"فايروس الكرسي" يضرب وبقوة على أحزابنا "الكلدانية السريانية الآشورية" السياسية
====================================
أبرم شبيرا
نافذة على جانبين: المبهج والمفجع----------------------
للحق أقول عندما أسمع وأقرأ عن الإنجازات الكبيرة التي حققتها وتحققها أبرشية أستراليا ونيوزلندا لكنيسة المشرق في تأسيس المدارس الآشورية المسيحية وكلية ومعاهد تعليم لغة الأمة أنبهر كثيراً وأبتهج إبتهاجاً عندما أرى هكذا ضوء في نهاية النفق المظلم الذي رسم وفرض علينا ليقودنا نحو الإنكماش ثم الإنقراض من وجه البسيطة. وعندما أحول رأسي على الجانب الآخر مسلطا نظري على ما يجري في أرضنا التاريخية وتحديداً في هذه الفترة التي تسمى بـ "الإنتخابات" أجد أحزابنا السياسية وقوائمها الإنتخابية تتصارع، كما يتصارع الصلعان على المشط – مع إعتذاري الشديد – ويتناحرون ويتهجمون بعضهم على البعض مستخدمين مختلف الأسلحة التي تنم فعلآ على تدني مستوى الوعي القومي الشامل لجميع أفرع أمتنا وغياب المصلحة العام غياباً شاملاً من سلوكم السياسي مقابل طغيان المصلحة الخاصة والتحزبية والطائفية وحتى الشخصية على السطح القومي السياسي، حينذا يملئ قلبي أسى ويكتنف فكري غموض وتشويش عند البحث عن مصير هذه الأمة. الطامة الكبرى هي أن معظم المتناحرين من أبناء أمتنا في ساحة الإنتخابات عناصر معروفة بثقافتها ووعيها و "نضالها" ومكانتها الإجتماعية والفكرية ولكن ما يحز في قلوبنا وافكارنا وضمائرنا هو أن كل هذه الصفات التي يتصفون بها تختفي عندما يظهر ماموت الكرسي أمامهم ويتلحفون بلحاف المصلحة الخاصة والشخصية ليؤدي ذلك إلى إختفاء المصلحة القومية ولو بحدها الإدنى من تصرفاتهم وبالتالي إلى زيادة وتضخم الإحباط والقنوط بين أبناء شعبنا وبالنتيجة فقدان الثقة بأحزابنا السياسية و "زعماءنا"، الأمر الذي أدى ويؤدي إلى تدني شعبية الأحزاب، إن كان لبعضهم شعبية بالأصل. فلو بحثنا في أسباب هذه الظاهرة المرضية التي أصابت أحزابنا السياسية سنجد بأنها مصاب بفايروس يمكن تسميته مجازا بـ "فايروس الكرسي".
الفايروس البايلوجي:
-----------
فايروس، باللاتينية (Virus) ويعرف بالعربي بـ "الحمه"، هو كائن صغير جداً ومسبب لأمراض خطيرة وكثيرة، منها مرض نقص المناعة (الأيدز)، والأكثر شيوعا هو فايروس الإنفلونزا. فهو يضرب جميع أنواع الكائنات الحية ومنها الإنسان وينتقل من كائن إلى آخر عبر وسائل عديدة ومختلفة. ويعود سعة إنتشار الفايروس وقوة تأثيره، خاصة بين البشر، إلى جملة عوامل عديدة منها ضعف المناعة عند الإنسان وإلى سوء الظروف الصحية والمناخية السائدة وإلى نوعية وطبيعة الحياة البشرية ومستواها ونوعيتها خاصة بالنسبة لضعيفي القوى وبالتحديد الأطفال وكبار السن والشاذيين عن الحياة الطبيعية. فهناك العديد من هؤلاء الأشخاص المصابين قتلهم فايروس الإنفلونزا. ومن المعروف عن الفايروسات بأنه رغم تقدم العلم تقدماً مذهلاً إلا أنه لم يستطيع إيجاد علاج كامل وحاسم للأمراض التي تسببها غير القليل منها والتي بمجملها هي نوع من الوقاية من هذه الأمراض، مثل اللقاحات، وتحسين الأوضاع المعيشية للمجتمع لتكون نوع من الحصانة ضد الفايروسات والتخفيف من حدة أعراض الأمراض التي تسببها.
