المحرر موضوع: الدخول من ثقب الكلمات / قصيدة : بهنام عطاالله  (زيارة 2657 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بهنام عطااالله

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1508
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الدخول من ثقب الكلمات
(إلى سركون بولص حتما ً)


بهنام عطاالله
                                                         
من ْيقرأ سفر الأسماء 
وقواميس اللغة ؟
من ْ يتطلع عبر 
مخاضات الحلم ؟
من يرسم مجد الكون
ويعمده بدم الأشياء ؟
من يحرق صمت الأبجديات
ويؤثثها بالحرف ِ؟
هوامشٌ ومتن ٌ كثيرة مبثوثة ٌ
..........
..........
انه الشاعر .. دائما ً ...
خيولهُ تركض مسرجة في ساحة الشعر 
       *        *         *
ما بين أمكنة الخراب و(حمّال ُ الكلمات)
يتدلى - سركون - بهيئته
تهرول القلوب معه منفلقة
تحتضن السموات
يفهرس أبجدياته بعناوين ومتون ٍ وأبهة
      *         *         *
 (لا شيء منذ آدم / غير  ملحمة التراب)
يكتب عنوانها فوق غيمة
يركب سفنا ً تتجه نحو نجمة
 تلقي بأتونها في مهب النواح
 حشرجات السنابك
 في متون الدواوين
 إستعارات شائخة
روزنامات تخضر فيها الرماح
 تتطلع نحو حوافرها وهذيانات مثاباتها
 ُتسرج أكمّتها بألوان الفواجع
في بلاد ٍ مليئة بالجداريات والمتاحف
عيون الخرائط / ألسنة المدافع
    *        *        *
منذ (كركوك) .. ومن ثم (بيروت)
عبر الموانئ القصية
كل ما ورثه  كان الشعر
نشب الألم بين ثناياه
تظاهر القلب وسط الجموع
فطم على الأقاويل
غادره الحلم (قرب الأكروبول)
نحو صفصافة تطلُ على خرائب الصحو
ومراثي النشيد المدرسي العتيق :
لترسم المغيب بين الشفاه والعيون والجباه
وحيث المساءات تنزاح في  ُعلاه
       *        *         *
ها قد أعلنتْ رقم الرحلة 
نحو أرصفة ملأها السأم
 غطتها رياح التمدن
 كتل الاسمنت
 بنايات تعانق النجوم بالقبل
 تخوم تحرسها القابلات
 جنود يرممون تجاعيد الحروب
 رموز باركتها آلهة الجمال
والمحيطات الخمسة
     *        *         *
من يشتري الصمت من أفواه الشعراء ؟
من  ُيرتق المتاهة على حبال الكلام ؟
كل ما قاله الشاعر:
(عظمة أخرى لكلب القبيلة)
إنه يندرج تحت فهرست الظنون
في  لجج البحار وأرخبيلاتها
في ثياب العذارى وخيام الجاهلية
فهو وحده كان يهادننا
ويمور بالصلوات الشجيهة
خشية من "كلب القبيلة"
يرسم النهرين فوق خرائط الزمن
كل ما قاله :
(أكتب كلمة واحدة في دفتري
 وأغلقه ..
حركة تكفي لكي تتغير الدنيا)
      *       *         *
يمد الشاعر كفه من نافذة الكون
يدخل من بوابة الحلم
وثقب الكلمات
ينعس كتاب الحب
يتشظى ببكاء طفولي
لم يرث إلا  دموعا ً ثكلى
أنهكها التأرجح بين المواسم
لأن العظمة أمست "لكلب القبيلة"
والقبيلة ما إنفكت بصمتها التتري
تقبض الريح خلف بوابة الظنون
يتلو مزامير التحدي
ويجر خيولا ً من الكلمات
في (غرفة ٍ مهجورة).. يهرول ..
يتسلق هواء الدهشة
يحتضن سومر وأوروك وبابل
يرمم أصابع الموتى
التي أدمنها الحزن في زمن القطيعة
فهو على مقربة فرسخين
ما زال يحث الخطى ويرتب الكبوات
وفي فمه ملعقة من الكلمات
يقذفها على أرصفة الجراح
شواهد متخمة برائحة التراب
وهي تستغيث من دبق الحروب
(أساطير وغبار) ترسم النشيج
وتلقي به على وسائد العانسات
     *        *         *
منذ أن جاء هذا السومري
باحثا ً عن ضوء الكلمة
بين خبايا المكائد
وموائد الدهاء والعويل
حمل (فانوسه في ليل الذئاب)
وبدت ْ خلفة أرتالٌ من القصائد
تتدثر بحنين الأبجديات
(هكذا الشاعر، هو المطوق
بصيحات القبيلة
حين يجول الخرائب
ويرثي أبناء مدينته)
يلقي بمراراته حلما ً ودموعا ً
تقذفها الأعوام
ببريق النبض وفهرست الحياة

هامش :
* ما بين الأقواس تضمين لثريا مجاميع شعرية أو عناوين قصائد أو مقاطع شعرية للشاعر الراحل سركون بولص.
* القيت في مهرجان الثقافة السريانية الثالث (اكيتو) الذي اقامه اتحاد الأدباء والكتاب السريان في قاعة فندق عنكاوا بلص بتاريخ  12نيسان2018.