المحرر موضوع: قراءة تأريخية في مصرع الملك غازي  (زيارة 1340 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عباس الخفاجي

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بقلم : عباس الخفاجي
تسعة وسبعون عاما مرت على حادث ( أغتيال – قتل – وفاة ) ملك العراق غازي بن فيصل في ليلة 3/4 نيسان 1939 ، ولا زال الغموض يكتنف تلك الحادثة بالرغم من كشف النقاب عن الكثير من الاحداث التي تؤكد بدون أي شك أن الحادث مدبر وأن هناك عقول خططت له في دهاليز السياسة البريطانية وتم تنفيذه بأياد عراقية من داخل فصر الزهور.
ومن خلال مطالعاتي حول هذا الموضوع المثير ، سجلت عدة ملاحظات وددت في عرضها دون التعليق عليها ، وسوف أترك للقارىء الكريم الربط الجدلي بين هذه الاحداث والملاحظات وأستخلاص الرأي المناسب بصدد هذه الحادثة التي هزت العراق من شماله الى جنوبه .

مدخل :
الملك غازي ، هو غازي بن فيصل الأول بن حسين بن علي الهاشمي ( 12 آذار 1912 - 4 نيسان 1939) ثاني ملوك المملكة العراقية حكم من (8 أيلول 1933) ولغاية وفاته في (4 نيسان 1939).
و هو الأبن الرابع للملك فيصل الأول من زوجته حزيمة بنت ناصر. ولد في مكة وعاش في كنف جده حسين بن علي شريف مكة قائد الثورة العربية والمنادي لاستقلال العرب من الأتراك العثمانيين ومنادياً بعودة الخلافة للعرب.
في يوم 18 أيلول 1933، أعلنت خطوبته وعقد قرانه على ابنة عمه عالية بنت علي بن حسين بن علي الهاشمي، وفي مساء يوم 25 كانون الثاني 1934 تم الزفاف ، ورزق بإبنه الوحيد فيصل الثاني يوم 2 أيار 1935.
تعلم غازي القراءة والكتابة عندما ارسله الشريف حسين جده في الحجاز إلى قرية رحاب مع ابن عمه عبد الاله وبعد ان نوقشت مواد القانون الاساسي وتم تعيين غازي وليا للعرش عام 1924 وكان عمره حينذاك 12 عاما فقط.
 سافر غازي إلى العراق وهناك لاحظ الملك فيصل ضعف الملك غازي وعدم تناسق جسمه مع عمره كذلك ضعف معلوماته وقابلياته الفكرية فتشاور مع وزير المعارف ساطع الحصري وطمانه ساطع الحصري ان ضعف غازي ناجم عن عدم تلقيه المعرفة والعلوم عندما كان في الحجاز لذلك اجتمع مجلس الوزراء وقرر تاليف لجنة تقوم باختيار أفضل المعلمين لتعليم غازي وفق منهج ووقت محدد وبعدها زار وزير المستعمرات ليوبولد ايمري ووزير الطيران البريطاني العراق وقد كان فيصل يعمد إلى احضار الامير غازي في جميع مقابلاته الرسمية ولقاءاته وقد لاحظ ليوبولد ضعف وقلة خبرة الامير غازي في مجال الاصول والحوار فاقترح على الملك فيصل ارساله إلى انكلترا وتم بالفعل إرسال غازي إلى انكلترا ونزل في بيت الاسقف جونسون واشارت التقارير التي رفعت من هناك عن تطور ملحوظ في القابليات الفكرية مقابل ضعف في القدرات الرياضية والميكانيكية وتم قبوله على هذا الاساس في كلية هارو واتم فيها اربع سنوات عاد بعدها إلى العراق في الأول من ايلول عام 1929.
التحق في دورة الكلية العسكرية الملكية العراقية الملك غازي باسم ( الشريف غازي بن فيصل ) وكانت الكلية في هذه الفترة موضع عناية ورعاية الملك فيصل الاول . وقد مكث الشريف غازي في هذه الكلية اربع سنوات وفق منهج اعد لانهاء المدة مع دروس اضافية في اللغة العربية والتاريخ الاسلامي والجغرافية اذ انه التحق بهذه الكلية بعد مجيئه من كلية هارو في انكلترا حيث لم يتسن له ان يدرس فيها هذه الدروس الاضافية المذكورة.

غازي و عالية :
كانت  الملكة عالية امرأة نبيلة وزوجة مخلصة ذات ذكاء نادر ولها تأثير في زوجها الملك غازي وهي مستودع ثقته يعهد اليها بأسراره كلها،وكانت مصدر حكمة  سياسية حتى ان شقيقها الأمير عبد الإله وأفراد عائلتها كانوا يأخذون بجميع  نصائحها، وكان شقيقها يجتمع معها يومياً ليبحث المشاكل التي تعترضه،اذ ان  نصائحها تنطوي على الحكمة.
 كما كانت تطالع الصحف اليومية العراقية وتؤشر ما يهمها من الأخبار والمعلومات التي يمكن الافادة منها في معالجة أمور البلاد.
أما زوجها الملك غازي فكانت حريصة دائما على مرافقته في معظم جولاته، ولم تسمح لأحد بالتدخل في حياتها الخاصة، حتى الأمير عبد الإله الذي كان يخلق لها الكثير من المشاكل  مع زوجها ، ولهذا السبب كان الملك غازي لايحبذ وجوده في القصر .
