المحرر موضوع: رؤية سياسية للواقع الانتخابي القومي  (زيارة 1983 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يعقوب كوركيس

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 8
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رؤية سياسية للواقع الانتخابي القومي
يعقوب كوركيس

-تنويه:
كل ما يرد هنا في هذا المقال ليس بالضرورة ان يعبر عن الراي الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية - زوعا التي امثل فيها موقع نائب السكرتير العام، انما هو تقديم رؤية خاصة تمثل قراءتي الذاتية للواقع الانتخابي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وهو مقبل على خوض عملية سياسية مهمة، وهي الانتخابات التشريعية العراقية.

-خارطة القوائم والائتلافات الانتخابية
اصبحت خلال الايام الماضية الصورة واضحة لخارطة الكتل والائتلافات التي ستدخل الانتخابات التشريعية العراقية، وهذه الخارطة تعكس بصورة او باخرى الواقع السياسي القومي، الذي يعاني الكثير من العلل، وفي المقدمة منها الهجرة والطائفية وعدم اكتمال عودة المهجرين الى مناطقهم في مدينة الموصل وسهل نينوى، واستمرار تقسيم هذا الأخير الى مناطق نفوذ تدار من قوات عسكرية وسياسية تابعة لبغداد واخرى لاربيل. ففي ظل هذا الواقع بتنا نشهد قوائم طائفية بامتياز بحيث لا تضم سوى اشخاص من مكون طائفي واحد ومدعومة من اقطاب كنسية، ويقابلها قوائم بعناوين حزبية واخرى اكثر شمولية وسعة، مثل ائتلاف الرافدين المكون من الحركة الديمقراطية الاشورية - زوعا والحزب الوطني الاشوري، في حين اكتفت بقية الاحزاب بتشكيل قوائم حزبية والدخول في الانتخابات بعناوينها وأسمائها الخاصة.

-المواقف السياسية لم تفرز ائتلافات انتخابية
في الحقيقة كنت أمل ان تفضي مواقف القوى السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وخصوصا خلال الفترة الاخيرة تجاه القضايا والتطورات السياسية، الى تشكيل كتل وائتلافات انتخابية، ولكن ذلك لم يحدث لأسباب عدة منها حزبية وأخرى طائفية او شخصية.
وقد شهدت الساحة السياسية القومية فرزا واضحا على اساس المواقف السياسية منذ مؤتمر بروكسل ٢٨ - ٣٠ حزيران ٢٠١٧ والذي قاطعته الحركة الديمقراطية الاشورية - زوعا و حزبي الوطني الاشوري وأبناء النهرين، وكذلك قوطع من قبل الكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق الاشورية ، في حين شاركت فيه سبعة احزاب، صودر قرارها  لصالح اجندات لم تكن من مصلحة شعبنا وقضيته وحقوقه في عموم الوطن، بل سعت للاستحواذ على ما تبقى من ديموغرافية شعبنا، وقد اثبتت الايام فشل الموتمر، ولم يحقق الهدف المرجو منه. وتلا ذلك حدث اخر رسخ الفرز السياسي على الساحة القومية وهو استفتاء الاقليم الذي قاطعته  الاحزاب الثلاثة المذكورة اعلاه لعدم دستوريته، في حين شاركت الاحزاب المشاركة في بروكسل ونشطت في تسويقه وتهويل مخرجاته وبضمنهم بعض ممن لا يتردد دائما في السير عكس اوامر سيده (لترك ما ل قيصر لقيصر وما لله لله ).   وحسب اعتقادي لو استمر هذا الفرز السياسي على اساس المواقف وأفضى الى تشكيل ائتلافات انتخابية لكان ذلك افضل من نواح عدة، وأهمها بلورة رؤية سياسية ذات طابع قومي غير حزبي يستند على مبادئ سياسية وليس مصالح فئوية او شخصية، تشارك في صياغتها عدة احزاب، بعد فشل تجمع التنظيمات في الاستمرار على المبادئ  التي تأسس عليها، والمتمثلة في الإيمان بوحدة شعبنا وتوحيد المطالب والخطاب القومي واستقلالية القرار والإرادة الحرة، حيث نرى اليوم احزاب من التجمع تدخل في ائتلافات طائفية وتشكل قوائم انتخابية لا تضم احد من المكونات الاخرى لشعبنا.

-أسباب الفشل
حسب وجهة نظري اعتقد ان فشل أحزابنا في بناء ائتلافات على اساس مواقفها السياسية المتقاربة او المتطابقة تجاه القضايا السياسية المهمة التي مرت عليها يعود الى ثلاثة أسباب، حزبية وطائفية واخرى شخصية.

