االاستاذ العزيز تيري بطرس المحترم, تحيه عطره
شكرا لكم استاذنا القدير للتنويه على موضوع النيات في الطرح والكتابه لأنني اكن التقدير العالي لمن يكتب بايجابيه ونوايا طيبه وبناءة.
وبعد:
من الطبيعي ان يكون تفسير شخص سياسي متمرس مثل حضرتك للظواهر الحياتيه بصوره عامه من منطلق سياسي وأن تأخذ الجوانب السياسيه للظاهره اهتماما يزيد على الجوانب الاخرى. وكذلك يكون من الطبيعي ان تأخذ الجوانب الماليه والاقتصاديه لشخص يكون احترافه الاداره والمحاسبه . وبناءا على هذا المبدأ تكون الاستنتاجات في تفسير الظاهره متباينه من شخص لاخر. ولكن بالحوار والجدل الايجابي واعتماد اسس المنطق يمكن التوصل الى رأي موحد او اراء متقاربه
ولو اخذنا على سبيل المثال تباهي الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحده بأنهما لا يتفقان في الحيثيات والتكتيك بل يعملان بالجدل البناء الايجابي في المحاججه واثبات الرأي بالطرق العلميه, ولكنهما متفقان على انهم يجب ان يرتكزوا على قاعده واحده وهي مصلحة الشعب واذا حدث اختلاف في تفسير ماهية مصلحة الشعب في جانب ما يحتكمون على البحوث والدراسات في ذلك الاختصاص وقد تصل الى التحكيم التشريعي والدستوري. ولكون هذه التجربه اثبتت نجاحها لذلك ارى من الصواب اعتمادها في بناء ارائي الشخصيه وفي اتخاذ القرار بل اقتراحها والنصح بها.
في واقعنا الحالي, علينا الاتفاق على ماهية الهدف والغايه المبتغاة لكي يستطيع شعبنا ان ينال حقوقه كاملة (خطوه خطوه نحو الوصول الى نقطة حق تقرير المصير والسياده الذاتيه) اي عندما نتفق على السير في طريق متفق عليه ونثق بأنه سوف يقودنا خطوة بعد اخرى نحو النقطه التي حينها يحق لنا بعرض حقنا في تقرير المصير والسياده على العلن واثقين اننا نطالب بذلك بثقة نفس واننا مؤهلين للمطابه به. فبخصوص ما ذكرت حضرتك (التمتع بالحقوق والامل بمستقبل نكون فيه متساوين وكل مجالات التطور والتقدم مفتوحه اما ابناي شعبنا) فيمكن هنا ان نعتبر اختلاف وجهات النظر في هذه الناحيه من حيث تقييمنا في هل نحن فعلا متساوون ام غير متساوون في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به البلد اولا وهل ان هذه هي الغايه التي نبتغيها ام هنالك علينا العمل على تحقيق شبه كيان او كيان يكون لنا فيه نوع من السياده التي ليس شرطا ان تكون سياسيه وانما قد تكون اداريه او اقتصاديه مثلا
انا احترم ولكن لا يهمني ما يتناوله الخطاب السياسي لاحزاب شعبنا من (حقوق قوميه) فهذه مصطلح مبهم يمكن ان يشمل او لا يشمل: فالحقوق التي تحدثت عنها من تقرير المصير حتى الوصول الى السياده الجزئيه او الكامله الذي هو واضح التعريف قد يحتويه مصطلح الحقوق القوميه ولكن عندما لا يتم الحصول على حق تقرير المصير يتعذر دعاة الحقوق القوميه بأننا حصلنا على كذا وكذا من اعذار واهيه وتمويهيه مثل مدارس تعليم اللغه التي تقوم بها الكنائس وتروج لها البربوغاندا السياسيه لبعض الاحزاب وهنا لسنا ننتقص منها وانما نقارن بين هذا وما خسرنا او ما لم نحصل عليه.