فايروس الكرسي:
----------
وإذا جاز لنا إستعارة مفهوم الفايروس البايولوجي وخطورته على صحة الإنسان وإستخدامه مجازاً على المستوى السياسي القومي لأبناء أمتنا وتحديداً على أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية نرى بأن هناك فايروس خطير يمكن تسميته بـ "فايروس الكرسي" الذي بدأ بالإنتشار كوباء خطير في مجتمعنا القومي السياسي خاصة بعد عام 2003 حيث ظهرت ظروف ملائمة جداً لإنتشار هذا الفايروس وتفكيك مجمعنا إلى ملل وشلل لا بل وصل أمر خطورة هذا الفايروس إلى أكثر أحزابنا وتنظيماتنا قوة وتنظيماً وشعبية، فهي الأخرى لم تسلم من هذا الفايروس الخطير والمدمر فأدى ذلك إلى شبه شلل أو عقم في جسمها السياسي. لا بل والأكثر من هذا حيث يظهر في بعض من المرشحين للكراسي البرلمانية مصابون بفايروس الكرسي إصابة مستديمة فلا يتعضون من الماضي ويحسنون أوضاعهم الحياتية ويتخلصون من الظروف التي جعلت من الفايروس أن يستوطن فيهم حيث يعاودون اللهوث وراء الكرسي رغم فشلهم المستمر والمخيب في السنوات السابقة. لا بل فقد فاق التصور عن خطورة هذا الفايروس بحيث وصل حتى إلى عظام الإنسان الميت والمستشهد في مذبحة سميل ليستغل كداعية إنتخابية لتمثل عرضاً من أعراض المرض الذي يسببه فايروس الكرسي الضارب وبقوة في مجتمعنا المعاصر. وحال هذا الفايروس هو كحال الفايروس البيولوجي فهو بلا حدود وعابر للقارات مع الهواء إلى مختلف أنحاء العالم ليصيب أفراد من مجتمعنا من بلدان لمهجر فيلهثون من هناك وعبر الألاف الأميال إلى أرض الوطن وراء الكرسي المعلون. والأنكى من هذا وذاك هو ضرب فايروس الكرسي ضربة ساحقة لأحد العناصر الذي كان بالأمس القريب "ممثلاً" لأمتنا في الحكومة ليصطف مع قائمة جلادي أمتنا لعل قد يحصل على مقعد حتى ولو كان ملوثاً بدماء شعبنا المشرد.
