المحرر موضوع: ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية ج2  (زيارة 8325 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل موفـق نيـسكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 362
  • الحقيقة هي بنت البحث وضرَّة العاطفة
    • مشاهدة الملف الشخصي
ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية ج2

4: يقول البطريرك ساكو: وما كتبه نسطور تم حرقه، ولم يصل لنا سوى كتابه بازار هيرقليدس.
الجواب: كل أقول ومجادلات نسطور قبل وأثناء مجمع إفسس 431م موجودة ومن أناس معاصرين له كالمؤرخ سقراط وغيره، والتي تثبت هرطقته، ولم يتم حرم نسطور على أفكاره المتأخرة في كتاب هيرقليدس الذي كُتب بعد حرمه والتي حاول فاشلاً أظهار بعض ندامته، علماً أنه لا يوجد دليل قاطع على أن كاتبه نسطور نفسه، بل من محبيه بشكل محاورة مع نسطور، ومع ذلك فما قاله نسطور في كتاب هيرقليدس يثبت هرطقته أكثر مما ذُكر عنه سابقاً.

5: يقول: والخلاف كان في اللغة والمصطلحات، وفي هذه الحالة ينطبق على السريان الأرثوذكس.
الجواب: على الشق الثاني قبل الأول، وهو (وفي هذه الحالة ينطبق على السريان الأرثوذكس).
يبدو أن مقال البطريرك ساكو ليس أكاديمياً ولا عقائدياً، بل سياسياً وطائفياً وموجّه للسريان الأرثوذكس تحديداً، فلماذا خصص البطريرك السريان الأرثوذكس فقط؟، لماذا لم يقل إن ذلك ينطبق على جميع الكنائس المسيحية ومنها روما والقسطنطينية الخلقيدونيتين التي تُحرِّم نسطور أيضاً كالبقية، وكنيسة المشرق بدورها تُحرم الكنيسة الملكية (الكاثوليك والأرثوذكس البيزنطيين)، أو في أحسن الأحوال، لماذا لم يقل البطريرك إن ذلك ينطبق على اللاخلقيدونيين وهم (السريان والأقباط والأرمن والأحباش)، أليسوا نفس المعتقد؟، فهل هي مناورة سياسية وخشية من الأقباط لتشددهم ضد النسطرة، أم لوجود جالية كلدانية صغيرة في مصر مثلاً؟، فمع أن الأقباط والسريان هم كنيسة ذو معتقد واحد، لكن السريان ربما أقل من الأقباط في كتاباتهم ضد النساطرة بسبب وجود النساطرة بينهم، أم أن البطريرك ساكو يقصد، "إياكِ أعني واسمعي يا جارة"؟. وهل العبارة الأخيرة تشمل كنيستي روما والقسطنطينية؟.
ومع ذلك فهذا الأمر يُحسب فخراً للسريان الأرثوذكس، فحسب البطريرك ساكو، السريان الأرثوذكس من مجموع حوالي ملياري مسيحي، هم الوحيدون الذين يقررون من هو الهرطوقي، وما هي العقيدة الصحيحة، وكما سنرى لاحقاً أيضاً.

أمَّا جواب الشق الأول (والخلاف كان في اللغة والمصطلحات): فعلاً نسطور في كتاب هيرقليدس استعمل فلسفة لغوية ملتوية لتمرير أفكاره،مثل سلفه آريوس، فتغير حرف واحد من التعبير يُغيَّر المعنى، فمثلاً استعمل آريوس عبارة ملتوية مثل (المجد للآب بالابن في الروح القدس)، وفي مجمع نيقية اختلفوا على كلمة (Homoousios) وتعني مساو للآب في الجوهر، وكلمة (Homoiousios) التي استعملها الآريوسيين، وتعني كالآب في الجوهر، فأصرَّ المجمع على استعمال الأولى حيث فرق كبير بين المعنيين، لذلك فنسطور في كتاب هيرقليدس لا يؤمن أن المسيح هو إلهاً متجسداً، بل إنساناً عادياً سكن الله في هيكله أو حلَّ فيه فأصبح المسيح إلهاً بالكرامة والاسم والقوة..ألخ، وقسَّمَ المسيح إلى أقنومين أو شخصين مستقلين، أحدهما إلهي والآخر وضعي، وصوّر اتحادهما، اقتران أو مصاحبة اجتماع..إلخ، في الهيكل الإنساني أو الهيئة، أي المظهر الخارجي، ويرى كلمة اقتران أدق من اتحاد، أي ليس اتحاداً حقيقياً، ويرفض قطعياً أن الكلمة نفسها صار جسداً، بل العذراء استلمت أو استقبلت الكلمة الذي اقترن، صاحبَ، سكن، حلَّ..إلخ، في هيكل الجنين الإنساني المستقل في أحشائها، والمسيح عنده هو الطفل ويسكن فيه رب الطفل، ومريم ولدت ناسوت المسيح الطفل فقط، أمَّا رب الطفل أي اللاهوت (مرَّ) مع الجسد لأنه مصاحب أو مقترن به، فهو استخّف بجسد المسيح وصوَّرهُ في هيرقلدس ببدلة جندي أو خادم لبسها الملك وظهر فيها متخفياً، والبدلة هي قناع لا تجعل من الملك خادماً أو جندياً حقيقياً، وهذا الجندي (المسيح) ليس هو الملك الحقيقي بعينه، بل جعلهُ الملك يبدو ملكاً، واستعمل نسطور نظرية الاختراق وتبادل الأدوار، فالناسوت يخترق اللاهوت ليصبح معبوداً..ألخ، وفي عظته الثامنة يقول إن المولود من العذراء بشر مثلها، وفي مكان آخر يقول لا يمكنني أن اعبد الإله القائل إلهي إلهي لماذا تركتني؟، ومات ودُفن، لأنه يؤمن أن الذي عُلِّقَ على الصليب هو الإنسان المسيح وليس الإله المتجسد، وأن اللاهوت فارق الناسوت عندما صُلب ومات المسيح.

