المحرر موضوع: مسيحيو العراق وعودة شبح القتل باستهدافهم  (زيارة 794 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37766
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مسيحيو العراق وعودة شبح القتل باستهدافهم بقلم:فواد الكنجي

عنكاوا دوت كوم/دنيا الوطن

ما أنكف مسلسل الاستهداف المسيحيين الأشوريين متواصلا على قدم وساق في العراق منذ 2003 والى يومنا هذا عبر أبشع موجه من الاعتداءات التي تعرض ويتعرض عليها مسيحيي العراق من قتل وذبح وخطف وتهجير وتفجير وإحراق منازلهم وكنائسهم، ولحجم خطورة تصعيد الإحداث الدموية ضدهم التي تتعارض مع مبدأ الشراكة والوحدة الوطنية التي اقرها العراقيين في الدستور، ليمثل هذا التصيد سعيا لتمزيق وحدة الشعب بإثارة النعرة الدينية والقومية، العرقية والطائفية، وبما يخدم أعداء العراق ليكون ساحة لتصفية الحسابات والصراعات المحلية والإقليمية والدولية ليوسع باب اختلال الأمني والسياسي والاقتصادي لدولة هي بالأساس مؤسساتها ممزقة بالفساد الإداري والمالي وعبر إدارة حكم طائفي وعنصري مقيت الذي خلق مناخا سياسيا خطيرا في ظل أداء حكومي سيئ مثقلا بالفساد المالي والإداري والقيمي، حيث الفوضى وانفلات امني واضح المعالم في كل ومؤوسسة من مؤوسسات الدولة المدنية والحكومية، وهذا الانفلات الأمني والسياسي وغياب سلطة القانون أدى إلى استشراء عصابات السلب والنهب والقتل والخطف والابتزاز وزرع العبوات الناسفة والمفخخات والاغتيالات السياسية التي تعمل تحت مظلة المليشيات الحزبية المتعددة في الوطن، وهذه الميلشيات هي سبب الرئيسي في إضعاف سلطة الدولة القانونية والتي أدى تبعاته إلى ضعف حماية المواطنين ونال الأشوريين المسيحيين القسط الأكبر من هذا الضعف في كل مدن العراق التي يتواجد فيها وبالتالي تقلل فرص حمايتهم - إن لم تنعدم - ولهذا أصبحوا بطبيعة أخلاقهم بكونهم مسالمين لا يحملون السلاح وليس لهم ميلشيات مسلحة تدافع عنهم وتحميهم، هدفا سهلا للابتزاز والانتقام والقتل المتعمد لدرجة التي باتت هذه الجرائم التي ترتكب بشكل ممنهج والتي تركت في نفوسهم مشاعر هلع وخوف دائم، وخاصة إذ عرفنا بأنهم أصبحوا - كما قلنا - هدفا سهلا ومباشرا، لتشكل هذه الجرائم التي ترتكب ضدهم صفحة من صفحات الإبادة الجماعية والاستئصال، بفعل هذه القوة الشريرة التي ظلت تستهدفهم في كل حين، وما موجة الأخيرة التي أخذت تتصاعد حدتها في (بغداد) باستهداف عوائل المسيحيين الأشوريين بقتلهم وسلب ممتلكاتهم إلا تبعات هذا الوضع المنفلت في العراق، وما جريمة التي حدثت في بغداد منطقة (المشتل) بحق العائلة بأكملها ليلة٨/ ٩ آذار 2018 حيث قاموا المجرمين من الميليشيات السائبة بقتل كل إفراد العائلة المتكونة من ثلاث أشخاص عن طريق الذبح ومن ثم قاموا بسرقة أموالهم، وهذه الجريمة التي ترتكب ضد المسيحيين الأشوريين هي الثانية خلال أسبوع دون إن تكشف ملابسات وخلفيات الجريمة الأولى التي حدثت أيضا في بغداد في منطقة (النعيرية ) والتي راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر، حيث تم إطلاق النار عليه واردوه قتيلا في الحال ولاذوا المجرمين بالفرار، وفي عام الماضي شهدت بغداد أيضا موجة من الاستهداف للمسيحيين في بغداد وأغلقت محاضر التحقيق كالعادة ضد المجهول .