أعراض فايروس الكرسي:
--------------
وفايروس الكرسي هو كفايروس البايولوجي مرض إجتماعي خطير أصاب أحزابنا السياسية وقادتها على الرغم من توسع حجم المستويات العلمية لمجمع أبناء أمتنا، خاصة السياسيون منهم، مقارنة مع أقرانهم العراقيين، فأنه هو الآخر لا علاج كامل وحاسم له غير التخفيف من حدته وإيجاد ظروف فكرية ونفسية ملائمة تساعد على خلق نوع من المناعة ضد هذا الفايروس. وكما للفايروس البايولوجي أعراض مرضية معروفة وخطيرة على صحة الإنسان كذلك لفايروس الكرسي أعراض إجتماعية خطيرة على مصالحنا القومية والسياسية. ومن أهم وأخطر هذه الأعراض هو المصالح الشخصية ولا نقول التحزبية أو الشللية لأن خطورة هذا المرض تجاوزت الحزب والجماعة ووصلت إلى الشخص نفسه، أي بعبارة أخرى أصبحت المصالح الشخصية أقوى بكثير من مصالح الحزب نفسه. فعلم السياسة درس وبإمعان ظاهرة تدهور أحزاب العالم الثالث خاصة الثورية منها، وأحزابنا غير مستبعدة. حيث تبدأ كاحزاب جماهيرية ثم بعد إعتلاءها السلطة أو مواقع القوة تبدأ بالإنكماش والتقلص وتتراجع شعبيتها إلى خانة التحزب ثم يستمر إنحدارها نحو العشيرة أو القبيلة ثم إنحسارها في العائلة حتى يستمر التدهور نحو شخصنة الحزب كله في شخص واحد. وحزب البعث نموذج في هذا السياق وبعض من أحزابنا السياسية ليست ببعيدة عن هذه الحالة. فبسبب قوة هذا الفايروس المنتشر بين أحزابنا وقوائهم الإنتخابية نقول بأن كل الدعوات البريئة والخيرة في توحيد القوائم الإنتخابية لأبناء شعبنا للإنتخابات القادمة والنزول إلى الساحة العراقية بقائمة واحدة ما هي إلا لقاحات من نوع (Made in China) لا تأثير فعال لها. وحتى لو أفترضنا إستجابة القوائم الإنتخابية لشعبنا لهذه الدعوات الوحدوية فأنه قبل نزولهم إلى الساحة الإنتخابية سوف يفعل فايروس الكرسي فعله المؤثر وتبدأ أعراض المرض بالظهور في النزاع حول تسلسل الأسماء في القائمة وعلى الرقم (1) وبالتالي عودتهم إلى المربع الأول والتشبث بالكرسي الملعون.
لقد كتب العديد من مثقفينا وسياسيينا ومفكرينا عن النتائج المأساوية التي خلفها داعش الإجرامي وغيره من أسلافه على أبناء أمتنا من النواحي الإنسانية والديموغرافية وتجريد شعبنا من أراضيه التاريخية من دون الإشارة إلى فايروس الكرسي المكمل لهذه المأساة على النواحي السياسية والقومية وفعله الفاعل في تشتيت أبناء الأمة الواحدة ليس بين قائمة إنتخابية وأخرى بل حتى بين أعضاء القائمة الواحدة من خلال الصراع على رقم (1) للقائمة أو الأرقام المتقدمة. لقد سبق وأكدنا مراراً وتكراراً بقوة الترابط بين الكرسي والمصالح الخاصة وأعتبار الأول مصدراً أساسياً تمويليا للمصالح الخاصة والشخصية، فالتاريخ من عام 2003 أثبت وبشكل قاطع ولحد هذا اليوم هذه الحقيقة. حتى بعض الأفعال التي تعتبر بحكم البعض "إنجازات" حققها "ممثلي" أمتنا من خلال جلوسهم على الكرسي البرلماني أو الوزاري فما هي إلا قطرة في محيط هائج لا تأثير لها في عالم المأساة التي يعانيها شعبنا في أرض الوطن، فهي لا تعدو غير الضحك على الذقون، أو كما قلنا سابقا هي محاربة داينصور ضخم بدبوس صغير، أو هي حروب دونكيشوتية ضد الشيطان. وهنا من الضروري جداً أن لا نحصر المصالح الشخصية في الحقل المالي فقط بل يجب أن نفهمها أيضاً ضمن الشهرة والتكبر والعنجية والتباهي. من هذا المنطلق كنًا ولا زلنا نرى في ترك الكراسي والإستقالة من المناصب البرلمانية والحكومية هو السبيل الفعال والواقعي للخلاص من المصالح الشخصية والتحزبية، لكونها مصدر البلاء على أمتنا ثم أخلاء الساحة من هذا الوباء والبدء بالبحث عن السبيل الممكن الذي قد يؤدي إلى تحقيق مصالح الأمة ولو بحدها الأدنى. وهنا يجب أن لا يفهم بأن هذه دعوة هي عدم المشاركة والتصويت في الإنتخابات القادمة، بل على أبناء أمتنا الإدلاء بصوتهم للقوائم الحزبية المعروفة ليس لغرض إجلاس قادتها على الكراسي البرلمانية بل لفرز هذه الأحزاب المعروفة عن الأحزاب المزيفة وإضفاء عليها نوع من الشعبية الرسمية من خلال معيار الإنتخابات التي هي المعيار الوحيد المتاح في هذا الزمن لقياس شعبة أحزابنا السياسية. فهذا السيناريو يختلف عن دعوتنا السابقة في إستقالة أعضاء البرلمان من كراسيهم وهم في موقع رسمي وشعبي لخلق نوع من الإثارة للرأي العام العالمي للتساؤل عن أسباب هذه الإستقالة لإشخاص منتخبين رسميا. حينذاك سوف يبدأ الرأي العالمي بإعطاء القليل من الإهتمام نحو مسألة مصير شعبنا وطرق حمايته من الإنقراض في وطنه التاريخي.
