المحرر موضوع: أول قداس ألهي أقامه يسوع لتلميذي عماوس بعد القيامة  (زيارة 918 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1201
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
أول قداس ألهي أقامه يسوع لتلميذي عماوس بعد القيامة
بقلم/ وردا أسحاق عيسى
 
http://www.m5zn.com/newuploads/2018/03/23/jpg//m5zn_888e40ffc4d0652.jpg

القداس الألهي الذي يقام في كل كنائس العالم اليوم أسسه الرب يسوع في علية صهيون بعد أن بيّنَ لتلاميذه الأثني عشر كلمته الألهية ، أخذ رغيفاً وبارك ، وكسرً ، وأعطى لتلاميذه ، وقال ( خذوا ، كلوا : هذا هو جسدي ! ) . ثم أخذ الكأس ، وشكر ، وأعطاهم ، قائلاً ( أشربوا منها كلكم ، فإن هذا هو دمي الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا ) " مت 26:26-27" .
وهكذا أسس الرب يسوع هذا السر العظيم وأمر المؤمنين بتكراره ، فقال ( أعملوا هذا لذكري ) . لهذا تقام الذبائح الإلهية في العالم أجمع ، وفي اليوم التالي من خميس الفصح قدّمَ ذاته طوعاً على الصليب لكي يعطي جسده ودمه فدية عن خطايا البشر في العالم كله .
بعد ثلاثة أيام ورغم إخبار التلاميذ من قبل النسوة بخبر قيامة المسيح من بين الأموات ، ترك تلميذي عماوس ( وهم من التلاميذ السبعين ) أورشليم متجهين إلى قريتهم عماوس التي تبعد نحو سبعة أميال من أورشليم فأصبحت أورشليم خلف الظهر ، وهذا يعني الأبتعاد عن مركز الهدف ، والسبب يعود إلى ضعف الأيمان فقطعوا الأمل بسيدهم . أجل غادرا أورشليم مدينة الخلاص والفداء ليعودوا إلى قريتهما ، أي إلى وضعهما السابق الذي كانوا به قبل لقائهم وأيمانهم بالمسيح . فقدوا الأمل بالخلاص والفداء ( لو 21:24 ) .
إن عمل أسرار الكنيسة يمكن تصورها على مثال عمل المسيح مع هذين التلميذين ، ومن هذه الرواية نستطيع أن نستلخص العناصر الهامة التي تتضمنها الأسرار . بالأسرار نلتقي مع المسيح ليفسر لنا نحن أيضاً أحداث حياته ويساعدنا في العيش في ضوء حياته وموته وقيامته . كما أن هذه الأسرار تأتي من الله . فالمسيح الإله هو الذي جاء إلى التلميذين وسألهما ، وفسر لهم الكتب ، وكسر لهم الخبز ليتناولا ، وهو الذي فتح بصيرتهما ليعرفاه . التلميذان لم يعرفاه عندما تراءى لهما ، بل عرفاه عند كسر الخبز . فلكي نقتدي بالتميذين لأجل اللقاء مع الرب ، هو أن نصغي نحن أيضاً إلى كلام الله ونسلم ذواتنا له ، ومن ثم الأنفتاح على عمله والتماس حضوره فينا فاتحين له قلوبنا كما فعلوا ( فألحا عليه قائلين ، أقم معنا ... فأستلما سر الأفخارستيا ) .
 وهكذا خارج أورشليم ألتقى المسيح مع الرجل الحبشي عندما أرسل يسوع وبقوة الروح القدس فيلبس نائباً عنه لكي يلتقي به وكما ألتقى هو بالتلميذين ( أع 26:8 -27 ) فعندما نال الحبشي سر المعمودية أختفى فيلبس كما أختفى المسيح عن تلميذي عماوس .
كذلك خارج أورشليم ألتقى الرب مع شاول الطرسوسي وقاده إلى من ينيب عنه ليعمده وهو حنانيا في دمشق ( أع 9: 1-9 ) وبعد نوال بولس سر المعمودية ولد ولادة جديدة وتغيرت حياته لكي يعود إلى أورشليم كتلميذي عماوس بعد أن تغيرت حياته .
كذلك يعمل يسوع القائم والمنتصر معنا في الداخل لكي يغيّر نظرتنا ويميل أفكارنا لكي يساعدنا على أكتشاف ما لم ندركه . كل أسرار الكنيسة المقدسة لها فاعلية تكمن في تقريبنا من الرب يسوع ، ليس فقط لأنه هو يحبنا ، بل أولاً لأننا نحن نريد أن نقترب منه ونلتقي به .
تلميذي عماوس كانوا يسيرون في الطريق المدبر لأورشليم لوحدهم لضعف أيمانهم وهما يجران ورائهما أذيال الفشل بسبب خيبة الأمل بأقوال سيدهم لهم قبل الصلب ، عائدين إلى قريتهما كالذين يعودون من المعارك الخاسرة لأيمانهم بأن الرب الذي آمنوا به قد رقد في القبر فأنقطع الرجاء ، فمات الأيمان في القلب وأندثر . لكن سرعان ما يظهر لهم رجل غريب ، بل يتظاهر أنه غريب لكي يرافقهم في مسيرتهم وتظاهر بشكل عجيب وكأنه لا يعلم بما حدث في أورشليم ! هذا الغريب أقام لهم أول قداس ألهي بعد القيامة ، أنه الرب يسوع .
