المحرر موضوع: وفد فاتيكاني رفيع في السعودية.. آن الأوان للتعلم من أخطاء الماضي  (زيارة 1055 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31433
    • مشاهدة الملف الشخصي
وفد فاتيكاني رفيع في السعودية.. آن الأوان للتعلم من أخطاء الماضي
اللقاء بين القطبين الإسلامي والمسيحي يؤكد على أهمية دور أتباع الأديان والثقافات في نبذ العنف والتطرف والإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.

حوار لا بد منه
العرب/ عنكاوا كوم
الرياض – استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الأربعاء 18 أبريل، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في دولة الفاتيكان، الكاردينال جان لويس توران، والوفد المرافق له.

وأفادت مصادر إعلامية سعودية أنه قد جرى خلال اللقاء، التأكيد على أهمية دور أتباع الأديان والثقافات في نبذ العنف والتطرف والإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.

ويصف مراقبون دوليون السعودية بأن قادتها يتبنّون مشروعا عملاقا للتغيير في كل جوانب الحياة في المملكة، وأعلنت عن تبنّيها تفسيرا أكثر انفتاحا للإسلام قائلين بأن الرياض قد جذبت الأنظار إليها في نوفمبر الماضي عندما استقبل قادتها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي قدم لزيارة السعودية بدعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وفي الشهر الماضي، قال بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية القبطية البابا تواضروس الثاني، إنه سيزور السعودية، وذلك بعد أيام من زيارة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، للمقرّ البابوي بكاتدرائية الكنيسة الأرثوذكسية بالقاهرة، في خطوة تعكس عزم الرياض تعميق علاقتها بالمؤسسات الدينية المسيحية.

أما المتابعون لعلاقة السعودية بالفاتيكان وبقية القيادات الروحية المسيحية، فيؤكدون أن العلاقة أقدم من ذلك بكثير، وأن الحوار لم ينقطع منذ عقود، وذكّروا بزيارة الشيخ محمد الحركان (وزير العدل آنذاك) إلى الفاتيكان عام 1974 في عهد الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز، وكذلك الزيارة التاريخية التي قام بها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وصولا إلى الزيارة التي أداها وزير العدل السعودي السابق وأمين عام رابطة العالم الإسلامي محمد العيسى.

وفي قراءة لزيارة الوفد الفاتيكاني للسعودية، أكد المحللون أن المعاني المستخلصة في اللقاء بين القطبين الإسلامي والمسيحي ليست مجرد بروتوكولات تتضمنها ملفات موظفي وزارة الخارجية، ولا أحاديث عن جدوى التعايش بين الأديان بل في التعلم من وقائع الماضي، ولصالح الطرفين: المسلم الذي يعاني من كراهية مزدوجة متأتية من العناصر المتطرفة داخل ديانته، وكذلك من نظرة عنصرية غربية تخلط العقيدة الروحية بالأيديولوجية السياسية.

أما الطرف المسيحي فعلاوة على تنامي موجات الكراهية والنزعات العنصرية، فلقد تورّط أسلافه -كما هو معروف- في حروب صليبية لعقود طويلة، حروب دموية كانت تقتل وتشرد وتنتهك بلاد المسلمين باسم الصليب، بل وخاض غلاة المسيحية المتطرفة حروبا ضد المسيحيين أنفسهم، وكان الفاتيكان نفسه ضحية لموجات التشدد والعنف ثم تعلّم كيف يتعايش مع الآخرين بعد عقود وقرون من الحروب الصليبية مع الإسلام والحروب الدينية بين المسيحيين أنفسهم مثلما جرى بين البروتستانت والكاثوليك.

