المحرر موضوع: في عشية انتفاضة آذار  (زيارة 2574 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 694
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في عشية انتفاضة آذار
« في: 23:26 03/03/2018 »
                                                           في عشية انتفاضة آذار
  لطيف نعمان سياوش

( من دفاتر مذكراتي )
بعد انتفاضة آذار 1991 والتي أعقبها هدوء مشوب  بالحذر .. يقينا لم يكن لأحد أن يتصور بأن  ذلك الهدوء يسبق العاصفة الهوجاء في قادم الايام ، حيث الهجرة المليونية والغضب العارم ..
الشوارع خالية من السيارات تماما بسبب أزمة البنزين الخانقة مذ أجتاح الجيش العراقي دولة الكويت ولغاية اليوم ..
تجمعات الاهالي في معسكر أربيل ، والدوائر الحزبيه ، والامنيه يتم فيها سلب ونهب كل ماتبقى  من محتويات ..
وصلت مع صديقي ابن الحله الاستاذ سعد كمال الدين وهو تدريسي في جامعة صلاح الدين الى دائرة أمن أربيل التي قتل فيها أعداد من عناصر الامن ممن قاوموا ثوار الانتفاضة ..كان يقف في ذلك المكان المئات من الجماهير الناقمة على الاجهزة الامنيه ورجالاتها .. هذا المكان لم يكن لأحد أن يتجرأ بالتقرب منه قبل يومين ، أما الآن فقد صار مستباحا.. الجماهير تتحرك بحرية تامة .. تتكلم وترفع صوتها ، وتشتم الحكومه كيفما يحلو لها دون أن يتمكن أحد من ملاحقتها ..
كنت اتحدث مع صديقي بالعربيه فإذا بعدد من هؤلاء الشباب  يشكلون دائرة حولنا  ويتحركون لضرب صديقي !!
تحدثت معهم بالكرديه وقلت لهم :- الا تخجلون من أنفسكم ؟.هيهات لو أقترب أحدكم من هذا الرجل. انه ضيف علينا .. جاء من الحله ليدرّس ابنائكم وبناتكم  في الجامعه ، ويقدم لهم العلم ، وانتم تريدون الاساءة اليه ؟..أهكذا تكون الرجولة؟..
أفلحت بأنقاذ الرجل من تهوّر اولئك الشباب ، والا كانوا يقتلوه حتما لمجرد تحدثه بالعربيه ..
                                                         ×          ×          ×
أما الدوائر فإن أغرب ماحدث فيها بأن نفس منتسبيها بدلا من أن يصونوا محتوياتها قاموا بكسر أبواب جميع غرفها ونوافذها ، ونهبها عن بكرة ابيها !!
ولعل ماشاهدته بأم عيني من نهب محتويات قاعة الشعب من قبل أشخاص محسوبين على الفن  ، وهم لا يعدون حتى أرباع الفنانين كان خير دليل على ذلك .. حيث تم سرقة أجهزة الاضاءه ، والصوت ، والاسلاك الكهربائية ، وكثير من الامور  الاخرى بمساعدة حارس القاعه نفسه !!
