المحرر موضوع: ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية، ج4  (زيارة 8036 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل موفـق نيـسكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 362
  • الحقيقة هي بنت البحث وضرَّة العاطفة
    • مشاهدة الملف الشخصي
ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية، ج4
يتبع جز1، 2، 3

13: يقول: كنيسة وجدت قبل نسطور بزمن طويل وحددت كريستلوجيتها في مجمع لافاط 484م وساليق 486م.
الجواب: نكرر، من قال إن كنيسة المشرق ولدت مع نسطور؟، فكنيسة المشرق كانت تابعة لأنطاكية السريانية، وتبنت فيما بعد عقيدة نسطور وانفصلت وعاشت معزولة، والبطريرك ساكو يناقض نفسه ويؤكد ما أقوله أنا دائماً، إذ يقول: وحددت كريستلوجيتها في مجمع لافاط484م وساليق 486م، وهنا نسأل البطريرك: أين كانت كنيسة المشرق التي يدَّعي اكليروسها دائماً أنها مستقلة وقديمة..الخ، قبل سنة 484م أو 486، ومن هم لاهوتيّها؟.
إن تعابير كنيسة المشرق اللاهوتية عموماً إلى انفصلت عن أنطاكية وتبنَّت النسطورية هي سريانية أرثوذكسية، ومع هذا فأي انفصال أداري وعقائدي يأخذ زمناً معيناً لتستقر الكنيسة كما ذكرنا، لذلك فانفصال كنيسة المشرق عن أنطاكية إداريا وعقائدياً كان سنة 497م، واعتناقها المذهب النسطوري بصورة واضحة ومستقرة ورسمية كان في مجمع غريغور سنة 605م (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة، ج1 ص79)، وحتى في مجمع بابي 497م فقد تَحزَّب أسقفان للأرثوذكسية هما، فافا، بيث لافط زميل فليكسنوس المنبجي، وزيدد ريواردشير، فارس، وبقي كثيرون من الأساقفة أرثوذكس كأدي وبابا وبنيامين الآرامي وبرحذبشابا القردوي، إضافةً لكثير من الرهبان. (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص141)، وذكر شمعون الأرشمي في رسالته سنة 510م إن كثيراً من الأساقفة في عصره كانوا مناؤين لنسطور، منهم ثلاثة وثلاثون أسقفاً مع ملوكهم وعظمائهم في بلاد خراسان إضافة إلى أثنين وثلاثون أسقفاً من أرمينيا، وغيرهم، (المكتبة الشرقية 1719م، ج1 ص346، وبعدها)، وذكر ماروثا التكريتي في رسالته إلى البطريرك السرياني يوحنا أبي السدرات أن سبعة رهبان من المشرق توجَّهوا إلى أنطاكية فاقتبلوا الرسامة الكهنوتية وعادوا، وهؤلاء ذُكروا في سيرة يوحنا التلي +538م الذي رسمهم.

14: يقول: كنيسة المشرق تؤمن بشخص واحد وإسناد مذهب الشخصين أمر مضحك.
الجواب: الحقيقة هي العكس، فالقول إن كنيسة المشرق لا تؤمن بالازدواجية، هو أمر مضحك، وهذه الازدواجية الثنائية واضحة في الشخص والأقنوم والطبيعية والجوهر وكل شيء.

15: يقول: ينظر الآباء المشرقيون إلى المسيح ابن الله من خبرتهم الشخصية وليس نظرة فلسفية ما ورائية.
الجواب: هذا الكلام خطير، وغير مقبول من بطريرك إطلاقاً، ولا يقل عن هرطقة أو تبرير للهرطقة،، فالنظرة الشخصية ربما تكون لإنسان بسيط كفلاح أو راعي في فهم المسيح والتجسد والفداء، ولكن مهمة آباء الكنيسة التفسير اللاهوتي الدقيق للناس البسطاء، وبغير ذلك يصبح تفسير كل شخص للمسيح مقبول، فالإسلام أيضاً فهم المسيح من نظرة معينة.