شعرت الملكة عالية بالكثير من المخاطر التي تحيط بزوجها الملك غازي الذي كان مناوئاً للسياسة البريطانية،التي جلبت له نقمة الموالين لهم.
وكانت تنبهه أن يكون يقظاً في تصريحاته،وكانت تتابع لقاءاته جميعها مع الشخصيات السياسية وتراقب المكالمات الهاتفية التي كان يجريها لمعرفة كل ما يحيط به، كما أخذت تحث المرافقين المخلصين على الحرص عليه وحمايته.
من هنا نلاحظ  مدى حرص الملكة عالية على زوجها الذي يظهر في مواقفها الجريئة والحازمة التي تبين مدى درايتها في ما يحيط بزوجها الملك، كما جرى في انقلاب بكر صدقي في التاسع والعشرين من تشرين الأول 1936، حيث كانت تتصرف بهدوء وبشكل طبيعي، مما دفع سندرسن الى القول بأنها كانت على علم بالانقلاب، فقد كانت ملازمة للملك عندما كان يراقب الوضع بناظور الميدان .
وعند حدوث الفاجعة الكبيرة التي أنتهت بوفاة زوجها الملك غازي خرجت من القصر عند سماعها نبأ الاصطدام في الرابع من نيسان 1939، وأسرعت الى مكان الحادث وسط الظلام ولحقت بالحرس وبينما كان الملك مسجى والدم ينزف منه إنكبت عليه وأخذت تصرخ لجلب الأطباء لبذل كل الجهود الممكنة لإنقاذه، قائلة أريده أن يفتح عينيه سريعاً أريده أن يتكلم، وفي هذه الأثناء أنسحب احد الأطباء طالباً من الأمير عبد الإله شقيق الملكة عالية ووالدتها الملكة نفيسة تهدئة الملكة وتذكيرها بأنها والدة طفل وعليها الاهتمام به ورعايته وأن تفكر بصحتها.   
وجاء في إفادة الملكة"إن زوجها كان يذهب كل مساء إلى قصر الحارثية فيبقى فيه حتى منتصف الليل ثم يعود وينام في الحال وفي تلك الليلة عاد مبكراً على خلاف عادته فما كان يشرع في خلع ملابسه حتى رن جرس الهاتف، وبعد مكالمة قصيرة عاد فلبس ثيابه ليتوجه بسيارته الى قصر الحارثية قائلا أن الشخص الذي كان ينتظره قد حضر الآن وبعد مدة قصيرة جيء به مقتولاً يقولون أن سيارته اصطدمت بالعمود الكهربائي وأصيب بجرح بليغ في رأسه".
كانت الملكة مدركة المؤامرات التي تحاك ضد زوجها ويظهر ذلك عن طريق تأكيدها المستمر على المرافقين له بأن يلازموه ويحيطوه بحماية كاملة وحول هذاالامر يروي المحامي هشام الدباغ الذي حكم عليه بالإعدام لقيادته المظاهرات الجماهيرية في الموصل أبان مقتل الملك غازي التي توجهت إلى القنصلية البريطانية وقتل فيها القنصل البريطاني وكان للملكة اثر كبير في أبدال حكم الإعدام الصادر بحقه إلى الأشغال الشاقة وكانت تقدم له المساعدة طوال مدة وجوده في السجن كما كانت تستضيفه بين الحين والأخر بعد خروجه من السجن، وقد ذكر عن إحدى لقاءاته بالملكة عالية في قصر الرحاب قبل وفاتها بأنها قالت له بأن الإنكليز هم وراء مقتل الملك وان اليد التي نفذت ذلك هي يد أحد الآثوريين  وأن شقيقها قد علم بعد إتمام الاغتيال ولكنه بناء على نصيحة نوري السعيد قد أسدل الستار عن ذلك.
وبعد وفاة الملك غازي فضلت الملكة عالية إبقاء المرافقين المخلصين والمقربين للملك لمرافقة أبنه الملك فيصل الثاني ويشير محمد حسين الزبيدي بأن المرافق سامي عبد القادر قد أخبره، بأنه بعد مقتل الملك غازي بقي مرافقاً للملك فيصل مدة طويلة وفي أحد الأيام طلب منه الوصي عبد الإله بأن يرافقه إلى قصر الزهور وفي اثناء لقائه بالملكة عالية طلبت من الأمير عبد الإله أبقاء سامي عبد القادر مرافقاً للملك فيصل الثاني قائلة له"أن سيدي الملك غازي أمرني بأن سامي هو الذي يربي الملك فيصل"لكن عبد الإله لم يجبها وبعد مدة نقله إلى البصرة.
وبعد مقتل الملك غازي بدأت الأحداث والتطورات السياسية تتفاقم وظهر دور الملكة عالية السياسي عن طريق إسناد الوصاية إلى شقيقها، حرصاً منها على ضمان بقاء العرش لكن اختيارها كان السبب في كثير من الاضطرابات السياسية، فأشتد العداء للأسرة المالكة، فقد جاء في مذكرات محمد مهدي كبة ( كان عهد وصايته عهد شؤم ونحس على البلاد وأبنائها وعلى الملك القاصر).