ومن هنا فان تكرار الجرائم ضد الأشوريين المسيحيين في بغداد في الآونة الأخيرة دون إن تكشف السلطات الأمنية ملابسات وخلفيات الجريمة ودون إي إجراءات رادعة لتتكرر جرائم القتل والاستهداف المسيحيين بهذا الشكل السافر، والذي يؤشر على أجندات خطيرة تتحمل الحكومة والسيد القائد العام للقوات المسلحة وقيادة عمليات بغداد كامل المسؤولية لتصدي لها وتوضيح ملابسات القضية لعموم الشعب العراقي، وإعلان باتخاذ كل ما شانه أن يردع المجرمين عبر الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه للعبث بأمن الدولة و المواطن وذلك بعد حصر السلاح بيد الدولة، وهنا نطالبهم بتحمل مسؤولياتهم في حماية المسيحيين وأرواح الأبرياء وإظهار المزيد من الجدية في فرض القانون والحد من سلطة الميليشيات التي تعبث بأمن الدولة والمواطن والتي تسترخص دماء الأبرياء و تعيث الفساد في البلاد.
فالسيد (حيدر العبادي) باعتباره القائد العام للقوات المسلحة مطلوب منه المباشرة بالتدخل لإيقاف الاستهداف الممنهج الذي يطال المسيحيين في بغداد لان الجريمة استهداف المسيحيين بات أمرها مقلقا بما يؤثر سلبا على واقع نفوس المسيحيين الأشوريين في العراق بعد إن توالت وتصاعدت موجة استهدافهم في بغداد وقيام المجرمين بالتهديد مباشر لهم، وقد ارتبط الكثير من هذه الجرائم التي حدثت ضد المسيحيين وسجلت ضد المجهولين، و منذ عام 2003 والى يومنا هذا – قط - لم يتم الكشف عن هوية الجنات وتم إغلاق المحاضر التحقيق ضد المجهول، في وقت الذي يؤشر إصبع الاتهام إلى الميلشيات المنفلتة بكون كل عمليات القتل والجرائم التي ارتكبت ضد عوائل الأشوريين المسيحيين العزل، سواء ممن تم تصفيتهم بالكامل أو ممن تم تهديدهم فاضطروا إلى تركوا ارض الوطن، فان هذه الميلشيات تقوم بعد تنفيذ جرائمهم ضد المسيحيين الأشوريين والأرمن وعلى وجه السرعة لتضع يدها بشكل قسري على أملاكهم، أملاك من تم تهجيره وتهديده قسرا أو ممن تم تصفيته، حيث تأتي هذه العصابات والميلشيات وتستولي على الدار وتقوم بتزوير الأوراق وتزوير هويات ومن ثم يتم تسجيلها بأسماء وهمية وبيعها أو البعض منها يتم هدمه وأعادت بناؤه على انه بناء جديد، وهذه الميلشيات هي اغلبها تابعة إلى أحزاب سياسية تعمل على إفراغ بغداد من المسيحيين وتقوم بالاستيلاء على عقاراتهم عنوة في وقت الذي لدى الحكومة كل المعلومات عن المنازل المسيحيين التي يستولى عليها، لكنها لم تفعل شيئا، وقد أصبحت هذه ظاهرة مستشرية وبصورة خاصة في بغداد وبعض المحافظات، وما يحدث بحق ممتلكات المواطنين المسيحيين في بغداد الذي اضطروا إلى ترك بغداد لظروف قاهرة يقع المسؤولية الكاملة على عاتق الحكومة التي من واجبها كسلطة تنفيذية الاستعادة الفورية لهذه الأملاك وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين ومعاقبة كل من يخترق القانون ويتطاول على أملاك الغير بدون وجه حق، لان مثل هكذا جرائم التي تنفذ بقتل الأشخاص والتهديد والابتزاز واستيلاء على الممتلكات يرتقي إلى التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي للمسيحيين، لان حقيقة هذه الجرائم المنظمة ما هي إلا تهديد لوجودهم وتنذرهم بالرحيل أو الموت، لان كل قراءتنا للمشهد السياسي وما يحدث بحق المسيحيين تحديدا بان هناك فعلا بعض الجهات تعمل بكل ما في وسعها لإضعاف وتخريب اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي ومكوناته ليكون استهداف المسيحيين مدخلا لقتل روح التسامح والعيش المشترك بين العراقيين الذين امتازوا بها، لان ليس هناك ما يبرر هذه الجرائم ضد مكون عريق من مكونات الشعب العراقي، فان كانت الجهات التي تقف وراءها جهات وميليشيات إسلامية متطرفة تحمل أفكارا بتكفير الآخرين من غير ديانتهم أو مذهبهم وتدعوا إلى الجهاد ومقاومته كمقاومة المحتل، فان الإسلام الحقيقي و الوسطي - دون ادني شك - منها براء، لان المقاومة تكون ضد المحتل والغازي وليس باستهداف مسيحيي العراق أبناء الوطن الاصلاء، بكونهم على غير ديانتهم .
