المحرر موضوع: ترنيمات قومية: استذكار وصور... ام دروس وعبر  (زيارة 846 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سركون سليفو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 37
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ترنيمات قومية: استذكار وصور... ام دروس وعبر

سركون سليفو
ان استذكار الشهداء يعتبر ويعد من الثوابت السنوية لابناء شعبنا كونه ابهى الصور الجميلة والمعبرة عن مدى الوفاء والتقدير لمعاني التضحية والايثار، وفي مسيرة شعبنا منذ اكثر من قرن وعبر مراحل صعبة ودموية قدم فيها مئات الالاف من الشهداء الضحايا في طريق نضاله وكفاحه للمطالبة بحق وجوده على ارضه والتي عرضته الى هجمات همجية وبربرية. وقد تختلف مواقع الاستشهاد او صورها او زمنها تبعا لمرحلة الصراع وظروفها الا انها تلتقي جميعها في اهدافها حول القضية القومية ومطالبها التحررية.
وقد واكب ابناء شعبنا وعبر اجيال الوفاء لتلك المسيرة المخضبة بالدماء بحيث اصبح يوم الشهيد والذي ارتبط بمذايح سميل عام ١٩٣٣  محطة يستذكر الابناء والاحفاد ماقدمه الشهداء قبل سميل وبعدها من اجل القضية القومية. وباختلاط المشاعر يخال للمرء ان الجميع هم ابناء الشهداء واخوتهم. حيث تقام الاحتفاليات الاستذكارية بهذه المناسبة والتي تكون مفعمة بالمشاعر الجياشة والمتدفقة، وليطلق الاديب والفنان والمثقف والسياسي والفرد العادي العنان لمشاعره تلك للتحول الى تجليات فكرية او شعرية او نثرية او انغاما تعبر عن عمق الامتنان لتلك الارواح التي قدمت في طريق حرية شعبنا. وفي الوقت الحاضر اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منبرا تشتعل فيها مشاعر الوفاء ولمعاني التضحية والبطولة وعن عمق ارتباط هولاء الابناء بمسيرة ابائهم واجدادهم.
واذ يصادف هذه الايام الذكرى السنويه ٣٤ -٣٥ لاستشهاد كوكبة من اعضاء الحركة الديمقراطية الآشورية كان باكورتها الشهداء الابطال جميل متي وشيبا هامي ويوبرت بنيامين ويوسف توما ويوخنا ايشو ججو ان كان في ساحات الكفاح المسلح او في اقبية النظام الدموي الدكتاتوري في بغداد. الا ان السؤال الذي يتبادر الى اذهاننا حين نتابع هذه الفعاليات خاصة في هذه المراحل الصعبة التي يمر بها شعبنا في الوطن وبعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على هذه المأثرة البطولية لهولاء الابطال ، هل استطعنا الايفاء لتلك المعاني والقيم العظيمة والمبادئ العميقة التي انبثقت من رحمها البرامج السياسية والتنظيمية التي آمنو وعمل وبها وقدمو ارواحهم قربانا في طريق تحقيقها؟ والى اي مدى تم تحقيق البرنامج السياسي والالتزام بالاليات التنظيمية التي كانت احدى مسببات اعتقالهم في اطار تنشيطها والعمل بها، والالتزام بالمبادئ والقيم والثوابت القومية والوطنية التي اختطها الشهداء ورفاقهم
 ومن الاهمية بمكان ان نتسآل ونحن نعيش هذه الايام ذكراهم، هل يمكن فصل العمل الحزبي التنظيمي في معاني الشهادة لدى هولاء عن المفاهيم القومية في روح الاقدام والتضحية لديهم؟ وهل ان منصات الاستذكار المعنوي هذا هو الرد المطلوب والتعبير المنطقي عن الوفاء لتلك القيم ومبادئ العمل والاهداف التي سقط من اجلها شهداء شباط او ما تلاهم من ابطال في ساحات الكفاح المسلح او في الداخل وعشرات المعتقلين الذين زج بهم زنزانات السلطة وملاحقة عوائلهم في وظائفهم وجامعاتهم ومدارسهم وونفي وطرد قسم منهم الى خارج الحدود وبشكل همجي وتركهم بين حقول الالغام وفي مناطق المعارك ابان الحرب العراقية الايرانية. انها مراحل هامة في تاريخ شعبنا لابد الوقوف لديها. ومن نافلة القول  ان نذكر ان عطية الشهداء تلك هي ملكية عامة تخص كل فرد وكل جيل كونها قدمت من اجل القضية القومية وللكل استثمارها في طريق نضاله واستقاء العبر والدروس  ممن يسير في طريق نضالهم ومتمسك بتراثهم الفكري والتنظيمي هو وريث كل تلك الجراحات والانجازات بحلوها ومرها، وان حصر قيم التضحية تلك في اضيق اطرها الشخصية او المناطقية او حتى الحزبية هو انتقاص من عطاءات الشهداء وتضحياتهم.
