المحرر موضوع: وهل أخطأ السورييون في فهم حقيقة " معارضتهم " ؟  (زيارة 648 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وهل أخطأ السورييون في فهم حقيقة " معارضتهم " ؟
                                                                       
صلاح بدرالدين
 
  نشر د برهان غليون مقالة تحت عنوان " هل أخطأ المثقفون فهم الشعوب الغارقة في الجهل والطائفية ؟" * - وذلك ردا ( كما أشار ) على رسالة تلقاها عبر موقعه الشخصي يتهم فيها المثقفين وبينهم شخصه بتحمل مسؤولية اخفاق الثورة وعدم فهمهم لطبيعة المجتمع ومستوى الوعي المتدني للشعب السوري وبما أننا في الذكرى السنوية الثامنة للثورة وجدت من المناسب التعقيب على ماجاء في مقالته كمساهمة نقدية في ما آل اليه الوضع الآن على الصعيد الوطني الذي يهم كل مواطني بلادنا ويؤثر في مصيرهم ومستقبل أجيالهم خاصة وأن الذين تصدروا " المعارضة " وأولهم السيد غليون الرئيس الأول ( للمجلس الوطني السوري ) لم يقدموا تفسيرا للاخفاقات ولم يمارسوا أي نقد ذاتي أو مراجعة بالعمق حول الهزيمة المذلة والزلزال السوري عموما  ومكامن الخطأ والصواب ناهيك عن تقديم الاعتذار لما ألحقوا من أذى بالسوريين وقضيتهم .
 بغض النظر عن صحة وجود الرسالة من عدمها فانها متناقضة في مضمونها من جهة تحميلها  د غليون " مسؤولية اخفاق الثورة " وهو تهمة ( ان صحت ) يدان عليها المرء بالخيانة العظمى ومن الجهة الأخرى تشيد بشخصه الى درجة " ادخال شخصيته الراقية في قلوب الناس وعقولهم " والثقة العمياء بها  فمن المرجح ان تكون الرسالة افتراضية خاصة وأن اتهامه بمسؤولية الاخفاق كأول رئيس للمجلس الوطني السوري الذي أسسه وسيطر عليه ( الاخوان المسلمون ) وكما هو شائع في أوساط المعارضين للنظام فقد بارك القطرييون تنصيبه بناء على صفقة باتت معروفه ومتداولة بشفاعة د عزمي بشارة وتدخل العائلة الحاكمة هناك بكل ثقلها واغراءاتها المالية وقد خرج الموضوع من دائرة الهمس ليصل الى مقالات منشورة وشهادات موثقة وذلك مما يدفعه كل ذلك الى تبرئة ساحته بشتى الطرق وقد يكون هو من وصل الى تلك القناعات ليتسنى له اخراجها بهذه الطريقة التي يضع فيها اللوم على الوعي الشعبي وتخلف المجتمع السوري !.
  بداية من المضحك لعالم اجتماع ان يعيد سبب اندلاع الثورة لوجود نظام مستبد وكأنه اكتشاف نظري فريد في حين أن كل سوري في الريف والمدينة وحتى على هامش الحياة شعر قبله على أرض الواقع ومنذ عقود بالمعاناة من نظام لايمثله بل يضطهده ويستعبده أما مايتعلق بدور المثقفين فأقول : لاأبدا ليس " المثقفون السورييون مسؤولون عن نشر الأفكار التي ألهمت الثورة " كما يدعي الكاتب والميزة الأساسية لثورات الربيع عموما وفي المقدمة الثورة السورية عفويتها وعدم التخطيط لها لامن جانب المثقفين ولا من جانب السياسيين التقليديين والأحزاب الكلاسيكية القومية واليسارية والاسلامية بل تصدرها الشباب والحراك الوطني الثوري المستقل وهي ( أي الثورة ) فاجأت المثقفين وأربكت حساباتهم وخلخلت آفاقهم الضيقة الذين وقف معظمهم ضدها ومع النظام وحتى د غليون لم يكن حتى في وارد تصور ولوجزء بسيط مما حدث وكان يتردد على دمشق وعبر مطارها حتى قبل الانتفاضة بوقت ليس بقليل .
 المثقفون السورييون الذين انضموا الى قافلة الاخوان بدءا من المجلس ود غليون بينهم يتحملون المسؤولية في مناح عديدة :
 اولا -  في عملية تضليل جمهور الثورة السورية وبينهم خلال البدايات تنسيقيات الشباب خصوصا في حمص ودرعا ودير الزور خاصة عندما تسلقوا الى مواقع القيادة بالمعارضة ( ولو الشكلية لأن القرار الحاسم كان بأيدي الاسلام السياسي ) وهم أي المثقفون من غير الاخوان – ليبراليين ويساريين وقوميين - كانوا أجراء عند – البيانوني - ومجرد ديكور للزينة والبداية كانت بالمجلس الوطني برئاسة الكاتب – عالم الاجتماع - حيث أخفوا الحقيقة بل ورطوا الكثيرين في مقولة : أن المعارضة بأيد أمينة .
