حول الانتخابات القادمة : الى أحزابنا ومؤسساتنا القومية .. لقد فشلتم ! ولعلكم أن تفلحون ؟
آشور قرياقوس ديشو تورونتو – كندا
تعتبر الانتخابات الحرة والنزيهة والتي تتخللها المصداقية هي أحد الشروط الأساسية للحكم الديمقراطي العادل الذي يخدم المواطن والدولة و يقود الى نظام سياسي لا يفرق بين المواطنين أذا كانوا ظمن الاغلبية أو الاقلية . والانتخابات الحرة والنزيهة هي التي تحقق الديمقراطية التي تسعى الى تحقيق الهوية الثقافية والدينية والمساواة الاجتماعية للجميع في ظل دستور عادل يحفظ حقوق الجميع بعيداً عن سيطرة الاكثرية.
اليوم مرة آخرى نقف على ابواب لعبة الانتخابات العراقية الملتوية. من غير أن نتعلم دروساً من سابقاتها ولا ان نقوم بحسابات عقلانية تقودنا الى تحليل جميع البيانات والنتائج التي خرجت منها هذه الانتخابات منذ 2003..ومن غير أن نربط كل المآسي والكوارث التي مر بها أبناء شعبنا. وكذلك ما مر به شعبنا العراقي بأجمعه من فساد وحروب وقتل وتشريد بسببها حيث لم تحقق المطامح في نظام حكم ديمقراطي حقيقي يحلم به المواطن . ولكنها ستقود الى تقسيم الوطن وخيراته مرة آخرة بين هذه الحيتان والمذاهب.وفي نهاية المطاف فأن صورة النظام السياسي القادم في الوطن لن يأتي مختلفاً عن سابقاتها . ولن تضع شعبنا من جديد في منعطف خاص أو تحقق له أنجازات أو حقوق قومية جديدة ولن تعيد أبناء شعبنا الذين شردتهم احداث الوطن بعد 2003 في شتات العالم.
أن الغاية من هذه المقدمة ليست من أجل جلب الاحباط الى نفوس أحزابنا ومؤسساتنا القومية وأبناء شعبنا من الناخبين بل لدفعهم الى اليقظة والحذر والتفكير وحتى لا نظل نعيش في سبات ننتظر الكثير من وراءهذه الانتخابات . بل أن نسعى الى تحليل وتقييم جميع الانتخابات السابقة... كما يجب أن نفهم أن الصراع ومنافسة أحزاب شعبنا السياسية والقومية فيما بينها على كراسي( الكوتا ) لم ولن تنهي جشع وطغيان الاكثرية وفرضها القوانين والقرارات الاستبدادية بحق الاقليات والقوميات الضعيفة . ولن توقف أنتهاك الاكثرية لحقوق الانسان في الوطن أو تنهي الظلم والغبن عن الاقليات وتهجيرهم وتدمير النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي في الوطن بشكل عام ..
أن واجب الحكومة الرئيسي هو خدمة الشعب وحمايته والمحافظة على القانون واقامة العدل بين أبناء الوطن الواحد . وتامين الحريات الشخصية للمواطنين بغض النظر عن أنتماءاتهم المذهبية والدينية بالاضافة الى مسؤوليتها عن الصحة والتعليم والتجارة والزراعة وأستقرار أقتصاد البلد. والحكم على نجاح أية حكومة اونظام سياسي يجب مقارنته بمستوى هذه الخدمات والنجاح والازدهار التي تقدمها وتحققها الدولة للشعب .ولكن الاحزاب السياسية الحاكمة في في الوطن قد فشلت في تلبية تطلعات الشعب هذه . ولم تجسد الوعود التي قطعتها له . وفي كل مرة قدموا وعوداً كثيرة وكانت لهم كافة الصلاحيات وكانوا مدركون لمشاكل الشعب والمجتمع العراقي الا انهم أختاروا ان يغضوا النظر عنه . واليوم يجب على احزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية أن تنتبه على هذا الواقع ويراجعوا الاحداث ومنذ 2003 ليحكموا بصدق وامانه ودراية على نتائج الانتخابات القادمة من خلال مراجعة النقاط التالية والتي تهم مصير المواطن والوطن والحكم على النتائج القادمة :
اولاً : الحقوق والحريات الشخصية والعامة المتوفرة للمواطن : ومدى حرص الحكومات التي جاءت منذ 2003 على تحقيق هذه الحريات بما توفرها النصوص والمواثيق الدولية من ضمانه وحماية المواطنين من الظلم والاضطهاد وأقامة العدل والمساواة بين أبناء الوطن ؟
ثانياً : أمن وسلامة المواطن والوطن : ودور الحكومة في حماية شعبها في ظل العصابات والمليشيات المنتشرة التابعة للأحزاب والمذاهب المختلفة . التهديدات والتحديات التي تحدق بالوطن بسبب سياسة هذه الاحزاب الدينية الطائفية المتنفذة والعداء والكراهية التي خلقتها هذه الحكومات بين الطوائف والمذاهب التي تعيش في الوطن ؟
ثالثاً : فشل حكومات ما بعد 2003 في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في الوطن . بسبب الفساد المستشري والفشل أيضاً في اتخاذ الاجراءات لتعزيز الرخاء والازدهار في الحياة المعيشية للمواطن وتوفير فرص العمل والتعيين من خلال خلق بأستثمارات وخطط تنمية ترفع من شأن النمو الاقتصادي في الوطن ؟
رابعأً : دور الحكومات ما بعد 2003 في التطور العلمي والثقافي والاجتماعي والصناعي والزراعي في الوطن ومدى فعالياتها في أقامة المشاريع الصناعية أو الزراعية ومنذ ذلك الحين.