لأن استهداف المسيحيين من (الأشوريين والأرمن) بالتهديد أو القتل وبشكل الذي نلاحظه ويلاحظه كل الشرفاء في هذا الوطن والوطن العربي والعالم اجمع، وإكراههم على الهجرة، رغم أنهم أثبتوا وأصروا في إثبات عراقيتهم و وطنيتهم وتمسكهم بتربة الوطن العراق، وطن أجددهم (الأشوريين) أصحاب الحضارة والفكر والعلم والفن والمجد الخالد رافضين كل إغراءات الهجرة والإسكان في وطن بديل التي عرضتها لهم الدول الغربية لمقاصد معروفة، ورغم ما يتعرضون الأشوريين المسيحيين من استهداف وتهميش مقصود حكومي وبرلماني ورئاسي، إلا إنهم ضلوا متمسكين وما زالوا متمسكين بمواقفهم المشرفة بقضايا الوطن وحبهم بالعراق الوطن ولم تضعف ولم تهبط معنوياتهم وتمسكهم بما امنوا به في أصعب الظروف، بل ضلوا اصلب عودا واشد حبا بوطنهم وبتربة وماء وهواء بلادهم وتاريخهم المتجذر في تربة العراق و تاريخ العراق الذي هو امتداد لتاريخ (الأشوريين) أصحاب الحضارة في وادي الرافدين، الذين تركوا أرثا حضاريا خالدا، ليس في العراق فحسب بل في عموم الوطن العربي والعالم، بما شاركوا بحيوية ونشاط ووعي متميز في إثراء وإحياء الثقافة والفكر الإنساني في شتى حقول العلم والمعرفة من الأدب والفن وغيرها، فكان لهم دورا مشرفا في حركة الإصلاح والتنوير ولاحقا في مرحلة الاستقلال التي شاهدته منطقتنا الشرقية وبناء الدولة الوطنية .
نعم إن مشكلة المسيحيين الأشوريين اليوم رغم عمقها هي امتداد لمشكلة كل العراقيين، كون هناك تقاعس واضح في أداء مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وهذا ما عكس بنتائج سلبية على ارض الواقع في العراق باستشراء الفساد وانفلات امني في كل مرافق الحياة في الدولة ومؤوسساته وهو ما خلف غياب في الوعي وتقاعس وظيفي وعدم المساواة وغياب مفهوم المواطنة، وهذا الوضع الشاذ وقع عبئه بمجله على كاهل المسيحيين ومستقبلهم في الوطن، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإننا سنرى أن المستقبل مظلم سينذر ليس على مستقبل المسيحيين فحسب بل على مستقبل الشعب العراقي برمته، فتكرار جرائم ضد المسيحيين الأشوريين لن تثني عزم الشرفاء من أبناء هذا الوطن بالتصدي والدفاع عنهم والثبات فيه .