فايروس الكرسي وقوائم شعبنا الإنتخابية:
---------------------------
هنا أود التأكيد المشدد بأن الغرض من كتابة هذه السطور هو محاولة الكشف عن الفايروس المسبب في فشل معظم أحزابنا السياسية وقوائمها الإنتخابية وكراسيهم البرلمانية والحكومية في تحقيق الحد الإدنى من المصلحة العامة لأمتنا "الكلدانية السريانية الاشورية" والذي يتمثل في فايروس الكرسي، مصدر ومنبع المصالح الشخصية والتحزبية. من هنا نقول بأن الأمر لا يقتصر على حزب معين فحسب بل على معظم أحزابنا وقوائمنا الإنتخابية. فاليوم هناك سبعة قوائم مع شخص نزلت إلى الساحة الإنتخابية وكبقية السنوات الإنتخابية الماضية مصابة هي الأخرى بفايروس الكرسي لأنها تعيش وتتواجد في ظروف سيئة ومأساوية وبمستوي ضعيف من الوعي القومي الجامع لجميع أبناء شعبنا أو إنعدامه بسبب تعشش الطائفية والعشائرية والمناطقية في البنيان الأساسي لأمتنا وإختفاء المصلحة القومية الشاملة. التاريخ القصير من عام 2003 ولحد هذا اليوم لا بل وحتى نحو المستقبل غير المنظور يؤكد هذه الحقيقة الموضوعية طالما الواقع هو نفسه دون نغيير. فمعظم، بل كل القوائم الإنتخابية رغم تأكيدها بأن هدفها الأساسي هو تحقيق المصلحة العامة للأمة أو الجهة التي تمثلها، لكن هذا التاريخ القصير أثبت عدم صحة هذه الإدعاء بل عزز من مصالحها الشخصية والتحزبية والشللية. صحيح هو أن التنافس هو أس الأساس للديموقراطية الحقة ولكن حتى لهذا التنافس أصول وقواعد يستوجب تطبيقها للوصول إلى الأهداف المبتغاة عبر الممارسة الديموقراطية الصحيحة. فنحن أمة صغير منهارة ومعرضة للفناء في أرضها التاريخية أصابها فايروس الكرسي إصابة خطيرة وفتتها في الساحة الإنتخابية إلى سبعة أجزاء لا حبل رابط بينهما فكل واحد يسحبه إلى جهته ليؤدي بالنتيجة إلى تمزيق الأمة لا على مستواها الفكري والقومي بل حتى على مستوى الكراسي البرلمانية حيث أثبتت السنوات السابقة بعجزهم عن جلوسهم مع البعض والإتفاق على ما هو صالح لهذه الأمة حتى في حده الأدنى. أليس عيباً علينا وتحديداً على أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية أن يقول بعض زعماء العراق: أذهبوا ووحدوا خطابكم أو مطاليبكم ثم تعالوا لنناقشها؟؟؟ سواء أكان هذا القول صحيحاً أم حجة للتهرب من النظر في مطاليب شعبنا المشروعة فأنه يعكس مدى تمزق وتشتت أحزابنا وعدم قدرتهم على توحيد أو حتى التنسيق بينهم حول مطالب شعبنا.