16: يستشهد البطريرك بأفراهاط الفارسي، ومار أفرام السرياني وباباي الكبير +628م.
الجواب: أفراهاط ومار أفرام السرياني قبل نسطور، ومع ذلك فأفراهاط ليس لديه نظرة لاهوتية أصلاً، وحتى الثالوث والروح القدس لم يتبلور عنده بصورة واضحة، بل كانت كتاباته روحية، ونظرته عموماً هي، يهوه- مسيحية، كما يقول البطريرك ساكو نفسه (آباؤنا السريان، ص87-98)، أمَّا مار أفرام السرياني، فاسمه وحده يكفي لبيان عقيدته ولاهوته، ولو كانت كنيسة المشرق التزمت ما قاله مار أفرام، لما وصلت إلى ما وصلت إليه من انشقاق وضعف وعزلة..إلخ.
أمَّا بابي الكبير +628م، فلم يأتي بجديد، فهو يستند إلى تيودورس المصيصي ونسطور وخاصة كتاب هيرقليدس كما يقول البطريرك ساكو نفسه، وهو أشد المدافعين عن النسطرة باستعمال الكلمات والصيغ النسطورية (أخذ، سكن، هيكل، ثوب، انصياع،..الخ، فبابي يعتبر الله الكلمة اتخذ شخصهُ صورة خادم وشوهد كانسان، ولم يصبح إنسان بالأقنوم، بل صورة خادم، والآخذ والمأخوذ يتميزان، فهو واحد في الآخر، واحد في شخص الابن، ولو ليس بالطريقة نفسها، ويضيف: إننا لا نقول بوجود شخصين للابن ولا أقنومين للكلمة، فليس ليسوع الإنسان أقنومان، إننا نؤمن أنه في المسيح أقنومين، لا أقنوماً مركباً كما يقول الأشرار، ويرفض بشكل قاطع أن تكون مريم والدة الله. (آباؤنا السريان، ص211-221)، فبابي يفصل أقنومي المسيح بشكل تام، ولاحظ كيف يستعمل كلمات ملتوية كعادة النساطرة، فيستعمل كلمة الله على الكلمة للدلالة على الإلوهية، وكلمة يسوع للدلالة على إنسانيته فقط، والمسيح للدلالة على إلوهيته المصاحبة أو الملتصقة بناسوته، وهذه هي مشكلة النسطرة، فيسوع الإنسان هو أقنوم، أي شخص، فرد، إنسان، مستقل، وهذا أمر طبيعي، أمَّا المسيح فيختلف عن يسوع، فالمسيح هو أقنومان مستقلان تماماً، أحدهما أقنوم الإنسان المحض يسوع، والآخر أقنوم الكلمة الإلهي. (ملاحظة كلمة الأشرار يقصد بها كل المسيحيين، الكاثوليك والأرثوذكس، لأن كليهما يؤمن أن المسيح أقنوم واحد، ولكن فرقهما عن طبيعتي الأقنوم الواحد). (راجع أكثر عنه في كتاب الاتحاد. ويوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية- الأثورية، ص129-132. وألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية، ص195-200).

17:يقول: إنه يستشهد بشهادات لاهوتيين سريان أرثوذكس.
الجواب: الشيء الوحيد والجيد والمهم والمثير في مقال البطريرك ساكو هو أنه يقارن دائماً السريان الأرثوذكس كما مرَّ بنا، ومنها استشهاده بالسريان الأرثوذكس فقط، من دون كل كنائس العالم، بما فيه كنيسة روما التي ينتمي لها، وهذا يعني أن السريان الأرثوذكس فقط هم من يحدد الإيمان الصحيح ومن هو هرطوقي ومن هو غير هرطوقي.
 
ا: يستشهد: علي بن داود الأرفادي من القرن الحادي عشر.
الجواب: مع أنه ليس أمراً مستحيلاً أن يتبنى شخص معين من السريان الأرثوكس الهرطقة النسطورية، مثل ما يتبناها البطريرك ساكو، ولكن للأسف كلام البطريرك ساكو واستشهاده خطأ، ولم يكن يُتصوَّر أن البطريرك ساكو يقع بهذا الخطأ، وهو من يعتبر نفسه رجل تاريخ، فعلي بن داود الأرفادي ليس سريانياً أرثوذكسياً، بل نسطورياً، وما كان الأمر يحتاج للبحث والتدقيق لمعرفة من هو علي بن داود، فقراءة سريعة لأسلوبه واسم كتابه تبين أنه نسطوري، ونختصر القول: لا يوجد هذا الاسم في الأدب السرياني ولا العربي، وعلي الأرفادي هو: إيليا بن عبيد الجوهري مطران دمشق النسطوري، والمقالة اسمها "اجتماع الأمانة بين السريان والملكية والنساطرة" (الأصول العربية للدراسات السريانية، رقم 50) ومقالته التي استشهد بها البطريرك ساكو من مصدر فرنسي موجودة باختصار عند ابن العسال، ج1، ص187، باسم إيليا الجوهري، وهذا الأمر مذكور حتى عند صاحب المقالة التي استشهد بها البطريرك ساكو في نسختها الفرنسية الأصلية لسنة 1969م، ونُشرت مرة أخرى سنة 2015م.
 