وهنا نتذكر ونذكر السيد (ألعبادي) بكلامه الذي قاله وبالحرف الواحد اثر زيارته لتفقد قطعات العسكرية المشاركة في عملية تحرير الموصل والتي انطلقت عملياتها فجر يوم 17 تشرين الأول من العام الماضي 2017 حيث دخل الدكتور (حيدر العبادي) كنيسة (مار كوركيس الأشورية) في موصل دون إن يحمل سلاحا، فسئل مراسل العراقية عن سبب مجازفته ودخول الكنيسة وهي مدمرة بهذا الشكل دون اتخاذ احتياط لذلك، قال سيادته ((أن أماكن العبادة يجب أن تحترم ، وأن يحترم كل منا معتقد الأخر وقال من حق كل إنسان أن يفتخر بكل ما يعتقد به ويعتز بانتمائه، كما يجب عليه أن لا يتجاوز على انتماء الآخرين)) وأضاف ((هذه رسالة أوجهها إلى كل المسيحيين في العراق ، أن هذا هو وطنكم وداعش حاول إخراجكم منه ، أنتم مواطنون عراقيون من الدرجة الأولى))، وهنا نقول لسيد (العبادي) إن كان وصفك المسيحيين الأشوريين بهذا الشكل، عليك إن تبرهن ذلك بالأفعال وليس بالأقوال، مطلوب منك اليوم ومن أي وقت أخر توجيه حملة توعية وتربوية وتثقيفية وإعلامية موسعة وعبر المؤسسات الدينية الإسلامية ومرجعياتها وعبر مؤسسات التربية والتعليم بتحريم قتل المسيحيين أو أي مواطن عراقي، ليكون ذلك جزءا من ثقافة (الوطن) وبين أبناءه وبمختلف مكوناته ودياناته وقومياته ، لان تصعيد الاعتداء بحق شريحة المسيحيين الأشوريين أمر يخالف كل القوانين وأنظمة الدولية ويخالف كل شرائح والديانات السماوية بل إن الاعتداء عليهم أمر مستهجن من قبل كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن، لان الأشوريين المسيحيين هم سكان الأصليين لهذا الوطن وأثارهم وارثهم موجود على كل مساحة العراق، موجود في النجف و كربلاء و أربيل و الأنبار و بابل و بغداد و بصرة و دهوك و الديوانية و ديالي و الناصرية و السليمانية و تكريت و كركوك والسماوة و العمارة و نينوى والكوت، وقد عاشوا على ارض العراق مع كل مكونات الشعب العراقي متآلفين ومتحابين ومتوحدين بالسراء والضراء وتحت خيمة الوطن وراية العراق، واليوم إن يأتي هذا التصيد الإجرامي باستهدافهم في بغداد وغيرها من مدن العراق بقدر ما هي تعارض مع قوانين الدولة ودستورها هي تتعارض مع مقتضيات الوحدة الوطنية .
وهنا رغم المطالبات التي ما فتئوا المسيحيون يطالبون الحكومة ومسئوليها توفير الحماية وإنصاف حقوقهم في المواطنة وعدم التقاعس واتخاذ إجراءات ملموسة وفاعله لان الاستهداف بعد إن كان بالأمس يستهدف الكنائس وتجمعاتهم اليوم استهدافهم انتقل إلى بيوتهم والى استهداف إفراد المسيحيين في الشوارع والإمكان العامة، وهنا تكمن الخطورة، لان الرسالة التي يراد إيصالها للمسيحيين الأشوريين عبر هذا الاستهداف المنهج والتي بات يعيشونها بقلق بين حين وأخر، وهذا ما يؤثر على نفسيتهم وأمنهم واستقرارهم، وهذا الواقع المزري الذي يتحمل أعباءه الأشوريين المسيحيين و كل الشرفاء في هذا الوطن لن ينتهي ما لم يتم تنظيف العراق وتطهيره من الميلشيات المسلحة الغير المنضبة و زمر الإرهاب وفصائل الإجرام والعملاء، ليتم استعادة هيبة الدولة وسلطتها، وبناء مؤسساتها الأمنية والعسكرية والخدمية بناءا وطنيا ديمقراطيا لأتعرف الولاءات المذهبية والعرقية ولا المحاصصة، ليتم تعزيز سيادة القانون والمساواة ومفهوم المواطنة بين المواطنين واحترام حقوق الإنسان .
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية