المحرر موضوع: رؤى مختلفة ومتصارعة إزاء حق الشعب الكردي في تقرير مصيره (4 - 4) ما الموقف من القضية الكردية بتركيا وإيران وسوريا  (زيارة 690 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رؤى مختلفة ومتصارعة إزاء حق الشعب الكردي في تقرير مصيره
(4 - 4)
ما الموقف من القضية الكردية بتركيا وإيران وسوريا

تشير القراءة الواقعية والموضوعية لتاريخ العراق الحديث منذ بداية تأسيس الدولة العراقية إلى إن النضال المشترك للشعب الكردي مع الشعب العربي وبقية القوميات بالعراق، ولاسيما مع القوى اليسارية والديمقراطية التقدمية والمتنورين، قد لعب دوراً مهماً وجوهرياً في انتزاع حقوق مهمة للشعب الكردي، والتي تشكل جزءاً أساسياً وحيوياً من حقوقه العادلة والمشروعة التي حرم منها قروناً طويلة. لم تتحقق تلك المنجزات دون تضحيات هائلة من الشعب الكردي ذاته ومن الذين ناضلوا معه من بنات وأبناء القوميات الأخرى بالعراق. لم يتسن للشعب الكردي في بقية أجزاء كردستان، رغم نضاله البطولي والمليء بالتضحيات الغالية، في الوصول إلى ما تحقق له بإقليم كردستان العراق، لعد أن وجهت تلك الضربة القاسية لجمهورية مهاباد واعدام قائد الثورة ورئيسها الشهيد القاضي محمد.
وعلى وفق قناعتي، يعود هذا المنجز بالعراق إلى عوامل عدة، منها تلك اللحمة الوطنية والتضامن النضالي بين القوى والأحزاب الوطنية والديمقراطية والتقدمية التي تحققت بالعراق، وهو الدرس الذي لا يجوز نسيانه من جانب العرب والكرد وبقية القوميات. وهذا الاستنتاج الذي تؤكد حقائق الوضع العراقي يختلف تماماً عن الاستنتاج الذي توصل إليه الإعلامي الكردي كفاح محمود كريم، المستشار الإعلامي لدى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس الإقليم المستقبل، السيد مسعود البارزاني، الذي لم يجد ما يجمع بين الشعبين بالعراق، رغم عيشهم المديد لعشرات القرون والتلاقح الثقافي والنضال المشترك والتضحيات المشتركة في مدن وجبال كردستان وفي كل الأرض العراقية، بسبب معاناة الكرد من الحكام الظالمين. ففي مقال له نشر بعنوان: "كوردستان والعراق إلى أين؟" بتاريخ 22/01/2018، وصلني منه بالبريد الإلكتروني، كتب ما يلي: "...، لهذه الأسباب ولأن شعب كوردستان يختلف كليا عن شعب العراق عرقيا وقوميا وثقافيا وتاريخيا وحضاريا وجغرافيا، فإنه بعد أن فشل خلال قرن من الزمان في بناء دولة مواطنة، وأن يكون شريكا حقيقيا في كيان مختلق غصبا عن الشعبين، قال كلمته بشكل سلمي متحضر، وطلب أن يكون الشعبين شجرتين مثمرتين باسقتين، لا شجرة واحدة معلولة بثمار مشوهة، لكي يسود السلام بعيدا عن الصراعات الدموية والسياسات العنصرية والطائفية، وحينما قرر الاستفتاء على مصيره انبرت العنصرية والشوفينية والمصالح لقمع توجهاته، فضرب الحصار عليه أرضا وجوا لإذلاله وكسر إرادة شعبه وإبقائه تابعا منتقص الإرادة والحرية!". انتهى النص. (موقع العراق.نت)
إن في هذا المقطع خلط متعم للأوراق ووحيد الجانب، وفيه تشويه لبعض الحقائق حين لا يذكر الكاتب واقع التضامن مع الكرد بالعراق من جانب العرب وغيرهم، كما إنها تبدو وكأنها تريد صب المزيد من الزيت على النيران التي يراد إخمادها لصالح الشعب الكردي أولاً ولبقية العراقيات والعراقيين ثانياً. فما ذكره عن مواقف مسيئة للشعب الكردي قبل وبعد الاستفتاء كانت من صنع الحكام العرب، القوميين الشوفينيين والإسلاميين الطائفيين، ولاسيما من جانب نظام البعث الفاشي والقوى الإسلامية الطائفية الحاكمة بالعراق. لقد تحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني في العام 1963 لإسقاط حكومة ثورة 14 تموز 1958، ولم تمض فترة طويلة حتى شن النظام البعثي - القومي العربي حرباً شعواء ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكن قبل ذاك ضد كل القوى الديمقراطية العراقية وأعدم المئات من قادة وكوادر وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي وقوى أخرى من بقية الأحزاب. إضافة إلى التحالف مع الأحزاب الشيعية الطائفية وإهمال الحركة الديمقراطية حليف الحركة التحررية الكردية منذ إسقاط دكتاتورية البعث بالعراق في العام 2003.