ب: يستشهد، العلامة ابن العبري، ويدَّعي أنه قال: النساطرة واليعاقبة يتقاتلون فقط لتسمية الاتحاد، ولكن تعليمهم عن الثالوث والحفاظ على الطبيعتين من دون خلط واحد.
الجواب: للأسف ما قاله البطريرك غير صحيح أيضاً، فابن العبري لم يذكر النساطرة، ولا اليعاقبة، بل كان يرد عموماً على الحلقيدونيين، وغير المسيحيين، وما قاله ابن العبري حرفياً هو:
ألجأتني الضرورة أن أجادل ذوي المعتقدات المخالفة من مسيحيين وغرباء، مجادلات مبنية على القياس والمنطق والاعتراضات، وبعد دراستي الموضوع مدة كافية وتأملي، تأكد لدي أن خصام المسيحيين مع بعضهم لا يستند إلى حقيقة، بل إلى ألفاظ واصطلاحات، إذ جميعهم يؤمنون أن سيدنا المسيح هو إله تام وإنسان تام، بدون اختلاط الطبيعتين وامتزجهما ولا بلبلتهما، أمَّا نوع الاتحاد، فهذا يدعوه طبيعة، وذاك يسميه أقنوماً، والآخر شخصاً، وإذ رأيت الشعوب المسيحية رغم اختلافهما ظاهرياً، فهي متفقة لا يشوبها تغير، لذلك استأصلتُ البغضاء من قلبي وأهملت الجدال العقائدي مع الناس. (ابن العبري، الحمامة، ص135-136)، فأين هم النساطرة يا بطريرك ساكو؟. فابن العبري عندما يرد على أصحاب الطبيعتين، يُفرِّق بين الخلقيدونيين والنساطرة. (منارة الأقداس، ص303، 308).   
أمَّا ما قاله أبن العبري بخصوص النساطرة بالذات، وبوضوح: فهم هراطقة ومنبوذين وسخفاء، وشبههم بالفريسيين، ويجب الرد عليهم الصاع صاعين، حيث يقول:
إن نسطور عكَّرَ صفو الكنيسة، مخلفاً ورائه انشقاقاً غير قابل للاتحاد بين الشرقيين والغربيين، ومع أنه قال نهاية حياته بعد الضغوط عليه في المنفى إن مريم والدة الله، لكن قوله لم يكن عن إيمان، وفيلكسنوس المنبجي عرّى وطرد النساطرة من الرها بعدما كشف مرضهم بعقيدة ثاورورس وديودورس، وكنيسة المشرق حرمت الجاثليق معنا لأنه كان يُلقن التعاليم النسطورية (لأن كنيسة المشرق لم تكن قد انفصلت بعد عن أنطاكية)، ومعنا وبرصوم النصيبيني ونرساي كانوا يُنادون بالهرطقة النسطورية، وبرصوم النصيبيني الذي بالاتفاق مع الفرس هاجم الغربيين (السريان الأرثوذكس) وقام بمذابح مروعة ضدهم وقتل 7700 منهم من بينهم 12 راهباً وتسعين كاهناً، وعندما أراد التوجه إلى أرمينيا لقتلهم أيضاً، هدده الأرمن، فتراجع، فنجا الأرمن من الهراطقة وعبودية الفرس، وعندما سأل الأساقفة الغربيون الجاثليق الشرقي آقاق عن هرطقة نسطور أنكر ذلك، كونه يعرفه أو يعرف هرطقته، وقد قام شمعون الأرشمي بجمع تواقيع السريان واليونان والأرمن النابذين لعقيدة نسطور، وقدمَّها للملك، فصادق عليها، وجبرائيل السنجاري كان عدواً قاسياً يفضح رؤساء  كهنتهم، والكاهن السرياني الأرثوذكسي فافا أفحم جاثليق النساطرة يشوع برنون وأقنعه أن أم مريم العذراء هي والدة الله، فاقتنع الجاثليق لكنه ضجر، فأنهى فافا النقاش، وكسرى أنوشروان سال الجاثليق آبا: كم الشعوب الذين يُلقِّبون مريم والدة والله وكم الذين يرفضون ذلك ويقبلون نسطور، فأفُحم الجاثليق لأنه لم يقدر أن يكذب لأن الحقيقة تدينه، وعندما أحرجه كسرى أجاب: سائر الشعوب تقول العبارة وتقبل كيرلس باستثنائنا، فنحن وحدنا لا نقبلها ونقبل نسطور، فزجره الملك وقال: هل جميع الشعوب تكذب وأنتم صادقين، الحق يُقال إنكم بعيدون عن المسيحية بإيمانكم وأفعالكم، فكيف يساكن الجاثليق امرأة عندكم، وعندكم تعدد زوجات، وكيف تقولون مريم والمسيح كذا وكذا..إلخ؟، فأجاب الجاثليق، لكن كسرى قال له: كل أجوبتك باطلة وتافهة، وأنصحك أيها الأب الجاثليق أن تتراجع عن رأيك وتتبع بقية الشعوب المسيحية فتحظى باحترامنا واحترامهم، فلم يقتنع الجاثليق، فنفاه إلى أذربيجان، والخليفة المهدي سال بطريرك روم كان مسجوناً عنده في أمر النساطرة، فأجابه: النساطرة من وجهة نظرنا ليسوا مسيحيين، وإذا تواجد أحدهم في مناطقنا، لا يُسمح له الدخول في كنائسنا، والحقُّ يُقال: إنهم أقرب إلى المسلمين منا. (ابن العبري، تاريخ البطاركة، ص29، المفارنة ص12-24، 38، 41). ونتمنى من البطريرك ساكو الالتزام بقول ابن العبري إن كنيسة المشرق خاضعة لأنطاكية في زمن نسطور ومعنا.