خامساً : فشل حكومات ما بعد 2003 في خلق التعايش والتألف والاخوة والمحبة بين القوميات والطوائف المختلفة في الوطن الواحد بل زرعت الفرقة والعداء بين القوميات والاديان والمذاهب المختلفة . وكانت حصة شعبنا من هذا الظلم والعداء كبيراً .
سادساً : وهذه النقطة تخص شعبنا وهي مقدار الفوائد والانجازات التي حققتها هذه الانتخابات والحكومات المتعاقبة في الوطن ومنذ 2003 للقوميات الصغيرة. وما تمخضت عليه هذه الانتخابات من حقوق وحريات لشعبنا وللشعوب الصغيرة الاخرى ما عدا ذكر أسمنا في دستور الدولة ولكن من غير قوانين وقرارات تحقق هذه الحقوق وهذه الحريات.وتأثير كل هذه الاسباب أعلاه على شعبنا ومصيره في الوطن .
لقد فشلت الاحزاب السياسية الحاكمة في الوطن في تلبية تطلعات الشعب وأحتياجاته ولم تجسد الوعود التي قطعتها لهذا الشعب...نعم لقد فقد الشعب العراقي الامل في أي حزب سياسي بعد أن أصبحت الطبقة السياسية العراقية تقدم مختلف العروض والاجراءات لحل المشاكل في وقت التصويت وخلال الانتخابات فقط . يريدون من خلالها استخدام المواطنين لمصالح احزابهم ومصالحهم الشخصية . وان تكرار هذه التجربة في كل الانتخابات ومنذ 2003 يجب ان تمنح شعبنا وأحزابنا السياسية والقومية خبرة ومعرفة وصورة واضحة بماذا سيكون حالنا بعد الانتخابات وما ستكون الاوضاع بعد أن تفوز الاحزاب الطائفية الكبيرة بالاكثرية في لعبة الانتخابات .
أن هذه التهديدات والتحديات السياسية يجب أن تدفع الجميع وبعد هذه التجربة المريرة التي مر بها الوطن منذ 2003 الى التكاثف والاتحاد والجلوس معاً للعمل على خلق تحالف قومي صادق واحد . بعيداً عن المصالح الحزبية والفئوية وأن يكون مصير شعبنا في الوطن هو الملهم الرئيسي في هذا التحالف . لان هذه الانتخابات لن تكون عادلة وستخلق حكومة فاسدة كسابقاتها . وحتى يتخلص شعبنا من عبودية الاكثرية التي خلقها الدستور وحتى لا يتكرر الوضع البائس الذي يحيق بشعبنا لعدم وجود قواعد وأنظمة وقوانين تحكم العدالة للطوائف والاقليات الصغيرة وترسم حماية القوميات الصغيرة .وبعد أثبت للجميع بأن حكم الاغلبية الذي يعيشه شعبنا في الوطن اليوم لا يختلف عن الحكم الرئاسي الاستبدادي الذي كان يعيشه الوطن في ظل الحكومات الدكتاتورية السابقة ....
لذا فأننا ندعوا ونطالب الاحزاب السياسية والمؤسسات القومية لشعبنا بكل فئاته لمقاطعة هذه الانتخابات وعدم المشاركة فيها والى وحدة الخطاب القومي والدعوة الى مفاتحة دوائر الامم المتحدة والمنظمات حقوق الانسان فيه والمفوضية الاوربية للانتخابات بالحيف والظلم الذي طال شعبنا كل هذه السنوات والمطالبة بالحماية الدولية لشعبنا في الوطن . والسعي للمطالبة بمحافظة لشعبنا في سهل نينوى تشمل شعبنا والمكونات الاخرى معاً تشمل بالحماية .. ان هذا الموقف سيجعل لشعبنا صوتاً واحداً يكون له صداً قوياً في الوطن والعالم الخارجي بدلاً من ان نشارك في انتخابات غير مضمونة وغير نزيهة نتائجها بالنسبة لنا معروفة مسبقاً ..حيث التحالفات السياسية والحاكمة التي ستاتي الى السلطة وتهيمن على سياسة العراق معروفة أيضاً ... ولن نرى خلالها اي تحررلشعبنا لأننا سنرزخ مرة آخرى تحت حكم وقرار الاغلبية المتسلطة .
الله والشعب من وراء القصد !