المحرر موضوع: آثار داعش  (زيارة 692 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اميرة بت شمويل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 161
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
آثار داعش
« في: 20:32 25/03/2018 »
بعد هجوم داعش على الموصل ومن ثم سهل نينوى ونزوح الكثير من اهاليها من المسيحيين واليزيديين والكورد والعرب الشيعة وبعض السنة والشبك والكاكائيين وغيرهم ، تدفقت إعداد هائلة من كل هؤلاء إلى مدينة دهوك وضواحيها . لم تستطع الدور والفنادق والقاعات وحتى الهياكل استيعابهم فانتشروا في الساحات والحدائق وحتى الأرصفة ليجلسوا تحت الأشجار والزوايا وهنا وهناك. كانت أحوالهم مزرية فاغلبهم لم يسعفهم الحظ ليحملوا حتى ملابس إضافية لهم ولعوائلهم.
بالرغم من سوء الحالة الاقتصادية للمدينة بسبب قطع الرواتب لأكثر من ثلاثة أشهر ، إلا ان الكثير من العوائل أخذوا بتزويد العوائل النازحة المنكوبة بالطعام والماء والملابس ، كل حسب إمكانياته.
كنت أخرج إليهم ، أحيانا مع الأهل وبعض الاقرباء وأحيانا مع بعض الأصدقاء لنحمل ما نستطيعه من مأكل وملبس إليهم ، ولما وجدنا أن ما نحمله لهم لايكفي ، أخذ اخي بالكتابة إلى الأصدقاء والمعارف عبر الفيسبوك لحملهم على المساهمة في حملة الإغاثة ولتنظيم العملية أكثر قمنا بإنشاء جمعية خيرية ومن خلالها قمنا بالاتصال بجمعيات أخرى والتنسيق معها شيئا فشيئا لترتيب مساهماتنا .
جاءت نكبة الاخوة الأيزيدية والاعتداء الاكثر شراسة عليهم لتزيد من حجم الكارثة وكأنها تسونامي يعصف دون رحمة .
كثيرا ما التقيت بالعوامل النازحة والمنكوبة والفت وجوههم الحزينة الغاضبة وعيونهم الدامعة تتساءل عن سبب واحد للهجمة الشرسة عليهم ، خاصة وأنهم عاشوا مسالمين لم يلحقوا أي أذى بمن هجم عليهم واهانهم وهجرهم.
كنت كلما التقي مأساتهم أتذكر مأساتنا عام 1985 وتعرضنا للتهديد والمهانة والتهجير بعد إعدام أخي وسجن والدي.
لماذا تعرضنا لهذه الهجمة البشعة ؟ ماذا فعلنا؟ هل جنينا على احد ؟ هل اذينا احد ؟ لماذا اخرجونا بهذه الطريقة المهينة ؟ لماذا نحن ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟.
كثيرة كانت اسئلتهم كما كانت اسئلتنا سابقا. كنت أجد مأساة امي في عيون الأمهات ومأساتي  ومأساة اخوتي في عيون الشابات والشباب .
هذه الأم التي تبكي وتصرغ إلى الله أن يسعف عائلتها تشبه أمي بحزنها وغضبها، وها هي ابنتها التي تبكي بجانبها مرتعبة خائفة حزينة وغاضبة تشبهني إلى أبعد الحدود . إنها الكوارث والمآسي التي تعيد نفسها على أرضنا بين حين وحين.
أدركت وانا بينهم بأنهم الى جانب حاجتهم الى المساعدات المالية والطعام والملبس والمكان الامن ، بحاجة إلى من يستمع إليهم ويجيب على اسئلتهم الكثيرة كما كانت اسألتنا. نعم آن الأوان لاجيب على اسألتي قبل 29 سنة .
نعم جلست واستمعت وبكيت معهم وتحدثت اليهم  ووجدتهم أبطال الحدث لأنهم ، بالرغم من عدم حملهم للسلاح ، لم يرضوا العبودية والخنوع لأشرس عدو عبر التاريخ.