 ورغم تقديرنا الكبير لكل تلك المشاعر الصادقة المتدفقة الا اننا نرى من الضرورة عدم الاكتفاء بحلو المشاعر تلك بل تحويلها الى محطات عمل حقيقية واستذكار والحديث عن قيم العمل والبرامج السياسية والتنظيمية لدى الشهداء وتفاصيل مرحلة التصدي تلك ومنجزاتها الجماهيرية وطريقة تعاطيهم مع متطلباتها في صياغة خطاب وبرنامج سياسي قومي ووطني الذي شكل حلقة جديدة في حلقات النضال والكفاح لشعبنا وتصعيدهم لوتيرته في نشر الوعي السياسي بين ابناءه والانتقال بالعمل بما يتناسب الواقع والقدرات ومتطلبات تلك المرحلة والتي ارعبت الاجهزة الامنية للنظام الدكتاتوري القمعي الذي سارع الى الاعتقالات والاعدامات للاجهاز على نشاطات الحركة وايقاف تطور العمل التنظيمي والسياسي  وتحالفاته الوطنية وخاصة انتشار افكارها الجماهير.
لذا نرى من الاهمية بمكان ان يتناغم العمل الان واداؤه مع تراتبية مراحله في الماضي الى الحاضر ومتغيراته والتخطيط للمستقبل من خلال قراءة للمرحلة السياسية الحالية والانتقال من مرحلة اثبات الهوية القومية التي دشنها ورسخها الشهداء الابطال وكل المناضلين في تلك الحقبة ان كان في تنظيمات الداخل في المدن او في مناطق الكفاح المسلح والدعم الامحدود لجماهير شعبنا في المهجر الى مرحلة تحقيق الحقوق القومية في اطار الوطن بعد تحديد مساراته السياسية واهدافه المرحلية لتحقيق الوصول الى تلك الحقوق في اطار الوطن الواحد الموحد ومن خلال قيم التاخي مع بقية مكونات الشعب العراقي. وان التبشير بهذه البرامج والترويج لها يكون من خلال عدة منابر جماهيريه ياتي في مقدمتها محطات استذكار الشهداء هذه اضافة الى قيم العرفان والوفاء لتضحياتهم ومعانيها العميقة اي ان تكون محطات اعادة تقييم وقراءة للمراحل السابقة واداء المتصدين لها وللواقع السياسي القومي والوطني والصراعات والمتغيرات السياسية القائمة في ضوء مصالح شعبنا القومية والوطنية والتاكيد على ضرورة الالتزام وتتمة برامج الخالدين السياسية والتنظيمية من خلال تطوير العمل وتحسين اداءه هو في تقديرنا الوفاء الحقيقي لتضحيات هؤلاء الابطال الذين ترجلو عن صهوات جيادهم ليتركوا للاجيال القادمة تتمة مسيرتهم النضالية بعد ان حفرت بصماتهم في جبين تاريخ شعبنا. 

--