المحرر موضوع: الثورة التي أجهضها " الداخل " قبل غدرالخارج  (زيارة 644 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الثورة التي أجهضها " الداخل " قبل غدرالخارج
                                                                     
صلاح بدرالدين

   الثورة السورية التي تشارف على بلوغ عامها الثامن وتعرف عادة في الوسط الوطني بالفريدة واليتيمة والمغدورة لم تنل حتى اللحظة حقها من " أهلها " المفترضين في المراجعة النقدية العلمية والموضوعية حول أسباب اندلاعها وتطوراتها الداخلية وظروفها الذاتية وأسرارها غير المعروفة والصراع على التحكم فيها داخليا وخارجيا وتحريف خط سيرها من جانب الاسلام السياسي وتنظيمه المؤدلج  ( حركة الاخوان المسلمين السورية ) بدعم خارجي مباشر تحت أنظار مشاركين في المسؤولية  قدموا أنفسهم ( كجماعات وأفراد ) ليبراليين ويساريين وقوميين وجيش حر هؤلاء جميعا وطوال هذه المدة وبعد حصول مالم يكن في الحسبان من تراجع وجمود وانقسام وردات وانحرافات لم يبادروا بشكل انفرادي أو جماعي ولو الى التوقف مليا حول مآلات الثورة الكارثية وأسبابها ونتائجها ودور العامل الذاتي في ذلك .
 نعم للتاريخ نقول وبالاضافة الى أن الانتفاضة الشعبية الدفاعية السلمية والمقاومة في بلادنا كانت احدى روافد ثورات الربيع التي اندلعت في المشرق والمغرب استجابة لقانون التطور والتقدم والخلاص من النظم الدكتاتورية المستبدة وتحقيق الطموحات الشعبية في الكرامة والحرية فانها كانت تعبيرا تاريخيا عن ارادة السوريين واستكمالا لنضالاتهم منذ فجر الاستقلال في سبيل ازالة الاستبداد المتجسد في نظام البعث الأمني – العسكري الأحادي حزبيا وقوميا وطائفيا وفئويا وعائليا وتحقيق الديموقراطية والعدالة والشراكة كقاعدة للعيش المشترك بين أطياف ومكونات الشعب السوري المتعدد الأقوام والأديان والمذاهب والتيارات السياسية وان لم تحقق الثورة أهدافها خلال هذه الأعوام الثمانية فذلك لايعني أبدا أن الثورة بأهدافها وشعاراتها وحاملي راياتها وشهدائها وحراكها الوطني النزيه وتنسيقات شبابها المضحية ونشطائها الشجعان لم تكن على حق أو كانت باطلة كما يدعي الجاحدون .
 في مختلف البلدان التي اندلعت فيها ثورات الربيع ومن بينها سوريا اما أسقطت الدكتاتوريات كما في ليبيا واليمن وتونس أو أضعفت قاعدتها العسكرية والأمنية والاقتصادية والحزبية والادارية كما في سوريا والى حد ما في مصر وواجهت انتكاسات وكوارث وتدخلات خارجية حققت بعض الخطوات وفشلت في أخرى فقط في بلادنا تكالبت القوى الخارجية وتدخلت لمصلحة بقاء النظام ومواجهة الثورة مباشرة أو غير مباشرة على شكل أربعة احتلالات عسكرية ( روسية – ايرانية – تركية – ميليشياوية عابرة للبلدان ) وكذلك التغلغل واختراق صفوف الثوار عبر بوابة المعارضة غير المحصنة المستولى عليها من الاسلام السياسي من ( المجلس مرورا بالائتلاف وانتهاء بهيئة التفاوض ) حيث تمت عملية التجنيد واستخدامها في خدمة أجندات النظام العربي والاقليمي الرسمي خصوصا قطر وتركيا الحاملان لمشروع أخونة وأسلمة ثورات الربيع عموما والسورية على وجه الخصوص .