وكل كنيسة المشرق تستعمل هذه الكلمات الملتوية: إقتران ومقرون، لابس وملبوس، حامل ومحمول، ساكن ومسكون، حاجب ومحجوب، ظاهر وخفي، اختبأ، مصاحبة، تجسَّم، تحيّز، تبني، اجتماع، هيكل، هيئة، مظهر، شكل، صورة، وجه، وجيه، شخص، شخص التدبير في الجسد، عبد، خادم، استقبلت، استلمت، وحتى كلمة الأقنوم عن المسيح في مفهوم النسطورية تعني هيئة، مظهر شكل..الخ، وليس كاستعمالها مع الثالوث، وتميز الأقانيم الثلاثة في كنيسة المشرق لا يستند عموماً إلى العهد القديم أو منذ ولادة المسيح، بل أغلبه مستند إمَّا إلى حلوله يوم عماد المسيح، أو إلى آخر أية قالها المسيح، اذهبوا وبشروا جميع الأمم، وكنيسة المشرق حين تتحدث عن الاتحاد، فهو، اتحاد طوعي، بالكرامة، مجد، وقار، نعمة، رضى، إرادة، محبة، مسرة، مشيئة، أدبي، خارجي، قوة..الخ، وتستند بذلك بوضوح ودقة إلى عبارات وأفكار كثيرة لنسطور من كتاب هيرقلدس وغيره، كالإلوهية التي اقترنت بالمسيح الإنسان في يوم عماده، ارتفع إلى السماء بالجسد فقط، ولد أو قام من الموت وارتفع إلى السماء بقوة العلي..إلخ، ويستعملون دائماً الآيات التي ترد فيها الكلمات والعبارات التي تدل على ناسوت المسيح: نقض الهيكل في ثلاثة أيام، سكن بيننا، أخلى ذاته واتخذ صورة العبد، شبه العبد، شبه الله، حلَّ فينا، وارث، هيئة إنسان، شبيهاً بالله،..إلخ، كما سنرى.
وأحد مخلفات عقيدة نسطور التي لم يقُلها نسطور نفسه، قالها البطريرك ساكو هي: عدم اعترافه ببتولية العذراء، إذ كيف ستبقى بتولاً وقد ولدت إنسانا محضاً، فالمادة وحدها لا تستطيع اختراق الزجاج مثل النور!.