بعد بضعة ايام من الانتفاضة بينما كانت يد النهب والسلب والتخريب لاتزال تنخر في ماتبقى من الخردوات  في الدوائر الحكومية ، تم تبليغنا بضرورة مراجعة الدوائر  لدراسة امكانية استئناف العمل  فيها ولو بالحدود الدنيا ووفق الامكانيات المتاحه ..
مع ان دائرتنا (مديرية المسارح) ليست دائرة خدمية ، ولو تعطلت في خضم ذلك الظرف لسنين لاتقدم ولا تؤخر ..
مع ذلك توجهت الى دائرتي  حيث تقع في طريق بغداد مقابل مديرية شرطة أربيل ، ولما كانت حركة السيارات معدومة تماما ، أضطر الموظفون التنقل أما مشيا على الاقدام ، أو ركوب الدراجات .
المسافه بين البيت والدائره تقدر بحوالي 7-8 كم ..ركبت دراجتي واتجهت الى دائرتي ..
برغم الربيع كانت الاجواء لاتزال باردة ..
وصلت الدائرة ، كان حالها يرثى له .. جميع كيلونات الابواب مكسوره ، ولم تبق لها أية حرمه - النوافذ كذلك  - المناضد - المقاعد - الممرات امتلأت بالسجلات الممزقه والاوراق المتبعثرة - حتى خلاطات ماء المغاسل تم نهبها وكسرها ..
أسرعت الخطى نحو غرفة الاضابير لكن يبدو إني جئت متأخرا  بعض الشيء حيث كانت المفاجأة غير المتوقعه ابدا . شاهدت احد المحسوب على الفنانين من الكرد وهو زميل لي في الدائرة يرمي أضبارتي الى الاعلى ويرفسها بقدمه بقوه وهو يقول :- (هذه إضبارة المسيحي الكافر  أبن القحبه شارب الخمرة)!! وفي غمرة نشوتهه هذه صرت وجها لوجه أمامه ..
أحمّر وجهه خجلا ، ركع أمامي وهو يقول :- (أنا حقير- ابن الكلب - أعذرني أستادي أعذرني أرجوك) ..
لم اتفوه بشيء .. أخذت إضبارتي تصفحتها .. تأكدت بفقدان وثائق مهمة كثيره منها ..عثرت على بعضها . أما الآخر فقد لحد الآن ..
نعم أصيبت إضبارتي بالشلل على أثر رعونة ممثل فاشل ، ولكن لحسن الحظ فأنا أحتفظ بأضباره شخصيه في البيت تحتوي على أغلب الوثائق المهمة والتي  قمت بالاستعانة بها عند احالتي على التقاعد ..
الآن بعد مضي عشرات السنين على تلك الحادثه كلما أصادف ذلك الرجل يقول لي :- (أنا خادم لك ، أمنحني يدك لأقبلها)..
لعل ماذكرته يعد غيض من فيض الاخطاء التي رافقت  الانتفاضة برغم كل معاني الحرية والغضب  والتحدي ، لكنها كانت درسا بليغا بكل المعايير لحزب البعث ، وبذات الوقت كان طعم الحرية التي حرّم الشعب منها لعقود طويلة لايضاهيه طعم آخر ..

