الى الصديق والاخ العزيز تيري المحترم :
نعم تباً للتاريخ الذي أصبح وسادة مخدرة لعقولنا ومشاعرنا ... نضع عليها رؤوسنا لنضيع بسببه في احلام بعيدة عن الحاضر والمستقبل ... أحلام لا تنفع ولاتحقق لنا اية من اهدافنا وطموحاتنا القومية ... العالم باجمعه يعيش المستقبل ونحن بكل كياننا وحضورنا وأحداثنا وواقعنا لازلنا نعيش الماضي ونستقتل حتى نفرضه على هذه الامم والشعوب المتطورة والمتقدمة ...
أخي العزيز تيري : كنت في مقالة بعنوان : تباً للتأريخ - الأمة التي لا تخدم حاضرها . لا يمكنها أن تحفظ مجّد ماضيها قد ذكرت بأن تشبثنا بالتاريخ فقط ... يلغي تطلعات شعبنا بالمستقبل ويجعله يعيش الماضي ... كمن يعيش الشيزوفرينيا ... حيث اصبح التاريخ يتداخل بين حياتنا الحاضرة وتطلعاتنا نحو المستقبل ... ومن كثرة الكلام عن التاريخ فقدنا الحاضر ونسيناه ...
وما ذكرته عن داء التاريخ : أقتباس من مقالتي : كنت أحب تاريخ شعبنا وأتلذذ بقراءته دائما وأغوص في دهاليزه العميقة كلما أحتجت الى معلومة أو خبر معين لأغني بهما كتاباتي أو مقالاتي . ألا أنني اخيراً بتُّ أشمئز بل أتقزز منه. لأنني لم أعد أجد فيه نفعاً. ولان التاريخ لم يفعل فعله المنشود في شعبنا . فهو لم يجعلنا نتقدم ولو بخطوة واحدة الى الامام ولم يصبح لنا حافزاً حتى نتطوركأمة لها مكانتها وحضارتها في هذا التاريخ. ولا نجاري به الامم المتطورة والمتقدمة الاخرى والتي أصلاً لا تحمل ذكراً ولو طفيفاً في أية حضارة قديمة وعريقة مثلنا .
التأريخ الذي نستقتل من أجله في كل أحاديثنا ومقالاتنا والذي لم يعد لنا أوعندنا نحن الاشوريون غيره لنتكلم عنه لم يستطيع أن يجمعنا معاً أبداً في مشروع معين واحد نعوّل عليه ليزدهر به شعبنا في الوطن أو المهجر ولا أن يحوينا كشعب واحد أو حزب واحد أو مؤسسة واحدة أو حتى في رأي واحد ؟ . لم نستطيع أن نختارمن صفحات التأريخ المشّعة والكثيرة حدث معين أو قصة صغيرة واحدة لتقرب بيننا كأشوريين أو تقربنا من فئات شعبنا الاخرى من الكلدان والسريان . اصبحنا نسعى اليه فقط عندما نريد أن نستشهد بمقتطفات لنهاجم بها الاخرين ولنُسكت من ينافسنا في الكلام فقط وليس العمل . بينما كأمة وشعب لازلنا نراوح في أماكننا فلم نخطو بفضل هذا ( المكَرود) وأعني التاريخ ولو خطوة واحدة الى الامام . لا بل خلصنا الى ماهو أتعس لقد أصبحنا نعود الى الخلف لنعيش في وضع مؤلم ومزري جداً لأننا في كل السنوات 6000 الماضية كنا جالسين ( رِجلاً على رِجل ) ننتظر حتى يأتي الاخرون ويقولوا لنا : أنتم أصحاب حضارة وتأريخ خذوا هذه الارض لكم !!!!!.
هذا التاريخ الذي نتباهى به اليوم والذي نحاول به أن نغطي على تقاعسنا وفشلنا لم يعد الا وسادة مخدرة ندعوا به شعبنا الى النوم والغفلة . يخدعنا به السياسين والكتاب والمثقفين ليشحذوا به عقولنا البسيطة ويلقنوننا به بعد أن فشلوا في أن يقودوننا الى التجدد والتطور والازدهار ولأنهم لم يستطعوا أن يبتكروا شيئاً جديداً أو يرسموا خارطة طريق تجمع شعبنا معاً نحو مستقبل مزدهر أو يبنوا حاضراً آمناً وسالماً أو يقدموا لنا خيارات منطقية وواقعية نواجه بها تحديات اليوم وتقود شعبنا الى بر الامان .
هذا التسطير الذي نقرأه عن التاريخ كل يوم وصل الى درجة الأستخفاف بعقول شعبنا الطيب والبسيط ولم يعد الا رسالة مطرزة بكلمات جميلة تصلح لدرس القواعد والانشاء فقط . يحاول المدمنون عليه أن يدوسون من خلاله بأقدامهم على مشاعر أبناء شعبنا من المهجرين والهاربين الذين يفترشون الخيم والقاعات والساحات والذين أختُطفت وأغتُصبت عوائلهم وبناتهم وأبنائهم وبيوتهم وقراهم ومدنهم . وبكل بساطة فأن هذه الكتابات والمقالات هي رسائل فشل تفتقر الى الابداع والالهام والرغبة الصادقة التي تدعوا الى التطور والتغيير والسعي الى خلق حياة جديدة وطريق قومي ونضالي نحو أهداف جديدة في حياة أية أمة .
لقد سعّدَ أبناء شعبنا وأمتنا في العراق بسقوط االدكتاتورية في 2003 وحظي الشعب جميعه بالحرية والانتصار . ولقد توقع الجميع تغييرات جديدة وكبيرة في الوطن ونحن أيضاً كأشوريون وكلدان وسريان تأملنا تغييراً في أوضاع شعبنا. فمرت عملية التغيير سهلة على الفئات الكبيرة بعد أن أغتنموا بالسلطة والجاه والحكم ألا نحن فلم ندرك بان معظم مشاكلنا كشعب وأمة لا زالت قائمة ولم يفهم القادة السياسيين والدينيين أنهم أمام مهمة صعبة وعسيرة والتي هي بناء أمة متحدة ومتكاملة فبدأنا نواجه ضعفنا في المصالح الذاتية التي سعت أليها مؤسساتنا السياسية والقومية وصراع المذاهب وتجاهلنا مصلحة شعبنا العامة وخاصة بعد أن طرق الشعب وقياداته السياسية والدينية باب الانقسام والتشتت ليركزوا على ( نموذج ) التاريخ والتسميات والمذاهب وليبدأوا عليه صراعاتهم الجديدة القديمة .
أدناه رابط المقالة :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,809617.msg7468086.html#msg7468086تحياتي وتقديري لك اخي تير ي ..
آشور قرياقوس ديشو