع والاستثناءات التي شهدتها هذه التحالفات، تحالف الحزب الشيوعي بقائمة سائرون المتمثلة بسكرتير الحزب د. رائد فهمي وتحالفه مع التيار الصدري (مقتدى الصدر؛ تحالف ثائرون للإصلاح) أيُ تحالف هذا الذي جمع الفكر والعقيدة الشيعية بالفكر الماركسي الشيوعي فأي هدف ومنهج وبرنامج جمع بينهما. د.اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية (بعثي) تآلف مع سليم الجبوري رئيس مجلس النواب (اخوان المسلمين) ومعهما صالح المطلك نائب رئيس الوزراء سابقاً (بعثي). ففي كتاب س ش 3501 في 26/ 5/2002 يبرز كتاب جهاز المخابرات (صدام) عمالته لهذا الجهاز وارتباطه به، ويبين ارتباطه كمصدر في هيئة الرئاسة منذ عام 1999. تحالف التضامن العراقي ويضم خميس خنجر واسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية واحمد المساري وطلال الزوبعي (نائبان) وسعد البزاز ووضاح الصدر (جميعهم بعثيين). ومواقفهم دامغة ايام الاعتصامات في الانبار (تأييداً لداعش). خميس خنجر العيساوي لا يحمل شهادة الابتدائية ولم يكن شيخاً قبل عام 2014. (في 21/1/18 صوت مجلس النواب على تعديل قانون الترشيح للانتخابات على ان يكون حاملاً على البكالوريوس كحد أدنى للترشيح، علماً سبق وصرح الوزير السابق والنائب جاسم محمد جعفر عن وجود 100 برلماني لا يحملون الشهادة الجامعية). كان جندي في حماية عدي ابن صدم وقبيل ذلك كان مهرب أغنام، وقبيل سقوط صدام بأيام أمّن عنده عدي مبلغ 700 مليون$ ولكنه عبرّها الى عمان بعد مقتل عدي. خنجر اشترى (بنك الاتحاد) وأصبح نائب رئيس مجلس الإدارة، بعد سنوات دخل المعترك السياسي بنشاط عبر مؤسسة وهمية (مؤسسة الخنجر للتنمية العلمية) مقرها الأردن ومارس تهريب الأموال العائدة لتجار المخدرات امراء الحرب والإرهاب وللسماسرة مع الاحتلال وخلايا المرتزقة، وقام بفتح فرع للبنك في قطر مهمته غسل الأموال للتجار وامراء الإرهاب والخطف، يدير خنجر مزرعة في رومانيا مساحتها بقدر مساحة لبنان وتسمى (مزرعة العرب)، وهو الذي قام بغسل أموال نائر الجميلي وجمال الكربولي (حرامي جمعية الهلال الأحمر). وان صفقة الطائرات المغشوشة المصبوغة والساقطة من الخدمة (من البرازيل) كانت المناقصة لخنجر وان وزير الدفاع السابق عبد القادر العبيدي كان له دور في تسهيل أمر الصفقة والمناقصة. (نائر الجميلي)، جاء في وثائق ويكيليكس ان رجل الاعمال الجميلي ساهم باختلاس الأموال من صفقات الأسلحة الوهمية للجيش العراقي في حكومة اياد علاوي ووزير الدفاع حازم الشعلان وزياد طارق القطان نائب الأمين العام ومدير عام التسليح والتجهيز بالوزارة، وان عملية اختلاس المبلغ الذي اختفى وهو جزء من شحنة تتألف 8,8 بليون $ شحنت من نيويورك للعراق وتشير الوثائق ان تحويلات أخرى بلغت 1,26 بليون $ ذهبت لبنك أردني يقع في مدينة العبدلي دخلت على حساب سري للجميلي. والجميلي يملك أضخم معرض للسيارات الحديثة في عمان. وتفيد الوثائق الصادرة من مكتب وزير المالية السابق د. علي عبد الأمير علاوي موجهة الى محافظ البنك المركزي الأردني والتي طلب