الى السيد يونادم كنا: حلول لكيفية الخروج من المأزق
يتفق الشعب على ان بريق زوعا بدأ يتلاشى في السنوات الثمان الاخيرة لأسباب معظمها ظاهر و معروف للعامة و قسم منها مجهول للعامة و معروف للخاصة فقط.
و مع تباعد الحكماء عن زوعا و رحيل الرعيل الذي حمل قضية الامة على أكتافه حاملاً معه ضمير و هموم أُمة و حركة، ممتعضين من تراجع الاداء القومي لكل القوميين من مؤسسات و أفراد، و بعد أن أصبح أقصى هدف قومي لمؤسساتنا هو الوصول للكرسي البرلماني ، أصبحت القضية القومية تعيش أسوأ أيامها مع تباعد أبناء الشعب الواحد و بعد أن أصبح الكل منطوٍ على نفسه و على طائفته .
و نتيجة لإخفاق أغلب مؤسساتنا و زوعا أولّها خلال العشر سنوات الماضية المهمة في تاريخ أُمتنا في العراق، في إعادة بث روح القومية الواحدة و روح العمل الجماعي للوصول لأهداف مرسومة بدقة، فقد إبتعد الكثيرون عن العمل القومي و تراجعت نسبة المهتمين بما يُنجَز قومياً و حتى نسبة المهتمين بالانتخابات و بِمَن سيحصل على كراسي المسيحيين في العراق، و هذا كلّه غير خافٍ على أحد و خاصة على قيادة زوعا و على النائب الكريم يونادم كنا.
لكن لماذا اللوم على زوعا ؟
اغلب اللوم يقع على زوعا، لماذا؟ لأن زوعا كان الفصيل الوحيد في التسعينيات و حتى منتصف العقد الاول من الالفية الجديدة الذي كان يملك ماكنة إعلامية و سياسية تعمل دوماً بإسم كل أبناء شعبنا دون كلل وتمثلهم جميعاً،و ظهرت نتائجها في الكثير من النواحي، فعمل البعض منهم على تطوير الدراسة بالسريانية و النشر بها، و الثقافة السريانية و توسيعها، و المهرجانات، و تطوير تلفزيون و اذاعة و جريدة كلها صادرة عن زوعا و تهتم بالقضايا القومية ثقافياً و سياسياً دون الحزبية. و عمل آخرون منهم على توسيع و تطوير العمل السياسي القومي العالمي و الوطني. إلى أن إبتعدت أغلب القيادات ممن حملت عبء العمل دون كلل و دون تغليب للمصلحة الخاصة على العامة، و بدأ التلاشي و أُفول نجم ساطع.
و كان تبدد و تلاشي بريق زوعا مؤثراً على مؤيدي زوعا و على الساحة القومية و على ظهور الكثير من الإنقسامات والتشققات في البيت القومي،و بدأت الكثير من الاوراق تنكشف للعامة، و معظمنا يعلم أنّها كانت بسبب عدم وجود رؤية حكيمة للخروج من المآزق الآنية مطلقاً، للحفاظ على وحدة الصف و على المكاسب السابقة . و هنا بالتالي لا نجد حاجة للكلام عن الخطط و الرؤى المستقبلية ما دامت المشاكل الآنية لم تجد مَخرَجاً لدى فكر من يقودون زوعا في السنوات الاخيرة، فالرؤى المستقبلية تكاد تكون معدومة.
و بعد…
تفاقمت أزمات زوعا الداخلية بعد فصل الكثيرين و إنسحاب الكثيرين و إستقالة الكثيرين و عملْ آخرين مع فصائل أُخرى داخل او خارج البيت القومي، حتى باتت لا تشهد سوى التراجع في عملها أو إنعدامه في معظم النواحي، فقلّت المساعدات الخيرية من الشعب و بالتالي تأثرت أعمال اللجنة الخيرية الاشورية بل تكاد تكون معدومة منذ سنين و لا تكاد تعتبر ذات أهمية في اجتماعات زوعا ، و تدهورت سياسة الدراسات السريانية في المدارس بحيث قلّما تجد الحماس لدى الأهل لإرسال الطلاب اليها، حتى أنّ الكادر التدريسي في بعضها بات يعتمد على شخصين او ثلاثة فقط وذلك للفقر في الكادر و ما عاد لها مكان في خطط قياديي زوعا ، و غاب الاعلام المركزي الموجّه و إنعدم حتى آلت الحركة الى التعاون مع قنوات فضائية أُخرى لإرسال رسائلها المبطّنة او العلنية للايقاع بالآخرين ،بسبب غياب الكادر الاعلامي المتمكّن في زوعا،فأصبح الكلام عن الخارجين و تخوين الاخرين هو صورة تعكس إعلام زوعا الحالي، حتى مؤتمرات زوعا و ندواتها باتت تعتمد بنسبة كبيرة قد تصل الى٨٠ ٪ على حضور الاقارب و الأصحاب و الاطفال في ال٨ سنوات الاخيرة، لفقدانها القاعدة الاهم في استمرارية كل تنظيم- اي الجماهير.
