المحرر موضوع: متلازمة العم البخيل في أفلام والت ديزني الكرتونية  (زيارة 1183 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل المطران مار يوسف توما

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 86
    • مشاهدة الملف الشخصي

متلازمة العم البخيل في أفلام والت ديزني الكرتونية

ترجمة وإعداد المطران د. يوسف توما

في صيف 2013 شاركت في الأيام العالمية للشباب في البرازيل والتقيت بالأب فراي بيتو الدومنيكي (Frei Betto مواليد 1944)، وهو كاتب معروف، مؤلف كتاب "باراديسو برديدو “Paraíso perdido – viagens ao mundo socialista”  (الفردوس المفقود - رحلات إلى العالم الاشتراكي) (دار روكو)، وغيره من الكتب. وقد أرسلت إليّ سكرتيرته هذه الصفحة قمت بترجمتها لأنها تسلط الضوء على بعض ما يحدث في عالمنا من تقلبات وانهيارات بسبب المال.
كتب الباحث الاقتصادي توماس بيكتي (Thomas Picketty) في كتابه "رأس المال في القرن الحادي والعشرين"، بأن تركيز الثروة في العالم يقع في أيدي عدد قليل من العائلات (84 شخصا بالتحديد الذين تبلغ ثروتهم ما يعادل كل ما يملكه 3.5 مليار شخص – أي نصف البشرية -، وهذا أيضا ما تؤكده منظمة أوكسفام (OXFAM)، ويرجع ذلك إلى زيادة في المضاربات المالية التي تفاقمت من جراء نظام ظالم من الميراث والتوريث في العالم الغربي الذي يحتكر كل هذه الأموال.
أما فرانسوا بورغينيون (F. Bourguignon)، من جهته فهو يؤيد فرضية بيكتي في كتابه "عولمة عدم المساواة". شارحا أن عصرنا يتميز بزيادة في هشاشة وضعف فرص العمل، واللجوء إلى الاستعانة بمصادر خارجية (أي انتقال الشركات إلى البلاد الفقيرة)، وخفض الرواتب، وانعدام الضمانات التي توجد في الغرب. يضاف إلى حقيقة أن الاقتصاد اليوم هو أقرب إلى شكل آخر من أشكال الاستعباد المعولم (globocolonised) ، الذي لا يطيع المعايير المتعارف عليها دوليا، من هنا كثرت الملاذات الاقتصادية التي تفلت من أي ملاحقة قانونية، إنها بالحقيقة أشبه بكهوف علي بابا والأربعين حرامي! مما يسبب قيام ثروات تتجاوز ما يمكننا تخيله، حتى ممن يكتبون قصص الخيال العلمي مثل والت ديزني الذي صور شخصية الملياردير النهم وأسماه العم "ذهب" البخيل (Uncle Scrooge).
بالحقيقة ليس الكاتب فرانسوا بورغينيون يساريا، بل بالعكس كان كبير الاقتصاديين في البنك الدولي بين عامي 2003 و 2007. لكن من المؤسف انه كتب كتابه بعد أن ترك ذلك البنك، في حين عندما كان في السلطة، لم يكن يجرؤ على التحدث خوفا على جيبه ...
قبل 20 عاما (أي قبل عام 2000)، كان مستوى المعيشة في دول مثل فرنسا والمانيا 20 مرة أكبر مما هو في الصين أو الهند. أما اليوم فهو 10 مرات فقط. لعل القارئ يتساءل: "هذا أمر جيد! فعدم المساواة أصبح أقل من الماضي! "، لكن ذلك ليس سوى في الظاهر. فالنمو في الهند والصين صار يتبع نفس المقاييس كما هو الأمر في فرنسا وألمانيا – إنها الليبرالية الجشعة والهرمية والتفاوت في هذين البلدين صارخ أيضا مما يؤدي إلى أن هناك ثلاثة مليارات شخص أن يعيشوا على أقل من 2.5 دولار باليوم (أي ثلاثة آلاف دينار عراقي) فقط!
إن الدول التي كانت تسمى في السابق العالم الثالث أو اليوم بالدول النامية لم تعد تعرف كيف تتعامل مع هذا الوضع الحالي فتلجأ مثلا إلى الخصخصة أو إلى تخفيض النفقات الاجتماعية الحكومية (التي تضطر إلى رفع الضرائب على مواطنيها أو إجراء استقطاعات على الرواتب)، فيصل الكاتب إلى النتيجة بأن: "الكثير من تلك الإصلاحات كان ستؤول بالتأكيد إلى خلق عدم المساواة. وهي السبب في الفساد المستشري في الكثير من البلدان الأكثر تضررا من مثل تلك البرامج.
إن مثل هذه الإجراءات التي تعتمد الخصخصة، هي التي تدفع إلى الاضطرابات والتظاهرات في كثير من الدول والحكومات وتقسّم الأحزاب وتؤدي إلى صعود اليمين المتطرف الشعبوي من الذين يروجون لأفكار ووعود يستحيل عليهم الالتزام بها. لكن هناك من يقول: "إن التحوّل من الاحتكارات العامة إلى الخاصة، مع عدم كفاءة في التنظيم، سوف يسمح بظهور مضاربات في سوق الأسهم الجديدة وتراكم ثروات أخرى هائلة في تلك المناطق كما يحدث في الصين اليوم (بالمناسبة أضخم شركة تسويق في هذه البلد تحمل اسم "علي بابا"!) لقد تعلموا الطريقة وهذا ما صار يقلق حتى الدول الغنية التي تربعت على عرش الغنى حتى الآن.
في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث من المفترض أن الديمقراطية السياسية ليس لديها ما تفعله أمام الانعدام التام للديمقراطية الاقتصادية، فالانخفاض الحقيقي في الحد الأدنى للأجور ما بين عامي 1980 و1990 جنبا إلى جنب مع وجود نقابات ضعيفة، تسبب شيئا فشيئا في تفاقم عدم المساواة الاجتماعية وزيادة بنسبة تتراوح بين 20 و30٪. حيث أن ثروات 10 % من بين الناس الأغنى في أمريكا ارتفعت من 64٪ إلى 71٪ بين عامي 1970 و2010.
بالمختصر: نحن إما نركز على الصراع السياسي من أجل الحد من عدم المساواة الاجتماعية، أو نفقد كل شيء، مما يتسبب بالجوع، والهجرة، والإجرام والإرهاب والحروب، في حين يقوم أبناء النخبة الغنية بالسيطرة على كل شيء، ويذهبون ليحتفلوا في جزيرة معزولة بالامتيازات والأرباح التي حصلوا عليها.