فيها كشف حسابات بالأموال المودعة في بنوك ومصارف اردنية باسم الهارب نائر محمد احمد الجميلي، استطاع الهارب تقديم الرشاوى وعمولات بمبالغ طائلة جداً لطمس معالم التحقيق. وكانت الصحفية الامريكية ماري كولفين قد قالت معلومات صحفية بانها قتلت في سوريا قد كشفت النقاب عن اعمال سرقة أموال مخصصة لوزارة الدفاع. وعلى المستوى الشيعي من التحالفات، هي الأخرى تحمل ظاهرة الطائفية بامتياز، 15 سنة من سيطرة الأحزاب الشيعية الإسلامية على السلطة. تحالف الدعوة المتمثل بنوري المالكي المتحمس للولاية الثالثة، ومعه موفق الربيعي واحمد الموسوي واحمد ملا طلال. وتحالف النصر الذي يقوده حيدر العبادي ويضم كتلة (عطاء) بزعامة رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض وكتلة نينوى (خالد العبيدي وزير الدفاع السابق)، الذي تحالف مع الفتح المبين بقيادة هادي العامري ومليشيات الحشد الشعبي تتألف من 19 فصيل، التحالف دام 24 ساعة. العبادي يواجه عائقاً قانونياً يحول دون خوض الانتخابات بعيداً عن ائتلاف دولة القانون وهو يشغل منصباً بارزاً في حزب الدعوة، والقانون لا يسمح للحزب الواحد المشاركة في قائمتين انتخابيتين ما لم يستقيل العبادي من حزب الدعوة. ان ما يخطط له قادة الحشد يقع خارج ما هو متناول من الاجندات الانتخابية للسياسيين وذلك لأن طموحهم ليس اقل من استلام السلطة وادارة شؤون البلد في مرحلة ما بعد داعش (وداعش لا تزال عسكرياً وميدانياً على الأرض)، وان انتقال الحشد من الجانب العسكري الى صلب العملية السياسية لن يكون مجرداً او نزيهاً من غايات الوصول الى قلب السلطة وليس البقاء على هامشها. وهو ما سبق حذر منه منذ ان صارت الهالات تضفي على الحشد باعتباره منقذاً مقدساً من داعش. وقد حقق قادة الحشد خرقاً دستورياً حين نجحوا من الاحتيال على الدستور من خلال تخليهم عن الزي العسكري وهم في مرحلة التخطي في اتجاه التسلط على السلطة باعتبارهم ساسة المرحلة المقبلة. فانهيار تحالف النصر والفتح دليل على فشل التحالفات في السياسة البغيضة ودعوة الى الطائفية المقيتة والتي تعزز من مواقف الفاسدين دعاة (الوطنية والإصلاح). الحشد وجميع التحالفات تناسوا صاحب الحملة الإفسادية (العبادي) عليه 3 ملفات عن عقود كانت حصته في الأولى 5 مليون $ والآخرتين كل منها ب 3 مليون $ عندما كان وزيراً للاتصالات عام 2003. هؤلاء هم فئران العراق حيتان الفساد. سخط الشعب العراقي المتفاعل في كل ما له من الإسلاميين نتيجة الفساد المالي والإداري وفقدان الامن، وان اتجاه الأحزاب الى تغيير مسمياتها طمعاً في تعبيد الطريق للانتخابات فهي تسعى الى تغير جلدها الديني وارتداء عباءة العلمانية المدنية. فان تغير توجهات الشارع العراقي فلم يعد للعراقيين يتقبلوا أيا منها من هؤلاء الساسة الضالين الفئران. كم سلب الحيتان الفاسدون عراقنا وصادر الطغاة اقتصادنا وحرياتنا. يبقى العراق بالقلوب ساكن ما فارقت انواره احداقنا، عراقنا مهد الحضارات وجباله شامخة كنوزه ثروة وحبه يبقى الثراء والغنى.
 الباحث/ســــمير عســــكر