يعد مصرع الملك غازي من أكثر وقائع تاريخ العراق المعاصر غموضاً وإثارة حتى يومنا هذا ، وفي ظل غياب الدليل المادي القاطع للواقعة تبقى القضية تثير تساؤلاً تقليدياً فيما إذا كانت الحادثة مدبرة أو وليدة القضاء والقدر ، وأن كان هناك إجماع  من الرأي العام على توجيه الاتهام إلى بريطانيا ونوري السعيد بالاشتراك مع إبن عم الملك الأمير عبد الإله.

الحادث المروع :
المصدر الوحيد لتفاصيل الحادث هو رواية الحكومة العراقية ، ففي صباح يوم الرابع من نيسان 1939 فوجئ الشعب العراقي ببيان رسمي صادر عن الحكومة نقلته إذاعة بغداد جاء فيه:
(( بمزيد من الحزن والألم، ينعي مجلس الوزراء إلى الأمة العراقية، انتقال المغفور له سيد شباب البلاد، جلالة الملك غازي الأول إلى جوار ربه، على اثر اصطدام السيارة التي كان يقودها بنفسه بالعمود الكهربائي الواقع في منحدر قنطرة ( نهر الخر )، بالقرب من قصر الحارثية، في الساعة الحادية عشرة والنصف من ليلة أمس، وفي الوقت الذي يقدم فيه التعازي الخالصة إلى العائلة المالكة على هذه الكارثة العظمى التي حلت بالبلاد، يدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ للمملكة نجله الأوحد جلالة الملك فيصل الثاني، ويلهم الشعب العراقي الكريم الصبر الجميل، وإننا إلى الله وإننا إليه راجعون ... بغداد في 4 نيسان 1939)).(الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج 5 ، ص 78).
ولا توجد أية رواية أخرى للحادث ، كما لم تثبت شهادة أي شاهد عيان لهذا الحادث الغامض.

مواقف ما بعد الفاجعة:
عند حدوث الفاجعة الكبرى التي أنتهت بوفاة الملك غازي ، أنطفأت الأنوار في قصر الزهور فجأة ، و صوت أحد الخدم الذي تربى في القصر يطلب النجدة ويقول: (ألحقونا سيدي الملك مصاب حصل حادث للسيارة)، خرجت الملكة عالية من القصر عند سماعها نبأ الاصطدام ، وأسرعت الى مكان الحادث وسط الظلام ولحقت بالحرس وبينما كان الملك مسجى والدم ينزف منه إنكبت عليه وأخذت تصرخ لجلب الأطباء لبذل كل الجهود الممكنة لإنقاذه، قائلة ( أريده أن يفتح عينيه سريعاً أريده أن يتكلم )، وفي هذه الأثناء أنسحب احد الأطباء طالباً من الأمير عبد الإله شقيق الملكة عالية ووالدتها الملكة نفيسة تهدئة الملكة وتذكيرها بأنها والدة طفل وعليها الاهتمام به ورعايته وأن تفكر بصحتها.
وجاء الدكتور سندرسن والدكتور صائب شوكت وبدأوا بالكشف عليه وفحصه وظلوا حائرين، وبعد ذلك اسلم الروح وكان أحد الذين رافقوا الملك حياً ومصاباً بكسر في يده، وقال بأن الملك غازي  في أثناء عودته من قصر الحارثية إلى قصر الزهور، أدار محرك السيارة وأنطلق بسرعة كبيرة، فاصطدمت بعمود الكهرباء وأستدارت السيارة حول نفسها ووقفت من شدة الصدمة وكان الباب قد أنفتح على يده ولم يفق من شدة الألم إلا على منظر الملك الذي كان جالساً في مقعد القيادة والعمود على رأسه والدم ينزف منه فأسرع الخادم وأبلغ عن الحادث وعن كل شيء شاهده بعينه.
وجاء في إفادة الملكة"إن زوجها كان يذهب كل مساء إلى قصر الحارثية فيبقى فيه حتى منتصف الليل ثم يعود وينام في الحال ، وفي تلك الليلة عاد مبكراً على خلاف عادته فما كان يشرع في خلع ملابسه حتى رن جرس الهاتف، وبعد مكالمة قصيرة عاد فلبس ثيابه ليتوجه بسيارته الى قصر الحارثية قائلا أن الشخص الذي كان ينتظره قد حضر الآن وبعد مدة قصيرة جيء به مقتولاً يقولون أن سيارته اصطدمت بالعمود الكهربائي وأصيب بجرح بليغ في رأسه".
أما عبد الوهاب عبد اللطيف المرافق الأقدم في القصر الملكي فيقول "كنت نائما في بيتي عندما استدعيت هاتفيا من المرافق الخفر في قصر الزهور وبعد وصولي عرفت من الملكة عالية أن الملك بانتظار آلة لتصليح خلل في الإذاعة وبعد أن اخبر بواسطة التلفون بوصول الشخص الذي يحمل تلك الآلة غادر إلى قصر الحارثية ، وبعدها سمعوا بوقوع الحادث ".
