المحرر موضوع: وجه القمر .. بين الانغماس في المجتمع و التشظي مع قضاياه  (زيارة 2321 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وفاء شـهاب الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 198
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


وجه القمر .. بين الانغماس في المجتمع و التشظي مع قضاياه


إيمان إمبابي
مصر

 انتهت الحياة
مت أنا كما يروني
مجرد جسد خاو من الحياة أمامهم
لكني هنا
أراهم أسمعهم
أنا هنا في مكان ما ..
وهكذا حلق بنا الكاتب في أجواء ميتافيزيقية .. في قصة ( البرزخ ) كاسرا حواجز النفس البشرية ..لتتسق في منهجية سرده .. الواقعية في الحياة مع مابعدها من اسرار تلك الحياة ..وهكذا شهدت المجموعة القصصية ( وجه القمر ) تطورا ملحوظا في أسلوب الكاتب  "أسامة العمري "وحنكته الأدبية " ونستجلي ذاك التطور حين نتعرف مجموعته القصصية السابقة ( خوفناك كوهست ) فقد لوحظ التطور الموضوعي والفني والتصويري لدى الكاتب ؛
-وما أن نتطرق للجمل اللغوية.. نجدها بعيدة عن النمطية المملة ..
فقد أغدق علينا من جمال الصياغة واصفا البحر بلوحة تعج بجمال المعنى في قصة ( هوية ) ..
يفرد البحر أمراجه على مرمى البصر
تستكين أمواجه في وقار وحلم كالعروس في خدرها ..
تتمنطق بنطاق السيادة
مليكة منسدحة في عزها .
ثم تراه ينقل لنا مغزى الفكرة في بساطة ويسر في قصة ( اشارة حمرا )
والسيارات متراصة بظاهر يعبر عن ثقافة الالتزام
وباطن يبرز ثقافتنا كشعوب عالم ثالث .
ثم يرسم يسرد لنا صورة حركية  من تشتت النفس من خلال تلك الإسقاطات التي نلمسها في تلك اللوحة..
تلاشت السيجارة بين أنامله كنشوة زائلة ..وتناثرت بين ذرات الهواء .
كما برع الكاتب في جعل ديناميكية الأحداث والشخصيات سلسة ومنسابة بصورة توحي بتناغمها ..
ففي تصوير يعج بالحياة في قصة ( أمنية حرون ) تراه يربط الانفراجة بحركة ضوء الشمس الذي يهب الامل حين يقول ؛
هاهي الانفراجة قد حانت .. فأضواء الشمس تلمع على قارعة الطريق في إشارة إلى الطريق العمومي الذي يحده نهاية السوق .
- وحين جعلنا نسمع صوت الحركة واصفا خطى عنتر في قصة ( كرفتة جيفينشي )
صوت قدمي عنتر على الحصيرة المصنوعة من الخوص .. كصوت عظام تتهشم مع كل خطوة تطؤها قدمه .
ثم تستشعر تميز الكاتب .. حين نجح في بث الحياة في الجمادات .. حتى صرنا نتفاعل معها شعوريا كشخصيات حقيقية .. في قصة ( كرفتة جيفينشي )كما رسم بقلمه الذي يعج باللون .. لوحة فنية أنيقة في نفس القصة .. حين وصف الموسيقى في لوحة فارهة الجمال ..الموسيقى الراقصة تنساب كيرقات تشق طريقها للطيران للمرة الأولى .
-كما بات ترتيب الأفكار البنائية موفقا من حيث التصوير الموضوعي للأحداث ..
وحين اختار شخصياته ..شوكت بيه في قصة (كرفتة جيفنشي )" وعم حسن وأولاده .وأم توحة في قصة ( أمنية حرون ) وشخصية شخصية فايز بيه من قصة ( النداء الأخير )
وغيرها من السخصيات التي تظهر توفيق الكاتب في خلق صورة واضحة لسيكلوجيتها .. وتأثرها اجتماعيا بمحيطها .. بحيث أبرز أثر الثقافة والفلسفة الفكرية .. والظروف الاجتماعية لتلك الأنماط ..
مما يؤثر بالإيجاب على تناغمها مع الحدث والفكرة التي طمح لبثها لنا الكاتب
لنجد أيضا أنفسنا أمام مبدع  تميز بالثبات على القيمة الأخلاقية والبعد عن ازدواجية المعايير ..
ويظهر ذلك في اختيار قضاياه .. وأسلوب معالجتها الثري الذي منحنا التفاعل مع تلك القضايا .
كما تضح ملامح ثقافته الفنية في الفن التشكيلي حينما يثري معرفتنا ببعض أسماء الفنانين التشكيلين ..
كلوحة تشكيلية بيد ( كارافوجيو ) يتصارع فيها الموت والحياة وفي( كرفتة جيفنشي )شعرها مجعد منكوش كلوحة سيريالية  لـ ( جاك لوي ديفيد ) ،وفي المجمل نحن أمام كاتب يستجلي من قضاينا الأكثر تفاعلا وتأثيرا في مجتمعاتنا .. ويطمح أن يبث لنا فكرا ورؤية مستنيرة ..وقد كان موفقا في اختياراته ونظم عرضها وتنوعها ..بما يوحي بثراء وجدانه الإبداعي... أسامة العمري .. كاتب له مشروع تنويري واضح في كتاباته ..