المحرر موضوع: 8 آذار... اليوم العالمي للاحتفاء بنضال النساء  (زيارة 1006 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. رابحة مجيد الناشئ

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 74
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

8 آذار... اليوم العالمي للاحتفاء       
بنضال النساء     


                   

د.رابحة مجيد الناشئ
Le 8 Mars...La Journée internationale
de fêter la lutte des femmes











    يَطلُ علينا هذا اليوم التاريخي " 8 آذار ″، الحافِل بالنضال وبالتضحيات، ويدعونا لاستحضار رائدات النضال الأُوَّل، عاملات الغَزِل والنسيج في امريكا، واحتجاجهنَ على ظروف العمَل الجائرة ومُطالبتهنَ برفع الاجور عام 1857.
 
    كما يدعونا هذا اليوم الى التذكير بما قامت بهِ الصحفية الألمانية " كلارا زﯾﺘﮕن " ( التي كانت تُحَرِر مجلة  مُساواة  المُختصة بالنضال الثوري لأجل
 انتزاع الحقوق )، خلال المؤتمر الثاني العالمي للمرأة الاشتراكية في  كوبنهاﮔن عام 1910 والذي كانَ مُكرساً لحقوق المرأة، وحضرته مئات النساء من 17 بلد... في ذلك المؤتمَر، أطلقَت  كلارا زﯾﺘﮕن نداءً لأَجل تخصيص يوم خاص للمرأة يحثها على مواصلة النضال، وعلى الفور، لاقى هذا النداء تَرحيباً كبيراً وتبنتهُ النساء المؤتَمِرات بالإجماع.
    حفزَ نداء كلارا هذا النساء على ابتكار أساليب جديدة للنضال في العديد من الدول لأجل الحصول على حقوقهن الإنسانية المشروعة، ولم تكُن طرق النضال واحدة، الّا ان جوهرها واحد : التحرُر والمساواة والعدالة الاجتماعية.

كل هذه المواقف وغيرها ساهمَت وبدرجاتٍ مختَلفة في تحريك الضمير العالمي، وحفزَت الأُمم المتحدة على زيادة الإهتمام بقضايا المرأة، ودعوة الدول في عام  1977، لأجل إقرار يوم 8 آذار من كل عام، يوم خاص للمرأة، وكعيدٍ يُحتَفَل به دوليا... وحازت هذه الدعوة على ترحيبٍ كبير وتبنتها العديد من الدول، ليصبح هذا التاريخ " 8 آذار ″ عيدا عالميا للمرأة ورمزاً للنضال وللإنتصار.

    يحِقُ لنا في هذا اليوم أن نحتَفِل، بل أن نزهو وأن نفتخِر بالمكتسبات وبالتَقَدُم الذي أحرزتهُ النساء في العديد من الدول، بنضالهنَ وبتضحياتهنَ المستمرة، وبمساندة ودعم قوى اليسار والتقدُم في العالَم.  لكنَ هذا اليوم هوَ ايضا الفرصة المُثلى للتَفكير بكيفية إيجاد السبل والحلول الملائمة لتذليل المصاعب والتحديات التي  تتعرض لها النساء، من  ظلُمٍ  واضطهادٍ  واستغلالٍ واغتصابٍ  جسدي ومعنوي.  نحتَفِلُ بيومنا هذا  وما زالَت المرأة تُقتَلُ " غسلاً للعار " لمجَرَدِ شُبهة تحومُ حولها، و ما زالَت القوانين التي تسمَح بضرب الزوجة ل ″ تأديبها " فاعلةً، وقوانينَ أُخرى تتساهل مع مرتكبي مثل هذه الجرائم، وهناكَ مَن يتَكرَم بتزويج الصغيرات في سن التاسعة او حتى دونها ... دونَ أي رادِع اخلاقي  او قانوني.