أما الدكتور صائب شوكت فكان من بين الأطباء الذين استدعوا لفحص الملك فقد ذكر قائلا " حين وصلت إلى قصر الحارثية ورأيت الملكة عالية والأمير عبد الأله وبعض الوزراء وافراد الأسرة المالكة وعدداً من المرافقين والخدم بدأت بفحص الملك الذي كان فاقد الوعي وإذا بيدي تغور في مؤخرة رأسه وعندما سئلت عن رأيي أخبرتهم بأن الملك مضروب بهيم  من الخلف أدى إلى كسر في الجمجمة وتمزق في المخ وأنه سوف لا يعيش أكثر من دقائق معدودة ، وقد أخبرتني  الملكة عالية بأنها لاتعرف أكثر من أن صباح نوري السعيد طلبه في الهاتف فترك قصر الزهور متوجها إلى قصر الحارثية".
أما السيد ناجي شوكت فقد بين في مذكراته بأن الملك أصطدم بعمود الكهرباء نتيجة السرعة الجنونية وحالة الانفعال والاضطراب التي كان يعيشها عند قيادته السيارة في تلك الليلة وهذا يأتي مناقضاً لما ذكره عبد الرزاق الحسني إذ يقول بان السيد ناجي شوكت لازال يعتقد بأن نوري السعيد والأمير عبد الإله لهم إسهام فعلي في فاجعة الملك غازي.
ويذكر عبد الحق العزاوي الذي كان يعمل ضابطاً في الحرس الملكي يوم مقتل الملك بأنه سمع الملكة عالية طلبت طرد الدكتور سندرسن باشا من القصر، الذي كان يشرف على علاج الملك وهو في حالة إغماء قائلة " ما كفاه انه قتل أباه حتى جاء ليقتل الولد ".
أعلنت الحكومة الحداد الرسمي أربعين يوماً،وفتحت الملكة عالية أبواب قصر الزهورلاستقبال المعزيات من طبقات الشعب كافة، وحددت موعد استقبال المعزيات من السيدات العراقيات وعقيلات الوزراء وعقيلات الموظفين الأجانب يومين في الأسبوع من الساعة العاشرة حتى الساعة الثانية عشرة أما عقيلات رجال الهيئات الدبلوماسية فكانت تستقبلهن من الساعة الرابعة عصراً الى الساعة الخامسة، أما نساء القصرالاخريات فقد خصصت لهن في القصر الملكي ثلاث قاعات لأستقبال وفود من نساء  العراق القادمات من مختلف أنحاء البلاد فكانت القاعة الأولى للملكة عالية والثانية للأميرة ملك فيضي والثالثة للملكة نفيسة وتمر المعزيات بهذه القاعات الثلاث ثم يتناولن الطعام الذي أعد لهن في القصر.
وتشكلت لجان من النساء لاستقبال هذه الوفود وكانت من بينهن السيدة عصمت السعيد التي ذكرت"كنت من بين مستقبلات وفود الطبقة العاملة في القصر، وكانت نساء العراق بوجه عام يرغبن في إظهار مشاعرهن لأرملة الملك الشاب الراحل وكانت وفود من الطبقات الفقيرة تأتي سيرا على الاقدام من قلب بغداد الى القصر الملكي الذي يبعد عن قلب المدينة ما يوازي أربعة كيلومترات ولمدة ثلاثة أيام متوالية وكنا نطلب من المعزيات عدم الصياح والعويل والعمل بالأصول الإسلامية احتراماً لأهل البيت والاكتفاء بقراءة الفاتحة، وكانت الملكة عالية مرهقة وافراد أسرتها، لكنها حافظت على وقارها وكانت تحني رأسها بكياسة عند مرور الوفود من أمامها".
وقد وردت برقيات التعازي الى الملكة عالية من زوجات الملوك من الدول الصديقة حيث وردت برقية من ملكة إيران ومن الملكة لئوبولد ملكة بلجيكا ومن مصر أرسلت الملكة فريدة زوجة الملك فاروق برقية تعزية ايضاً وقد  كانت تربطهن بالملكة علاقات صداقة وثيقة.           

في صباح يوم الخامس من نيسان 1939 ، نقل جثمان الملك من قصر الزهور إلى البلاط الملكي الواقع في منطقة الكسرة ، وشيعت جنازته في أحتفال مهيب بتوجيه من السيد تحسين قدري رئيس التشريفات الملكية، ثم نقل الى المقبرة الملكية في الأعظمية  في الساعة الثامنة صباحاً، محمولا على عربة مدفع ، حيث دفن الى جانب والده الملك فيصل الأول، وكان الطريق محاطاً من الجانبين بآلاف الناس وهم مذهولون من هول المفاجأة ثم خرج الشعب برمته الى الشارع معلنين اتهامهم البريطانيين ونوري السعيد  بقتله.
ويصف القائم بأعمال السفيرالبريطاني (هوستن بازويل) مراسيم التشييع في بغداد"كانت الساحات والطرقات الرئيسة للمدينة مزدحمة بالمعزين يندبون ويضربون على صدورهم وينفشون شعورهم مبدين غيظهم وحزنهم مرددين الخطابات الحماسية والأشعار( نوري نوري لازم تدفع دمه لغازي ) ، وكنت مرافقا للكابتن هولت  قائد القوة الجوية، وكان  يحيطنا صفان من الضباط، وكان بعض المشيعين ينظرون الينا بصمت والدمع ينهمر من العيون وكان بينهم نساء قد أسلمن أنفسهن للحزن الهستيري يمزقن أثوابهن ويغطين رؤوسهن بالطين من السواقي".