عنكاوا



غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #1 في: 02:04 04/03/2018 »
ابن العم رابي لطيف نعمان سياوش
شلاما
استنادا الى وصفك للحالة ولاننا عشناها وبما هو اتعس من الصور التي نقلتها لنا في مقالتك هذه، فقد تم إطلاق (الغوغائية !) على هذه الانتفاضة وقد نجح النظام في وقتها في تسويق هذه الكلمة حتى انها أسقطت مفهوم الثورة والانتفاضة. في وقتها ايقنت ان النظام باقي لفترة اخرى.
في رايي المتواضع الانتفاضة كان لها سلبيات كثيرة واخطاء كبيرة جدا لهذا لم يتسنى ان تنجح … والا فالبلد كان تائه وبدون حكومة.  بالتأكيد هناك عوامل اخرى وكثيرة بسبب سقوط الانتفاضة ولكن ضعف فهم الانسان العراقي لمعنى الانتفاضة هو السبب الرئيس …. تحياتي 

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 694
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #2 في: 23:58 04/03/2018 »
عزيزي ابن العم رابي أوراها دنخا سياوش المحترم
شلامي
بالقطع لا اخالفك الرأي فيما ذهبت اليه لكني اضيف الاتي :-
إن الذي مسخ هوية الانتفاضة وأساء اليها هما عاملان يتنافسان في الاهمية :-
ألاول) في المحافظات الجنوبيه المنتفضه التي سمحت للايرانيين باستباحة الحدود العراقيه وانتهاكها ، ورفع صور الخميني الدجال ، وشعارات طائفيه في لافتاتهم وهوساتهم ..
والثاني) ماحدث في شمال العراق  من عمليات نهب وسلب لآليات ومكائن سد بيخمه العملاق  والتي ماكانت تقدر بثمن ، وتم تهريبها وبيعها الى إيران بأثمان بخسة ..
لكني مع ذلك لم اتطرق  في المقال الا على ماوقعت عليه عيني وما لمسته ، وترك في ذهني من آثار وذكريات لن انساها..
قد يكون مرد ذلك لأن الانتفاضه كانت عفوية بمعنى الكلمة ، ولم يكن هناك حزب ، أو تنظيم سياسي  يقف ورائها ، والدليل عندما سقطت الحكومة في المحافظات المنتفضة تركت فراغا اداريا رهيبا فيها ، وعمّت فيها الفوضى ، وانعدام النظام ..
رابي أوراها مرة أخرى تقبل خالص تقديري وشكرا لمساهمتك ومداخلتك الحلوه ..

 لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا

غير متصل Gabriel Gabriel

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 306
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #3 في: 11:31 05/03/2018 »
الاستاذ لطيف نعمان سياوش المحترم
تحية طيبة،
في حينها اتذكر كنت في طريقي الى المؤسسة العامة للسكك، حيث دائرتي، حين كنت اعمل مهندس في قسم المشاريع. كانت العلاوي اقرب محطة، حيث كنت معتادا ان اركب وسائط النقل الخاص "الفورتات" والتي صار اسمها "الكوسترات". لقد ادهشني منظر جنود حفاة، وبقيافة غريبة، ومن دون حتى بيرية، يتواجدون في هذه المحطة، كأنهم تائهين، غايتهم فقط الوصول الى مدنهم وبلداتهم وبيوتهم. وبعد وصولي الى الدائرة كان كل شيء قد توضح وان الجيش قد انهار. بعدها توالت الاخبار عن فقدان الحكومة لزمام الامور.
في بغداد كان الوضع مشوبا بالحذر، ولم اسمع او اشاهد، اي نوع من انواع السرقة والفرهود. لكن في المحافظات الجنوبية كان الوضع مختلف، حيث الانفلات قد ادى ما اطلق عليه في حينها "بالغوغاء" نظرا الى اهتمام "المنتفضين" باعمال السرقة والشغب، اكثر من محاولة ترتيب انفسهم للسيطرة على زمام الامور، وبالتالي قيادة ثورة او انتفاضة حقيقية. وبمجرد رجوع قوات الحرس الجمهوري الى الجنوب، واستباحة المناطق "المنتفضة" هرب من هرب وقتل من قتل وبوحشية. والذين سلموا من الحرس كانوا قد وصلو الى السعودية حيث تشكل مخيم رفحة هنالك. اما الشمال فقد تم ترويع اهله برمي الطحين الابيض من على الطائرات، حيث اوهموا الاهالي انه سلاح كيمياوي، فبدأت الهجرة الكردية والهروب، باتجاه الحدود مع تركيا،وايران، وباعداد كبيرة جدا  مما استدعى تدخل اميركا لحماية المواطنين، وتم تشكيل خط وحاجز يمنع فيه الطائرات العراقية من تجاوزه وبذلك بدأت الحماية الدولية للاكراد. لاحظ استاذنا العزيز لطيف نعمان انه بالرغم من الفراغ الكبير الذي حصل في حينه، وبرغم ضعف النظام الى حد التلاشي، الا ان الاكراد وهم من كان يحمل السلاح في حينه، وكانوا مرتبين، وتحت امرة قوات البيشمركة مثلا، الا انهم لم يتمكنوا من "الانتفاضة" بصورة حقيقية، وما حققوه من مكاسب بعد حادثة الهروب الجماعي جاء بقوة اميركا والغرب.
الخوف من النظام، وحتى في غياب سلطته، جعل "الانتفاضة" تبدو "غوغاء"، فعلى ارض الواقع لم يتم احراز شيء سوى التخريب والسرقة والفرهود.
تحياتي وتقديري   