لا يختلف مع الشطر الأول مما طرحة السيد كريم أي إنسان عراقي عاقل وشريف يحترم انسانيته وحريته وعاش أوضاع العراق طيلة العقود المنصرمة أو قرأ عنها بإمعان. ولكن المشكلة في الشطر الثاني من الفكرة، إذ يؤكد بأنه ّلا يجد أي ثقافة وتاريخ وحضارة وجغرافية تجمع بين شعوب أو قوميات العراق! إن في هذا الكثير من الجحود، كما إنه بعيد كل البعد عن الحقيقة والتاريخ. ولا يتفق بالأساس مع موقف القوى اليسارية والتقدمية من حق الشعب الكردي في تقرير مصيره ومشاركتهم في النضال المجيد للشعب الكردي. إن مقالات من هذا النوع لا تنفع أحداً، ولن تقرب الكرد من تأمين الحقوق المنشودة، بل تعبئ المزيد من البشر ضد هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والكراهية، والتي يسعد لها المناهضون لحق الشعب الكردي في تقرير مصيره. إن من واجب الكاتب والإعلامي الواعي لمهمته والمدافع عن حقوق شعبه أن يسعى لكسب المزيد من البشر إلى جانب قضية الشعب الكردي، فالتاريخ لم ينته إلى هنا، بل ما يزال طويلاً، ولاسيما في هذه الأجواء المشحونة بالعداء للشعب الكردي من جانب حكومات الدول الأربع، التي وزُعت عليها الأمة الكردية والأرض الكردستانية قسراً، وهي أرض تشترك فيها قوميات أخرى ايضاً، ومن جانب تلك الفئات الرجعية والقومية الشوفينية والطائفية المناهضة لحقوق الشعب الكردي وحريته واستقلاله. إن هذا الأسلوب في الكتابة لن يساهم في تعزيز وحدة النضال الملحة حالياً لصالح الخلاص من النظام السياسي الطائفي، الذي اُعتبر حليفاً للكرد سنوات غير قليلة انطلاقاً من التحالف الكردي-الشيعي تحت شعار المظلومية المشتركة، والتي نبهنا إلى خطأها وخطورتها كثيراً، ولم نجد أذاناً صاغية، إذ جرى التخلي عن التحالف مع القوى الحليفة الفعلية للشعب الكردي وحقوقه العادلة والمشروعة، القوى اليسارية واللبرالية الديمقراطية بذريعة ضعفها! السياسة علم وفن، ومن واجبنا أن نفهم ذلك، وهو علم وفن الممكنات أيضاً.
