المحرر موضوع: من التراث الشعبي الاشوري .. بَـلــو Pallo  (زيارة 6183 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Edison Haidow

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 651
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كتابة / أديسون هيدو

مما لا شك فيه بأن التراث الاشوري زاخر بالعديد من الممارسات التراثية العريقة التي تشكل جزءاَ مهما من مكوناته القومية , لها عمقها التأريخي وتواصلها الدائم لحد اليوم , فكما هو معروف للجميع بأن الشعب الاشوري باصوله التاريخية وأمتداده القومي يرتبط أرتباطاَ وثيقاَ بأجداده الاشوريين القدماء , بجملة روابط حضارية تاريخية ومعطيات ثقافية تراثية , تستمد جذورها من أعماق التأريخ القديم , ظلت لصيقة به رغم الفواجع والنكبات التي حلت بأبنائه طيلة تاريخهم المديد .
فرغم ظروف القهر والاستبداد التي عاشها الاشوريون تحت ظل من حكموه في فترات سابقة من التأريخ , وما عانوه من الويلات والمأسي والتهجير من أوطانهم التأريخية , وتشتتهم في دول العالم المختلفة , فأنهم لا يزالو متمسكين بأرثهم الحضاري الخلاق , وبقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم وتراثهم ولغتهم , يسعون بكل حرص وأخلاص وايمان متجذر على ممارستها للحفاظ على كيانهم القومي والديني .

ولكل مناسبة من مناسبات شعبنا الاشوري , قومية كانت أم دينية , هناك مجموعة من المراسم والطقوس الشيقة والفعاليات المتنوعة التي تمارس قبل حلولها أو خلالها , بعضها أكتسب طابعاَ غيبياَ يتعلق بالتمنيات وتحقيق الرغبات والأمال عن طريق الصيام والتذرع الى الرب , والتي لا تخلو قسم منها من الطرافة والغرابة والفكاهة , خاصة في الصوم الخمسيني الذي يسبق عيد القيامة المجيد , من هذه الممارسات التراثية الفولكلورية والتي أخذت طابعاَ شعبيا أكثر منها دينياَ هي ألبللو بحرف ( P ) الأنكليزي والذي يصادف في منتصفه والذي يحتفل به بمراسيم خاصة وجميلة , حيث تقوم ربة البيت أو أبنتها الأكبر بعجن كمية من الطحين مضيفة اليه الخميرة ، وتضع فيه أحد براعم شجرة العنب ( الداليثا ) كما نسميها بلغتنا الأم بشرط أن يكون على شكل صليب صغير ويتم أخفائه في العجينة ولا يظهر للعيان , ومن ثم تطبخ تلك العجينة على شكل رغيف كبير او كما نسميها بـ ( التاخرتا ) والتي تحتوي على الصليب الخشبي الصغير في ألتنور حتى تستوي وتصبح جاهزة للأكل . فيتم ضمها في مكان آمن حتى صباح اليوم التالي , وتقدم مع الفطور ، بعد أن تقوم الأم أو ربة البيت بتقطيع الرغيف وتقسيمه الى قطع متساوية حسب عدد أفراد الأسرة وضيوفهم , صغاراَ وكباراَ , فينال كل واحد منهم قطعة صغيرة , ليتم بعدها عملية النبش والبحث عن الصليب من قبل الحاضرين وهم في لهفة كبيرة , وسط الضحكات والصراخ والهلاهل , ومن يرسوا عليه أو يظهر له فهو أنسان محظوظ , فيتم تهنئته من قبل افراد الأسرة وتقبيله , ومن بعدها أعطائه هدية قيمة .
في الوقت الحاضر تمارس العديد من العوائل الاشورية او ألكنائس هذه الظاهرة أو هذا الموروث الشعبي بشكل أخر , بعد أن استبدل رغيف الخبز بقطعة كبيرة من ( الكادي ) أو بوجبة من ( الكليجي ) الشهية , أو تقوم ربة البيت بأعداد قدرا كبيراَ من الرز واللوبياء حيث يتم أخفاء الصليب الخشبي فيه , وبعد ان يستوي يتم توزيعه بين أفراد العائلة المتجمعين حول مائدة الطعام ، ومن كان صاحب الحظ السعيد واصبح الصليب من نصيبه يتم تكريمه كالعادة وينال الجائزة .

اليوم مازالت هذه الظاهرة التراثية الجميلة تمارس في مناطق عدة من تواجد ابناء شعبنا الاشوري في الوطن وخاصة في القرى وبعض المدن الصغيرة , بالرغم من أنحسارها في أماكن أخرى وخاصة في المهجر , الى جانب الكثير من العادات والطقوس والممارسات الفولكلورية المختلفة التي هي من ظمن تقاليدنا الجميلة وموروثنا الشعبي والتي باتت في طي النسيان , في ظل التطور التكنولوجي الهائل وأزدياد وسائل الترفيه والتواصل والتقنيات الأخرى التي اخذت محل هذه العادات والتقاليد الجميلة وقللت من قيمتها التراثية ألثرة والتي هي من المقومات الأساسية لهويتنا القومية والدينية .

في الأخير أتسائل مَن مِن الأخوة القراء أو من ضمن عائلته مارس تقليد ( البلو ) أو حضر مراسيمها هذا العام والتي صادفت يوم أمس السابع من مارس 2018 ؟؟؟؟؟ محبتي لكم جميعاَ .