ولم يكد خبرمقتل الملك غازي يصل الى أسماع الشعب حتى هبت الجماهير الغاضبة في مظاهرات صاخبة أتجهت نحو السفارة البريطانية هاتفة ومنددة بالأمبريالية البريطانية وعميلها نوري السعيد وأمتدت المظاهرات الغاضبة الى سائر مدن العراق  من أقصاه الى أقصاه، وهم يهزجون : ( الله أكبر يا عرب غازي أنفكد من داره ... وأهتزت أركان السما من صدمة السيارة ) ، ووزعت الجماهير منشورات تقول أن الملك غازي لم يصطدم بالسيارة كما تدعي حكومة نوري السعيد وإنما قتل بعملية إغتيال دبرتها بريطانيا وعملاؤها، ولذلك خرج نوري السعيد مسرعاً بعد إتمام مراسيم دفن الملك غازي في المقبرة الملكية، مستقلاً زورقاً بخارياً من المقبرة الى داره في الكرخ.
وقام نوري السعيد بنشر أعداد كثيفة من الشرطة لقمع المظاهرات، وأعلنت الأحكام العرفية في الموصل واعتقلوا الكثير من الشباب الذين كانوا يوزعون المناشير، وأحيل المتهمون بقتل القنصل الى المحاكم العسكرية.
حاول الإنكليز إبعاد التهمة عنهم، وادعوا أن الدعاية الألمانية هي التي تروج مثل هذه الدعاية ضد بريطانيا، كما ادعوا أن موظفي السفارة الألمانية، والأساتذة الجامعيين هم الذين يحرضون جماهير الشعب ضد بريطانيا، وضد حكومة نوري السعيد.
كان رد فعل الجماهير الشعبية في الموصل شديداً جداً، حيث خرجت مظاهرة ضخمة، وتوجهت نحو القنصلية البريطانية وهاجمتها، وقتلت القنصل البريطاني في الموصل، المستر [مونك ميسن]، وكانت الجماهير تهتف بسقوط الاستعمار البريطاني، وحكومة نوري السعيد العميلة، وكانت الجماهير بحالة من الغضب الشديد بحيث أنها لو ظفرت بنوري السعيد لمزقته إرباً.
لكن ما يؤسف له هو مهاجمة الحي اليهودي في بغداد، و وقوع عمليات النهب وحرق مساكن اليهود. وقد استغل نوري السعيد الأحكام العرفية التي كانت قد أعلنت في البلاد قبل شهر من مقتل الملك، وقام بنشر أعداد كثيفة من قوات الشرطة لقمع المظاهرات، وجرى اعتقال الكثير من المتظاهرين.
ولتغطية جريمة الاغتيال سارعت حكومة نوري السعيد إلى إصدار بيان رسمي يتضمن تقرير طبي صادر عن هيئة من الأطباء عن سبب وفاة الملك غازي، وجاء في البيان ما يلي:
( ننعي بمزيد من الأسف وفاة صاحب الجلالة الملك غازي الأول في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الأربعين من ليلة 3- 4 نيسان 1939، متأثراً من كسر شديد للغاية في عظام الجمجمة، وتمزق واسع في المخ، وقد حصلت هذه الجروح نتيجة أصطدام سيارة صاحب الجلالة، عندما كان يسوقها بنفسه، بعمود كهرباء بالقرب من قصر الزهور، في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً، وفقد الملك شعوره مباشرة بعد الاصطدام، ولم يسترجع وعيه حتى اللحظة الأخيرة
التواقيع:
د. جلال حمدي
د. صبيح وهبي
د. صائب شوكت
د.أبراهام
د.سندرسن
3 – 4 نيسان 1939).(الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج 5، ص 76).
يقول الفريق نور الدين محمود، الذي شغل منصب رئيس أركان الجيش، ثم رئيساً للوزراء عام 1952، حول حقيقة مقتل الملك غازي ما يلي:
(أنه اصطدام غامض وعويص، لا يسع الإنسان مهما كان بسيطاً في ملاحظته إلا أن يكذّب زعم الحكومة، وهو يقارنه بالأدلة التي يراها في مكان الحادث).(الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج 5، ص 87).
