المحرر موضوع: جشع آدم  (زيارة 924 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوزيف إبراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 79
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
جشع آدم
« في: 19:04 05/04/2018 »
جشع آدم
يُفيدنا الكتاب المقدس أن الله جبل آدم من التراب، ونفخ فيه نسمة الحياة، فرح آدم بالصورة التي جُبل عليها، و انتابه الغرور بعد أن أعُطي حرية التنعم بخيرات الفردوس من قبل خالقه ، لكن تلك الحرية لم تكن كافية لاستمرارية سعادة آدم، إذ كان يشعر بوحدة شديدة وابتدأ يشعر بالحزن و الكآبة، فأوجد الله الحل المناسب لمعضلته إذ أدخله في سبات مؤقت، وأخذ ضلعاً من ضلوعه وخلق منه إمرأة جميلة ثم دفعها إليه قائلاً : هذه لحماً من لحمك و ضلعاً من أضلاعك و ستكون لك مُعيناً نظيراً، تمتعا بخيرات الفردوس و لكن نصيحتي لكما أنتما الاثنان ،أن لا تأكلا من شجرة معرفة الخير و الشر التي في وسط الفردوس، لأنكم إن أكلتما منها موتاً تموتان.
لم يُصدق آدم عينيه حينما شاهد جمال حواء، و شكر ربه على هذه العطية المجانية، و وعده بأن يكون عند حسن ظنه، لكن الاثنان لم يحفظا وعدهما وكان حب الفضول لديهما قوياً فوقعا في فخ إبليس. تفوقت حواء على الجسد الذي أُخذت منه، و استطاعت إغواء آدم و إقناعه كي يأكل من ثمر الشجرة المحظورة، وكان لها ما أرادت إذ وقع الاثنان في الخطيئة حين كسرا وصية خالقهما، فطُردا من الفردوس.
إن الحياة الجديدة لم تكن سيئة بالنسبة لهما رغم صعوبتها، وقد أعجبتهما رغم خسارتهما للفردوس فهم الآن بعيدان عن الإله الذي كان يُشاركهما ويتحكم بهما وبحريتهما.
بعد زمن طويل وبينما كان الاثنان يتمشيان في إحدى الحدائق ، فاجئهم ملاك مُرسل من الله مُتمثلاً بهيئة البشر، ذُهل آدم عندما شاهد رجُلاً آخر شبيهاً له يُشاركه أرضه، فصرخ في وجهه قائلاً : من أنت وماذا تفعل هنا ؟ أجابه الملاك هذه أملاكي وعليك بالابتعاد منها، تذكر آدم كلام ربه ووعده له فرد وهو ممسكاً بعنق الملاك : لا بل كل هذه الأرض هي لي و هي ملكي، و الله وهبها لي وحدي.
كانت حواء تُراقب الاثنان عن كثب، اشتد الصُراخ واحتدم الموقف بين الاثنان وكانا متساويان في القوة، فأقترح الملاك قائلا : يا آدم دعنا نتصالح من حيث النقطة التي التقينا فيها ونجعلها حداً فاصلاً بيننا ولمملكتينا مستقبلاً، خذ أنت وإ مرأتك الجزء الذي أتيتم منه وأنا سأخذ الجزء الآخر، لم يعجب آدم بالحل وتمسك بموقفه رافضاً اقتراح الملاك، فتشابك الطرفان مُجدداً و بعد دقائق معدودة فاز الملاك، فقرر آدم مُكرهاً القبول بالحل، ومُقنعاً نفسه بالانتقام من خصمه مُستقبلاً والتخلص منه نهائياً حينما تسنح له الفرصة المناسبة ، وكان يُجاهد بنفس الوقت مُستخدماً الحيلة والخداع لزيادة مساحة مملكته ولو لمسافة خطوة واحدة.
كشف الملاك حقيقة أمره وقال له : ما الفرق بين الخط الذي وضعته وبين خطك ؟ متى ستشبع وتقتنع بما لديك ؟ ألا تكفيك النعمة التي وهبها لك خالقك من سمع ،رؤية ، صحة وعافية جسدك وقربك من خالقك ؟ لم يكترث آدم بأسئلة الملاك وبتوبيخه ، بل فرح جداً عندما علم أن خصمه هو مجرد روح بلا جسد، ثم عاد إلى جشعه السابق وحب تملكه وتسلطه المنفرد !!!
بقلم جوزيف إبراهيم . في /5/4/2018/