يونادم كنا, جان اجيرا الاشوري
تاريخ حياة طاغية
ميخائيل ديشو
تذكرت مسرحية "تاريخ حياة طاغية" لجان بول سارتر وهو فيلسوف وجودي غني عن التعريف, والتي قرأتها منذ عهد بعيد, وانا اسمع عن تمرد عدد او كثير من قيادات الحركة الديمقراطية الاشورية على رئيسهم يونادم كنا. حاولت جهدي على الانترنيت ان اعيد قراءتها لكن بدون جدوى وبدون مقابل. ولكن القصة باختصار شديد هكذا حسب ذاكرتي وقراءاتي المتفرقة على المواقع.
هي محاكمة لمناضل الذي بدأ حياته ثائرا من اجل الفقراء والحالمين من اجل مستقبل افضل وبعد خمسة عشر عاما اصبح حاكم وفي موقع قوة ثم تحول الى طاغية استخدم سلطاته لقمع المعارضة داخل حزبه ليصبح القائد الاوحد. ومعارضوه يدخلون عليه ويقولون سنحاكمك, ويسأل باي قانون, فيقولون بقانوننا, فيقول الطاغية لن ادافع عن نفسي حتى تغتالونني. المحامي الذي كان يدافع عنه سينقلب ضده فيقول جان الطاغية عن المحامي: هذا اقذركم جميعا. حيث يبقى هذا المحامي مكانه في القصر حتى بعد اقصاء جان. المنتفعون سيكونون مع جان وضده ايضا وسيحملونه وحده كل اخطاء الماضي, كحرية الصحافة والاعلام وبيع البترول لشركات اجنبية لاكثر من مئة سنة ثم التأمر مع الاجنبي لسرقة ثرواتنا.
ولكن المعارضون هم فلاحون ومتعلمون ايضا بعقول فلاحية لانهم لم يستوعبوا الاصلاحات التي قام بها, فهم شعب متخلف رجعي متأخر فكريا. لان الحاكم قد يحتاج الى عشرين عاما ليعلم هكذا شعب. ويتهمون أجيرا بانه لا يستمع الى احد, لذا ثار الفلاحين والمتعلمون بعقول فلاحية في كل مكان. لكن الفلاحين هم فلاحين يصفون الطاغية بأسوأ الصفات وهم كانوا يمتدحونه عندما كان في الحكم ويزحفون امامه.
عندما استلم جان السلطة، عين زملاؤه فى مناصب عديدة، ليكونوا على مقربة منه، وفى بداية حكمه، فان جان يقرر تأميم صناعة البترول لصالح وطنه، لكنه لن يلبث أن يتردد: التأميم سابق للأوان، أى أنه يتراجع عن أول قرار ثورى كان عليه أن يتخذه: اجراء الانتخابات سابق لاوانه، والتأميم سابق لاوانه، وحرية الصحافة سابقة لاوانها، وسرعان ما يختلف أصدقاء الامس، أمام التقاعس، لتنفيذ افكار الثورة.
وفى خطاب طويل لجان يقول للجمهور الذى يحضر محاكمته, ما يمكن ان نسميه دستور الحكم، او الطغيان: ايها المغفلون البائسين.. تظنون انكم ستغيرون السياسة, لكن كل ما ستحصلون عليه هو استبدال اشخاص بأشخاص “يشير الى فرانسوا الذى جلس في مقعده” وانت، انت ستسير على نفس سياستى لانه لا سياسة اخرى هناك لتسير عليها.
ويبرر جان كل ما فعله كان لانه يخشى تدخل القوى الاجنبية لسحق ثورته، وسنوات حكمه، لم يشأن أن يدخل بلده فى حرب ويقول ان الناس لم تفهم دوافعه، ولم يكن عليه ان يشرح لهم الاسباب.
المشهد الاخير فى المسرحية، بعد ان يتم اصدار الحكم باعدام جان, يأتى سفير الدولة الاجنبية الى الحاكم الجديد، ويبلغه بعدم المساس بامتيازات البترول وكان أول ما طلبه الحاكم الجديد (فرانسوا) هو الكأس، من الخادم نفسه، ويقبل شروط السفير.
هذا ملخص شديد لمسرحية "تاريخ حياة طاغية" لجان بول سارتر, والعبرة فيها هي ان يونادم كنا لم يستطع تغيير واقع شعبنا, ولن يستطيع معارضوه ايضا, سواء من حزبه او الاحزاب الاخرى, وحتى من رجال الدين المسيحيين الذين يدعون الاخوة والوطنية, من انقاذ البقية الباقية من شعبنا في العراق. لان جميعهم لم يفهموا او لم يقبلوا ان يفهموا بان الوطنية ليست مقدسة.