المحرر موضوع: الحوار بدل الجدال  (زيارة 526 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كفاح محمد الذهبي

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
الحوار بدل الجدال
« في: 11:25 25/02/2018 »
الحوار بدل الجدال

(حتى ان البعض أصبح يحتفظ برأيه لنفسه، خوفا من فقدان من يحبهم، بسبب عقليتهم المتحجرة المقصّية للاخر!)
ديستوفسكي
تعمل كل المؤسسات التربوية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الناجحة على تحفيز التفكير النقدي لدى أعضائها وتستنهض قدرتهم على التحديث والإبتكار، مستفيدة من كل الافكار والاراء المطروحة لتتقدم الى امام، لان الصراع هو أساس تجدد المعرفة، وهكذا عمل حزبنا الشيوعي.
فمن أجل تحقيق السياسات والمواقف الصحيحة، أخضع الحزب جميع الأراء لمختبر تحليلي، على أساس من اجتهاد الجميع. وبدل خلق اجواء من الجدل وتضارب الاجتهادات، عمد الى ادارة سليمة لها في صراع فكري داخلي،طالما حقق به وحدة الإرادة والعمل الحقيقية.
وقد جاء ذلك إدراكا منه على إن الحزب سيكون جثة هامدة ولا يعود حزبا ماركسيا بدون ذلك، فجوهر الماركسية، كما يعرف الجميع، هو جدلها المادي والتاريخي وهذا الجدل في جوهره لا يقوم على فكرة واحدة بل على وجود فكرتين او رأيين او اكثر لتتصارع حتى تتقدم الامور الى امام.، ولهذا تصورو معي حجم الخسارة ان صمتت الاكثرية وبقى صوت المتعصبين والثرثارين يملئ الساحة بصدى موجع.
لكن، وللاسف كلما تتعقد الاوضاع السياسية ويكون اختيار الموقف الصحيح صعبا، راح البعض يلجأ الى الجدال بدل الحوار. فهدف الجدال اظهار خطل الاخر فقط، بينما يقوم الحوار على اسس واهداف اخرى، لأنه يهدف الى التعرف على وجهات النظر الاخرى، وتقييم الادلة الواضحة، وتعديل وتقويم سوء الفهم والافكار المبنية على اسس غير سليمة، ومن ثم تقريب وجهات النظر والوصول الى افضل النتائج التي تشعر الجميع بتحقيق جزء مما يصبو اليه. ومن الهام بمكان ان يبقى الحوار مفتوحا ومبنيا على اساس الاحترام المتبادل والشفافية والمعلومة السريعة والصحيحة والرغبة الحقيقية وبعيدا عن التعصب.
واليوم، ونحن نخوض معركة فكرية وسياسية شرسة ومفتوحة، نبدو الأحوج لمساهمة الجميع، فقوتنا تكمن في وحدتنا ولكنها - اي الوحدة - بحاجة الى اعادة تعريف بتجنب فكرة "تطابق الجميع" وانما وحدة جدلية تتعامل مع الجميع كقامات متساوية وعقول قادرة على التفكير بغض النظر عن المستويات التنظيمية. الجميع (رفاق واصدقاء الحزب وجماهيره) حريصون،يجتهدون ويحاورون وهذا حقهم. اما الاختلاف في المقاربات فيجب بذل اقصى الجهود لتجنب تحوله الى خلاف، لان اسوء العقول من تحول الاختلاف الى خلاف وثمة وسائل وقواعد واليات (ان احسن تطبيقها) مثبتة في النظام الداخلي، فهو دستورنا الوحيد، الذي ينبغي ان نعود اليه لحل اختلافاتنا وتناقضات مواقفنا وهو دستور قابل للتطوير دائما.
ان الاختلاف وتنوع المقاربات امر طبيعي وضروري، ففي الاختلاف الحياة وفي الثبات الموت كما يقول الشهيد المفكر مهدي عامل. وفي السياسة تبقى التقديرات مفتوحة والثبات فيها نسبي، والحياة وحدها كفيلة بأظهار بأي درجة كان هذا الموقف موفقا ام خاطئا وان (رأي الاكثرية) لا يعني باي حال من الاحوال انه صحيح بشكل مطلق ولا رأي الاقلية خاطئ بشكل مطلق. الحياة والتطبيق ستقدم ادلتها ايضا وكما يقول انجلس (خلال مجرى التطور، يصبح ما كان حقيقيا من قبل غير حقيقي ، حين يفقد ضرورته وحقه في الوجود، تزول الحقيقة السائرة في طريق الفناء لتحل مكانها حقيقة قادرة على الحياة). ديناميكية الحياة هي الفائزة دوما.
من كل هذا اعتقد اننا بحاجة الى حوار حقيقي، حسن الادارة، مبني على اساس الاحترام وبعيدا عن الاقصاء، حوار بعيدا عن لغة التهديد والوعيد، بعيدأعن التشكيك بحزبية الاخرين وبعيدا عن خلط الاوراق والشخصنة واتهام الاخر بالجهل والتحامل، بعيدا عن التعصب الاعمى، فالحزب ليس ملك قيادته فقط وانما ملك كل اعضائه واصدقائه وجماهيره، ملك الشعب العراقي كله، وهو فضل شهدائنا علينا.
ويبقى الرأي خاص لكن اللياقة عامة.
كفاح محمد الذهبي