أما العقيد صلاح الدين الصباغ فيقول في مذكراته:
(قضت المصالح البريطانية اغتيال الملك غازي، فتم في ليلة 3 / 4 نيسان 1939 وهو في السابعة والعشرين من عمره). (الصباغ ، صلاح الدين ، فرسان العروبة ، ص 87)
ويقول الأستاذ (جان ولف) في كتابه (يقظة العالم العربي):
(مات الملك غازي على أثر حادث غريب، فقد اصطدمت سيارته دون ما سبب وجيه، بينما كان يقودها بسرعة معقولة، فتعالى الهمس في بغداد متهماً بعض الجهات بتدبير الحادث) (وولف ،جان، يقظة العالم العربي ، ص 120)
وقال الأستاذ (كارتاكوز) في كتابه ( ثورة العراق) ما يلي:
{ لعل مأثرته الرئيسية ـ يقصد الملك غازي ـ انه قد لاقى حتفه بشكل عنيف في حادث سيارة يعتقد أن البريطانيين وأعوانهم من العراقيين هم الذين فعلوه). (كارتاكوز، ثورة العراق ، ص32)
وجاء الدليل القاطع بعد سنوات طويلة، عندما التقى الأستاذ عبد الرزاق الحسني، مؤلف تاريخ الوزارات العراقية، في 8 نيسان 1975 بالدكتور (صائب شوكت) طبيب الملك غازي الخاص، وأول من قام بفحصه قبل وفاته، وسأله عن حقيقة مقتله فأجابه بما يلي:
( كنت أول من فحص الملك غازي بناء على طلب السيدين نوري السعيد و رستم حيدر لمعرفة درجة الخطر الذي يحيق بحياته، وأن نوري السعيد طلب إليّ أن أقول في تقريري أن الحادث كان نتيجة اصطدام سيارة الملك بعمود الكهرباء، وأنا أعتقد أنه قد قتل نتيجة ضربة على أم رأسه بقضيب حديدي بشدة، وربما استُخدم شقيق الخادم الذي قُتل في القصر، والذي كان معه في السيارة لتنفيذ عملية الاغتيال، فقد جيء بالخادم فور وقوع العملية إليّ وكان مصاباً بخلع في ذراعه، وقمت بإعادة الذراع إلى وضعه الطبيعي، ثم اختفي الخادم، ومعه عامل اللاسلكي منذ ذلك اليوم وإلى الأبد، ولا أحد يعرف عن مصيرهما حتى يومنا هذا).
كما التقى السيد عبد الرزاق الحسني بالسيد ناجي شوكت الذي كان وزيراً للداخلية آنذاك وسأله عن حقيقة مقتل الملك غازي ما يلي:
( لقد احتفظت بسر دفين لسنين طويلة، وها قد جاء الآن الوقت لإفشائه، كانت آثار البشر والمسرة طافحة على وجوه نوري السعيد، ورستم حيدر، ورشيد عالي الكيلاني، وطه الهاشمي، بعد أن تأكدوا من وفاة الملك، وكان هؤلاء الأربعة قد تضرروا من انقلاب بكر صدقي، واتهموا الملك غازي بأنه كان على علم بالانقلاب، وأنا أعتقد أن لعبد الإله ونوري السعيد مساهمة فعلية في فاجعة الملك غازي). (الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج 5، ص 81).
وهكذا أسدل الستار على مقتل الملك غازي وانهمك المتآمرون بعد دفنه بترتيب الأمور لتنصيب عبد الإله وصياً على العرش.

و هكذا دفن سيد شباب البلاد قرب أبيه في المقبرة الملكية في الأعظمية وجدران المقبرة تردد صدى هتاف الجماهير الغاضبة ( كتلوا ملكنه و أتهموا السيارة ) دلالة على علم ومعرفة الجماهير بأن المصرع كان مخطط له ولم يكن محض حادث مؤسف ، حيث إن أي حادث سيارة يؤدي إلى الوفاة لابد أن تكون إصابة السيارة شديدة وكبيرة ، إلا أن الواقع كان عكس ذلك تماماً، فقد كانت الأضرار التي لحقت بالسيارة طفيفة جداً، كما أن الأضرار التي كانت في السيارة تركزت في الجانب الأيمن الذي أصطدم بعمود الكهرباء ، بينما كان الملك يجلس في الجانب الأيسر خلف المقود ، كما لم تكن أي أصابة في جسم الملك سوى تهشم الجمجمة من الخلف ، وهذا ما يثير الشكوك حول حقيقة مقتل الملك الذي كان محبوبا جدا من جماهير الشعب العراقي لمواقفه الوطنية والعروبية المشرِّفة.
انـتـشرت الهمسات ثم الإشاعات فالتأكيدات، بأن الإنكليز رتبوا له هذه الحادثة، لأنه تمرد عليهم.

مواقف غازي التي أغاضت الأنكليز:
1.   يبدو أن قضية أعادة الكويت الى العراق ، كانت من الأسباب الرئيسة التي عجلت باتخاذ قرار أزاحته أو التخلص منه ، فعندما تولى الملك غازي الحكم وضع نصب عينه مسألة إعادة الكويت إلى العراق، حيث كانت أيام حكم العثمانيين جزءا من العراق، وتابعة لولاية البصرة، لكن المحتلين البريطانيين اقتطعوها من العراق، ونصبوا الشيخ مبارك حاكما عليها تحت حمايتهم، عام 1895. تمتاز الكويت بأهميتها الاستراتيجية، حيث تتحكم برأس الخليج، وتبلغ مساحتها 7000 كيلومتر مربع، وكان يسكنها آنذاك حوالي 100 ألف نسمة، وكان الملك غازي يعتقد أن اقتطاعها من العراق سبب حرمانه من شواطئه البحرية على الخليج، إلا من بقعة صغيرة جداً قرب مصب شط العرب. وهكذا أصبح هاجسه في كيف يعيد الكويت إلى العراق، في ظل تعارض رغبته تلك مع إرادة الإنكليز المهيمنين على مقدرات العراق. حاول الملك غازي التقرب من ألمانيا، غريمة بريطانيا، وسعى إلى توطيد العلاقات معها، لعل ذلك يساعده على استعادة الكويت، وقد قامت الحكومة الألمانية بإهداء الملك غازي محطة إذاعة تم نصبها في قصر الزهور الملكي، واستعان الملك بعدد من العناصر القومية الشابة، وراح يوجه إذاعته نحو الكويت، وكان بثها كله موجها حول أحقية ضم الكويت إلى العراق، ومهاجمة الإنكليز الذين اقتطعوها من العراق، مما أثار غضبهم وحنقهم على الملك غازي، وجعلهم يفكرون بالتخلص منه.
