المحرر موضوع: اردوغان و المنطقة و احلام الامبراطورية ! ـ 2 ـ  (زيارة 724 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اردوغان و المنطقة و احلام الامبراطورية !
ـ 2 ـ
                                    
د. مهندالبراك
 ahmedlada@gmx.net
   
   و فيما دخل اردوغان في صراعات و خلافات متواصلة مع دول الاتحاد الاوروبي على مسألة قبول تركيا عضواً في الإتحاد الأوروبي بعد ان ساءت سمعتها بسبب : معاداتها لحرية الصحافة، عنف اجهزتها الأمنية ضد الإحتجاجات الجماهيرية الداخلية فيها، تصاعد انحياز حكومتها لتكوين دولة على اساس حكم الاسلام السياسي، بدءها بتشريع قوانين تعادي حقوق النساء و العودة الى احكام الإعدام كأحكام قضائية عادية بعد ان الغيت منذ زمن فيها .  .
   ظهر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في المناطق الحدودية التركية ـ السورية و اخذ يتمدد بشكل سريع في مناطق الحدود السورية ـ العراقية و بدأ بتكوين مناطق خاضعة له في سوريا و العراق و ظهر جلياً انه منذ ظهوره علناً كان مدعوماً من قوى اقليمية و دولية لها امكانات هائلة و لها خطط ساعية لتغيير مكونات الشرق الأوسط على اساس دويلات قائمة على الدين و الطائفة اضافة الى المكوّن الأثني و القومي، خطط تغيّر مسارات الصراعات الدولية اضافة الى الإقليمية، على تلك الاسس.
   و فيما دخلت الاجهزة السرية التركية (الميت و غيره) اضافة لاجهزة سرية عائدة لأردوغان مباشرة في تكوين داعش منذ البداية كما تبيّن لاحقاً، ضمن الخطط المتنوعة المعتمدة لبعث دولة عثمانية من جديد .  . فُتحت الاراضي التركية امام داعش للمتطوعين من مختلف الجنسيات و الاجناس و لنقل انواع احدث الأسلحة المتوسطة و الثقيلة و لنقل وسائط النقل السريعة باعداد غير مسبوقة، اضافة الى الأجهزة العملاقة لحفر المغارات و الانفاق، و اجهزة الحفر و التنقيب عن النفط و الكنوز الأثرية .  . و تطور الامر الى استخراج و تسويق النفط و الكنوز الآثارية من هناك عبر تجار السوق السوداء التركية و الدولية.       
     و يرى قسم من المحللين ان داعش هو المقدمة لدور مكشوف لزعامة اردوغان، و يرى قسم آخر ان اردوغان يحتوي و يدعم كل مشروع يمكن ان يؤدي الى انشاء زعامته على كيان اسلامي امبراطوري يضم بداية الاجزاء السابقة من الدولة العثمانية الآفلة، و لعل امثلة كثيرة تسند ذلك، منها نشاطات جماعات عائدة لحزبه وسط الجاليات التركية و الاسلامية المليونية في آسيا الوسطى، اضافة الى اوروبا و خاصة ماتقوم به تلك الجماعات من عمليات قتل و خطف في بلدان البلقان و في جمهورية كوسوفو تحديداً من خلال رئيسها الذي هو صهره .  . في وقت تستنكر فيه المجتمعات الاوربية خاصة تلك النشاطات و الدعوات التي كانت سبباً هاماً في تدهور العلاقات مع الاتحاد الاوربي. 
   و يرون ان من نتائج فشله باعلان امبراطورية جديدة و تسويقه كخليفة (سنيّ) في الربيع العربي بدعم دولي و خليجي الذي من اهدافه الوقوف امام التوسع الايراني (الشيعي)، الامر الذي اكسبه بالنتيجة الرفض في تونس و العداء في مصر .  . ما تسبب لاحقاً بمهاجمته الجناح الاسلامي التركي الآخر، جناح استاذه و رفيقه السابق و المعارض اللاحق، الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة اثر اتهامه بتشكيل (كيان بديل) منافس، و قد جرى الهجوم بتهمة القيام بانقلاب عسكري في تموز 1916 ، الانقلاب الذي لايزال الغموض يلف صحته من عدمها، و ساءت علاقات تركيا مع الولايات المتحدة بسبب رفضها طلبه بتسليم غولن .  .
و قد جرى اثر ذلك اعتقال و طرد عشرات الآلاف من كبار ضباط و مراتب : القوة الجوية، الجيش، الشرطة، قضاة و مراتب القضاء، اساتذة في الجامعات و التعليم و الآلاف غيرهم، و شملت الحملة باعلانها الأحكام العرفية، هجوماً اوسع على المعارضة و الاحزاب و القوى الديمقراطية و على الحركة الكردية حتى الممثلة منها في البرلمان التركي و اعتقال المئات من ناشطيها، و ادّت الى تسليح مئات آلاف من شباب و مراهقين متطرفين في محلات السكن بدعوى الحفاظ على الدين و النظام و على القائد !
