المحرر موضوع: ليل و محطات و سفر.. ليلى لعيبي *  (زيارة 919 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف الموسوي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1150
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليل و محطات و سفر.. ليلى لعيبي *
عاشت الشاعرة " ليلى لعيبي" في محلة (الجمهورية - الفيصلية) وتنتمي إلى عائلة متنورة ، متميزة بالاهتمامات الفنية - الثقافية. منذ بداياتها انفردت" ليلى" عن عائلتها بكتابة الشعر الشعبي، فساهمت بعد تمكنها منه، في بعض مهرجانات الشعر الشعبي في البصرة - العراق. أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى " ليل ومحطات وسفر " – 2004، واحتوت على(25) قصيدة،و تعود القصائد إلى تواريخ مختلفة، وتنفرد بتجسيد رحلة المعاناة والعذاب ، خلال السنوات والأيام واللحظات التي واجهتها (ليلى) منذ نهاية السبعينات. عمدت (ليلى) بعد الحكم عليها، غيابياً ، بالإعدام من قبل (محكمة مديرية امن البصرة)، عام 1984 ، إلى الانتقال من مكان لآخر. وتحملت، وهي الشابة ، مطاردات السلطة القامعة ، والتي عممت صورتها على كل المراكز الأمنية و السيطرات العسكرية بين المحافظات. فانتقلت سراً إلى بغداد مرتدية (العصّابة و الجرغد) ، ارث الأمهات البهيات والجدّات الكريمات العراقيات، وسكنت في غرف مؤجرة ، في بعض الإحياء الشعبية البغدادية المهمشة ، والمكتظة بالزحمة السكانية، والتي لا تعبأ بها وبسكانها السلطة المتعسفة، إلا كمشاريع للبطش أو للموت المجاني في حروبها العبثية الخاسرة، وعمدت (ليلى ) للحياة هناك ، متخفية تحت اسم منتحل ووثائق مزورة بدقة و متسمية باسم ( أم علي) ، ومنتمية إلى عالم القاع العراقي وميزته المعروفة بالصبر والجلد والمطاولة ، ولتدرأ بتلك الوثائق، سنوات المحن والمطاردات الأمنية ، و الإعدام ،شنقاً حتى الموت، الذي كاد أن يهم بها في كل غفلة منها، كما عمدت وببسالة إلى المحافظة على نبض الحياة الناصعة، بإصرارها على موقفها الإنساني في عدم مداهنة السلطة والوقوع في فخها الباطش ، متجاوزة عوالم الأخطار المحيطة بها في تلك المرحلة التي تميزت بوحشية الأجهزة الأمنية. وبقيت( ليلى ) المرأة العراقية والشاعرة ، متمسكة بصلابة موقفها بإصرار منتمية إلى القادم من الزمان الذي راهنت عليه وأسرتها المعروفة بانتمائها الأصيل إلى قضايا وطنها وشعبها العراقي على رغم الأثمان الباهظة التي ترتبت عليهم طوال عقود و التي دفعت أغلبهم إلى الهجرة خارج العراق. تنتمي الشاعرة (ليلى لعيبي) إلى الجيل الشعري السبعيني ، و إلى مؤثرات شعراء الشعر الشعبي العراقي الذين أحدثوا نقلة إجرائية و نوعية في متن ورؤى القصيدة الشعبية العراقية برؤى فنية راقية، إذ تميزت القصيدة الشعبية العراقية،حينها على رغم التجاهل والمنع السلطوي لها، بحجة أن اللهجة المحلية، والشعر الشعبي بالذات "يفتت الوحدة العربية ويفرق الشعب العربي الواحد"، هذا الشعار ، الذي يقضي على الثقافة الاجتماعية الشعبية وتنوعها، ويدمر خصوصية المجتمعات العربية بالذات. وعمد أغلب شعراء الشعر الشعبي في تلك المرحلة لمواجهة ذلك الإهمال والحجر، بإستكناه المفردات المتداولة والمتميزة في الحياة اليومية ، برؤى متجددة ولغة مطواعة وغنائية مترفة - عالية البوح، وكانت القصيدة الشعبية لديهم أسئلة حائرة - جارحة ومتواصلة، بعضها يحمل أجوبتها في متون القصائد بتورية مقصودة، كما عمدوا لاستخدام الرموز المعاصرة و التاريخية - الدينية ، الثورية بالذات، واللهجة الشعبية العراقية المتميزة بـ(اللوعة) .. تلك (اللوعة) التي لا يعرفها غير العراقي، وشجنه وجروحه الغائرة وعذاباته المتواصلة عبر تاريخ وطنه الذي يمتد لأكثر من سبعة آلاف عام. كما عمدوا لخلق وشائج وتوجهات (مديـنـيـة) تعمل على بلورة مفردات اللغة الشعرية الشعبية العراقية الحديثة، مع تعزيز فرادة الأسلوب والقول الشعري الخاص بكلٍ منهم ، والحفاظ على التراث الشعبي الوطني من الضياع والإهمال والاندثار. تندرج قصائد ( ليل ومحطات وسفر ) ضمن تلك العوالم، السبعينية الضائعة الآن ، بعد سيادة الخطاب الأحادي طيلة ثلاثة عقود كرس فيها النظام المنهار كل شيء لخدمة التوجهات الانتهازية والعدوانية و العنف ، عبر التسلط والتعسف والحروب بنفعية وغائية في مهرجانات ولائم الدم السابقة ، وأعقبتها سنوات الحصار الظالم ، الذي شل الروح العراقية وقيمها والمتميزة بالانفتاح والتكافل الاجتماعي وبدد تطلعاتها الإنسانية، وأصاب البنية الاجتماعية إصابات باهظة وبالترافق مع سلوكيات غريبة - شائنة لم يعتدها المجتمع العراقي ، واستمر ذلك بعد سقوط النظام في 9 نيسان 2003 ،عبر تصاعد خطاب الطوائف ، والبحث في الميثولوجيات وأوهامها عبر،توجهات ومصطلحات طائفية -عنصرية لم تألفها الثقافة الشعبية العراقية ، وانعدام الخطاب التسامحي. وثمة خطاب مقابل آخر عمد لتـأصيل السلوكيات الإجرامية المتلبسة بأفعال انتقامية شائنة تُسوّق وتزين لبعض العراقيين محارق القتل الجماعي والانتقام الثأري الغادر باعتباره وجهاً لــ(المقاومة) من خلال أفعال و خطابات سلفية إجرامية للانتقام من العراقيين ذاتهم.تذكر(ليلى) في مقدمة مجموعتها إن هذه" القصائد مكتوبة في السبعينات والثمانينات عندما كانت مطاردة ومهددة بالإعدام، وبعضها كتب في الألفية الأولى من هذا القرن، وبعد سقوط النظام قررت أن أنشرها لتكون شاهداً على النظام الفاشي الذي تسلط على رقاب شعبنا لمدة(30 ) عاماً". احتوت بعض قصائد (ليل ومحطات وسفر) على روح السبعينات المتألقة وخطاباتها المترفة و الشفافة:
ايمرني حبيبي
وهلبت يجيبه القطار
يا مواعيد المحبه
شما يمر بينه الصفير
وصافرتنه
أتزيد نار
والصبح والليل
ويْ ليل المحطة
أعيوني نعسانه وتغار
عالوطن كل الحبيبه
ثوبها مطرز خضار
ولهفة العاشك ثكيله
*
خلي أعيونك تقره أعيوني
وخلي إحساسك يشعر بيّه
مد جفّك يحضن لي اجفوفي
وخل اشعر ساعة بحنّية
يرجّْف كلبي بنظرة عينك
وروحي تفرح مشتاكتلك
مشتاكه لفرحه وحس بيّه
أنت تخلي اعيوني تكلك
شما تنظر
صفناتك هيّه
وكلبي الحبك بأول عمره .

كتابة الاستاذ جاسم العايف