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 694
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #4 في: 21:09 05/03/2018 »
عزيزي رابي جبرائيل جبرائيل المحترم
شلاما اللوخ
نعم عزيزي الحديث عن قصص الانتفاضه ذو شجون ..
أما قدر تعلق الامر بالمنطقه الشماليه فأن الجيش  المنكسر  ترك سلاحه وألياته كلها ، وصار يسير مشيا على الاقدام من أقصى أقاصي شمال الوطن حيث المناطق الجبلية ، مرورا بالقصبات والمدن وأنتهاء بالمحافظات أربيل ، ودهوك ، وكركوك ، والسليمانيه .وما كان لأحد يميّز بين الضابط والجندي ، فالكل رمى رتبته العسكريه . كانت النساء الكرديات تقف في الشوارع العامه وهي تحمل اطباق من خبز (ركاك) ودلات من الماء لتطعم الجنود المنهكين ، الذين رموا  البطانيات التي كانوا قد وضعوها على اكتافهم كذلك معاطفهم لسببين اولا ليتخلصوا من ثقلها وقد انهكم تعب المسير في الطرق الجبليه لساعات طويلة ..ثانيا لأنهم صاروا قريبين من  المدن الحارة ..
أتذكر جيدا بقي المئات من الجنود في جوامع اربيل  وبعضهم  فضلوا ان يتجهوا الى كنائس  عنكاوا وجلهم من المسلمين .. استقبلوهم اهالي عنكاوا والكنائس  بصدور رحبه  وجهزوهم بالفراش ، وأطعموهم لمدة شهر كامل .. أتذكر كان الناس يتبرعون بالخبر والرز والشاي ..كما تبرعت عدة نساء بالطبخ وغسل الاواني لهم  الى ان هدأت الامور  وسافر كل الى عائلته واهله ..
كانت أيام وأسابيع عصيبه جدا ..
شكرا لمرورك العذب عزيزي ، وتقبل خالص تقديري ..

غير متصل سـامي البـازي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #5 في: 13:47 06/03/2018 »
استاذ لطيف نعمان المحترم
بعد التحية، بصراحة اخي نعمان لم تكن انتفاضة، وبصراحة اكثر كانت غوغاء فغوغاء. والغوغائيين صاروا هم الان الحكام. وما يحصل الان من غوغاء مبطن لكل مرافق الحياة في العراق هو اكبر دليل على هذه الغوغائية.
ودمتم

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 694
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في عشية انتفاضة آذار
« رد #6 في: 19:49 06/03/2018 »
عزيزي رابي سامي البازي المحترم
شلامي وايقاري
صدق يا اخي اتفق معك الى حد كبير  عندما نتذكر النهب والسلب والتخريب  الذي وصل حد بأن  يتم اخذ المرضى من اسرة المشافي  الحكومية ووضعهم على الارض من أجل  سرقة الاسره !!
كيف تكون الدناءة والنذالة ؟..
ترى هل كانوا هؤلاء انفسهم المنتفضين ؟..أم انهم كانوا عناصر مندسة تقصدت بممارسة اعمال مشينه لكي تشوّه سمعة الانتفاضه ؟..
إضافة الى ماورد ان ابشع ما حصل هو غض الطرف  عن الحشود الايرانيه التي هجمت  كالجراد واستباحت الحدود والمدن العراقيه !!
لقد اشرت في احدى الردود اعلاه كيف ان آليات ومكائن سد بيخمه العملاق  في شمال العراق  تم نهبها وتهريبها وبيعها لأيران بأثمان بخسه .. وتم تدمير  كل الجهود المبذولة لعدة سنين  في بناء السد  الذي كان قد شارف على الانتهاء .. للاسف الشديد الان وبحكم اجهاض هذا السد بات بأمكان تركيا وإيران  في اية لحظة قطع مياه دجلة والفرات  علينا ..
اضافة الى امور كثيرة اخرى ستكون لي وقفة اخرى معها في قادم الايام ..
تقبل خالص تقديري  وشكرا لمرورك عزيزي ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا