المحرر موضوع: من حكاية جدتي ... الثانية والسبعين المرأة والاسرار  (زيارة 931 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدري نوئيل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 136
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

من حكاية جدتي ... الثانية والسبعين
المرأة والاسرار
بدري نوئيل يوسف
تقول جدتي أن كثير من النساء يجلس على عتبة الباب يراقبون المارة، وبالأخص في المحلات الشعبية، وبعض هذه النساء تسأل وتريد معرفة ماذا يحمل الجار العائد إلى منزله بعد نهار قضاه بالعمل، أن هناك حادثة وقعت لاحد دهاة العرب يقول: ما غلبتني إلا جارية، كانت تحمل طبق مُغطّى، فسألتها: ماذا يوجد في الطبق؟ فقالت:
ولمَ غطيناه إذاً فأحرجتني!
لا أقول حكمة اليوم بل حكمة العمر: (أي شيء مستور لا تحاول أن تكشفه) لا تحاول ان تبحث عن الوجه الآخر لأي شخص، حتى لو كنت متأكد بأنه سيّء يكفي انه احترمك وأظهر لك الجانب الأفضل منه، واجعل من اكتفائك قناعة، فلكل مِنّا جانب سيّء يتحاشاه حتى مع نفسه. والاشتغال بسرائر الناس، يفتح باب سوء الظن وظلم الخَلق.
كما حدثنا طرفة تقول: رجل عصبي متقلب يثور من نسمة الهواء، تملك زوجة دجاجة حمراء واصبحت متعلقة معها تحبها كثيرا وتطعمها بانتظام، وكان زوجها متقلب المزاج في الأسبوع الواحد يتخاصم مع زوجته على الأقل مرتان فب الأسبوع ويطردها من المنزل فكانت هذه الزوجة، تأخذ الدجاجة وتضعها في علبة من الكارتون وتأخذها إلى بيت اهلها. وفي اليوم التالي يذهب الرجل ويصالح الزوجة تعود معه إلى المنزل مع دجاجتها داخل العلبة الكارتونية وكل مرة تخرج الزوجة من بيت زوجها متخاصمة تأخذ دجاجتها داخل العلبة الكارتونية. في أحد الايام قدمت الزوجة إلى زوجها شاي بدون سكر وطعمه غير لذيذ، تخاصم مع زوجته وارتفعت الأصوات في المنزل وقبل أن تخرج الزوجة من المنزل دخلت الدجاجة العلبة تنتظر الزوجة حملها استعداد للذهاب إلى بيت الاهل. وهكذا الدجاجة أصبحت شريكة مع مشاكل الزوج والزوجة.
نعود لحكايتنا الاسبوعية: تقول جدتي كان يا ما كان على الله والتكلان، كان في سالف العصر والأوان، رجل وزوجته يعيشان معاً في سرور وهناء وصدق وصراحة فرحانين وسعيدين في حياتهما. في أحد الأيام  جلس مع  صديقه يشربان الشاي ويتحدّثان ويتسامران، ومن خلال الحديث نصحه الصديق ألاّ يعطي سرّه لزوجته فالزوجة لا تؤمن على السر، ولو خبأته فترة من الزمن فإنها عند الحاجة تستخدمه ضد زوجها وقد تورده الهلاك، فأنكر الزوج كلام صديقه وقال له: إن زوجته مختلفة عن باقي النساء وأنها تحفظ السر ولا تخونه مهما حدث بينهما.
بدأ الصديقان يتجادلان دون نتيجة، فتراهنا على هذا وطلب الصديق من الرجل أن يمتحن زوجته ويضعها تحت الاختبار، فيقول لها سراً خطيراً وينتظر عدة أيام ثم يختلق معها شجاراً قوياً، ويطردها من البيت ويرى ما يحدث بعد ذلك.
وافق الرجل على هذا الكلام ليثبت لصديقه صحة كلامه وظنه في زوجته، واثقاً أنه سيكسب الرهان وافترقا على هذا الاتفاق. في اليوم التالي طلب الرجل من زوجته أن تذهب لزيارة أهلها، وتمضي اليوم وتعود في المساء فذهبت، ثم قام
إلى الحديقة وحفر فيها حفرة كبيرة، ووضع فيها كيساً من الأحجار ودفنه ثم ردم الحفرة بالتراب، وأبقى آثار الحفرة
ظاهرة على سطح الأرض لتبدو كأنها حفرة جديدة.
عندما عادت زوجته إلى البيت مرت من الحديقة رأت آثار الحفرة، فسألت زوجها بلهفة عن حكاية الحفرة فردّ عليها بغضب متصنّعٍ: لا شيء. لكن الزوجة أخذت تلحّ على زوجها وتلاحقه بالأسئلة حتى أظهر أنه خضع لإصرارها وكشف لها السر قائلا: إنه سر خطير يجب أن تكتميه عن كل الناس، وإلاّ فسيكون خراب في بيتي وقطع رقبتي.
فأكدّت له الزوجة أن سرّه في بئر عميق، وأن ما يمسّه يمسّها، ولن تبوح به لأحد ولو على قطع رقبتها. ففرح زوجها وباح لها بالسر قائلا: إنه في غيابها نزل رجل متسللاً إلى البيت ليسرقه، فحاول منعه والقبض عليه فتعارك معه وضربه بعصا فمات، فحفر له حفرة في الحديقة ودفنه فيها ليخفي معالم الجريمة، ولا يعرف بها أحد، والآن لا يعلم بهذا السر غيري وغيرك، فإياّك أن يفلت لسانك بكلمة أمام أحد فتكشفين الجريمة.
مضت عدّة أيّام بعد الحادث، ثم اختلق الزوج شجاراً مع زوجته فضربها ضرباً موجعاً، فغضبت منه وعيّرته وهدّدته بفضح سره، بقتل الرجل ودفنه في الحديقة، فزاد الرجل من ضربها حتى صبغ جلدها ثم تركها، وخرج من البيت مظهراً غضبه منها.
لم تتأخر المرأة كثيراً بعد خروج زوجها وذهبت في الحال، فأخبرت الشرطة بفعلة زوجها وأحضرتهم إلى البيت وأرتهم مكان دفن الرجل المقتول، فنبشوا الحفرة فلم يجدوا فيها سوى كيساً من الأحجار، أثناء ذلك حضر الزوج إلى البيت، فرأى ما فعلته زوجته وكيف نبشت الشرطة الحفرة وأخرجت كيس الأحجار، فضحك حتى انقلب على قفاه.
استغربوا هذا الأمر منه ولما سألوه عن حقيقة الأمر روى للشرطة الحقيقة، وكيف اختلف مع صديقه في الأمر وتراهن معه، وأنه اصطنع الموضوع كله ليختبر زوجته، فانكشفت وبانت على حقيقتها وأنها مثل باقي النساء والمشكلة أن صديقه كسب الرهان، فتركتهم الشرطة بعد أن عرفت الحقيقة، ودعا الرجل صديقه على الغداء، وبقي الرجل وزوجته يعيشان حياتهما كالسابق، لكنه لم يعد يأمن امرأته على سرٍّ قط بعد ذلك الحادث.