قراءة متأنية لكلام رئيس الوفد الفاتيكاني تبين أن السبب وراء الأحقاد هو التعامي عن معرفة الآخر والاكتفاء بما يشاع

للتأكيد على هذا المعنى، وبالعودة إلى الوفد الفاتيكاني، وزيارته إلى السعودية، قال رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان، الكاردينال جان لوي توران، إنّه “من واجب القادة الروحيين أن يمنعوا الديانات من أن تكون في خدمة أيديولوجيا ما”.

 جاء ذلك أثناء استقباله من قبل الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الرياض، في زيارة أثنى المراقبون على أهميتها ومدى رمزيتها كأعلى جسر للحوار بين المملكة العربية السعودية، بلد الحرمين ومركز الثقل في العالم الإسلامي، والفاتيكان، عاصمة المسيحية الكاثوليكية في العالم.

هذه الزيارة التي تمتد بين 13 و20 أبريل، ويؤديها رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان مع بعثة من الفاتيكان تضم أمين سرّ الدائرة الفاتيكانية المونسنيور ميغيل أنخل أيوسو غيكسو، والمونسنيور خالد عكاشة رئيس مكتب الإسلام في المجلس البابوي للحوار بين الأديان.

وشملت الزيارة لقاء الكاردينال بالشيخ محمد عبدالكريم العيسى، أمين سرّ الرابطة الإسلامية العالمية، حيث أدلى توران، بحديث قال فيه “ما يهدّدنا جميعا ليس صدمة الحضارات، بل صدمة الجهل والأصولية”، شارحا “إن الجهل هو بداية تهديد للعيش المشترك”، وداعيا إلى اللقاءات الدائمة وتبادل وجهات النظر في حوار يعمّق المزيد من التعرف على الآخر و“اكتشاف ذواتنا”، حسب تعبير الكاردينال توران.

القراءة المتأنية لكلام رئيس الوفد الفاتيكاني، تُبيّن أن السبب الرئيسي وراء الأحقاد الدينية هو التعامي عن معرفة الآخر والاكتفاء بما يشاع ويقال عنه لتترسّخ بعد ذلك الأحكام المسبقة وتتكلّس فتصبح قناعات تزيد من الهوّة بين الطرفين.

وفي السياق عينه، وإعلاء منه لقيمة الحرية في الفكر والعقيدة، تكلم الكاردينال توران عن التعدد الديني “الذي يشكل دعوة للتفكير في إيماننا لأن كل حوار أصيل بين الأديان يبدأ بإعلان الإيمان… وجميع المؤمنين الذين يبحثون عن الله، كما جميع أصحاب الإرادة الطيّبة غير المنتمين إلى أيّ ديانة، يتمتّعون بالكرامة عينها”.

وفي إشارة إلى مسؤولية رجال الدين في لجم مشاعر الكراهية والنأي بالنفس عن السياسات الشعبوية والتعبوية المتاجرة بالدين، أشار رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان إلى أنه “من واجب القادة الروحيين أن يمنعوا الديانات من أن تكون في خدمة أيديولوجيا ما، وأن يعترفوا أن هناك بعض الأشخاص كالإرهابيّين مثلا، لا يتصرّفون بشكل صحيح”، مضيفا “أن الإرهاب تهديد دائم، وعلينا أن نكون واضحين وألا نبرّره أبدا.

ويهدف الإرهاب إلى أن يبرهن أنه يستحيل أن نعيش معا، فيما علينا نحن أن نتحاشى العدائية والتشهير”.

المتابع لهذا اللقاء الذي ما كان له أن يلتئم دون وجود إرادة سياسية في السعودية من جهة، ورغبة من الفاتيكان في إقامة مراجعات وإنشاء حوار مسكوني من جهة أخرى، وذلك دون تجاهل أيّ رأي آخر بدليل أن الكاردينال توران، قد أكد أنّ الديانة لا تُفرَض أبدا، وأنّ “جميع الديانات تُعامَل بشكل متساو ودون تمييز، لأنه هكذا يجب أن يعامَل مؤمنوها، كما الأفراد الذين لا يعترفون بأي ديانة”.