الانيميا الفكرية:
----------
الإنيميا هو مرض فقر الدم الذي يصيب كريات الدم الحمر ويسبب إلى تكسرها وإنحلالها في جسم الإنسان ويكثر إنتشاره في البيئة غير الصحية وسؤء التغذية وفي المجتمعات الفقيرة. والأنيميا الفكرية (مجازا) هو مرض يصيب العقول البشرية ويعجز عن إدراك الحقائق الموضوعية بشكل كامل أو صحيح ضمن بيئة فكرية سيئة وملوثة بأفكار ومطامح بعيدة عن المجتمع ولا تمثله. هكذا الحال مع أحزابنا السياسية وقوائمها الإنتخابية فهي الأخرى أصابت بهذا المرض بسب الظروف السيئة والمرضية التي سببها فايروس الكرسي. ففايروس الكرسي ومن خلال مرض ألانيميا الفكرية ضرب وبقوة على أحزابنا السياسية وقوائمنا الإنتخابية وأصابهم في عجز إدراكهم أو رؤيتهم للمصلحة القومية الجامعة لكل أبناء شعبنا والمصير الذي آل إليه والتحديات المميتة التي أكتنفت هذا المصير المنطلق عبر نفق مظلم لا ضوء في نهايته. فالمصلحة القومية الأسمى لا تتمثل في معارضة القوانين المجحفة بحق أمتنا أو هدم دار متجاوز على أراضي قرانا أو إدانة لجرم أرتكب بحق أحد أبناء أمتنا أو عائلته، بل المصلحة القومية الحقيقة تتمثل في أول الأمر وقبل كل شيء في معرفة الواقع المأساوي والتحديات المميتة التي تواجهها أمتنا في الوطن وتضعه على حافة الزوال من أرضها التاريخية ومن ثم محالة إيجاد السبل للتخفيف من شدة هذا المرض الخطير والمميت. أنه لأمر مأساوي عندما نرى بعض قادة أحزابنا وتنظيماتنا يؤكدون بأن نشاطهم وسلوكهم السياسي، كتعدد القوائم الإنتخابية وتبرير موقع رقم (1) في القائمة، هو ضمن السياق السياسي العام للأحزاب السياسية العراقية وحالهم كحال هذه الأحزاب غير مدركين بأن مصير العرب بشيعتهم وسنيتهم والكورد ببارزانيتهم وطلبانيتاهم والتركمان بسنتهم وشيعتهم هو غير مصير أمتنا في العراق. فمهما كانت المأساة والفواجع التي تنهال على هؤلاء المكونات فأنها لا تهدد مصيرهم وتقلعهم من أرضهم كما هو الحال مع أمتنا. فإختلاف التحديات تختلف بإختلاف المصير. فثلاثة أرباع شعبنا هاجر الوطن هي حالة يجب أن تضع بنظر إعتبار الأول لأحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية الذين يعتقدون بأن جلوسهم على كرسي البرلمان أو الوزارة وإدانة هذا المجرم أو ذاك سيوقف تدهور الوضع القومي والديموغرافي لأمتنا في الوطن، غير مدركين بأنهم يهرولون في مكانهم وأنه بالمقابل شعبنا يطير وبسرعة هائلة في سماء المجهول ونحو الضياع والتلاشي. إذن فما:
الحل:
-----