6: يقول: ولا نجد في كتاب هيرقليدس ما يخالف الإيمان>
الجواب: ليس ضرورياً وذو أهمية رأي البطريرك ساكو إن كان نسطور وكتابه لا يُخالف الإيمان، فعند غيره، وهم الغالبية العظمى، يخالف الإيمان وهرطقة واضحة، ومثل ما يرى البطريرك ساكو أن نسطور غير هرطوقي، هناك آخرين لا يرون آريوس هرطوقي، أليست عقيدة شهود يهوه هي آريوسية بحتة؟.
لقد بقي نسطور حيَّاً 20 سنة إلى سنة 451م بعد حرمه، فلماذا لم يقدم كل هذه المدة أفكاره إلى الإمبراطور تيودسيوس الثاني وبطاركة الكنيسة لرفع الحرم عنه؟، وهذا الأمر حدث عدة كثيراً مع كثير من الآباء آنذاك إذ حُرموا، وتم رفع الحرم عنهم عندما ابدوا آرائهم الصحيحة، وأولئك كانوا أضعف من نسطور الذي كان محبوباً من الإمبراطور وواليه أنطخيوس، (ملاحظة حتى آريوس وأوطيخا، عندما أبديا بعض الآراء بحنكة لخدع الآباء، تم رفع الحرم عنهما، ثم عاد آباء الكنيسة وحرموهما مرة ثانية عندما تأكدوا أنهما مخادعَين، وماتا محرومَين)، ألم يكن بطريرك أنطاكية السرياني الأرثوذكسي يوحنا زميل نسطور مسانداً له في البداية ولم يعترف بمجمع إفسس، وجرت حرومات متبادلة بينه وبين كيرلس الإسكندي، ثم عاد يوحنا وتصالح مع كيرلس واعترف بالمجمع وحرم نسطور في كانون أول سنة 433م، وانتهى كل شيء وانتصرت المسيحية على الفردية، فلماذا لم يسلك نسطور مسلك زميله يوحنا؟.

7: يقول: ولم تعترف كنيسة المشرق بشخصين في المسيح.
الجواب: لم يقل أحداً إن نسطور وكنيسة المشرق قالت بوجود شخصين للمسيح أحدهم في أورشليم والآخر في الصين، كما يريد البطريرك ساكو إيهام القارئ، فنسطور قسَّم المسيح نفسه كاله متجسد إلى شخصين مستقلين تماماً.

ومع ذلك إذا كان البطريرك ساكو يُريد أن يعتمد على كتاب هيرقليدس فقط الذي كُتب بعد حرم نسطور، فلماذا لم يُناقش هذا الكتاب فقرة فقرة؟، على الأقل خدمةً للثقافة العامة، إذ لن يُقدم ولن يؤخر رأي البطريرك ساكو بنسطور، لأن الأخير محروم، بل ترك البطريرك كتاب هيرقليدس وهو لب موضعه، ولم يذكره إلاَّ بصورة عابرة في مقاله، وذهب لمناقشة أمور أخرى، كقال فلان وذكر علان عن نسطور، من ناس يعطون رأيهم الذي لن يقدم ولن يؤخر أيضاً، ولو أُخذ بكل آراء هؤلاء يجب إلغاء كل التقليد، فكل يوم يخرج  متفلسف وباحث يعطي رأيه بهذا وذاك، فيرفع محروماً، ويُحرم مرفوعاً.

 وكتاب هيرقليدس طويل، وننقل فقرات قصيرة كمثال:
God is all powerful and does all that he wishes. And because of this his ousia became not flesh, for that which becomes flesh in its nature ceases to be able to do everything, in that it is flesh and not God. For it appertains to God to be able to effect everything, and not to the flesh; for it cannot do everything that it wishes. But in remaining God he wills not everything nor again does he wish not to become God so as to make himself not to be God. For he is God in that he exists always and can do everything that he wishes, and not in that  he is able to make himself not to be God; for he into whose ousia the nature of the flesh has entered makes himself not to be God, and further cannot do everything that he wishes. (هيرقليدس، 15)
الله كلي القدرة ويستطيع أن يفعل أي شيء، وهو في جوهره لم يصبح جسداً، لذلك فالذي يصبح جسداً في طبيعته ستتوقف قدرته على القيام بكل شيء لأنه جسد وليس الله، وأكرر إن الله موجود دائماً وليس محتاجاً (لا يرغب) إدخال الطبيعة الجسدية لجوهره، لأنه لن يبقى الله، وهو لا يريد أن لا يكون الله، علاوةً على أنه لن يستطيع فعل كل ما يريد.

For a mediator is not of one, God is one, and consequently he cannot be God but the mediator of God, As a king in the schema of a soldier comports himself as a soldier and not as a king. (20-21
الله واحد، ولا يمكن أن يكون وسيطاً لنفسه في أحاديته، وبالتالي لا يمكن أن يكون (المسيح) هو الله، ولكنه وسيط الله، وإن عملية التجسد، هي ظهور الله في الطبيعة البشرية كملك في هيئة جندي، وتصرف كجندي وليس كملك.

Concerning this: that natures which are united voluntarily, The natures indeed which are united voluntarily acquire the union with a view to forming not one nature but a voluntary union of the prosôpon.(38).
وحدة الطبيعتان هي طوعية، وفي الواقع هي وحدة طوعية لا بهدف تشكيل طبيعة واحدة، لكن اتحاد طوعي في الشخص.