   و يرى مراقبون دوليون، ان الصراعات ضد داعش الارهابية الوحشية، ادّت الى تغيير في موازين و محتوى القوى المحلية و الإقليمية و بالتالي المواقف الدولية منها، حيث برز الكرد كقوة محلية و اقليمية لايمكن الاّ حسابها في اي تغيير يمكن ان يجري في المنطقة، و برزت منظماتهم القتالية التي انتصرت على داعش في ميادين كردستان العراق و سوريا، و كان الانتصار الأكبر في كوباني البطلة التي اكسبت الحركة التحررية الكردية اوسع تضامن شعبي و دولي، رغم اساليب داعش الوحشية و حيازتها على امكانات قتالية متطورة و دعم اكثر من قوة اقليمية و دولية، حتى صارت المنظمات الكردستانية القتالية هي الاقرب للناتو في سوريا خاصة .  .  الأمر الذي اكسب الكرد حقد اردوغان و كل الأطراف الشوفينية و المتأسلمة الحاكمة في المنطقة.   
   و يرى متخصصون دوليون بشؤون المنطقة، بكونها منطقة صراعات مربحة لاتقاس ارباحها بما يُنفق عليها من جهة، في وقت تعمل فيه جهات استثمارية عليا على الاستحواذ او خوض صراعات قاسية لتقاسم الارباح منها بالقوة، و بمنع شعوبها و اقوامها بكل الطرق من التوحيد معاً و انما ابقاءها في حالة صراع فيما بين مكوناتها، بلا مبالاة بمصائر و خسائر شعوب المنطقة و اقوامها من جهة اخرى، شعوبها التي تتهددها مخاطر ابادة اقوام منها كما جرى في المحاولة الوحشية لإبادة الايزيدية و تشريد الصابئة و المسيحيين باختلاف كنائسهم، و خاصة مع تسريب اسلحة الدمار الشامل الى اطراف حاكمة و متنازعة فيها !
و تتسابق تلك الجهات العملاقة فيما بينها من اجل الفوز بقرار لمن له اسبقية الاستثمار بمشاريع الطاقة و نقلها، و من اجل اعاقة استحواذ الجهات العملاقة الاخرى عليها و من اجل الاستفراد بها، اذا ما احتسبت حقول الغاز العملاقة المكتشفة حديثاُ و التي دخل قسم منها في حيّز الاستثمار سريعاً، في سواحل سوريا و لبنان و اسرائيل و غزة و مصر .  . اضافة الى تقرير زمن و كيفية استكمال وصول الخط الحديدي السريع شنغهاي ـ المتوسط  الذي وصل الحدود السورية الشرقية، و الذي باكتماله سيحوّل الصراعات الى شكل آخر لم تشهده المنطقة في السابق.
و للتدليل على شناعة الصراع من اجل الارباح بين الكبار، مايدور في دوائر البيت الابيض الاميركي و بعد الحروب الهائلة التي شنّتها في المنطقة و الخسائر الجسيمة في ارواح ابنائها و التكاليف الهائلة لماكنتها الحربية هي، و ما اثارته من فتن و عداوات منسية فيها، ان تحاول التوصل الى رفع ايديها عما يجري في المنطقة و تركها لـ (تفاهم دول المنطقة ذاتها لحل مشاكلها) لجسامة النفقات، بعد ان كوّنت حلفاء جدد لها فيها غير مبالية بما يرفعون من رايات، و هي مستعدة لضربهم ببعضهم او للتفاهم غداً مع من هو مكروه اليوم، حين تتطلب ارباحها فعل ذلك .  .
   و يجمع الكثير من المفكرين و السياسيين و المثقفين على، ان مخاطر احلام اردوغان الامبراطورية و غيرها من احلام حكّام المنطقة تستمر لسوق الملايين المُضيّعة بين الحروب المجنونة و الهجرة و التهجير و النزوح و اللجوء، و بين الجوع و الفقر و الامية و المخدرات و السلاح، مازال حكام المنطقة يتصارعون على الارباح و الزعامة غير مبالين بمصائر شعوبهم و اهلهم  .  . و يبقى النضال بكل الطرق الممكنة من اجل انهاء الحروب و من اجل الديمقراطية و التقدم و التفاهم السلمي و الشفافية، هو السبيل الوحيد لمواجهة مايجري. (انتهى)
15 / 4 / 2018 ، مهند البراك