لقد أثبت التاريخ القريب وسيثبت التاريخ القادم أيضا بأن كل الحلول لمأساة أمتنا السائرة نحو الإنقراض من الوطن ما هي إلا فقاعات في الهواء لا وزن لها. كما أثبت التاريخ المعاصر إثباتا قاطعاً بأن الحكومة العراقية سواء في المركز أو الإقليم لا تستيطع حماية شعبنا في العراق وتوفير المناخ الملائم للحيلولة دون إنكماشه وإختفاءه من الوطن ولم يعد هناك أي أمل في هذا المجال طالما الفكر الإقصائي هو أجندة المتسطلين على مقدرات البلاد مهما كانت "ديموقراطية" الإنتخابات التي ماهي إلا تبال الكراسي والأدوار، ومهما كانت تصريحاتهم "الحاتمية" في كون شعبنا شعب أصيل ويستوجب حمايته أو ضمان حقوقه. فضمن هذه الأجواء لم يبقى أمام أمتنا إلا الحماية الدولية لهم من هذه السياسات الإقصائية وعجز الحكومة على حماية شعبنا. من المؤسف أن أقول بأن بعض "العباقرة" من أبناء شعبنا الذين أصابوا بإصابات بالغة بمرض الأنيميا يقولون بأن الفواجع والمأساة تصيب كل مكونات الشعب العراقي وليست حصرا على المسيحيين. فإذا كان الأمر الواقعي هكذا، فأنه مع الأسف الشديد لا يدركون هؤلاء بأن حجم ونوعية وتأثير الفواجع والمأساة على غير المسيحيين تختلف كلياً عن التي يواجهها شعبنا المسيحي في العراق. أفهل التحديات التي يواجهها العرب أم الكورد أم التركمان قد أدت إلى تهجير ثلاثة أرباعهم وترك وطنهم كما هو الحال مع شعبنا؟ إذ من هذا الواقع الأليم ليس هناك علاج له إلا الحماية الدولية. ولكن من الملاحظ بأن هناك نوع من الترسبات الماضية للمرحلة الإستعمارية الكولونيالية التي أرتبطت الحماية الدولية بالوسائل العسكرية والتدخل العسكري. غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لطلب الحماية الدولية لشعبنا لأنه لا يتركز في بقعة معينة حتى يتم حمايته بالوسائل العسكرية بل يجب أن يتم بالوسائل السياسية والدبلوماسية والإقتصادية وبفرض وسائل ضغط تفرض على حكومة بغداد وأربيل للقيام بإجراءات الحماية وإلا ستتعرض إلى عقوبات سياسية ودبلوماسية وإقتصادية لا بل من الممكن أن تعرض أحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمناقشة مثل هذه الحماية وفرضها على العراق.
قد يبدو بأن مثل هذا الطرح فيه نوع من المثالية وقد يكون نظرياً مقبولا ولكن في الواقع الموضوعي وحقيقة الأمر المكتنفة بالظروف الفكرية والسياسية المحيطة بالعراق وتحديدا بشعبنا يجعله أمراً شبه مستحيل لا بل أقول مستيحلاً طالما فايروس الكرسي ضارب ضربته القوية في أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية... مثلما قلنا ألف وألف لعنة على داعش الإجرامي وأخواتها والفكر الإقصائي المغذي لها نقول أيضا ألف وألف لعنة على الكرسي اللعين الذي يمزق أمتنا إلى فتات صغيرة وصغيرة ويسهل تطايرها في الهواء نحو المهجر. وأخيراً، بينما كنت أناقش موضوع إستقالة "ممثلي" أمتنا من الهيئات البرلمانية والحكومية وتشكيل مجلس أعلى لشؤون "الكلدان السريان الآشوريون" مع أحد الأصدقاء، قال أليس هذا حلم من أحلامك الوردية؟ فقلت له نعم أنه حلم ولكن ليكن معلوماً أن الأحلام القومية لا يحققها إلا الأبطال القوميين... أفهل لنا أبطال قوميون؟؟