المحرر موضوع: لو كنا معهم لهتفنا معهم....!  (زيارة 647 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حنا ميخائيل سلامة نعمان

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 4
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لو كنا معهم لهتفنا معهم....!
بقلم: حنا ميخائيل سلامة نـُعمان
    لو كُنَّا مَعَهم لهتفنا مَعَهم: "هوشعنا تبارك الآتي بإسم الرب، هوشعنا لإبن داود!"
لو كُنَّا مَعَهم لهتفنا مَعَهم: هلُمُّوا هذا هُوَ مَن أعْلنَ النبي زكريا قبل ستمائة عام عن قُدومهِ وتنبَّأ بدخوله المهيب إلى المدينة المقدسة قائلاً "هُوذا مَلِكُكِ قادماً إليكِ وديعاً..". وفي الحقِّ أنَّ مَملكة المسيح وكما قال: "ليست من هذا العالَم"!
لو كُنَّا مَعَهم في موكبِ إتمامِ مشروع خلاص النفوس والفداء.. لحملنا معهم إبتهاجاً أغصان الزيتون رمز السلام، وَسَعَف النَّخل رمزَ الظفر والنصر!
لو كُنَّا معهم لفرشنا أثوابنا الخارجية وألقيناها على الأرض حيث مررت أيُّها المُخلص - كما فعلوا- إجلالاً وتكريماً وطاعةً!
لو كُنَّا معهم لتسَاءَلنا كما تَسَاءَل بعضهم :"مَن هذا الذي ضَجَّت المدينةُ بقدومه؟" فقد ارتَجَّت المدينة المقدسة حين دخولك إليها، وخرج الناس والقادمون إليها ليُقيموا فِصْحَهم بعد أيام.. تذكاراً لعبورهم من أرض العبودية إلى أرض الميعاد، وقد تعامت أبصارهم عن إدراك أنك أنت الحَمَل الفِصْحُي وذبيحة الفِداء لخلاص النفوس!
هي أيام قليلة فَصَلَتْ، فإذا بالمواقف على عَجَلٍ تنقلِب وتتغير، والهتافات تتبدل، والأناشيد تنقلب إلى صَرَخاتٍ أمام بيلاطس ورؤساء الكهنة وعُظماء الشعب أنْ: "إصلِبُه، إصلِبُه!"
لو كُنَّا مَعَهم لآثَرْنا الإستراحة والنوم - كما نفعل  الآن- عِوَضاً عن  إغتنام الفرصة والسهر معك للصلاة في بستان الزيتون!
لو كُنَّا معهم لحَمَلنا المشاعل معهم صوب بستان الزيتون مع يهوذا الخائن لنَدُلَّهُم عليك يا منارة التائهين!
لو كُنَّا معهم لسقطت الأقنعة عن وجوهنا - كما يتمثَّلُ الآن - فأمام أصحاب القوة والنفوذ والجاه والمال  ثمَّة مَن يتجاهل أنه يعرفك فيُسارع إلى نُكرانك ويُغمض عينه عن وصاياك وتعاليمك.. وأنتَ وحدك : "الطريق والحق والحياة"!
لو كُنَّا مَعَهم لانْفَضَضْنا وتوارينا حين مَسْمَروك ثم رفعوك على خشبة بين الأرض والسماء!
هي إذاً، هُتافات التمجيد والتسبيح في يوم دخولك البهي إلى المدينة المقدسة نراها وقد انقلبت لصرخات تطلبُ تعليقك على خشبة الصليب، وأنتَ أنتَ مَن أقام الموتى وشفى المرضى وسكَّنَ البحر الهائج  والعواصف العاتية ومَشى على المياه، بل وجعل بطرس -الصخرةَ - يمشي أيضاً، وحوَّل الماء إلى عصير الكرمة وأطعم الآلاف وأخرج السمك الكثير وعجائب من ألوانٍ مختلفة  يعجز العقل والعلم عن مجرد التفكير كيف حدثت.. هذا إلى جانب ولادتك العجائبية وما تلى من حوادث وأحداث!
ويبقى السؤال: تُرانا لو كنا معهم أنذرف الدمع عما اقترفناه بحقِّك -كما إخَالهم ذّرّفوا- بعدَ صَلبك، حين عاينوا مجدك وسُلطانك ساعةَ غَضِبت الطبيعة، وحلّ ظلامٌ على المسكونة كلها، وتتزلزلت الأرض، وتشققت الصخور، وانشق حجاب الهيكل ليفتح الطريق لعهد جديد عهد الملكوت الأبدي،  وتفتحت في الوقت نفسه القبور وقامت اجساد قديسين وراقدين أمام إنبهار أهل المدينة والقادمين إليها ودهشتهم.. وتوَّجت ذلك كله بقيامتك وَهَزْمِك لشوكة الموت؟
أحْسَبُ والصورة نفسها تتكرر أمام أبصارنا أن التبدل والتَّلون وتغيير المواقف لا يزالُ سِمة مِن سِماتنا بعد أن تحجرت القلوب فجفت معها مآقي العُيون.. بلى، لو كنا معهم لهتفنا معهم!
حنا ميخائيل سلامة نُعمان
كاتب وباحث أردني
Hanna_salameh@yahoo.com