إن الوقفة الواعية والموضوعية المطلوبة حالياً ومن جانب كل المناضلين بالعراق هو التعرف على الأخطاء التي صاحبت المسيرة منذ إسقاط الدكتاتورية البعثية عبر القوات الأجنبية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وبدون مثل هذا الاعتراف بالأخطاء يصعب انتهاج سياسة سليمة تدفع بنضال الشعب الكردي بالاتجاه الصحيح. فأمام النضال العراقي المشترك، العربي الكردي وبقية القوميات، الكثير الذي يستوجب القيام به لتحقيق ما يسعى إليه العراق من إقامة نظام ديمقراطي علماني حر يوفر المستلزمات الضرورية لممارسة الشعب الكردي حقه في تقرير مصيره. فالشعب العراقي بأغلبيته وكل قومياته، ولاسيما العرب، ما يزال بعيداً عن وعي الحرية وعن التمتع بها، وبالتالي فهو ما يزال غير واعٍ لها، وبالتالي غير جاهز للنضال الفعلي من أجل منحها لغيره من القوميات، إذ هو لا يتمتع بها! وفي هذه الأجواء يمكن للحكام المستبدين ممارسة ما يحلو لهم في اضطهاد أتباع القوميات الأخرى بذريعة الدفاع عن وحدة الوطن، وهو في ذات الوقت يضطهدون أبناء القومية التي يدعون تمثيلها زوراً!! يجب ألّا يصاب المناضلون بالجزع، فثمن الحرية غالٍ وطويل ومليء بالتضحيات، وقد تعلمناه من الشعب الكردي وشعوب أخرى، وقد برهن على أنه لم ولن يصاب بالجزع، بل يواصل النضال لتحقيق المنشود، وعلى مثقفيه أن يعملوا على استنهاضه باستمرار وبأسلوب لا يدفع إلى الإحباط من خلال ترديد العبارات الثورية في غير وقتها ومكانها.       
نحن اليوم ومنذ سنوات كثيرة أمام واقع يؤكد تعرض الشعب الكردي في كل من إيران وتركيا وسوريا إلى هجوم شرس وعدواني من جانب النظم السياسية الاستبدادية والثيوقراطية في هذه الدول، ومن جانب الفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية، الإسلامية السياسية والقومية الشوفينية. فكل هذه النظم بالدول الثلاث، تشن حرباً إعلامية وسياسية وعسكرية ضد النضال العادل والمشروع الذي يخوضه الشعب الكردي في هذه الدول، والتي ترفض الاعتراف بوجود أرض كردستانية فيها، أو للشعب الكردي الحق في تقرير مصيره بنفسه، أو حتى الحصول على أبسط مستويات الحقوق مثل الحكم الذاتي والحقوق الثقافية، دع عنك إقامة الفيدراليات الكردستانية فيها. وهي تتدخل بفظاظة وعدوانية في شؤون الشعب الكردي بالعراق ووقفت إلى جانب الحكومة العراقية التي تصدت للاستفتاء واعتبرته تجاوزاً على الدستور العراقي وأيدت الحصار وكل السياسات المسيئة والمؤذية للشعب الكردي، في حين يعتبر موقف الحكومة العراقية الحالي تجاوزاً فظاً على الحق الأصلي، الحق في تقرير المصير لكل شعب من شعوب العالم، بما في ذلك الشعب الكردي بكردستان العراق.
واليوم يعيش العالم غزوا بربرياً تمارسه الدولة التركية، ورئيسها الدكتاتور العثماني الجديد، رجب طيب أردوغان، إذ تقوم القوات العسكرية البرية والجوية منذ عشرة أيام باختراق الحدود السورية وضرب الشعب الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي، وكذلك العرب، بمدينة عفرين الكردية السورية والمناطق الجبلية التابعة لها. ولا بد لصوت الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي أن يرتفع بالتنديد بالسياسة العدوانية والدموية لحكومة المستبد العثماني الجديد رجب طيب أردوغان، والحكومة الإيرانية المؤيدة لهذه السياسة المدمرة والمنسجمة مع استراتيج القوى الإسلامية السياسية والقومية الشوفينية والعنصرية التي تستهدف تصفية نضال الشعب الكردي وإيقاف مطالبته العادلة بحقوقه العادلة والمشروعة، ومنها حقه في تقرير مصيره. علينا أن ندين سياسة الولايات المتحدة التي دعمت الكرد للخلاص من عدو مجرم، هي التي خلقته قبل ذاك، للخلاص من داعش بالرقة وغيرها، ولكنها لا تمنع الدكتاتور التركي عن غزو سوريا وضرب المقاتلين الكرد والشعب الكردي في عفرين ومناطق أخرى من سوريا والإعلان عن استعداده للتوغل حتى الأراضي العراقية، بل تتعهد له بوقف مد وحدات حماية الشعب الكردي بالسلاح دفاعاً عن نفسها! إنها السياسة الخاذلة والنذلة التي عرفت بها الولايات المتحدة دوماً إزاء المسألة الكردية ونضال الشعب الكردي في سبيل حقوقه المشروعة. فمتى نتعلم من الدروس التي تقدمها الحياة يومياً لنا جميعا!!!