الحزبية منها تتعلق بالمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري الذي شكل قائمته الانتخابية بعيدا عن الأحزاب التي تدور في فلكه، وهي المجلس القومي الكلداني وحركة تجمع  السريان والمنبر القومي الكلداني وحزب بيت نهرين الديمقراطي واتحاد بيث نهرين الوطني، اي احزاب مؤتمر بروكسل والتي تواصلت في موقفها ودعمت الاستفتاء الكردي للاستقلال، اذ تنصل المجلس الشعبي من حلفائه لكونها عبئ عليه ولضمان مواقع اكثر لتنظيمه، بالاضافة الى قناعته بان حلفائه ليست لديهم قاعدة جماهيرية تفيده في جمع الاصوات، وكذلك لاختلاف موازين القوى بالنسبة للقوى الداعمة للمجلس الشعبي من خارج البيت القومي واقصد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وخصوصا في مناطق سهل نينوى، التي اعتمد المجلس على أصوات ابنائها خلال السنوات الماضية، باستخدام أسلوب الترهيب والترغيب الذي مورس بصورة عميقة عبر الاعتكاز على الحزب الحاكم والمهيمن في مناطقنا، مما حدا بهذه الاحزاب الى البحث عن دور لها بعيدا عن غطائها وممولها للسنوات الماضية، لذا نرى المجلس القومي الكلداني عاد الى شرنقته الطائفية، ودخل مع الديمقراطي الكلداني في ائتلاف الكلدان، وهكذا حركة تجمع السريان التي شكلت قائمتها الحزبية لوحدها، ودخول حزب بيت نهرين الديمقراطي تحت عباءة اتحاد بيت نهرين الوطني، وبالتالي انفراط العقد الذي اجتمع بخيط الكادر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ومئات الملايين من الدولارات، وفشل المشروع او كاد ان يفشل نهائيا.

اما السبب الطائفي وهو يكمن في عودة الاحزاب الى مظلتها الطائفية ونتيجة لعدم قدرتها على التعامل مع الساحة القومية العابرة للطوائف والطائفية، حيث برز ائتلاف الكلدان من حزبين لا يؤمنان بوحدة شعبنا القومية، ويتعاطيان مع مكونات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري على اساس قوميات مختلفة، وليس شعبا واحدا ويجمعه مصير واحد، وهذا الائتلاف يتعكز على الرابطة الكلدانية التي اسسها البطريرك لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية بهدف تحقيق دور اكبر للكنيسة عبر خلط العمل السياسي الدنيوي بالعمل الديني بعد ان رفضت ذلك سابقا قيادات ذات التنظيمات.

اما الأسباب الشخصية، فهي باعتقادي وراء عدم موفقية ائتلاف الرافدين من ضم حزب ابناء النهرين  ايضا على اساس المواقف السياسية التي جمعتهم معا ولو منفردين خلال الفترة الماضية. والاسباب الشخصية برأي هي ترسخ حالة الشعور بالمغبونية لدى بعض قيادات ابناء النهرين، والذين خرجوا من زوعا بحجة كونهم معارضين او حوسبوا تنظيميا حسب النظام الداخلي، وترسخ الشعور بالمغبونية في ذواتهم، وأدى ذلك بهم الى عدم القدرة على التعامل مع زوعا من منطلق كونهم حزب جديد له شخصيته المعنوية، وعليه ان يتعامل مع الاحزاب الاخرى على اساس المواقف السياسية المشتركة والتقارب في الرؤية السياسية والاهداف والتطلعات وليس على اساس شخصنة الامور. والدليل على ان الموضوع له اسس شخصية ومصالح فئوية  وليست سياسية، هو سهولة اتفاق ابناء النهرين مع المجلس الشعبي اللصيق الستراتيجي للحزب الديمقراطي الكردستاني عام ٢٠١٣ على منح الوزارة في حكومة الاقليم الى المجلس الشعبي مقابل ان ينال ابناء النهرين منصب نائب محافظ دهوك. وبالتالي تصويتهم مع المجلس الشعبي ومنحهم الثقة لحكومة اقليم كردستان الكابينة الثامنة التي صوتت ضدها قائمة الرافدين  للحركة - زوعا. علما ان قائمة الرافدين كانت الفائزة لكن تم استبعادها، لان الحركة - زوعا اصرت على اتفاق رسمي يضمن حقوق شعبنا. لذا فان ادعاء بعض قيادات حزب ابناء النهرين انهم على نهج زوعا مشكوك فيه عمليا لكونهم لم يستطيعوا الاتفاق مع زوعا الذي يدعون الالتزام  بنهجه، في حين اتفقوا وتقاسموا المناصب والمصالح بسهولة مع المجلس الشعبي الذي يعرف القاصي والداني مدى تبعيته لأجندات خارج البيت القومي الكلداني السرياني الاشوري.

وهذه الحالة هي عكس تعامل الحزب الوطني الاشوري مع زوعا الذي كانت العلاقة به متدهورة الى ابعد حد، ولكن الذي جمع بينهم هو الموقف السياسي والمصلحة القومية دون الالتفات الى الماضي او المسائل الشخصية او النفسية، بعد ان تحرر من بعض المحسوبين عليه سابقا.

اذ ان العناصر كانت متوفرة ليكون للاحزاب الثلاثة عمل مشترك ينطلق من هذه الانتخابات ويصنع ارضية للعمل المستقبلي، الا انه من المؤسف ان  يكون للعامل النفسي الشخصي دور محوري في صياغة التوجهات والتي على اساسها تتخذ القرارات والمواقف رغم تقاطعها مع الصالح العام .


يعقوب كوركيس
نائب السكرتير العام