وفي رده على النساطرة أيضاً يقول ابن العبري: إن الاتحاد بالإرادة هو استعاري، لا فعلي، ويؤدي إلى الاعتقاد بابنين، كما شهد علامة النساطرة مار نرساي بميمره الذي مطلعه، مبارك الذي حلَّ، وأبطل، إذا قال: بالاسم دعاهما واحداً بالوجود، ولا ينسى القارئ الفروق الواضحة، وبهذا الشرط دعوتُ أنا الاثنان جسداً واحداً، ابن الله وابن الإنسان، شخص واحد.
فيرد ابن العبري: واضح أن الملافنة القديسين لم يُسلموا لنا أن الاتحاد بالاسم، ولم يُنادوا بابنين، ولذا يجب التعجب من هذا المفسر كيف يقول إن الاتحاد هو بالاسم فقط وبالحب، فهو بميمره يُنادي ويذيع عن اتحاد الطبيعة، إنه كيان المحجوب والجسد المأخوذ منا واحد، لا باختلاط المحجوب بالظاهر.
إننا نقول إن الإله واحد، والأقانيم ثلاثة، لا واحد، والسؤال المُضل الذي وجههُ إيليا جاثليق النساطرة لأغناطيوس أسقف الجزيرة بقوله: هل للنصارى إله آخر غير الذي ولدتهُ مريم؟، فلم يجبه الأسقف خوفاً من سقوطه بالشرك بتعدد الآلهة، وكان الأجدى أن يسال الجاثليق: هل للنصارى إله آب غير الآب الحقيقي، أم لا؟، فإذا وُجد، يحدث تعدد آلهة، وإذا لم يوجد، يكون أقنوم الله واحد كما أن طبيعته واحدة.
 وهذا السؤال السخيف يلتزم سؤلاً آخر سخيفاً ينقضه، لأننا نكيل الصاع صاعين، كما تعلمنا من ربنا حيث أبطل سؤال الفريسيين له بإبطال معمودية يوحنا.
نحن نعترف وندعو العذراء والدة الإنسان، ووالدة المسيح، ووالدة الله، معاً، لأن هذه الأسماء الثلاثة تُشير إلى مخلصنا، ولاسيما ندعوها والدة الله، لأن هذه التسمية هي الأفضل والأشرف كما سلمها لنا آباؤنا القديسين، أمَّا انتم فإذا حسن لكم أن تدعوها بالصفة الوضعية أو المتوسطة، فما لنا ولكم. (ابن العبري، منارة الأقداس، ص312، 330)، وغيرها.

وأخيراً يعتبر ابن العبري أن نسطور والنسطرة، وصمة عار، فيقول: لقد طلب جبرائيل بن بختيشوع في عهد الخليفة هارون الرشيد نقل عظام نسطور من مصر إلى بغداد حين أخبره أحد النساطرة الذي زار مصر أن اليعاقبة (أي الأرثوذكس الأقباط) يسخرون من نسطور ويرجمون قبره، ويقولون إن المطر لا ينزل عليه، فاستشاط جبرائيل سخطاً وحصل من الخليفة على كتاب إلى صاحب مصر يوصيه بنقل عظام نسطور في صندوق لتُدفن في كنيسة كوخي الكبرى (مقر جثالقة النساطرة، في المدائن)، فاستدرك الأمر راهب نسطوري (ليزيل العار عن ملته)، وقال إن أحد القديسين ظهر له في المنام وأخبره أن ذلك القبر ليس لنسطور، فأهمل جبرائيل الأمر. (ابن العبري، تاريخ الزمان، ص18).
يتبع ج5
وشكراً موفق نيسكو