    وَيَطِلُ علينا هذا اليوم التاريخي  8 آذار، رمز التضحيات  ورمز الانتصار،  والمرأة تُهَجَّرُ قسراً، وتتَعرَضُ لأَشدِ المُعاناة قَسوَة، اقتصاديا واجتماعياً وصحيا . ويمرُ علينا هذا اليوم، ونساء الأقليات كالمسيحيات والأزيديات والشبكيات والمندائيات... يتعرضنَ في مجتمعاتنا ( المتبجحة بالحرية والديمقراطية )، الى اضطهادٍ مُزدَوَج : مَرةً كَنِساء، وأُخرى لأنهن ينتمين الى أقليات لها ايمانها وقناعاتها الخاصة...ولهذا يصبحنَ عرضة  للإجبار على تَرك الدين واعتناق دين آخَر، وللتَعذيب والاغتصاب، بَل للاستعباد وللبيع في سوق النخاسة، كما حصلَ للأزيديات في العراق، والذي يُشَكلُ عاراً وجريمة نَكراء بحَق الإنسانية والمعايير الأخلاقية الدولية.

    إنَ المعركة مِن أَجِل المساواة، لَم تنتهِ بَعد، وَقَد تطول، فحتى في الدول ذات النظُم الديمقراطية، لَم تَحصَل النساء على المُساواة الكاملة فيها، فبالرغم من وجود القوانين الكثيرة التي تمنَع التمييز على أساس الجنس، ما يزال التطبيق ناقصاً، وما زال التَمييز بين الجنسين حديث الساعة، حاضراً ومُطَبقاً في العديد من هذه البلدان.

    ففي فرنسا على سبيل المثال، برغم القوانين المانعة، لا توجد مساواة بين الجنسين، لا في طبيعة العمَل ولا في الاجور، ولا زال النضال مستَمراً للحصول على أجرٍ متساوٍ بين النساء ونظرائهن من الرجال لنفس العمل، حيثُ يصل
 .25,7%  الفارق في المتوسط الى اقل من
    وهناكَ ايضاً عدم التكافؤ في التمثيل السياسي وفي مجال صُنع القرار، وفي توزيع المَهام المنزلية والتقاسُم والمُشاركة في الحيز العام (  المقهى، الشارع، السينما...).

    انَ سَن القوانين، لا يكفي للقضاء على عدم المساواة وَإحلال العدالة، بل يجب العمل على تَغيير الأفكار السائدة والنظرة النمطية للمرأة ″ أنثى ″، وسيلة لإنجاب الأطفال ولمُلازَمة المطبخ فقط، وليسَ مُشاركاً حَقيقياً في الإبداع والبناء والتطوير.

    إنَ قضية المرأة، هي قضية المجتمع بأكمله، ولا يتعلَق الأمر بالمرأة لوَحدِها، إنها مسألة تغيير جذري في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية والسياسية في المجتمع، ونضال النساء في سبيل الحصول على حقوقهن، يرتبط ارتباطا وثيقا مع كافة اشكال النضال، ضد أي  اغتصاب لحقوق الانسان، لأنَ قضايا النضال مُترابطة و لا تنفصل الواحدة عن الأُخرى.

    إنَ قراءَة الواقع الذي تعيشه النساء في ايامنا هذه، لا تَعني التشاؤُم، فلا يمكن لهذه الوضعية الاستمرار، بل ستخضَع حتماً لديالكتيكية الحياة والتطور، ولابدَ للفكر الرجعي المُسَيَّس ان ينزاحَ ويترك المكان للفكر التقدمي المؤمِن بالديمقراطية الحقة وبحقوق المواطنة، وحق المرأة في حياةٍ كريمة مُنتجة وبناءة. ويحضرني هُنا قول روزا لوكسمبورغ :

‹‹ الذي لا يتحَرَك لا يَشعر بِقيوده ››.
‹‹ Celui qui ne bouge pas, ne sent pas ses chaînes ››
  ″ Roza Luxemburg "
نعم، النضال مستمِر، لأَنَ الحقوق لا تُمنَح بل تُنتَزَع



رابحة مجيد سبهان الناشئ
http://uploads.ankawa.com/uploads/141891940271.pdf