فلم يتحقق اي إنجاز يذكره التاريخ خلال السنوات الماضية منذ أن أصبح زوعا منقسما ما بين العمل الوطني و مكاسبه المادية و بين العمل القومي الخالص البعيد عن الشخصنة ، أي منذ عام٢٠٠٣ عندما إختار البعض طريق الشهرة الاعلامية و الجلوس طويلاً و لساعات في قبة برلمان لا و لم يخدم قضيتنا القومية و لا شعبنا في ١٥ سنة، و عندما أصبح التعيين بالقربى و ليس بالكفاءة، عندها إستطاع البعض من فرض رأيهم على اللجنة المركزية و بالقوة و إستسلم الاخرون من الاقارب لمصلحة العائلة دون النظر للمصلحة العليا، عندها انتهى العمل القومي المميز و طريق الانجازات من فكر و ضمير زوعا.
المشكلة الاعظم
المشكلة الاعظم في هذه الحالات تكون عندما لا يرى قادة هكذا تنظيمات إلّا لمسافات قصيرة فيكون لديها قصر نظر في الرؤية للأمور، فلا تدرك أخطاءها ولا تعرف السبيل للخروج بحلول لمشاكلها الداخلية و الخارجية، و عندما لا تسمع ما يقوله الشعب و لا ما يحس به القوم ، وعندما تصبح هناك أزمة ثقة بين الشعب و بين قادة تنظيماته، عندها تهلك هذه التنظيمات و تصبح لا تعرف السباحة للخروج من الطوفان بأقل خسائر ممكنة و لا يعد لديها اي استراتيجية مستقبيلة للسير بالأمة لبرّ الامان. هذه المشكلة يتعامى عنها من يهمّهم الكرسي و الظهور الإعلامي كنجوم السينما، و يصبح مصيرهم السياسي ووجودهم متوقفاً على الظهور هنا و هناك لإلتقاط الصور لإضافتها لسجل ألبوم الذكريات لأن المنجزات ما عاد لها مكان في عملهم.
و لا ننكر هنا ان القليل من الشعب ينجرّ وراء هذه المظاهر ،لكن ضمير الامة لا يحتكم للصور في كتابته للتاريخ.
زوعا و يونادم كنا
اراء للخروج من الازمات و الحفاظ على التاريخ السياسي
من وجهة نظر الشعب و من تجارب سياسيين سابقين و من قراءة سياسية للتاريخ و خاصة الشرقي و الاشوري ،نود ان نذكّر الاخ الكريم يونادم كنا ببعض النصائح منطلقين من ضمير الامة ، و مستندين على تأييدنا للأهداف و المنجزات السابقة للعهد الذهبي لزوعا، علّها تسعفه في الحفاظ على سجل جيد في تاريخ الامة، قبل ان يكتب التاريخ سطوره محتكماً الى السلبيات ايضاً و التي قد تطغى على المنجزات في سجل الاشخاص الذين يقودون الامة. هذه بعض النصائح:
# الإبتعاد عن الناس لفترة ما و التأمل بعمق ،وحيداً، بما جرى خلال العشر سنوات الماضية، وهل هو سائر في الطريق الصحيح ام ان الماضي سيحمل مساوءه ايضاً معه في كتابة تاريخ نضاله. فالتأمل و انواع الرياضات الروحية لها فوائد جمّة في حياة السياسي.
#. أن يتنازل عن الرقم ١ في قائمته الانتخابية لشخصية اكاديمية زوعاوية جديدة، وقد تكون هذه أخطرها بالنسبة له، و إن كانت كذلك فلنترك هذه النصيحة جانباً.