ليست هنالك مشكله مع القوميه ولكن بما اننا لم ننجح في الاتفاق على تسميه قوميه موحده وعلينا الاعتراف بذلك وانه قد نتج عنه ان تقوم الاحزاب العامله اعتماد اية تسميه تعتمدها كقوميه مستقله بغية كسب اصوات اتباع تلك الطائفه او الاثنيه فأصبحنا اقليه ومقسمين ونكون بذلك كأننا نعمل على كتابة السفر الاخير من وجودنا بيدنا. ولأن احزابنا لا تستطيع ان تخلع (الثوب القومي) لكي لا تخسر جماهيرها فلذلك امكانية الحصول على تسميه قوميه موحده من قبلهم اصبح شيء عسير, فلذلك علينا ايجاد مشتركات تجعل العالم يطلع عليها. فأية تسميه موحده سواء اكانت ثقافيه او علميه او اقتصاديه تعرفنا كمجموعه موحده علينا المحافظه عليها وتقويتها مهما كان اسمها سواء اشوريه او كلدانيه او سريانيه او اي اسم اخر
العالم لم يحدد لنا ثقافتنا وتراثنا ولا يحدد لنا حقوقنا ولن يتعب نفسه ولن يبذل جهد في اي من هذه كلها, هذه كلها نحن الذين علينا ان نعمل بجد من اجلها... ففي الوقت الذي حكم علينا قانون الطبيعه وقانون الحياة ان نشترك ونتميز بثقافه متميزه وتراث وماض وحاضر ومستقبل ومصير مشترك علينا ان نعرف العالم اننا شعب له اسم وصفه وكيان مستقل ووجود وثقل في مناطق تواجده, ثم نبدأ الحوار الذاتي بجدل بناء مبنيا على اسس صحيحه ومدروسه.... ولكن قبل ان استمر دعني اسأل السؤال التالي: هل اليهود استطااعو ان يؤسسوا كيان تطور ليصبح دوله تنافس الدول المتقدمه لكونهم يهود القوميه بالاسم وبتأسيس احزاب شعاراتها قوميه ام بالاعتماد على موطيء قدم ثم بتبني سياسه اقتصاديه للتوسع وبناء مؤسساتي لمستقبل مجتمعي متكامل ومتحضر? هل كان همهم تسميات قوميه؟ فهم كانوا منتشرين في كل بقاع العالم حالهم مثل حالنا اليوم ويحملون جنسيات وطموحات مختلفه..
ليس لنا شغل شاغل اليوم سوى الحديث عن القوميه والتي سوف لن نستطيع يوما الاتفاق على تبني تسميه قوميه محدده وخاصة احدى التسميات الكنسيه. ومما يلاحظ ان الاختلاف على هذا الامر يزداد يوما بعد يوم وانه في طريقه الى اللاامل لذلك ايس امامنا سوى طريقين: احتراما للذين ما زالوا يعتقدون ان حقوقنا لن نحصل عليها الا اذا تبنينا اسم قومي علينا ان نجد تسميه يتفق عليها بالاستفتاءات المستقله والبحوث العلميه (لا ما قال المؤرخين ولا ما يقول السياسيين), او البحث عن البدائل المشتركه كالتسميه الثقافيه (ليكن اسمها ما يكون) على ان تتم بالاتفاق وليس كما يحدث مع التسميه القوميه اي لا نلدغ من جحر مرتين. حينها نستطيع ان نبدأ مشوار الحوار لتحديد الاستراتيتجيات والتكتيكات والسبل لكي ما نتمكن من تحديد معالم خارطة طريق تنير درب الاحزاب والمؤسسات السياسيه والاقتصاديه والثقافيه والعلميه ومنها نقطع الطريق امام دعاة التقسيم والتفرقه سواء من السياسيين او العامه او رجال الكنائس.
ان تغيير الاسماء في الكنائس لم يغير من الايمان لدى اتباعها, فبين اتباع كل الكنائس هنالك من تذوب نفسه في بيت الرب وهنالك من يعتبرها ملتقى اجتماعي وما بينهم. اذا, فالتسميه لا تغير ما في جوهر المضمون فلو قمنا بتغيير اسم ثقافتنا من السريانيه الى اية تسميه اخرى لن تتغير ميزاتها ومكنوناتها , ولكن على ان يكون ذلك بالاتفاق الداخلي وفي الوقت المناسب لأنه علينا التذكير في الاولويات.
لا اريد الخوض في الحديث عن التسميات العابره للطائفيه لأن ذلك سوف يأخذنا الى نقاش مستفيض. ولا في تعاريف الاثنيات والطوائف لأن هنالك اراء لاختصاصيين يطول شرحها.
وفي الختام, اود التذكير بأن على سياسيينا تطوير مهاراتهم الاداريه لكي يتمكنوا من تحديد الاولويات والامكانات الزمكانيه, حينها نستطيع ان نسألهم ان كان الحديث عن تغيير تسمية الناطقين بالسريانيه هي من قائمة الاولويات في الزمن الحاضر؟ على ضوء الاجابه على هذا السؤال كان رأيي وجوهر مداخلاتي على مقال السيد لوسيان سواء بالجد او بالتهكم.
نحن نحب قراءة التاريخ ولكن لا نعترف بأخطاءنا ونتعلم منها
عذرا للاطاله, مع كل الاحترام والمحبه.
نذار