المحرر موضوع: حصل في نوروز قبل 32 عام  (زيارة 1061 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سرتيب عيسى

  • ادارة الموقع
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 755
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حصل في نوروز قبل 32 عام
« في: 16:17 21/03/2018 »
حصل في نوروز قبل 32 عام

في العقود الماضية كنا كعراقيين ومعارضين لنظام الحكم وطنيين قبل انتماءاتنا العرقية والدينية، اقولها بألم لان ما يجري الان من تفرقة واستقطاب طائفي وديني وقومي غريب بالنسبة لاغلب أبناء شعبنا وخاصة معارضته الوطنية . وان كان هناك تميز قومي فكان من طرف نظام البعث ولكي أكون منصفا حتى التمييز الديني لم يكن ظاهرة عند نظام البعث.
ابطال هذا الحدث الذي حصل قبل 32 عام هم من مختلف فئات الشعب العراقي، اكراد عرب كلدان اشوريين. من عنكاوا وزاخو والقوش وبغداد والبصرة واربيل.
في يوم 20 اذار عام 1986 اجتمعت قوات من پيشمرگة الحزب الشيوعي قاطع بهدينان الفوج الأول انصار السرية الرابعة والثانية وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني محلية شيخان و زاخو. اكان الهدف عملية اقتحام لثلاثة ربايا يتمركز فيها الجيش الشعبي في جبل رأس زاويته صباح يوم 21 اذار احتفالا بعيد نوروز. اجتمع الپيشمرگة المشاركين في قرية بينارينكى . هناك توزعنا مساءا على بيوت القرية وتعشينا فيها ثم اجتمعنا في جامعها للاستراحة ولكي ننطلق فجرا نحو الهدف. للاحتفال بنوروز من خلال احتلال الربايا.
في مساء ذلك اليوم تعرفنا نحن پيشمرگة الحزبين المشاركين في هذه العملية على بعضنا. لأسباب أجهلها عجبني الحديث مع أحد پيشمرگة حدك من محلية زاخو كان اسمه اسلام. شاب وسيم وهادئ تكلم عن نفسه. قال انه من عائلة ارتبطت بالبارتي منذ الستينيات وله شقيقين استشهدوا خلال ثورة گولان(أيار). سهرنا معا قبل ان نغفو ساعات قليلة لكي نتوجه فجرا نحو هدفنا. من محاسن الصدف او ربما من مساوئها كنا اسلام وانا ضمن مجموعة الاقتحام ولأننا أصبحنا صديقين حاولنا ان تكون مواضعنا قبل الهجوم قريبة.
في الفجر توجه المجتمعين نحو الهدف. مجموعة الاقتحام كانت تضم ثلاثة شيوعيين يقودهم أبو حياة (فارس كريم) وماجد القوشي وانا كاتب هذه السطور. وكانت مجموعة الاسناد مشتركة أيضا.
في ساعة الفجر الأولى من صباح 21 اذار 1986 بدأ الهجوم نحوم الربايا الثلاثة بقاذفات ال أربى جي والرمانات اليدوية ورمي كثيف بالأسلحة الرشاشة. لكن وجهنا برد ناري كثيف من قبل الجيش الشعبي. يبدو اننا فقدنا عامل المباغتة لان العدو كان مستعدا وعلى علم بنيتنا. بعد تبادل ناري كثيف لم يستمر، خر اسلام صريعا على يميني لم اسمع سوى صوت اخخخخ .. ثم سقط. الوقت كان اقل من اعشار الثواني. رصاصة قناص اخترقت راسه ليصبح الشهيد الثالث من نفس العائلة. لم يقف الامر عند هذا الحد.
كان أبو حياة يتقدمنا شاهدته عندما قذف رمانته اليدوية وكان يهتف باسم ضحايا البعث.. ثم هوى هو الاخر. كان اول من وصل اليه ماجد الالقوشي، حمله على كتفه. أبو حياة كان قائد القوى المهاجمة مع مسؤول من محلية حدك اسمه صادق زاويتي ان لم تخني الذاكرة. اتجهت نحو ماجد ووجدت ان أبو حياة ينزف من الجهة اليسرى من صدره. تصورنا ان الإصابة كانت في القلب. حملناه مع مجموعة من بيشمركة البارتي الى الخط الخلفي لكي نحمله على البغل الذي كان معنا لتحميل الغنائم!! عدنا بشهيد وجريح اصابته بليغة. تبين لاحقا ان إصابة أبو حياة كانت في مفصل الكتف الايسر.
مازال ناقوس هذه اليوم المجيد يدق كلما جاء نوروز او كلما التقي بأبو حياة (صالح) كما كان يسمونه الفلاحين الاكراد. ذلك الانسان الذي تعلمت منه الكثير اوله حب الناس والصدق والإخلاص. وتعلمت من اسلام الشهيد ان الحياة رخيصة عندما يتعلق الامر بالانتماء الوطني والانساني. مازالت صوره اسلام بروراي حية في ضميري ووجداني رغم مرور كل تلك السنين رغم إني عرفته لسويعات فقط.
الشعب الذي يقدم كل هؤلاء الضحايا قرابين يستحق ان يحتفل بالحياة بيوم جديد (نوروز). المجد لعشاق الحياة. المجد لتلك الأيام التي كانت أيام حب وصدق.. جمر ورماد. المجد لنوروز عيد الحرية والانعتاق من العبودية.
النصير هەژار