# أن يتبع طريق الإنفتاح على الاخرين و يحاول إعادة بعض القياديين الخارجين دون شروط مسبقة منه ، لتلميع الصورة التي بدأت تتشوّه
#. أن لا يستغل ذكرى اكيتو للإعلان عن نفسه و الدعاية لنفسه مبتعداً عن ضمير الامة و الإلتفاف على ما لم يتحقق في الاربع سنوات الغابرة بل و الثمان.
#. أن لا يستغل ظهوره الإعلامي في محطات شعبنا الاعلامية في خارج العراق، لتخوين إخوانه و رفاقه و الشهداء ،فقد قام بها عدة مرات في السنوات التي اصبح المنصب فيها اهم ما تسعى اليه القيادات، فحتماً سيأتي من يخوّنه بالتالي يوماً ما، و خوفنا أن يكون التاريخ و بالأدلة هو من سيقوم بهذه المهمة، ف" الكارما " تلعب دورها دائماً.
# أن لا يستغل اكيتو لإثارة مشاعر البعض و التذكير بمنجزات ماضية تمت قبل التحرر من نظام صدام و تغليب الخاص على العام، فحتى معظم هذه الانجازات لم يكن له او للقيادة الحالية دخل فيها.
# ان يتنازل عن كرسي سكرتارية الحركة ولو لفترة معيّنة، لأحد أعضاءها أو ربما للاخ نينوس بثيو بما أنّه يملك شعبية و جماهيرية في الشارع القومي حسب إدعاءاته ، فهو له خبرة في تسلّم السكرتارية و قد يفلح في تحمل أعباء و أخطاء السنوات الاخيرة، او لربما التنازل للنائب عنه في أتعس الحالات. فالابتعاد عن الكرسي لفترة، قد يكون له مردود ايجابي فيما بعد عند كتابة التاريخ.
# أن يثبّت في دستور الحركة أنه لا يحق الترشح للسكرتارية لاكثر من دورتين،قبل تنازله عنها. فخرق الدستور كان اهم النقاط التي قصمت ظهر البعير في كل التنظيمات و الاحزاب.
# ان يحاول ان يقرأ هذه النصائح بصدر رحب و بضمير سياسي قومي يبحث عن المجد في كتاب تاريخ امة.
هذه وجهة نظري للأمور للخروج من الأزمة القائمة منذ سنوات و التي إستفحلت مؤخراً، و نيّتي خالصة و صافية للاخ يونادم للحفاظ و لو على ما تبقى من تاريخ نضالي.
أخيرا…
من الحكمة عند السياسي المخضرم كما اللاعب المخضرم أن يعي الوقت المناسب للخروج من المسؤولية و تسليم الراية لمن يليه ،فحينها سينسى الناس الكثير من المساوىء التي جرت في فترته و الكثير من السلبيات و الخسائر.
فعندما يدرك شخص كالاستاذ يونادم أن التوقيت قد حان منذ زمن و ساري المفعول للحظة ما ، عندها سيحمل معه منجزاته و منجزات زوعا، لكن لو قارع الغرور الرئاسي طبول الضمير و غرور الكرسي ،عندها سيستمر الشعب بتثبيت و تدوين و تنضيد إضبارات السلبيات التي حتماً ستطغى على الايجابيات ،و يعلن انتهاء الصلاحية، و عندها سيصبح كل شخص و الاخ يونادم غير مستثنى ، متحملاً لتبعات الانشقاقات و الإنقلابات و سيتحمل كل التهم الموجّهة بالتخاذل عن المصلحة العليا للامة، و هذا الكلام ينطبق على كل مسؤولي تنظيمات شعبنا دون استثناء، لأن المصلحة العليا أهم من الاشخاص و المؤسسات، و الأُمة لن ترحم و المستقبل سيتحكّم في تفسير التاريخ حسب الأدلة و المعطيات و الحوادث و الرؤى المختلفة للموضوع.
الاخ الكريم يونادم،بعض هذه الافكار قد تغيّر الكثير من المستقبل السياسي لشخصكم الكريم، و قد تبعد نظرية التآمر و الدكتاتورية عنكم مستقبلاً لأني أراها قادمة في وصف تمسككم بأشياء أدت الى تراجع نتائج و إداء و أعمال زوعا القومية الخالصة، و السير ببعض هذه الافكار قد تكتب تاريخاً خالياً من الشوائب لو طُبِّقَتْ.
عن ضمير الشعب
ماجد هوزايا- ٢٠١٨- اذار