فقد ذكر السفير البريطاني ( باترسن) في كتابه ( Both sides of Curtain) حول تصرفات الملك غازي ما يلي:
(لقد أصبح واضحا للعيان أن الملك غازي إما يجب أن يُسيطر عليه، أو أن ُيخلع من العرش، وقد لمحت إلى ذلك، وبهذا المقدار، في زيارتي الوداعية للأمير عبد الإله). ( مذكرات طه الهاشمي ، ص 200).
أما العقيد صلاح الدين الصباغ فيذكر في مذكراته أن نوري السعيد الذي كان يقيم في القاهرة كان قد أرسل إليه، وإلى العقيد فهمي سعيد، ولده صباح، بعد مقتل بكر صدقي بأسبوعين، ليستفسر منهما عما إذا كانا يريان قتل الملك غازي، وإلحاقه ببكر صدقي، وتخليص البلاد من عبثه أمرٌ ممكن ؟ وقد رد عليه فهمي سعيد، بصوت جهوري قائلاً: (لا يا صباح لن يحدث هذا أبداً).
أما صلاح الدين الصباغ فقد رد عليه قائلاً: (أما بصدد اغتيال الملك غازي، فنحن أبعد الناس إلى التطرق لمثل هذا العمل، ولا نسمح بأن يذكر أمامنا، ونصيحتي لك أن لا تكرر ما قلته، وأن لا تفاتح به أحد بعد اليوم). (الصباغ ، صلاح الدين ، فرسان العروبة ، ص 90).
وتطرق توفيق السويدي إلى نفس الموضوع في مذكراته المعنونة (نصف قرن من تاريخ العراق، والقضية العربية) قائلاً: (أتذكر بهذا الصدد أنني عندما كنت في لندن، التقيت بالمستر( بتلر) وكيل وزير خارجية بريطانيا الدائم، وقد أبدى لي شكوى عنيفة من تصرفات الملك غازي فيما يتعلق بالدعاية الموجهة ضد الكويت من إذاعة قصر الزهور، وقال لي بصراحة بأن الملك غازي لا يملك القدرة على تقدير مواقفه، لبساطة تفكيره، واندفاعه وراء توجيهات تأتيه من أشخاص مدسوسين عليه، وإن الملك بعمله هذا يلعب بالنار، وأخشى أن يحرق أصابعه يوماً ما). (السويدي ، توفيق ، نصف قرن من تاريخ العراق ، ص 326).
لقد حاول الملك غازي إعادة الكويت بالقوة، أثناء غياب رئيس الوزراء نوري السعيد الذي كان قد سافر إلى لندن لحضور مؤتمر حول القضية الفلسطينية في 7 شباط 1939، فقد استدعى الملك رئيس أركان الجيش الفريق (حسين فوزي) عند منتصف الليل، وكلفه باحتلال الكويت فوراً. كما اتصل بمتصرف البصرة داعيا إياه إلى تقديم كل التسهيلات اللازمة للجيش العراقي للعبور إلى الكويت واحتلالها.( الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج5 ، ص 76).
كما استدعى الملك صباح اليوم التالي نائب رئيس الوزراء ناجي شوكت بحضور وزير الدفاع، ووكيل رئيس أركان الجيش، ورئيس الديوان الملكي، وأبلغهم قراره باحتلال الكويت.
لكن ناجي شوكت نصحه بالتريث، ولاسيما وأن رئيس الوزراء ما زال في لندن، وأبلغه أن العملية سوف تثير للعراق مشاكل جمة مع بريطانيا، والمملكة العربية السعودية وإيران، واستطاع ناجي شوكت أن يؤثر على قرار الملك غازي، وتم إرجاء تنفيذ عملية احتلال الكويت. (الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج5 ، ص 77).
فلما عاد نوري السعيد إلى بغداد وعلم بالأمر، سارع بالاتصال بالسفير البريطاني، وتداول معه عن خطط الملك غازي، وقرر الاثنان التخلص من الملك بأسرع وقت ممكن، وهذا ما صار بعد مدة وجيزة، حيث جرى تدبير خطة لقتل الملك والتخلص منه، والمجيء بعبد الإله وصياً على العرش نظراً لصغر سن ولده الوحيد (فيصل الثاني) الذي كان عمره لا يتجاوز الخمس سنوات آنذاك.( الحسني ، عبد الرزاق ، تأريخ الوزارات العراقية ، ج5 ، ص 76).