He is human who was born of the Blessed Mary ,He who took his beginning and gradually advanced and was perfected, is not by nature God, although he is so called on account of the revelation which [was made] little by little. (196
هو إنسان ولد من مريم وأخذ بدايته منها، وتقدم تدريجياً بالكمال، ليس بطبيعة الله، على الرغم أنه سُمّي (إله) استناداً للوحي، وذلك تم شيئاً فشيئاً (تدريجياً).

I predicate two natures, that he indeed who is clothed is one and he wherewith he is clothed another, and these two prosôpa of him who is clothed and of him wherewith he is clothed. also confessest of two natures Neither of them is known without prosôpon and without hypostasis 
أنا أسند الطبيعتين لذاك الواحد الذي في الواقع هو ملبوس، ويلبسه آخر، وهذان الشخصان هما من ذاك الملبوس ولابسه، وأُقرُّ أن الطبيعتين لا تُعرف بدون شخص وأقنوم. (219).

the Son said: My God, my God, why hast thou forsaken me? He it is who endured death three days, and him I adore with the divinity. And after three days, on account of him who is clothed I adore the clothing, on account of him who is concealed, I adore him who is revealed, who is not distinguished from the visible. For this reason, I distinguish not the honour of him who is not distinguished; I distinguish the natures and I unite the adoration. It was not God by himself who was formed in the womb nor again was God created by himself apart from the Holy Spirit nor yet was God entombed by himself in the tomb; for, if it had been so, we should evidently be worshippers of a man and worshippers of the dead. (هيرقليدس237).
الابن قال: إلهي، إلهي لماذا تركني؟، فهو الذي عانى الموت ثلاثة أيام، وله أوجِّه العباده (بإلوهيته)، وبعد ثلاثة أيام بهيئته المكسوّة، فاعبد الغلاف (الكساء) هيئة المخفي الذي كشف من لم يكن متميِّزاً في الظاهر، لهذا السبب أنا أميِّز ولا أُكرِّم من هو غير مُميّز، فأميّز الطبيعة وأوِّحد العبادة.
 فلم يكن الله نفسه الذي تم تشكيله في رحم (العذراء)، ولا مدفوناً في القبر، وإذا كان الأمر كذلك، يعني أن عبادتنا هي لإنسان ميت. (وهنا قول نسطور واضح إن اللآهوت فارق ناسوت المسيح ثلاثة أيام في القبر، فعدا أن نسطور لا يعترف باتحاد حقيقي لللآهوت بالناسوت، قبل وبعد القيامة، ويعتبره اقتران، مصاحبة، التصاق..إلخ، ولهذا الاقتران يوِّحد العبادة، للملك وأداته أو للمكسو وكسوته، لكن في الثلاثة أيام يرفض حتى أن يكون اللآهوت مصاحباً أو مقترناً بالناسوت، ولا توجد أية قيمة لناسوت المسيح).

ومختصر عقيدة نسطور: إن الله لم يلد ويولد، وقد كفر من قال أن المسيح هو الله، ولآهوت المسيح، لم يتألم، وما صُلب ومات، فاليهود اعتقدوا أو شبِّه لهم أنه جسد تخلصوا منه، لكنه مات وقام (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبِّه لهم)، ومريم ليست أم الله (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله)، وقسم من هذه التعابير ترد حرفياً، وقسم بالمعنى، وسنتكلم عن الموضوع لاحقاً.
 
لذلك على البطريرك ساكو أن يثبت أن نسطور ليس هرطوقياً من كتابه هيرقليدس، ويُقدِّم الإثبات لكنيسة روما لهدفين، الأول، أخذ شهادة دكتوراه أخرى في هذا الموضوع إضافةً لشهادته الأخرى (استناداً لأفكار نسطور المتأخرة)، والثاني، لرفع الحرم عن نسطور بقرار سينودس، وفي حال عدم استطاعته ذلك، عليه الانسحاب من روما، وليس توجيه آرائه الشخصية لإيهام الناس البسطاء الذين لا يعرفون التفاصيل، ولِأُطمئن البطريرك ساكو لعله يستفاد أكثر إذا قدَّم البحث: إضافة لكتاب هيرقليدس نضيف ما قاله نسطور بعد حرمه، وهو أنه تندم وبكى وقال: لتكن مريم والدة الله، كما روى معاصره المؤرخ سقراط (ص374)، وهنا أيضاً نسأل البطريرك ساكو، لماذا لم تلتزم كنيسة المشرق بندامة نسطور وقوله: لتكن والدة الله، أليس هذا دليلاً على نسطوريتها؟.
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبع ج3