فإذا أردنا التعرف على مراحل القداس الذي نمارسه اليوم ، فنقول ، القداس يتكون من ثلاث مراحل ، وهي : المرحلة الأولى ، مرحلة القراءات والوعظ ، والتي تأخذ الجزء الأول للقداس . وتليها المرحلة الثانية ، مرحلة أعلان الأيمان . ومن ثم الدخول الى المرحلة الثالثة والأخيرة وهي الأفخارستيا ، لتناول جسد الرب . نلاحظ بأن هذه المراحل قد تمت فعلاً بحضور الرب نفسه وكان التلميذان ( كليوباس ) وصديقه ملتزمين الصمت يصغيان بدقة الى القراءات الكتابية التي كان يقرأها لهم الرب ، فبدأ بالعهد القديم الذي تنبأ بتجسد وصلب وموت المسيح ، ومن ثم العهد الجديد وكيف تمت النبؤات ، وبعدها الوعظ حيث فسر لهما كل سر.
أما المرحلة الثانية فهي ، عندما ، أقتربا من قريتهما فتظاهر المسيح بأنه ذاهب إلى مكان أبعد ، لكن بسبب أيمانهم بكلامه أثناء الطريق قرروا أن لا يفارقهما ، بل أن يدخل لينزل عندهما ، وهذا بمثابة الأعتراف بما سمعوه منه ، أو أعلان أيمانهم له لهذا لا يرغبون الفراق ، أنه أعلان أيمانهم بكل ما قاله لهم ، لهذا أرادوا أن يبقى معهم ففتحوا باب بيتهم وقلبهم لكي يدخل ويتعشى معهم ، وبهذا يطبقون طلبه في " رؤ 20:3 " ( هاآنذا واقف على الباب أقرعه ، فإن سمع أحد صوتي وفتح ، دخلت إليه لأتعشى على قرب منه ، وهو على قرب مني ) .
أما المرحلة الثالثة والأخيرة من القداس ، دخل لينزل عندهما وحسب أيمانهما ، بل ليدخل معهم إلى مرحلة الأفخارستيا . فأخذ الخبز ، وبارك ، وكسر ، وأعطاهما ، وكأنه يقول لهما بعد أن أعطاهم الخبز ( خذوا ، كلوا ، هذا هو جسدي ! ) وفي هذه المرحلة أنفتحت أعينهما وعرفاه ، لأن جسد الرب الذي هو العشاء الحقيقي صار بأيديهم ، فأنفتحت أعينهم لكي يؤمنوا بأن رب المجد ليس في القبر ، بل معهم لأنه قام من بين الأموات.   
إذاً عليهم العودة إلى أورشليم مركز الأيمان وبعد أن أستلموا من المسيح جسده المبارك الذي قدمه لهم بيديه المباركتين . بواسطة مادة الخبزالمبارك برز الأيمان الحقيقي فيهم وأستوطن المسيح في قلوبهم التائقة لعيش النعمة الألهية .
وهكذا أنتهى القداس الألهي وتحولت خيبتهم الى فرح وهيبة وقوة وأندفاع وحماس ، لأن يسوع القائم شق بنوره ظلمة قلوبهم وزرع فيهم الرجاء فقرروا في الحال العودة إلى أورشليم لكي يخبروا الرسل بلقائهم مع الرب وسماعهم لكلمته المقدسة ، وتناولهم للخبز الذي قدسه وباركه ومن ثم قدم لهما . هكذا نحن أيضاً يجب أن لا نفقد الأمل في طريق حياتنا بالمخلص بسبب التجارب والضيقات والأمراض وغيرها ، بل لنرى بعيون الأيمان المسيح الذي يرافقنا ونشعر بخطواته لكي تحترق قلوبنا في صدورنا كتلميذي عماوس فنعيش مع المسيح السائر معنا في الطريق المؤدي إلى الملكوت لأننا نحن أيضاً لا نستطيع أن نراه إلا إذا صمتنا لكي نسمع إلى صوته الصادر من أعماقنا فتتحول خيبتنا نحن أيضاً إلى هيبة فيضرم فينا نار الخلاص . إذاً على كل مؤمن أن يفتح للمسيح باب قلبه ويصغي لصوته كتلميذي عماوس وهو واقف على الباب يقرع لكي نفتح له فيدخل . وبعهدها يعطي الوعد في السماء للذين يطلبونه بإيمان ، لهذا قال ( من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه ) " رؤ 21:3" .
 وهكذا ستصل وعود الرب لتلاميذه في العشاء الأخير إلى كل مؤمن لكي يتعشى معه في ملكوته وحسب قوله ( وأنا أعين لكم ، كما عين لي أبي ملكوتاً ، لكي تأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ) " لو 29:22" .
 هكذا الغالب سيجلس على عرش المسيح المنتصر ويشترك في ملكوته . ومن هم الذين سيغلبون هذا العالم ويلتقون بالمسيح غير المؤمنين به بأنه هو أبن الله ( طالع 1 يو 4:5-5) ويعملون بوصاياه ، هم الذين يلتقون به ، لا في طريق عماوس ، بل في ملكوته الأبدي .
ولربنا القائم من بين الأموات المجد كل المجد