 ليس من باب البحث عن تبريرات أو في معرض الرد على الشامتين الجاحدين الذين كانوا من اليوم الأول أقرب الى النظام وضد أي تغيير ديموقراطي في بلادنا فان أهداف الثورة السورية التي لم تتحقق هي أهداف الغالبية العظمى من السوريين وهي نفسها التي استشهد أجدادهم من أجلها منذ مواجهة الامبراطورية العثمانية مرورا بالاستعمار الغربي وانتهاء بمواجهة نظم البورجوازية ( الوطنية ) التي سيطرت عبر الانقلابات وبمعزل عن العملية الديموقراطية وعاثت بالبلاد فسادا وظلما ودكتاتورية وشوفينية وفتنة قومية وطائفية نقول أن الشعب السوري بكل مكوناته وفئاته الوطنية وأجياله الحالية والقادمة سيستمر في النضال بمختلف أشكاله الملائمة من أجل تحقيق أهداف ثورتنا المغدورة طال الزمن أم قصر وهو كفيل بابتكار أفضل السبل والوسائل في سبيل ذلك .
 على السوريين أن يحفظوا تاريخ ثورتهم عن ظهر قلب التي بدأت خطواتها الأولى منذ أواخر شباط \ فبراير من عام 2011 عندما ظهرت شعارات مناوئة للنظام على جدران احدى المدارس في مدينة درعا حيث عذب التلاميذ وتم التنكيل بهم ثم حدثت مظاهرة عفوية باسم ( يوم الغضب ) يوم الخامس عشر من آذار في سوق الحميدية بدمشق وفي السادس عشر من آذار تم اعتصام أمام مبنى وزارة الداخلية تحول الى مظاهرة في ساحة المرجة شارك فيها العشرات من الناشطين الكرد ثم حدثت الانطلاقة الفعلية للثورة السورية يوم الثامن عشر من آذار في جمعة الكرامة بدرعا والتي تؤرخ كيوم الثورة الذي يحتفى به .
 الكرد السورييون وعبر حركتهم الوطنية وتعبيراتهم السياسية ونشطائهم كانوا ضمن صفوف الثورة السورية ومع أهدافها منذ بداياتها وحتى الآن فالكرد كشعب ومكون محروم من الحقوق يخضع للاضطهاد القومي والاجتماعي من جانب النظم الدكتاتورية المتعاقبة على الحكم منذ الاستقلال من مصلحته قبل الآخرين زوال تلك الأنظمة واجراء التغيير الديموقراطي حيث سيتغير وضعه نحو الأفضل وسينتزع حقوقه عبر الحوار وفي اجواء السلم والعملية الديموقراطية ولاشك أن بين الكرد كما العرب والمكونات الأخرى من تنظيمات وفئات ومجموعات اما لم تكن مع الثورة وكانت مع النظام أو وقفت مترددة بدون مبادىء ولكن هذه الحالة لم تطغى على حقيقة اعتبار الغالبية الساحقة من الكرد السوريين مع الثورة وقدمت الشهداء وضحت بالكثير الكثير .
 ومرة أخرى وكشهادة أمام التاريخ أقول نحن كشعب كردي سوري وكحركة كردية اجتزنا مرحلة ودخلنا مرحلة جديدة منذ اندلاع الثورة السورية في مجال الاعتراف بالوجود والحقوق ففي حين كان وجودنا محل انكار من جانب النظام وحقوقنا موضع تجاهل ورفض ونضالنا كان يواجه بالقمع والتنكيل بدأنا بالتحاور مع شركائنا من معارضي النظام في السنوات الأولى ورغم ملاحظاتي الكثيرة على صدقية وجدية ونزاهة بعض كيانات المعارضة وخصوصا حركات الاسلام السياسي التي فتحت جرحا جديدا في – عفرين - الا أن الغالبية فيها سلمت علنا بوجود شعبنا والاعتراف الرسمي الموثق بحقوقه المشروعة وبضرورة حل القضية الكردية ديموقراطيا وتضمين حقوق الكرد في الدستور الجديد لسوريا وكل ذلك سيشكل منطلقا لنا جميعا لتعزيز النضال الكردي العربي المشترك الآن وفي المستقبل من أجل سوريا تعددية تشاركية جديدة .
   بقي أن نقول أن مسألة مراجعة تجربة الثورة السورية بعمل جماعي منظم وبقراءة نقدية موضوعية علمية باتت في صدارة المهام الوطنية .