 ثانيا – عملية التضليل الأخرى للجمهور الوطني الواسع الادعاء بأنهم في ( المعارضة ) يقودون الثورة ويمثلونها ويعبرون عن أهدافها في حين كانوا ضمن أجندة النظام الرسمي العربي والاقليمي المانح الذي لم ولن يكون يوما مع ثورة الشعوب وتطلعاتها .
 ثالثا – التضليل الأخطر عندما وقف هؤلاء اما مؤيدين او صامتين لامبالين ازاء مخطط – الاخوان المسلمين – بافراغ الجيش الحر من الطاقات الوطنية الخلاقة بل استبعادهم من مواقع الفعل والقرار وفرض الحصار المالي عليهم وتركهم في المخيمات الحدودية بالجانب التركي كأسرى بامرة جنود حراسة المخيمات وكذلك في البلدان الأخرى مثل الأردن وفوق كل ذلك تهربهم من تحقيق مطلب ( هيكلة تشكيلات الجيش الحر ) واشراكها في قرار الحرب والسلام  .
 رابعا – بلغ تضليلهم لجمهور الثورة أوجه في ازدواجيتهم وانتهازيتهم  وذلك عندما رضخوا لارادة – الاخوان المسلمين – في تجاهل الآلاف من المناضلين من العرب والكرد وأتباع الديانة المسيحية والمذاهب العلوية والدرزية والاسماعيلية الذين كانوا معارضين أشداء لنظام الاستبداد وعدم افساح المجال أمامهم لتولي المراكز القيادية في المعارضة وكان المقياس السائد حينذاك ابعاد كل من يخالف سيطرة الاسلام السياسي على مقاليد المعارضة والثورة .
 خامسا – في كل العملية التضليلية التي مارسوها لأعوام كانت قناة – الجزيرة – القطرية أداة فعالة ليس لنشر ومتابعة أضاليلهم بل بوضع الحظر على كل من يخالف مخطط أخونة ثورات الربيع وكان المتعارف عليه أن لهذه القناة – فلتر اخواني سوري – يمنع ظهور أي سوري على القناة الا اذا مرره الفلتر وكانت أبواب القناة مفتوحة لكل من يزكيهم الاخوان وبطبيعة الحال كان هؤلاء نجوم القناة ليلا نهارا .
 سادسا – وصل الأمر بهؤلاء ( المقصود المثقفون من غير الاخوان في قيادة المجلس ومن ثم الائتلاف ) استخدام أموال المعارضة والثورة في شراء الذمم ليس من أجل توسيع قاعدة المعارضين ضد النظام بل في سبيل رفع صورة هذا المسؤول أوذاك في مظاهرات أيام ( الجمع ) وقد تردد أن العضو الكردي في قيادة المجلس الوطني دفع لأحدهم ( وهو حي يرزق ومستعد للشهادة ) ثلاثة آلاف دولار حتى يرفع لافتة أمام الكاميرا مكتوبة عليها عبارة ( فلان الفلاني يمثلني ) .
 سابعا – كان من المفترض أن يكون هؤلاء ( وبينهم أكاديمييون وعلماء اجتماع ومثقفون ) مطلعون على خصوصية الوضع السوري وتركيبة شعبه القومية والدينية والمذهبية وتعددية تياراته السياسية وتنوع ثقافته وبالتالي كان المفترض وبناء عليه أن لايوافقوا على أن يسيطر الاخوان المسلمون كاحدى جماعات الاسلام السياسي على المعارضة ويصبحوا عنوانا لها مما دفع نظام الأسد الى استثمار ذلك أمام المجتمع الدولي وتصوير الأزمة على أنها صراع بين التخلف وجهالة القرون الوسطى وبين العلمانية التي يمثلها النظام وبالتالي ليس هناك من ثورة وطنية ديموقراطية تغييرية ولكن رضخ هؤلاء لارادة ( الاخوان ) بل برروا ذلك بالتضليل وعلى الأغلب ليس بسبب خطأ أو قصور فهم بل تعلقا بمصالحهم الشخصية حيث انتقل معظم هؤلاء من حالة الفقر والعوز الى مراتب الغنى الفاحش في سنوات معدودة .
 ثامنا – كل تلك الأضاليل والاستهانة بوعي السوريين وعدم ادارة العلاقات بين المكونات الوطنية بافق عقلاني وعلماني وديموقراطي أدت الى اجهاض الثورة واثارة الانقسام بين المكونات حيث الصراعات القومية والدينية والمذهبية في أوجها ليس على نطاق البلاد فحسب بل خصوصا بين صفوف سوريي المعارضة  والثورة فهل نقتصر بتوجيه التهمة للنظام والاسلام السياسي ونغض الطرف عن الذين ضللونا من المسؤولين الأساسيين عن الكارثة الذين ركضوا وراء مصالحهم وارتضوا بالمواقع الشكلية وغطوا على خطايا وانحرافات وجرائم الاخوان المسلمين بحق السوريين وثورتهم ؟ .
•   - هل أخطأ المثقفون فهم الشعوب الغارقة في الجهل والطائفية؟ د برهان غليون  - العربي الجديد – 12 مارس 2018 .