2.   ناهض النفوذ البريطاني في العراق وأعتبره عقبة لبناء الدولة العراقية الفتية وتنميتها، وأعتبره المسؤول عن نهب ثرواته النفطية والآثارية المكتشفة حديثاً. حيث يقول جيمس موريس: ( إن الملك غازي كان أول ملك هاشمي لايحب الإنكليز، ولم يكن يحمل أدنى شعور بالصداقة لهم، ولذلك كان من أكثر الملوك الهاشميين شعبية في قلوب الجماهير).
3.   كان الملك غازي ذو ميول قومية عروبية كونه عاش تجربة فريدة في طفولته حيث كان شاهدا على وحدة الأقاليم العربية إبان الحكم العثماني قبل تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الوطن العربي إلى بلدان تحت النفوذ البريطاني أو الفرنسي. وأذاع بنفسه خطبا وبيانات من أذاعة قصر الزهور ، تندد بالاستعمار الفرنسي لسورية ولبنان ، وتهاجم المخططات الصهيونية والاستعمارية في الوطن العربي. كما وقف إلى جانب قادة الثورة الفلسطينية كعزالدين القسام ومفتي القدس الحاج أمين الحسيني.
وكان الحلفاء(بريطانيا وفرنسا)، قد أعلنوا عشية الحرب العالمية الثانية أن كل من يقف ضد سياستهم، يضع نفسه في خندق العدو النازي.
4.   شهد عهده صراع بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى تيارين متنازعين داخل الوزارة العراقية، تيار مؤيد للنفوذ البريطاني وتيار وطني ينادي بالتحرر من ذلك النفوذ حيث كان كل طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق. فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهض للهيمنة البريطانية حيث ساند انقلاب بكر صدقي وهو أول انقلاب عسكري في الوطن العربي، كما قرب الساسة والضباط الوطنيين إلى البلاط الملكي فعين الشخصية الوطنية المعروفة (رئيس الوزراء لاحقاً) رشيد عالي الكيلاني باشا رئيسا للديوان الملكي.
5.    كان نوري السعيد يكره الملك غازي ويُـروى عن وزير الخارجية العراقي ناجي شوكت، آن ذاك، قوله :"إن موت الملك غازي جاء نتيجة لعبة قذرة كان وراءها نوري السعيد". (العراق في التاريخ، ص693).
وكان من المعروف تماما أن نوري السعيد هو أحد رجال بريطانيا المقربين ، وقد تولى رئاسة الوزارة أكثر من أي رئيس آخر. ويعتبر أبرز وأقوى سياسي عراقي مخضرم، تكرهه عامة الشعب وتعتبره عميلا للإنكليز.

أن مواقف الملك غازي الوطنية و القومية ، قد أثارت المشاعر الوطنية والقومية للشعب العراقي، فظفر هذا الملك الشاب بحب مختلف طبقات الشعب ، فكان سلوكه هذا قد كلفه حياته شأنه شأن الآلآف من الشهداء الآخرين ...


غير متصل Zaye Evelyn

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 63
  • الجنس: أنثى
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سلام من أحفاد وحفيدة  (الأشوريين) الذين  أسسوا وأقامو أعظم حضارة التي كانت منبع القوة والعلم والثقافة والتنوير 
سلامها  لكاتب المقالة المحترم....
وسؤالي لحضرته ما علاقة عرب السعودية لكي يتطفلوا على (العراق) والتي هي أرض العراقة والحضارة الأشورية البابلية النهرينية والتي عمرها أكثر من سبعة الأف سنوات لكي يأتي حفاة السعودية ويتكئوا ويتصدروا أعلى المناصب والكراسي لحكم (بلاد أشور\العراق العظيم) ؟!
وثانيا لماذا من خلال مقالتك  تزجون أحفاد أعظم حضارة وأمبراطورية قامت في الشرق الأوسط(الحضارة الاشورية) بمقتل شخص عربي سعودي وأن ركب فوق ظهور العراقيين لينصب ملكا عليهم,لماذا تزجون وترمون نجاسة البعض على الاشوريين بمقتل الملك السعودي غازي؟
 وبنفس الوقت تخفون حقيقية الكثيرين من المحسوبين عراقيين(عرب وأكراد) وهم منبع الخيانة والغدر والعمالة وهم من كانوا سابقا وحاليا عملاء ,واليوم (أنكشفوا على حقيقتهم بفضل التكنلوجيا المتطورة الكومبيوتر وصفحات الفيس بوك والانترنت وغيره من الميديا)وسقطت أقنعتهم  وصرنا نراهم علنا وسرا يتحالفون  مع البريطانيين والفرنسيين والالمان والامريكان وغيرهم لكي يخلخلوا أساسات وقاعدة العراق ,وينهبوا الغالي والنفيس معا ,ويغدروا بأصلاء العراقيين(الأشوريين وغيرهم) وينهبوا كل ما لهم ,والمصيبة أن البعض منا  هو من يرفع من شأن الغرباء واللقطاء الذين ركبوا ظهور شعبا أصيلا أقام أعظم حضارة وامبراطورية أمتدت من بلاد فارس وبلاد و(العراق\أرض أشور المحتلة) ووصلت تركيا وسوريا ولبنان وفلسطين و لينصبوا ملوكا ورؤساء على العراق؟! حسافة أنكم لا تقرأون بحكمة